[align=center]يوسُف أيُها الصديقُ أفتِنَــا !
.
يُوسُف الصّدِيقُ يكتبُ للوطنِ وفي الوطنِ كلّ صباح أربعاءِ.
يخرجُ يوسفُ من بينِ الكلماتِ وإلى قلوبِ القُرّاءِ
يُوسفُ الحائزُ على بكالوريوس الفنونِ المسرحيةِ والمتخصص ُ في هندسَةِ الديكورِ
خرجَ علينا كثيراً كمُصمّمٍ للإصداراتِ المُبدعينِ العُمانيين، وهوَ
أيضًا عضوٌ فاعلٌ في الجمعيةِ العُمانيةِ للفنونِ التشكيليةِ
،
يوسُفُ أيُها الصدّيقُ مقدمُ ومعدُ فقرة " ألوان " الإذاعية ،
ويُشرفُ أيضًا على إعداد برنامج " الإنسان والفن " الإذاعي
وهو أيضًا معد ومقدم
فقرة " على السطر " في تلفزيونِ سلطنةِ عمانَ..
.
يُوسُفنا الصدّيقُ هذا هوَ يوسفُ البادي، الكاتبُ والمسرحيُ والفنانُ التشكيليّ
فهوَ فنانٌ متعددُ المواهبِ وجميلُ الأحرفِ
أثناءَ حرب لُبنان تناقلتْ المُنتدياتُ الإلكترونية مقالُه الملفتِ للانتباهِ
إلى صديقي " ويلّيم "
أتمنى أن تصلك رسالتي وأنت بخير .
وأن تكون قد نجحت في إختبارات هذا العام ، وأتمنى أن تكون عائلتك والحمامة وقطتك الصغيرة كلهم على ما يرام .
لا أدري إن كانت مدينتك " واشنطن " تعيش في سلام ، فمدينتي " بيروت " هاجمها العدو ، وصار الجميع لا يعرفون النوم من يومها . وأنا لم أشرب الحليب كما كانت أمي تخبرني ، لالالا يا ويليم هذا لا يعني أني لا أسمع كلام أمي .. لكننا لا نجد الحليب ولا الماء ، و حمامتي الصغيرة ماتت .. فهي أيضاً لم تجد ما تأكله ولم أجد أنا ما أطعمها ، وكذلك قطتي الصغيرة " سنا " .. أتذكرها ؟ .. هي أيضاً ماتت ، وأنا بكيت عليها كثيراً ، وأحسست أني السبب في موتها .. ولو كنت قد أدخرت طعام لها لأعطيتها أياه هذه الأسابيع .
ويليم : عندما ترد على رسالتي .. أخبرني عن أخبار قطتك وحمامتك الصغيرة ، وهل أنت مثلي لا تجد طعاماً ولا شرابا لهما ؟ . أسمع يا ويليم .. أنا وأنت أصدقاء .. صح ؟ .. وأمي كانت تقول أن من ينصح صديقه فله أجر من عند الله ، سأخبرك إذن بفكرة ... إدخر في حصالتك حبات قمح للحمامة لا تدخر فقط " ليرات " فقد يأتيكم عدواً مثلنا فلا تجد حينها ما تطعمه للحمامه .
* * * *
أنا أكتب لك هذه الرسالة وأنا أحاول النوم فلا أستطيع ، وأمي أخبرتني أن أعد الأشياء التي أراها بكثرة حولي ، وعندما أنتهي من عدها فسأنام ، من المؤكد أنك تعتقد الآن أني سأعد عصافير .... لا يوليم !! ، فأنا لم أرى عصفورا واحدا طوال الأسابيع الفائتة .
ويأتي الليل كل يوم ولا أتذكر فيه إلا الصورايخ ، فهي التي أراها وأسمعها ، وأنا في هذا الظلام .. وأنا أكتب لك مشعلاً هذه الشمعة ، وأقول في نفسي أتمنى أن يصل خطابي إليك لتقرأها تحت إنارة بيتكم ، وأنا أتمنى أن لا تأتيكم الحرب ، فالحرب أيضاً تقتل الكهرباء يا ويليم .
وهذا المساء أصبح كل شيء فيه صواريخ ، وقد رسمتُ لك شكلها .. وكيف وقعت على بيتنا وماتت أختي وهي تحمل عروستها الجميلة ، وكيف كانت امي تبكي كثيراً ، ورسمتُ أبي حين كان يصرخ بأعلى صوته ، إنها كانت صرخة قوية وقد يكون كل الكبار سمعوها !! .. إسأل أبوك يا ويليم إن كان قد سمعها .... ، ورسمت لك أيضاً بيت صديقي ( حيدر ) وكيف تهدم كله .. لكني لم أرسم أحد منهم فالبيت وقع عليهم وماتوا وأختفوا كلهم تحته .
وكنت سأرسم لك مناظر أكثر ، لأخبرك بكل شيء ، لكني تعبت من الرسم ، فهناك أشياء كثيرة لا أجيد رسمها ، ولاتكفيها ورقة واحدة ، لكني رسمت لك في أسفل الورقة وردة صغيرة .. وأتمنى الا يضايقك بأني لم ألونها فأنا أصبحت لا أملك ألوان ، ولا أملك مالا لأشتريها .. و ( العم مصطفى ) الذي يبيع الألوان قد تهدمت مكتبته كلها .
* * * *
أخبرتني أمي أنني عندما أنتهي من العد سأذهب في نوم وحلم جميل ، وهناك سألعب في حديقة الألعاب .. وأركض .. وقد ترافقني أيضاً أزهار الحديقة إذا لم أقطفها .. وأنا لا أحب قطف الزهور .. هكذا كنت أقول لأمي ، وسألعب بعجلتي ولن أطئ الحشائش الخضراء ، وأمي قالت لي أن الأولاد الشطار لا يلعبون فوق العشب ، وأخبرتني أيضاً أن في الحديقة جدول ماء سيلاعبني لأني دائماً كنت أحافظ على نظافة المياه .
أحياناً أتوقف عن العد .. فأخاف أن أرى حلماً في منامي تسقط فيه الصورايخ .. فتموت الزهور والحشائش الخضراء ويختفي جدول الماء ، وتتكسر لعبي ، لهذا يا ويليم أنا أحياناً أخاف من النوم أيضاً فقد يموت كل هذا في الحلم الذي أخبرتني عنه أمي .
لكني بالرغم من ذلك فسأحاول النوم ... وسأعد الصواريخ .
ماذا عنك أنت ياويليم ... هل ستعدها مثلي ؟ .
ها أنا ذا بدأت .. واحد .. صاروخين .. عشرة .. عشرين صاروخ ........
وصلت خمسمائة صاروخ .... ولم تنتهي !!!! .
.
وهُناكَ الكثيرُ من قطوفِ الباديّ في هذهِ الرُدهَةِ تجدونها في الأسفلِ!
يُوسُفُ
ما هي رؤيَتُكَ للكتابةِ؟ وماهو مشروعُكَ الكتابيّ؟
نجيب محفوظُ توقفَ عن الكتابةِ بعدَ ثورةِ الضُباطِ الأحرارِ في مصرَ المحروسةِ لفترةٍ
فمتى ستتوقفُ عن الكتابةِ؟
هلْ تُؤمنُ أنّ للمُبدعِ حقلٌ واحدٌ فقط؟ أم هوَ محفظةٌ إبداعيةٌ تستثمرُ في كُل الحقولِ الأدبيةِ؟
إقامة سعيدَةٌ هُنا، وشكراً جزيلاً على قبُولِ الدعوةِ
.
قطُوفٌ من يوسفَ البادِيّ
ذكرى إنتحار الياسمينة
كان في بيتي فأر عزيز
لو كنتُ لوناً ... سأكون أصفر
وإذا العراق فرحت
[align=left]وغيرهَا الكثيرُ[/align]
[/align]
.
يُوسُف الصّدِيقُ يكتبُ للوطنِ وفي الوطنِ كلّ صباح أربعاءِ.
يخرجُ يوسفُ من بينِ الكلماتِ وإلى قلوبِ القُرّاءِ
يُوسفُ الحائزُ على بكالوريوس الفنونِ المسرحيةِ والمتخصص ُ في هندسَةِ الديكورِ
خرجَ علينا كثيراً كمُصمّمٍ للإصداراتِ المُبدعينِ العُمانيين، وهوَ
أيضًا عضوٌ فاعلٌ في الجمعيةِ العُمانيةِ للفنونِ التشكيليةِ
،
يوسُفُ أيُها الصدّيقُ مقدمُ ومعدُ فقرة " ألوان " الإذاعية ،
ويُشرفُ أيضًا على إعداد برنامج " الإنسان والفن " الإذاعي
وهو أيضًا معد ومقدم
فقرة " على السطر " في تلفزيونِ سلطنةِ عمانَ..
.
يُوسُفنا الصدّيقُ هذا هوَ يوسفُ البادي، الكاتبُ والمسرحيُ والفنانُ التشكيليّ
فهوَ فنانٌ متعددُ المواهبِ وجميلُ الأحرفِ
أثناءَ حرب لُبنان تناقلتْ المُنتدياتُ الإلكترونية مقالُه الملفتِ للانتباهِ
إلى صديقي " ويلّيم "
أتمنى أن تصلك رسالتي وأنت بخير .
وأن تكون قد نجحت في إختبارات هذا العام ، وأتمنى أن تكون عائلتك والحمامة وقطتك الصغيرة كلهم على ما يرام .
لا أدري إن كانت مدينتك " واشنطن " تعيش في سلام ، فمدينتي " بيروت " هاجمها العدو ، وصار الجميع لا يعرفون النوم من يومها . وأنا لم أشرب الحليب كما كانت أمي تخبرني ، لالالا يا ويليم هذا لا يعني أني لا أسمع كلام أمي .. لكننا لا نجد الحليب ولا الماء ، و حمامتي الصغيرة ماتت .. فهي أيضاً لم تجد ما تأكله ولم أجد أنا ما أطعمها ، وكذلك قطتي الصغيرة " سنا " .. أتذكرها ؟ .. هي أيضاً ماتت ، وأنا بكيت عليها كثيراً ، وأحسست أني السبب في موتها .. ولو كنت قد أدخرت طعام لها لأعطيتها أياه هذه الأسابيع .
ويليم : عندما ترد على رسالتي .. أخبرني عن أخبار قطتك وحمامتك الصغيرة ، وهل أنت مثلي لا تجد طعاماً ولا شرابا لهما ؟ . أسمع يا ويليم .. أنا وأنت أصدقاء .. صح ؟ .. وأمي كانت تقول أن من ينصح صديقه فله أجر من عند الله ، سأخبرك إذن بفكرة ... إدخر في حصالتك حبات قمح للحمامة لا تدخر فقط " ليرات " فقد يأتيكم عدواً مثلنا فلا تجد حينها ما تطعمه للحمامه .
* * * *
أنا أكتب لك هذه الرسالة وأنا أحاول النوم فلا أستطيع ، وأمي أخبرتني أن أعد الأشياء التي أراها بكثرة حولي ، وعندما أنتهي من عدها فسأنام ، من المؤكد أنك تعتقد الآن أني سأعد عصافير .... لا يوليم !! ، فأنا لم أرى عصفورا واحدا طوال الأسابيع الفائتة .
ويأتي الليل كل يوم ولا أتذكر فيه إلا الصورايخ ، فهي التي أراها وأسمعها ، وأنا في هذا الظلام .. وأنا أكتب لك مشعلاً هذه الشمعة ، وأقول في نفسي أتمنى أن يصل خطابي إليك لتقرأها تحت إنارة بيتكم ، وأنا أتمنى أن لا تأتيكم الحرب ، فالحرب أيضاً تقتل الكهرباء يا ويليم .
وهذا المساء أصبح كل شيء فيه صواريخ ، وقد رسمتُ لك شكلها .. وكيف وقعت على بيتنا وماتت أختي وهي تحمل عروستها الجميلة ، وكيف كانت امي تبكي كثيراً ، ورسمتُ أبي حين كان يصرخ بأعلى صوته ، إنها كانت صرخة قوية وقد يكون كل الكبار سمعوها !! .. إسأل أبوك يا ويليم إن كان قد سمعها .... ، ورسمت لك أيضاً بيت صديقي ( حيدر ) وكيف تهدم كله .. لكني لم أرسم أحد منهم فالبيت وقع عليهم وماتوا وأختفوا كلهم تحته .
وكنت سأرسم لك مناظر أكثر ، لأخبرك بكل شيء ، لكني تعبت من الرسم ، فهناك أشياء كثيرة لا أجيد رسمها ، ولاتكفيها ورقة واحدة ، لكني رسمت لك في أسفل الورقة وردة صغيرة .. وأتمنى الا يضايقك بأني لم ألونها فأنا أصبحت لا أملك ألوان ، ولا أملك مالا لأشتريها .. و ( العم مصطفى ) الذي يبيع الألوان قد تهدمت مكتبته كلها .
* * * *
أخبرتني أمي أنني عندما أنتهي من العد سأذهب في نوم وحلم جميل ، وهناك سألعب في حديقة الألعاب .. وأركض .. وقد ترافقني أيضاً أزهار الحديقة إذا لم أقطفها .. وأنا لا أحب قطف الزهور .. هكذا كنت أقول لأمي ، وسألعب بعجلتي ولن أطئ الحشائش الخضراء ، وأمي قالت لي أن الأولاد الشطار لا يلعبون فوق العشب ، وأخبرتني أيضاً أن في الحديقة جدول ماء سيلاعبني لأني دائماً كنت أحافظ على نظافة المياه .
أحياناً أتوقف عن العد .. فأخاف أن أرى حلماً في منامي تسقط فيه الصورايخ .. فتموت الزهور والحشائش الخضراء ويختفي جدول الماء ، وتتكسر لعبي ، لهذا يا ويليم أنا أحياناً أخاف من النوم أيضاً فقد يموت كل هذا في الحلم الذي أخبرتني عنه أمي .
لكني بالرغم من ذلك فسأحاول النوم ... وسأعد الصواريخ .
ماذا عنك أنت ياويليم ... هل ستعدها مثلي ؟ .
ها أنا ذا بدأت .. واحد .. صاروخين .. عشرة .. عشرين صاروخ ........
وصلت خمسمائة صاروخ .... ولم تنتهي !!!! .
.
وهُناكَ الكثيرُ من قطوفِ الباديّ في هذهِ الرُدهَةِ تجدونها في الأسفلِ!
يُوسُفُ
ما هي رؤيَتُكَ للكتابةِ؟ وماهو مشروعُكَ الكتابيّ؟
نجيب محفوظُ توقفَ عن الكتابةِ بعدَ ثورةِ الضُباطِ الأحرارِ في مصرَ المحروسةِ لفترةٍ
فمتى ستتوقفُ عن الكتابةِ؟
هلْ تُؤمنُ أنّ للمُبدعِ حقلٌ واحدٌ فقط؟ أم هوَ محفظةٌ إبداعيةٌ تستثمرُ في كُل الحقولِ الأدبيةِ؟
إقامة سعيدَةٌ هُنا، وشكراً جزيلاً على قبُولِ الدعوةِ
.
قطُوفٌ من يوسفَ البادِيّ
ذكرى إنتحار الياسمينة
كان في بيتي فأر عزيز
لو كنتُ لوناً ... سأكون أصفر
وإذا العراق فرحت
[align=left]وغيرهَا الكثيرُ[/align]
[/align]
تعليق