إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

باريز وأنا لا ثالث لنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • باريز وأنا لا ثالث لنا

    آخذين في هذيان لا نهائي كنا نتسكع سويا
    باحثين عن رصيف يحتضن كلينا

    في شارع بونتوار كنا نقتعد الأرض وهي تلسعنا ببرودتها نلتهم ساندويتش اللحم اليومي الذي اعتدنا ان نودع يومنا به

    كثيرا ما كنا نسير الى غير هدى ونحن نتعقب الشقراوات وهن يلجن إلى الحانات

    ننظر إلى أجسادهن المشدودة وهي تقطر شهوة

    كنت اقول له ما أتعسنا ونحن نمضي ليلتنا بفراش لا نتقاسم فيها حرارة جسد آخر

    وكان يقول لي يا عزيزي الليل يمنحنا حرارته
    من يطلب امتيازا اكثر من هذا؟

    كنا نقهقه بأعلى صوتنا ونحن نقرأ الذين يتحدثون عن باريس الحالمة الجميلة الرائعة في كل شيء

    لم يكونوا يعرفون شوارع الكونتير ولا ازقة البودز حيث يجتمع الشواذ ولا ضواحي سبيتفز وهي تعج بالعاهرات الجائعات كجوعنا وأكثر

    كنا أيضا جائعين
    نلتهم الليل سويا بصمت
    يافعين لا نتوقف عن الهذيان


    بعد 10 أعوام حين كانت زوجته إيلينا تقدم لي شايي الأخضر الذي احبه كل فجر كنا نستحضر سويا ذكرياتنا وكنا لا نزال نتذكر كل تفاصيل قصائد جروغان الذي كان يؤنس ليالينا البائسة وسيمفونية دولوي وهو ينعى روحه

    كنا ثلاثة انا وهو وجروغان البائس مثلنا

    قلت له وانا ارشف الشاي واحملق في ايفل الذي شاخ كما باريس
    هل غادر جروغان بؤسه مثلنا

    فأجاب بلكنته الشامية الجميلة
    ولاك بدو يكتئب غضب عنو يا حبيبي لاننا هجرناه وهجرنا ارصفة باريز

    حين زارني في مسقط ابتسم كثيرا ونحن عند الكورنيش
    لوّح بشيشته وقال اجمل ما في مسقط أن شتاءها لا يلتهم ضلوعنا الفارغة كما باريز

    آتي اليوم الى باريز حزينة بلا ملامح

    أضع أمتعتي وأجدني فجأة محمولا بقدميّ إلى شارع البونتوار وأتصفحه
    لا زلت اذكر معالمه طوبة طوبة

    باريز لم تعد كما هي فقد غادرها صديقي دون ان ينبس بكلمة
    ايلينا تبكي على صدري مثل طفلة

    لم تكن تعلم بأنني خاو تماما كباريز
    لقد حمل معي قصائده وجروغان وأرصفة باريز وبقيت انا وباريز لا ثالث لنا

    هل هذا عدل؟
    أنا غبي
    إذن أنا موجود
يعمل...
X