إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شاعر المرأة والحب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شاعر المرأة والحب

    هنا بعض قصائد نزار قباني
    رسالـة من تحت المــاء




    إن كنتَ صديقي.. ساعِدني

    كَي أرحَلَ عَنك..

    أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني

    كَي أُشفى منك

    لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً

    ما أحببت

    لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً

    ما أبحرت..

    لو أنِّي أعرفُ خاتمتي

    ما كنتُ بَدأت...



    إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني

    أن لا أشتاق

    علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق

    علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق

    علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق



    إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني

    من هذا اليَمّ..

    فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم

    الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق

    وأنا ما عندي تجربةٌ

    في الحُبِّ .. ولا عندي زَورَق

    إن كُنتُ أعزُّ عليكَ فَخُذ بيديّ

    فأنا عاشِقَةٌ من رأسي حتَّى قَدَمَيّ

    إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..

    إنّي أغرق..

    أغرق..

    أغرق..



    2) متى ستعرف

    متى ستعرف كم أهواك يا رجلا
    أبيع من أجله الدنيـــا وما فيها
    يا من تحديت في حبي له مدنـا
    بحالهــا وسأمضي في تحديهـا
    لو تطلب البحر في عينيك أسكبه
    أو تطلب الشمس في كفيك أرميها
    أنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا
    وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـا
    أنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا
    وللعناقيـد والأقـداح أسقيهـــا
    أنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي
    يـا قصة لست أدري مـا أسميها
    أنـا أحبك حاول أن تسـاعدني
    فإن من بـدأ المأساة ينهيهـــا
    وإن من فتح الأبواب يغلقهــا
    وإن من أشعل النيـران يطفيهــا
    يا من يدخن في صمت ويتركني
    في البحر أرفع مرسـاتي وألقيهـا
    ألا تراني ببحر الحب غارقـة
    والموج يمضغ آمـالي ويرميهــا
    إنزل قليلا عن الأهداب يا رجلا
    مــا زال يقتل أحلامي ويحييهـا
    كفاك تلعب دور العاشقين معي
    وتنتقي كلمــات لست تعنيهــا
    كم اخترعت مكاتيبـا سترسلها
    وأسعدتني ورودا سوف تهديهــا
    وكم ذهبت لوعد لا وجود لـه
    وكم حلمت بأثـواب سأشريهــا
    وكم تمنيت لو للرقص تطلبني
    وحيـرتني ذراعي أين ألقيهـــا
    ارجع إلي فإن الأرض واقفـة
    كأنمــا فرت من ثوانيهــــا
    إرجـع فبعدك لا عقد أعلقــه
    ولا لمست عطوري في أوانيهــا
    لمن جمالي لمن شال الحرير لمن
    ضفـائري منذ أعـوام أربيهــا
    إرجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا
    فمــا حياتي أنا إن لم تكن فيهـا


    3) حين أحبك


    يتغير

    حين أحبك شكل الكرة الأرضية

    تتلاقى طرق العالم فوق يديك وفوق يديه

    يتغير ترتيب الأفلاك

    تتكاثر في البحر الأسماك

    ويسافر قمر في دورتي الدموية

    يتغير كل شيء

    أصبح شجراً ... أصبح مطراً

    أصبح ضوءً أسود داخل عيون أسبانية

    تتحضر – حين أحبك – ألاف الكلمات

    تتشكل لغة أخرى

    مدن أخرى ... أمم أخرى

    تسرع أنفاس الساعات

    يمتليء البحر الأبيض حين أحبك

    أزهاراً حمراء

    وتلوح بلاد فوق الماء

    وتغيب بلاد تحت الماء


    4)أكبر من كل الكلمات


    سيّدتي ! عندي في الدفترْ

    ترقصُ آلافُ الكلمات

    واحدةٌ في ثوبٍ أصفَرْ

    واحدةٌ في ثوبٍ أحمَرْ

    يحرقُ أطرافَ الصفحاتِ

    أنا لستُ وحيداً في الدنيا

    عائلتي .. حُزْمةُ أبيات

    أنا شاعرُ حُبٍّ جَوَّالٌ

    تعرفُهُ كلُّ الشُرُفاتِ

    تعرفهُ كلُّ الحُلْوَاتِ

    عندي للحبِّ تعابيرٌ

    ما مرَّتْ في بال دواة

    الشمسُ فتحتُ نوافذَها

    و تركتُ هنالكَ مرساتي

    و قطعتُ بحاراً .. و بحاراً

    أنبشُ أعماقَ الموجاتِ

    أبحثُ في جوف الصَدَفاتِ

    عن حرفٍ كالقمر الأخضرْ

    أهديهِ لعينيْ مولاتي

    سيِّدتي ! في هذا الدفترْ

    تجدينَ ألوفَ الكلمات

    الأبيضَ منها و .. و الأحمَرْ

    الأزرقَ منها و .. و الأصفَرْ

    لكنَّكِ .. يا قمري الأخضَرْ

    أحلى من كلِّ الكلماتِ

    أكبرُ من كُلِّ الكلماتِ


    5)يوميات امرأة


    لماذا في مدينتنا ؟
    نعيش الحب تهريباً وتزويراً ؟
    ونسرق من شقوق الباب موعدنا
    ونستعطي الرسائل
    والمشاويرا
    لماذا في مدينتنا ؟
    يصيدون العواطف والعصافيرا
    لماذا نحن قصديرا ؟
    وما يبقى من الإنسان
    حين يصير قصديرا ؟
    لماذا نحن مزدوجون
    إحساسا وتفكيرا ؟
    لماذا نحن ارضيون
    تحتيون .. نخشى الشمس والنورا ؟
    لماذا أهل بلدتنا ؟
    يمزقهم تناقضهم
    ففي ساعات يقظتهم
    يسبون الضفائر والتنانيرا
    وحين الليل يطويهم
    يضمون التصاويرا
    أسائل نفسي دائماً
    لماذا لا يكون الحب في الدنيا ؟
    لكل الناس
    كل الناس
    مثل أشعة الفجر
    لماذا لا يكون الحب مثل الخبز والخمر ؟
    ومثل الماء في النهر
    ومثل الغيم ، والأمطار ،
    والأعشاب والزهر
    أليس الحب للإنسان
    عمراً داخل العمر ؟
    لماذا لايكون الحب في بلدي ؟
    طبيعياً
    كلقيا الثغر بالثغر
    ومنساباً
    كما شعري على ظهري
    لماذا لا يحب الناس في لين ويسر ؟
    كما الأسماك في البحر
    كما الأقمار في أفلاكها تجري
    لماذا لا يكون الحب في بلدي
    ضرورياً
    كديوان من الشعر
    انا نهدي في صدري
    كعصفورين
    قد ماتا من الحر
    كقديسين شرقيين متهمين بالكفر
    كم اضطهدا
    وكم رقدا على الجمر
    وكم رفضا مصيرهما
    وكم ثارا على القهر
    وكم قطعا لجامهما
    وكم هربا من القبر
    متى سيفك قيدهما
    متى ؟
    يا ليتني ادري
    نزلت إلى حديقتنا
    ازور ربيعها الراجع
    عجنت ترابها بيدي
    حضنت حشيشها الطالع
    رأيت شجيرة الدراق
    تلبس ثوبها الفاقع
    رأيت الطير محتفلاً
    بعودة طيره الساجع
    رأيت المقعد الخشبي
    مثل الناسك الراجع
    سقطت عليه باكية
    كأني مركب ضائع
    احتى الأرض ياربي ؟
    تعبر عن مشاعرها
    بشكل بارع ... بارع
    احتى الأرض ياربي
    لها يوم .. تحب فيه
    تبوح به
    تضم حبيبها الراجع
    وفوق العشب من حولي
    لها سبب .. لها الدافع
    فليس الزنبق الفارع
    وليس الحقل ، ليس النحل
    ليس الجدول النابع
    سوى كلمات هذى الأرض
    غير حديثها الرائع
    أحس بداخلي بعثاً
    يمزق قشرتي عني
    ويدفعني لان أعدو
    مع الأطفال في الشارع
    أريد ... أريد
    كايه زهرة في الروض
    تفتح جفنها الدامع
    كايه نحله في الحقل
    تمنح شهدها النافع
    أريد ... أريد أن أحيا
    بكل خليه مني
    مفاتن هذه الدنيا
    بمخمل ليلها الواسع
    وبرد شتائها اللاذع
    أريد.. اريد أن أحيا
    بكل حرارة الواقع
    بكل حماقة الواقع
    يعود أخي من الماخور
    عند الفجر سكرانا
    يعود .. كأنه السلطان
    من سماه سلطانا ؟
    ويبقى في عيون الأهل
    أجملنا ... وأغلانا
    ويبقى في ثياب العهر
    اطهرنا ... وأنقانا
    يعود أخي من الماخور
    مثل الديك .. نشوانا
    فسبحان الذي سواه من ضوء
    ومن فحم رخيص نحن سوانا
    وسبحان الذي يمحو خطاياه
    ولا يمحو خطايانا
    تخيف أبي مراهقتي
    يدق لها
    طبول الذعر والخطر
    يقاومها
    يقاوم رغوة الخلجان
    يلعن جراة المطر
    يقاوم دونما جدوى
    مرور النسغ في الذهر
    أبي يشقى
    إذا سالت رياح الصيف عن شعري
    ويشقى إن رأى نهداي
    يرتفحان في كبر
    ويغتسلان كالأطفال
    تحت أشعه القمر
    فما ذنبي وذنبهما
    هما مني هما قدري
    متى يأتي ترى بطلي
    لقد خبأت في صدري
    له ، زوجا من الحجل
    وقد خبأت في ثغري
    له ، كوزا من العسل متى يأتي على فرس
    له ، مجدولة الخصل
    ليخطفني
    ليكسر باب معتقلي
    فمنذ طفولتي وأنا
    أمد على شبابيكي
    حبال الشوق والأمل
    واجدل شعري الذهبي كي يصعد
    على خصلاته .. بطلي
    يروعني
    شحوب شقيقتي الكبرى
    هي الأخرى
    تعاني ما أعانيه
    تعيش الساعة الصفرا
    تعاني عقده سوداء
    تعصر قلبها عصرا
    قطار الحسن مر بها
    ولم يترك سوى الذكرى
    ولم يترك من النهدين
    إلا الليف والقشرا
    لقد بدأت سفينتها
    تغوص .. وتلمس القعرا
    أراقبها وقد جلست
    بركن ، تصلح الشعرا
    تصففه .. وتخربه
    وترسل زفرة حرى
    تلوب .. تلوب .. في الردهات
    مثل ذبابة حيرى
    وتقبح في محارتها
    كنهر .. لم يجد مجرى
    سأكتب عن صديقاتي
    فقصه كل واحده
    أرى فيها .. أرى ذاتي
    ومأساة كمأساتي
    سأكتب عن صديقاتي
    عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات
    عند الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات
    عن الأبواب لا تفتح
    عن الرغبات وهي بمهدها تذبح
    عن الحلمات تحت حريرها تنبح
    عن الزنزانة الكبرى
    وعن جدارنها السود
    وعن آلاف .. آلاف الشهيداتِ
    دفن بغير أسماء
    بمقبرة التقاليد
    صديقاتي دمى ملفوفة بالقطن
    داخل متحف مغلق
    نقود صكها التاريخ ، لا تهدى ولا تنفق
    مجاميع من الأسماك في أحواضها تخنق
    وأوعيه من البلور مات فراشها الأزرق
    بلا خوف
    سأكتب عن صديقاتي
    عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات
    عن الهذيان .. والغثيان .. عن ليل الضرعات
    عن الأشواق تدفن في المخدات
    عن الدوران في اللاشيء
    عن موت الهنيهات
    صديقاتي
    رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات
    سبايا في حريم الشرق
    موتى غير أموات
    يعشن ، يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
    صديقاتي
    طيور في مغائرها
    تموت بغير أصوات
    خلوت اليوم ساعات
    إلى جسدي
    أفكر في قضاياه
    أليس هوالثاني قضاياه ؟
    وجنته وحماه ؟
    لقد أهملته زمنا
    ولم اعبا بشكواه
    نظرت إليه في شغف
    نظرت إليه من أحلى زواياه
    لمست قبابه البيضاء
    غابته ومرعاه
    إن لوني حليبي
    كان الفجر قطره وصفاه
    أسفت لا نه جسدي
    أسفت على ملاسته
    وثرت على مصممه ، وعاجنه وناحته
    رثيت له
    لهذا الوحش يأكل من وسادته
    لهذا الطفل ليس تنام عيناه
    نزعت غلالتي عني
    رأيت الظل يخرج من مراياه
    رأيت النهر كالعصفور ... لم يتعب جناحاه
    تحرر من قطيفته
    ومزق عنه تفتاه
    حزنت انا لمرآه
    لماذا الله كوره ودوره .. وسواه ؟
    لماذا الله أشقاني
    بفتنته .. وأشقاه ؟
    وعلقه بأعلى الصدر
    جرحاً .. لست أنساه
    لماذا يستبد ابي ؟
    ويرهقني بسلطته .. وينظر لي كانيه
    كسطر في جريدته
    ويحرص على أن أظل له
    كأني بعض ثروته
    وان أبقى بجانبه
    ككرسي بحجرته
    أيكفي أنني ابنته
    أني من سلالته
    أيطعمني أبي خبزاً ؟
    أيغمرني بنعمته ؟
    كفرت انا .. بمال أبي
    بلؤلؤة ... بفضته
    أبي لم ينتبه يوماً
    إلى جسدي .. وثورته
    أبي رجل أناني
    مريض في محبته
    مريض في تعنته
    يثور إذا رأى صدري
    تمادى في استدارته
    يثور إذا رأى رجلاً
    يقرب من حديقته
    أبي
    لن يمنع التفاح عن إكمال دورته
    سيأتي ألف عصفور
    ليسرق من حديقته
    على كراستي الزرقاء .. استلقي يمريه
    وابسط فوقها في فرح وعفوية
    أمشط فوقها شعري
    وارمي كل أثوابي الحريرية
    أنام , أفيق , عارية
    أسير .. أسير حافية
    على صفحات أوراقي السماوية
    على كراستي الزرقاء
    استرخي على كيفي
    واهرب من أفاعي الجنس
    والإرهاب .. والخـوف
    واصرخ ملء حنجرتي
    انا امرأة .. انا امرأة
    انا انسانة حية
    أيا مدن التوابيت الرخامية
    على كراستي الزرقاء
    تسقط كل أقنعتي الحضارية
    ولا يبقى سوى نهدي
    تكوم فوق أغطيتي
    كشمس استوائية
    ولا يبقى سوى جسدي
    يعبر عن مشاعره
    بلهجته البدائية
    ولا يبقى .. ولا يبقى
    سوى الأنثى الحقيقة
    صباح اليوم فاجأني
    دليل أنوثتي الأول
    كتمت تمزقي
    وأخذت ارقب روعة الجدول
    واتبع موجه الذهبي
    اتبعه ولا أسال
    هنا .. أحجار ياقوت
    وكنز لألي مهمل
    هنا .. نافورة جذلى
    هنا .. جسر من المخمل
    ..هنا
    سفن من التوليب
    ترجوا الأجمل الأجمل
    هنا .. حبر بغير يد
    هنا .. جرح ولا مقتل
    أأخجل منه
    هل بحر بعزة موجه يخجل ؟
    انا للخصب مصدره وأنا يده
    وأنا المغزل


    6)متى يعلنون وفاة العرب؟

    أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
    تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
    تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
    وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
    وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
    ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
    أحاول رسم بلادٍ
    تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
    فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
    وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...

    2

    أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
    لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
    وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
    تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
    وتبكي مآذنُها في عيوني.
    أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
    ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
    ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
    أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
    تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
    وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني

    3

    أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
    تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
    فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...

    4

    رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
    ولافائدهْ...
    فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
    وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
    رائحةٌ واحدهْ...
    وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
    ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.

    5

    أحاول منذ البداياتِ...
    أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
    رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
    رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...

    6

    أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
    فبعضُ القصائدِ قبْرٌ ،
    وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
    وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
    ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...

    7

    أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
    ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
    وأنفُضَ عني غُباري.
    وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
    أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
    وداعا قريشٌ...
    وداعا كليبٌ...
    وداعا مُضَرْ...

    8

    أحاول رسْمَ بلادٍ
    تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
    سريري بها ثابتٌ
    ورأسي بها ثابتٌ
    لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
    ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
    ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...

    9

    أحاول منذ الطفولةِ
    فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
    وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
    ليستقبلَ العاشقينْ...
    وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
    بين الرجال...وبين النساءْ...
    وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
    وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
    ولكنهم...أغلقوا فندقي...
    وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
    وطُهْرِ العربْ...
    وإرثِ العربْ...
    فيا لَلعجبْ!!

    10

    أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ?
    أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
    وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
    وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا,
    وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
    أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
    وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
    وبين نُهور اللبنْ...
    وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
    فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
    ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ...
    ولا قهوةٌ في عَدَنْ...

    11

    أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
    وأزرعَ نخلا...
    ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
    أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
    ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!

    12

    أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
    خارجَ كلِ الطقوسْ...
    وخارج كل النصوصْ...
    وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
    أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
    في أي منفى ذهبت إليه...
    لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
    بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...

    13

    أحاول - مذْ كنتُ طفلا ، قراءة أي كتابٍ
    تحدّث عن أنبياء العربْ.
    وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
    فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
    من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
    فيا للعَجَبْ!!
    ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
    وبين الرُطَبْ...
    فيا للعَجَبْ!!
    ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
    لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
    وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
    وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
    فيا للعَجَبْ!!

    14

    أنا منذ خمسينَ عاما،
    أراقبُ حال العربْ.
    وهم يرعدونَ ، ولايمُطرونْ...
    وهم يدخلون الحروب ، ولايخرجونْ...
    وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
    ولا يهضمونْ...

    15

    أنا منذ خمسينَ عاما
    أحاولُ رسمَ بلادٍ
    تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
    رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
    وحينا رسمت بلون الغضبْ.
    وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
    إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
    ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
    ومَن سوف يبكي عليهم؟
    وليس لديهم بناتٌ...
    وليس لديهم بَنونْ...
    وليس هنالك حُزْنٌ ،
    وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!

    16

    أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
    قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
    رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
    رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
    وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
    فقتلى على شاشة التلفزهْ...
    وجرحى على شاشة التلفزهْ...
    ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...

    17

    أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
    نتابع أحداثهُ في المساءْ.
    فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

    18

    أنا...بعْدَ خمسين عاما
    أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
    رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
    أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
    ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
    رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
    ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...
    لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
    ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
    تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
    إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
    ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
    يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



    عمـــــــــان.............وأنا بعد

  • #2
    نتابع

    7)يا ست الدنيا يا بيروت

    يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ...

    مَنْ باعَ أسواركِ المشغولةَ بالياقوتْ؟

    من صادَ خاتمكِ السّحريَّ،

    وقصَّ ضفائركِ الذهبيّهْ؟

    من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضرواينْ؟

    من شطبَ وجهكِ بالسّكّين،

    وألقى ماءَ النارِ على شفتيكِ الرائعتينْ؟

    من سمّمَ ماءَ البحرِ، ورشَّ الحقدَ على الشطآنِ الورديّهْ؟

    ها نحنُ أتينا.. معتذرينَ.. ومعترفينْ

    أنّا أطلقنا النارَ عليكِ بروحٍ قبليّهْ..

    فقتلنا امرأة.. كانت تُدعى (الحريّهْ)...





    2

    ماذا نتكلّمُ يا بيروتْ..

    وفي عينيكِ خلاصةُ حزنِ البشريّهْ

    وعلى نهديكِ المحترقين.. رمادُ الحربِ الأهليّهْ

    ماذا نتكلّمُ يا مروحةَ الصّيفِ، ويا وردتَهُ الجوريّهْ؟

    من كانَ يفكّر أن نتلاقى - يا بيروتُ - وأنتِ خرابْ؟

    من كانَ يفكّر أن تنمو للوردةِ آلافُ الأنيابْ؟

    من كانَ يفكّر أنَّ العينَ تقاتلُ في يومٍ ضدَّ الأهدابْ؟

    ماذا نتكلّم يا لؤلؤتي؟

    يا سنبلتي..

    يا أقلامي..

    يا أحلامي..

    يا أوراقي الشعريّهْ..

    من أينَ أتتكِ القسوةُ يا بيروتْ،

    وكنتِ برقّةِ حوريّهْ؟

    لا أفهمُ كيف انقلبَ العصفورُ الدوريُّ..

    لقطّةِ ليلٍ وحشيّهْ..

    لا أفهمُ أبداً يا بيروتْ

    لا أفهمُ كيف نسيتِ اللهَ..

    وعُدتِ لعصرِ الوثنيّهْ..



    3

    قومي من تحتِ الموجِ الأزرقِ، يا عِشتارْ

    قومي كقصيدةِ وردٍ ..

    أو قومي كقصيدةِ نارْ

    لا يوجدُ قبلكِ شيءٌ.. بعدكِ شيءٌ.. مثلكِ شيءٌ..

    أنتِ خلاصاتُ الأعمارْ..

    يا حقل اللؤلؤِ..

    يا ميناءَ العشقِ..

    ويا طاووسَ الماءْ..

    قومي من أجلِ الحبِّ، ومن أجلِ الشّعراءْ

    قومي من أجل الخبزِ، ومن أجلِ الفقراءْ

    الحبُّ يريدكِ.. يا أحلى الملكاتْ..

    والربُّ يريدكِ.. يا أحلى الملكاتْ..

    ها أنتِ دفعتِ ضريبةَ حسنكِ مثل جميعِ الحسناواتْ

    ودفعتِ الجزيةَ عن كلِّ الكلماتْ..



    4

    قومي من نومكِ..

    يا سُلطانةُ، يا نوَّارةُ، يا قنديلاً مشتعلاً في القلبْ

    قومي كي يبقى العالمُ يا بيروتْ..

    ونبقى نحنُ..

    ويبقى الحبّْ...

    قومي..

    يا أحلى لؤلؤةٍ أهداها البحرْ

    الآن عرفنا ما معنى ..

    أن نقتلَ عصفوراً في الفجرْ

    الآنَ عرفنا ما معنى ..

    أن ندلقَ فوقَ سماءِ الصّيفِ زجاجةَ حبرْ

    الآن عرفنا ..

    أنّا كُنّا ضدَّ اللهِ .. وضدَّ الشّعرْ ..



    5

    يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ ..

    يا حيثُ الوعدُ الأوّلُ .. والحبُّ الأوّلُ ..

    يا حيثُ كتبنا الشعرَ ..

    وخبّأناه بأكياسِ المُخملْ ..

    نعترفُ الآنَ .. بأنّا كُنّا يا بيروتُ،

    نُحبّكِ كالبدوِ الرُحّلْ ..

    ونُمارسُ فعلَ الحبِّ .. تماماً

    كالبدوِ الرُحَّلْ ...

    نعترفُ الآنَ .. بأنَّكِ كُنتِ خليلتنا

    نأوي لفراشكِ طولَ اللّيل ...

    وعندَ الفجرِ، نهاجرُ كالبدوِ الرُحَّلْ

    نعترفُ الآنَ .. بأنّا كُنّا أميّينَ ..

    وكُنّا نجهلُ ما نفعلْ ..

    نعترفُ الآنَ، بأنّا كُنّا مِن بينِ القَتَلَهْ ..

    ورأينا رأسكِ ..

    يسقطُ تحتَ صخورِ الرَوْشَةِ كالعصفورْ

    نعترفُ الآنَ ..

    بأنّا كُنّا - ساعةَ نُفِّذَ فيكِ الحُكمُ -

    شهودَ الزورْ ..



    6

    نعترفُ أمامَ اللهِ الواحدِ ..

    أنّا كُنّا منكِ نغارُ ..

    وكانَ جمالكِ يؤذينا ..

    نعترفُ الآنَ ..

    بأنّا لم ننصفْكِ .. ولم نعذُرْكِ .. ولم نفهمْكِ ..

    وأهديناكِ مكانَ الوردةِ سِكّينا ...

    نعترفُ أمامَ اللهِ العادلِ ...

    أنّا راودناكِ ..

    وعاشرناكِ ..

    وضاجعناكِ ..

    وحمّلناكِ معاصينا ..

    يا ستَّ الدنيا، إن الدنيا بعدكِ ليستْ تكفينا ..

    الآنَ عرفنا .. أنَّ جذوركِ ضاربةٌ فينا ..

    الآنَ عرفنا .. ماذا اقترفتْ أيدينا ..



    7

    اللهُ .. يفتّشُ في خارطةِ الجنّةِ عن لُبنانْ

    والبحرُ يفتّشُ في دفترهِ الأزرقِ عن لُبنانْ

    والقمرُ الأخضرُ ..

    عادَ أخيراً كي يتزوّجَ من لُبنانْ ..

    أعطيني كفّكِ يا جوهرةَ اللّيلِ، وزنبقةَ البلدانْ

    نعترفُ الآنَ ..

    بأنّا كُنّا ساديّينَ، ودمويّينَ ..

    وكُنّا وكلاءَ الشيطانْ

    يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ ..

    قومي من تحتِ الرَدمِ، كزهرةِ لوزٍ في نيسانْ

    قومي من حُزنكِ ..

    إنَّ الثورةَ تولدُ من رحمِ الأحزانْ

    قومي أكراماً للغاباتِ ..

    وللأنهارِ ..

    وللوديانِ ..

    قومي إكراماً للإنسانْ ..

    إنّا أخطأنا يا بيروتُ ..

    وجئنا نلتمسُ الغفرانْ ..



    8

    ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ المجنونهْ ..

    يا نهرَ دماءٍ وجواهرْ ..

    ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ القلبِ الطيّبِ ..

    يا بيروتُ الفوضى ..

    يا بيروتُ الجوعِ الكافرِ .. والشّبعِ الكافرِ ..

    ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ العدلِ ..

    ويا بيروتُ الظلمِ ..

    ويا بيروتُ السّبْيِ ..

    ويا بيروتُ القاتلِ والشاعرْ ..

    ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ العشقِ ..

    ويا بيروتُ الذبحِ من الشّريانِ إلى الشّريانْ ..

    ما زلتُ أحبُّكِ رغمَ حماقاتِ الإنسانْ

    ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ ..

    لماذا لا نبتدئُ الآنْ؟


    8)خمس رسائل إلى أمي


    صباحُ الخيرِ يا حلوه..

    صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه

    مضى عامانِ يا أمّي

    على الولدِ الذي أبحر

    برحلتهِ الخرافيّه

    وخبّأَ في حقائبهِ

    صباحَ بلادهِ الأخضر

    وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر

    وخبّأ في ملابسهِ

    طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر

    وليلكةً دمشقية..



    أنا وحدي..

    دخانُ سجائري يضجر

    ومنّي مقعدي يضجر

    وأحزاني عصافيرٌ..

    تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر

    عرفتُ نساءَ أوروبا..

    عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ

    عرفتُ حضارةَ التعبِ..

    وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر

    ولم أعثر..

    على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر

    وتحملُ في حقيبتها..

    إليَّ عرائسَ السكّر

    وتكسوني إذا أعرى

    وتنشُلني إذا أعثَر

    أيا أمي..

    أيا أمي..

    أنا الولدُ الذي أبحر

    ولا زالت بخاطرهِ

    تعيشُ عروسةُ السكّر

    فكيفَ.. فكيفَ يا أمي

    غدوتُ أباً..

    ولم أكبر؟



    صباحُ الخيرِ من مدريدَ

    ما أخبارها الفلّة؟

    بها أوصيكِ يا أمّاهُ..

    تلكَ الطفلةُ الطفله

    فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..

    يدلّلها كطفلتهِ

    ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ

    ويسقيها..

    ويطعمها..

    ويغمرها برحمتهِ..



    .. وماتَ أبي

    ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ

    وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ

    وتسألُ عن عباءتهِ..

    وتسألُ عن جريدتهِ..

    وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-

    عن فيروزِ عينيه..

    لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..

    دنانيراً منَ الذهبِ..



    سلاماتٌ..

    سلاماتٌ..

    إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة

    إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"

    إلى تحتي..

    إلى كتبي..

    إلى أطفالِ حارتنا..

    وحيطانٍ ملأناها..

    بفوضى من كتابتنا..

    إلى قططٍ كسولاتٍ

    تنامُ على مشارقنا

    وليلكةٍ معرشةٍ

    على شبّاكِ جارتنا

    مضى عامانِ.. يا أمي

    ووجهُ دمشقَ،

    عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا

    يعضُّ على ستائرنا..

    وينقرنا..

    برفقٍ من أصابعنا..



    مضى عامانِ يا أمي

    وليلُ دمشقَ

    فلُّ دمشقَ

    دورُ دمشقَ

    تسكنُ في خواطرنا

    مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا

    كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..

    قد زُرعت بداخلنا..

    كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..

    تعبقُ في ضمائرنا

    كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ

    جاءت كلّها معنا..



    أتى أيلولُ يا أماهُ..

    وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ

    ويتركُ عندَ نافذتي

    مدامعهُ وشكواهُ

    أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟

    أينَ أبي وعيناهُ

    وأينَ حريرُ نظرتهِ؟

    وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟

    سقى الرحمنُ مثواهُ..

    وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..

    وأين نُعماه؟

    وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..

    تضحكُ في زواياهُ

    وأينَ طفولتي فيهِ؟

    أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ

    وآكلُ من عريشتهِ

    وأقطفُ من بنفشاهُ



    دمشقُ، دمشقُ..

    يا شعراً

    على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ

    ويا طفلاً جميلاً..

    من ضفائرنا صلبناهُ

    جثونا عند ركبتهِ..

    وذبنا في محبّتهِ

    إلى أن في محبتنا قتلناهُ...


    9)[align=center]منشورات فدائية على

    جدران اسرائيل [/align]


    لن تجعلوا من شعبنا

    شعبَ هنودٍ حُمرْ..

    فنحنُ باقونَ هنا..

    في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها

    إسوارةً من زهرْ

    فهذهِ بلادُنا..

    فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمرْ

    فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعرْ

    مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها

    مثلَ حشيشِ البحرْ..

    مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها

    في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها

    في قمحِها المُصفرّْ

    مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها

    باقونَ في آذارها

    باقونَ في نيسانِها

    باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها

    ياقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها..

    وفي الوصايا العشرْ..



    2

    لا تسكروا بالنصرْ…

    إذا قتلتُم خالداً.. فسوفَ يأتي عمرْو

    وإن سحقتُم وردةً..

    فسوفَ يبقى العِطرْ



    3

    لأنَّ موسى قُطّعتْ يداهْ..

    ولم يعُدْ يتقنُ فنَّ السحرْ..

    لأنَّ موسى كُسرتْ عصاهْ

    ولم يعُدْ بوسعهِ شقَّ مياهِ البحرْ

    لأنكمْ لستمْ كأمريكا.. ولسنا كالهنودِ الحمرْ

    فسوفَ تهلكونَ عن آخركمْ

    فوقَ صحاري مصرْ…



    4

    المسجدُ الأقصى شهيدٌ جديدْ

    نُضيفهُ إلى الحسابِ العتيقْ

    وليستِ النارُ، وليسَ الحريقْ

    سوى قناديلٍ تضيءُ الطريقْ



    5

    من قصبِ الغاباتْ

    نخرجُ كالجنِّ لكمْ.. من قصبِ الغاباتْ

    من رُزمِ البريدِ، من مقاعدِ الباصاتْ

    من عُلبِ الدخانِ، من صفائحِ البنزينِ، من شواهدِ الأمواتْ

    من الطباشيرِ، من الألواحِ، من ضفائرِ البناتْ

    من خشبِ الصُّلبانِ، ومن أوعيةِ البخّورِ، من أغطيةِ الصلاةْ

    من ورقِ المصحفِ نأتيكمْ

    من السطورِ والآياتْ…

    فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ، وفي الماءِ، وفي النباتْ

    ونحنُ معجونونَ بالألوانِ والأصواتْ..

    لن تُفلتوا.. لن تُفلتوا..

    فكلُّ بيتٍ فيهِ بندقيهْ

    من ضفّةِ النيلِ إلى الفراتْ



    6

    لن تستريحوا معنا..

    كلُّ قتيلٍ عندنا

    يموتُ آلافاً من المراتْ…



    7

    إنتبهوا.. إنتبهوا…

    أعمدةُ النورِ لها أظافرْ

    وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ

    والموتُ في انتظاركم في كلِّ وجهٍ عابرٍ…

    أو لفتةٍ.. أو خصرْ

    الموتُ مخبوءٌ لكم.. في مشطِ كلِّ امرأةٍ..

    وخصلةٍ من شعرْ..



    8

    يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ

    عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْ..

    إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا

    فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْ

    والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا

    فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْ

    هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْ

    قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْ



    9

    ننصحُكم أن تقرأوا ما جاءَ في الزّبورْ

    ننصحُكم أن تحملوا توراتَكم

    وتتبعوا نبيَّكم للطورْ..

    فما لكم خبزٌ هنا.. ولا لكم حضورْ

    من بابِ كلِّ جامعٍ..

    من خلفِ كلِّ منبرٍ مكسورْ

    سيخرجُ الحجّاجُ ذاتَ ليلةٍ.. ويخرجُ المنصورْ



    10

    إنتظرونا دائماً..

    في كلِّ ما لا يُنتظَرْ

    فنحنُ في كلِّ المطاراتِ، وفي كلِّ بطاقاتِ السفرْ

    نطلعُ في روما، وفي زوريخَ، من تحتِ الحجرْ

    نطلعُ من خلفِ التماثيلِ وأحواضِ الزَّهرْ..

    رجالُنا يأتونَ دونَ موعدٍ

    في غضبِ الرعدِ، وزخاتِ المطرْ

    يأتونَ في عباءةِ الرسولِ، أو سيفِ عُمرْ..

    نساؤنا.. يرسمنَ أحزانَ فلسطينَ على دمعِ الشجرْ

    يقبرنَ أطفالَ فلسطينَ، بوجدانِ البشرْ

    يحملنَ أحجارَ فلسطينَ إلى أرضِ القمرْ..



    11

    لقد سرقتمْ وطناً..

    فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ

    صادرتُمُ الألوفَ من بيوتنا

    وبعتمُ الألوفَ من أطفالنا

    فصفّقَ العالمُ للسماسرهْ..

    سرقتُمُ الزيتَ من الكنائسِ

    سرقتمُ المسيحَ من بيتهِ في الناصرهْ

    فصفّقَ العالمُ للمغامرهْ

    وتنصبونَ مأتماً..

    إذا خطفنا طائرهْ



    12

    تذكروا.. تذكروا دائماً

    بأنَّ أمريكا – على شأنها –

    ليستْ هيَ اللهَ العزيزَ القديرْ

    وأن أمريكا – على بأسها –

    لن تمنعَ الطيورَ أن تطيرْ

    قد تقتلُ الكبيرَ.. بارودةٌ

    صغيرةٌ.. في يدِ طفلٍ صغيرْ



    13

    ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ

    لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ

    طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ

    ونحنُ باقونَ على صدوركمْ..

    كالنقشِ في الرخامْ..

    باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ

    باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ

    باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ

    باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ

    باقونَ في شعر امرئ القيس..

    وفي شعر أبي تمّامْ..

    باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ

    باقونَ في مخارجِ الكلامْ..



    14

    موعدُنا حينَ يجيءُ المغيبْ

    موعدُنا القادمُ في تل أبيبْ

    "نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبْ"



    15

    ليسَ حزيرانُ سوى يومٍ من الزمانْ

    وأجملُ الورودِ ما ينبتُ في حديقةِ الأحزانْ..



    16

    للحزنِ أولادٌ سيكبرونْ..

    للوجعِ الطويلِ أولادٌ سيكبرونْ

    للأرضِ، للحاراتِ، للأبوابِ، أولادٌ سيكبرونْ

    وهؤلاءِ كلّهمْ..

    تجمّعوا منذُ ثلاثينَ سنهْ

    في غُرفِ التحقيقِ، في مراكزِ البوليسِ، في السجونْ

    تجمّعوا كالدمعِ في العيونْ

    وهؤلاءِ كلّهم..

    في أيِّ.. أيِّ لحظةٍ

    من كلِّ أبوابِ فلسطينَ سيدخلونْ..



    17

    ..وجاءَ في كتابهِ تعالى:

    بأنكم من مصرَ تخرجونْ

    وأنكمْ في تيهها، سوفَ تجوعونَ، وتعطشونْ

    وأنكم ستعبدونَ العجلَ دونَ ربّكمْ

    وأنكم بنعمةِ الله عليكم سوفَ تكفرونْ

    وفي المناشير التي يحملُها رجالُنا

    زِدنا على ما قالهُ تعالى:

    سطرينِ آخرينْ:

    ومن ذُرى الجولانِ تخرجونْ

    وضفّةِ الأردنِّ تخرجونْ

    بقوّةِ السلاحِ تخرجونْ..



    18

    سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ

    سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ

    ونحنُ باقونَ هنا، حدائقاً، وعطرَ برتقالْ

    باقونَ فيما رسمَ اللهُ على دفاترِ الجبالْ

    باقونَ في معاصرِ الزيتِ.. وفي الأنوالْ

    في المدِّ.. في الجزرِ.. وفي الشروقِ والزوالْ

    باقونَ في مراكبِ الصيدِ، وفي الأصدافِ، والرمالْ

    باقونَ في قصائدِ الحبِّ، وفي قصائدِ النضالْ

    باقونَ في الشعرِ، وفي الأزجالْ

    باقونَ في عطرِ المناديلِ..

    في (الدَّبكةِ) و (الموَّالْ)..

    في القصصِ الشعبيِّ، والأمثالْ

    باقونَ في الكوفيّةِ البيضاءِ، والعقالْ

    باقونَ في مروءةِ الخيلِ، وفي مروءةِ الخيَّالْ

    بالقونَ في (المهباجِ) والبُنِّ، وفي تحيةِ الرجالِ للرجالْ

    باقونَ في معاطفِ الجنودِ، في الجراحِ، في السُّعالْ

    باقونَ في سنابلِ القمحِ، وفي نسائمِ الشمالْ

    باقونَ في الصليبْ..

    باقونَ في الهلالْ..

    في ثورةِ الطلابِ، باقونَ، وفي معاولِ العمّالْ

    باقونَ في خواتمِ الخطبةِ، في أسِرَّةِ الأطفالْ

    باقونَ في الدموعْ..

    باقونَ في الآمالْ



    19

    تسعونَ مليوناً من الأعرابِ خلفَ الأفقِ غاضبونْ

    با ويلكمْ من ثأرهمْ..

    يومَ من القمقمِ يطلعونْ..



    20

    لأنَّ هارونَ الرشيدَ ماتَ من زمانْ

    ولم يعدْ في القصرِ غلمانٌ، ولا خصيانْ

    لأنّنا مَن قتلناهُ، وأطعمناهُ للحيتانْ

    لأنَّ هارونَ الرشيدَ لم يعُدْ إنسانْ

    لأنَّهُ في تحتهِ الوثيرِ لا يعرفُ ما القدسَ.. وما بيسانْ

    فقد قطعنا رأسهُ، أمسُ، وعلّقناهُ في بيسانْ

    لأنَّ هارونَ الرشيدَ أرنبٌ جبانْ

    فقد جعلنا قصرهُ قيادةَ الأركانْ..



    21

    ظلَّ الفلسطينيُّ أعواماً على الأبوابْ..

    يشحذُ خبزَ العدلِ من موائدِ الذئابْ

    ويشتكي عذابهُ للخالقِ التوَّابْ

    وعندما.. أخرجَ من إسطبلهِ حصاناً

    وزيَّتَ البارودةَ الملقاةَ في السردابْ

    أصبحَ في مقدورهِ أن يبدأَ الحسابْ..



    22

    نحنُ الذينَ نرسمُ الخريطهْ

    ونرسمُ السفوحَ والهضابْ..

    نحنُ الذينَ نبدأُ المحاكمهْ

    ونفرضُ الثوابَ والعقابْ..



    23

    العربُ الذين كانوا عندكم مصدّري أحلامْ

    تحوّلوا بعدَ حزيرانَ إلى حقلٍ من الألغامْ

    وانتقلت (هانوي) من مكانها..

    وانتقلتْ فيتنامْ..



    24

    حدائقُ التاريخِ دوماً تزهرُ..

    ففي ذُرى الأوراسِ قد ماجَ الشقيقُ الأحمرُ..

    وفي صحاري ليبيا.. أورقَ غصنٌ أخضرُ..

    والعربُ الذين قلتُم عنهمُ: تحجّروا

    تغيّروا..

    تغيّروا



    25

    أنا الفلسطينيُّ بعد رحلةِ الضياعِ والسّرابْ

    أطلعُ كالعشبِ من الخرابْ

    أضيءُ كالبرقِ على وجوهكمْ

    أهطلُ كالسحابْ

    أطلعُ كلَّ ليلةٍ..

    من فسحةِ الدارِ، ومن مقابضِ الأبوابْ

    من ورقِ التوتِ، ومن شجيرةِ اللبلابْ

    من بركةِ الدارِ، ومن ثرثرةِ المزرابْ

    أطلعُ من صوتِ أبي..

    من وجهِ أمي الطيبِ الجذّابْ

    أطلعُ من كلِّ العيونِ السودِ والأهدابْ

    ومن شبابيكِ الحبيباتِ، ومن رسائلِ الأحبابْ

    أفتحُ بابَ منزلي.

    أدخلهُ. من غيرِ أن أنتظرَ الجوابْ

    لأنني أنا.. السؤالُ والجوابْ



    26

    محاصرونَ أنتمُ بالحقدِ والكراهيهْ

    فمن هنا جيشُ أبي عبيدةٍ

    ومن هنا معاويهْ

    سلامُكم ممزَّقٌ..

    وبيتُكم مطوَّقٌ

    كبيتِ أيِّ زانيهْ..



    27

    نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ

    نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ

    من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ

    من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ

    من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ

    من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ

    نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ

    ونطمسَ الحروفَ..

    في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء

    10)الحب والبترول

    متى تفهمْ ؟

    متى يا سيّدي تفهمْ ؟

    بأنّي لستُ واحدةً كغيري من صديقاتكْ

    ولا فتحاً نسائيّاً يُضافُ إلى فتوحاتكْ

    ولا رقماً من الأرقامِ يعبرُ في سجلاّتكْ ؟

    متى تفهمْ ؟

    متى تفهمْ ؟

    أيا جَمَلاً من الصحراءِ لم يُلجمْ

    ويا مَن يأكلُ الجدريُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ

    بأنّي لن أكونَ هنا.. رماداً في سجاراتكْ

    ورأساً بينَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ

    وتمثالاً تزيدُ عليهِ في حمّى مزاداتكْ

    ونهداً فوقَ مرمرهِ.. تسجّلُ شكلَ بصماتكْ

    متى تفهمْ ؟



    متى تفهمْ ؟

    بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ

    ولنْ تتملّكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ

    وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ

    وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيقاتكْ

    بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ

    وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ

    أيا متشقّقَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ

    ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هواياتكْ

    تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ

    تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ

    متى تفهمْ ؟



    متى يا أيها المُتخمْ ؟

    متى تفهمْ ؟

    بأنّي لستُ مَن تهتمّْ

    بناركَ أو بجنَّاتكْ

    وأن كرامتي أكرمْ..

    منَ الذهبِ المكدّسِ بين راحاتكْ

    وأن مناخَ أفكاري غريبٌ عن مناخاتكْ

    أيا من فرّخَ الإقطاعُ في ذرّاتِ ذرّاتكْ

    ويا مَن تخجلُ الصحراءُ حتّى من مناداتكْ

    متى تفهمْ ؟



    تمرّغ يا أميرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ لذّاتكْ

    كممسحةٍ.. تمرّغ في ضلالاتكْ

    لكَ البترولُ.. فاعصرهُ على قدَمي خليلاتكْ

    كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ

    على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ

    فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ

    كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تُجهضْ شقيقاتكْ

    ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا

    ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ

    كأنَّ جميعَ من صُلبوا..

    على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..

    وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ

    تغوصُ القدسُ في دمها..

    وأنتَ صريعُ شهواتكْ

    تنامُ.. كأنّما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتكْ

    متى تفهمْ ؟

    متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتكْ
    لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
    ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
    تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
    إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
    ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
    يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



    عمـــــــــان.............وأنا بعد

    تعليق

    يعمل...
    X