إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عابر حديث.. في حديث عابر!!! (قصة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عابر حديث.. في حديث عابر!!! (قصة)

    عابر حديث.. في حديث عابر!!! (قصة)


    عابر حديث.. في حديث عابر!!!
    [align=left] ( قصة نبهان الحنشي ) [/align]

    نهار الجمعة في مسقط.. هو يوم للهنود بلا منازع، فالسيارت القلة التي تبطئ من عملية السير أو تراها عن بعد هي سيارات للهنود، وإن صادفت سيارات أجرة، ترى يصطفّون بداخلها الهنود، إلا ماندر أحيانا، كالذي يخرج لقضاء ألم مفاجئ. ولكن الذي لم يكن في أحد نهارات الجمعة هو ملك للهنودهو سليّم بن حمود، رجل روي الأول بلا منازع، أقلها هذه الفترة..تجده متنقلا من شارع لآخر، أو مستلقيا على أحد دوارات روي، أو واقفا كأي عمود في محطات البنزين، يرتدي ثوب لا ينتمي للمكان، ونعلاه متعاكسان، وعصا غليظة لا ليتكئ عليها بل لتتكفل عنه ردع الصبية، وكيس ممتلئ بالورق وعلب المعدن و.. ال... والكتب!.
    ما عدا ذلك.. فإنه ملك للهنود.. السيارات والشوارع والدوارات والمطاعم والمتنزهات والحدائق والمستشفيات..ونحن لا نغادر مضاجعنا إلا لما ندر..!

    [align=center]* * *[/align]
    كم لي وأنا أحاول إقناع من حولي أن هذا الذقن الملتحي لا هو مشروع هداية، ولا أنه انتماء لأحي حزب أو طائفة، وإنما نتيجة لتكتلات حزنية..وهموم سرمدية.. وجرح أحبة وخيانة صديق.ولكن ذلك ما كان ليجدي نفعا، وحينما وقفت ذات مرة في محطة بنزين ما لتعبئة سيارتي الصدئة بالوقود، كان صوت فيروز يخرج واضحا عذبا جليّا لدرجة أن المتنبه يشكك في أن هذا الصوت يخرج من سيارة كهذه، أشرت للعامل بإصبعين رمزا للسعر ولكنه أقبل عليّ مململا رأسه كالمستنكر وقال: ( توهمون الناس بأنكم أهل تقوى وصلاح بمظهركم، وليس هناك من هو أفسد منكم)، ثم مضى دون أن يزودني بالوقود.
    لكنّ سليّم بن حمود لحيته هي انتماء لطائفة أو حزب يرفض البوح عن اسمها.. لحيته لا بيضاء بيضاء..ومابها من سواد لا تستطيع تسميته سواد ولكنها عموما هي انتماء لطائفة ما وكفى، ولحظة تمسيده لها، هذا يعني أنه يسترجع الخوالي.

    [align=center]* * *[/align]

    سليّم بن حمود ليس مجنونا.. رغم ما يثار حوله ممن لا يعرفونه إلى حين يروه، فهو يحدثك عن التاريخ.. ويختصر لك حقبة الخمسينيات والستينيات من الجرح العربي المنصرم، يحب عبدالناصر ويكره السادات ويحتقر من بعده، ويحدثك عن سوق مسقط للمال بكل تشاؤم! يتحدث عن الكثير عن المدن والعواصم الأوربيّة، بل ويتحدث الإنجليزية ويرطن بالإسبانية! لكنّ شعره الأشيب الذي يغطي مؤخرة عنقه دون تهذيب، ولحيته السيئة التوزيع، وملابسه المتسخة وعلب المعدن ونعلاه المتعاكسان وغيرها من الأشياء التي تنفرك منه، هي نفسها الأشياء التي رشحته مجنونا.
    لكنّ سليّم بن حمود يبيت في الطرقات على الأراضي الصلبة، يتوسد عمامته ولا شيء آخر، أو تجده في منتصف الليل يصلي، لا أدري أية صلاة أو حتى إن كان متوضئً، لكنه لم يكن ليمم شطر القبلة، كان أي اتجاه يصادفه يرفع له يديه مكبرا ثم راكعا...!

    [align=center]* * *[/align]

    غريبو الأطوار الذين تلتقيهم إما أن يكونوا متسولون يحاولون إخفاء خيبتهم دون الحاجة أن يُظهر تسّوله، أو يكونوا عابرو سبيل ربما لا تلتقيهم مجددا بعد لقاءك الأول بهم وربما لا تتذكرهم حتى، ولكن سليّم بن حمود ليس كذلك، غريب الأطوار ولكنه لا يتسول، ظني أن علب المعدن التي يجدّ في البحث من آخر الليل حتى الساعات الأولى من الفجرتتكفل له سد رمقه، عابرٌ ولكن ليس كعابر سبيل، لأنك تعلم متى ستلتقيه وأين، وأحيانا تُدهش حين تجده بأماكن تستكثر عليه وجوده فيها، وحينما يحدثك فهو لا يتجاذب أطراف الحديث معك، بل كالذي يُحدث نفسه، ويفاجأك أنّ ما يحدثك به لا بحديث غريب الطور أو عابر منسيّ، بل حديث الحكيم الأديب..
    وحين أبيت عل نفسي استقبال المزيد من وفود الدهشة، لاحقته، وحين لا حظ تعقّبي أخذ يهش الفراغ بعصاه، سألته لحظة أن جانبته المشي:
    من أنت؟ أحقا اسمك سليّم؟ ألك عائلة؟ بالله عليك كيف تأكل وتشرب؟ كــــ....
    لكنه عجّل بوضع كفّه الأيسر على ثغري، بعدها ربّت على كتفي، ثم مسح على جبيني، وياللدهشة كانت كفّه لينة رخوة، قال بصوت بارد جاف : (إنك فضولي يا عليّ..)يكفي نطقه باسمي أن يجمّد أطراف الحديث..ويجمّد أطرافي..!

    [align=center]* * *[/align]

    يوم..يومان، أسبوع.. اثنان، وسليّم بن حمود لم يظهر منذ الليلة تلك، انتظرته في محطات بنزين روي، بحثت عنه في الشوارع وفي الدوّارات لكني لم أجده، سألت من اعتقدت أنهم يلحظوه ولكنّ النفي والاستفهام، ولكن ماحدث هوالتالي:
    - أخبرني عامل في الـ " select " أن سليّم بن حمود ما هو إلا رجل مخابرات متخفي، بمجرد انتهاء مهمته اختفى.
    - أسرّ لي عامل في محطة بنزين أن سليّم بن حمود هو رجل كان ذا مال وجاه وأملاك، ولكنه خسرها كلّها، ربما خسرها في سوق مسقط للمال أيّام نكسته، لكنه ماعاد يملك المال.
    - تهكم في وجهى رجل كبير في السن حين سألته عن سليّم،وقال : من سليّم هذا، ومن قال لكم أن اسمه سليّم، ومنذ متى كنّا نسمي المنسيون..؟
    هنا وهناك..لكنّ سليّم لم يكن ليظهر، هل غاب وغاب سرّه معه؟

    [align=center]* * *[/align]

    هذا النهار الذي يتكرر كلّ جمعة.. أكاد أجزم أن أهل البلد فيه إما أنهم يختبأون أو يسافرون، المهم أنهم لا يكونون فيه، نهار للهنود بلا منازع، بشوارعه وحدائقه ومطاعمه و.. و.. و...، إلا سليّم بن حمود، فإنه ماعاد موجودا.

    [align=left]نبهان بن سالم الحنشي[/align]

  • #2
    الأول..
    سأعود قريباً..
    [align=center]http://www.omanlover.org/vb/uploaded...1165058154.png[/align]

    [align=center]
    كقبضة اليد قلبي في مساحته
    :
    :
    لكنه ساحة كبرى لحبيبته [/align]

    تعليق


    • #3
      أهلا بتقدمك..
      أنتظرك

      تعليق


      • #4
        قبل أكثر من عشرة أعوام, أيام الطيش البريء -الإعدادية بالتحديد- عشنا مع هذا الواقع الغريب
        لا أدري من كان أسمه, أذكر شكله جيداً, ملامح وجهه الباهتة, ثوبه الأزرق البالي -لا يبرحه أبداً-, جميع أهل البلدة أستنكر وجوده.. عاش غريباً بيننا, وهجرنا بغرابة أكثر

        يوم رحل عنا..
        وجدناه عند أطراف البلدة -ناحية "البر"- كنا سبعة أو أكثر, أيام الطيش البريء -كما أشرت من قبل- يالها من صيدة مغرية! الغريب بشحمه ولحمه هنا! لأنه لم يستحمل ألسنتنا العذبة, أضطر لطردنا من ذاك المكان, فكان جزاءه التهديد العفوي.. سنلاحقك أينما ذهبت حتى تخرج من هنا أيها الغريب.
        بعد أقل من ربع ساعة.. سيارة الشرطة التي لم نعتد رؤيتها عن قرب, ها هي تخترق شجيرات السمر لتقف أمامنا مباشرة.. يالله! (القلوب بلغت الحناجر) نحنا بصدد الحديث مع رجل شرطة! يالها من مصيبة.. بكل هدوء يجاذبنا أطراف الحديث -الشرطي السائق- فيختمها بجملة ما زالت عالقة في ذاكرتي حتى اليوم "هذا رجّال مسكين, خلوه فحاله"
        من حينها لم نرى له أثر.. قيل لنا بعد ذلك أنه أحد المحلفين

        العذر منك أيها الحنشي على الإسهاب
        [align=center]http://www.omanlover.org/vb/uploaded...1165058154.png[/align]

        [align=center]
        كقبضة اليد قلبي في مساحته
        :
        :
        لكنه ساحة كبرى لحبيبته [/align]

        تعليق


        • #5
          آرثر..
          هي أسرار الجميع التي لا يعرفون حقيقتها ..
          أشكر لك ذكرياتك..ومرورك

          تعليق


          • #6
            من أنت؟ أحقا اسمك سليّم؟ ألك عائلة؟ بالله عليك كيف تأكل وتشرب؟ كــــ....
            لكنه عجّل بوضع كفّه الأيسر على ثغري، بعدها ربّت على كتفي، ثم مسح على جبيني، وياللدهشة كانت كفّه لينة رخوة، قال بصوت بارد جاف : (إنك فضولي يا عليّ..)يكفي نطقه باسمي أن يجمّد أطراف الحديث..ويجمّد أطرافي..!
            * * *

            أما أنا فكنتُ أراه عند المحطة،
            تكفيه مئة بيسى لعلبة ديو،
            سمعت بعضهم يذكره
            قالوا عنده دكتوراة! عند البعض
            هذه الدّرجة أقصى درجات العلم
            دمت بصفاء،،
            إيمي
            كان المُقاتِل مات/ جاءَه رجلٌ وقال: "لا تمت فأنا أحبُّك كثيرًا!!"/
            ولكن الجُثْمان؛ ياللخسارة، واصلَ الموت/.
            ثم جاءَه...(كلُّ أحبابه)/ أحاطوا به؛ رآهم الجُثْمان الحزين "هزَّه التَّأثر/
            نهضَ ببطء/ احتضنَ أوَّلَ شخصٍ، وبدأ يسير"!!!.
            مِن أطياف
            "رواية" لـ/رضوى عاشور

            تعليق


            • #7
              إيمي..
              بل ستجده في كل مكان..فهو كظل لنا نسيناه على قارعة طريق ما..
              تحياتي

              تعليق


              • #8
                [align=center]::
                ::
                أتساءل أي مشرط تستخدم هنا لتنكش جرحا ً كهذا ..؟!!
                أذكر أن موضوعاً طُرِح في غرفةٍ أخرى من غرف هذا المكان للحوار الجاد
                كانوا يتساءلون عن [ مجانين ] تأويهم الطرقات ووسائدهم الأرصفة !
                كنتُ بحاجة لـ سكين ٍ حاد لأثقب به حقيبة مليئة بالأسى حين يزورني الحنين لـ ملامح
                عايشتها وسمعت منها وعنها الكثير ْ ..!
                .
                .

                [ محمد الـ ... ]
                رجل ٌ مثقّف جدا ً يرفض ارتداء الدشداشة العمانية ، ويرفض الحديث بالعربية رغم اتقانه لها
                يرتدي البنطال والقميص ، يمشي في الشوارع بحثاً عن مادة دسمة لحديثه ، يتحدّث عن المخزون النفطي ، وعن غلاء الأسعار .. عن البطون التي تأكل ولا تشبع وعن تلك التي لا تجد ما تأكله إلا جسدها ..!
                عن العلم والعمل .. عن كل شيء
                يتحدّث بثقافة أبهرتني [ جدا ً] يقف أمام عتبات المسجدْ .. لا لـ يصلي بل ليعدّ أفواج المصلين
                وفي نهاية اليوم سيخبركَ كم مصلٍ صلى الفجر وكم كان العدد عشاء ً ..!!!!
                لكنه يخاف الاقتراب من ذوي الملامح السمراءْ .. يعتقد أنها مشؤومة !!
                .
                .

                أذكر أني اقتربتُ منه وتحدّثتُ إليه .. طوييييييييلاً ,,,!
                أخبرني عنه الكثير .. ولقّنني الكثير بعد أن اكتشف أني أفهم ما يعتلجُ في صدره وصبره ايضاً !
                قال أن ّ الحياة َ في ظل ّ هذه التربة لا يشبه غرس َ الحرث .. وإنما كـ حفر ِ خندق ٍ للموت ْ لا أكثر !!!
                /
                \
                /

                هي مرةٌ يتيمة تحدّثتُ فيها إليه حينما كنتُ لوحدي في ظهيرةٍ أنتظر فيها حضور والدي لأخذي من المدرسة ْ .. قبل سنين من الآن !
                وإلى الآن أتساءل /
                أينا سيكون [ محمد ] ..؟!!

                ومن نكون [ أمامه ] ..؟!!


                .
                .



                نبهان /

                أوجعتني بمقصل ِ ذاكرتي !
                [/align]
                http://upload.omanlover.org/out.php/...ahi8-lamar.jpg
                .
                .
                ثـ ....ــكرا ً " لمــار " بلـــثغةِ الطفل ساعة مطر

                تعليق


                • #9
                  شهيق الملائكة..
                  الوجع الأكبر أن لا نعرفهم حقا..
                  أشكر لك سرد ذكرياتك..

                  تعليق


                  • #10
                    صباحاً كنت هنا و عدت مرة أخرى لعلي أجد إجابه ؟ ماذا حل بـسليّم؟!؟

                    نص جميل ابدعت
                    لا تثر الغبار على نفسك

                    تعليق


                    • #11


                      السيد الفاضل // نبهان

                      اٌقدم إليك تحيتي وهي تسابق الحروف الخضراء بالرد..

                      قرأت القصة بعيني القاريء المحايد تماماً، فوجدت كنزاً من طاقة ومنجماً يمكن أن يُستخرج منه الكثير من النفائس..

                      هذه التفاصيل التي كتبتها في القصة، بهذه الدقة لا يمكن أن تخرج من تحت يدي أحد هواة كتابتها، ولا يمكن وصفك بذلك أبداً..

                      فكم أنا معجب بشخصية " سليّم بن حمود " الذي جاء بطلاً في هذه الرائعة..

                      قدمت شكري وتقديري الكبيرين للسيد نبهان مع التوقير..




                      وقمت بتغيير طفيف كي تبدو [ عابر حديث.. في حديث عابر!!! (قصة) ] بشكلٍ أفضل...

                      http://www.omanlover.org/up/SUMER-MOAIAD.jpg
                      أنا عراقي... إذن أنا أحلُم *
                      العـــــراق بـــلاد الرافــــدين Mesopotamia
                      جــــــــــــدول إحصــــــــــائي -1- وإشــــــــــــــارة
                      (( فأما أن أكتب وأترك بصمة تذكر.. أو أن أقــرأ بصمتٍ وأرحل... ))

                      نحن نسجل موقفاً في رفض وإدانة صمتكم أيها الإعلاميون الصحفيون والصحفيـات العرب
                      على ما يجري في " غـزة فلسطين "
                      لأنكم يجب أن تكونوا للحقيقة لسان وللنزاهة عنوان.
                      وهذا ما أقسمتم عليه - بالله العظيم - بيوم تخرجكم من كلية الصحافة والإعلام...!

                      _______________________

                      تعليق


                      • #12
                        ابتسامة..
                        حروفك كاسمك..أشكر لك هذه القراءة
                        مودتي

                        تعليق


                        • #13
                          مؤيد البصري..
                          قراءتك لقصتي نقش في جدار امتناني..
                          أشكرك سيدي...

                          تعليق


                          • #14
                            عابر حدبث ... في حديث عابر
                            لقد أبدعت بحق أخي نبهان الحنشي في قصتك
                            اهنئك من الأعماق

                            تعليق


                            • #15
                              القاص نبهان الحنشي ..
                              أشتم رائحة الكثيرين في قصتك .. فأين أنت منهم ؟!

                              عابر حديث في حديث عابر ،، ذكرني عنوانك ( بعابرون في كلام عابر ) محمود درويش

                              سليم بن حمود ،، جو المكان و رائحته ،طريقة شقك لدربه ذكرتني بقصص الدكتور عبدالعزيز ..

                              ربما لأني تابعت بداياتك ، فأرى تطورا ملحوظا في سردك ،، أنتظر ان ارى نصوصا ارى فيها شخصك ( أنت ) وحدك ...

                              شكرا لهذه القصة الجميلة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X