[align=center]يُحكى أن امرأة عُمانية من إحدى قرى جبل الكور الأشم بولاية بهلا، كانت حُبلى (حامِل) بجنين، وكانت تنتظرُ ولادته بين اليوم والليلة، فأصيبت - مساء الأثنين الماضي الموافق 16 من ابريل - بحالة مَخاض حادة، نقلتْ على إثرها بسيارة إسعاف من مركز صِحي الجبل إلى مستشفى بهلا، ثم إلى مستشفى نزوى المَركزي، ولكن يا للندم، ماتت في الطريق قبل أن تصِل!، ماتتْ وهي تنزف، روحُها حلقت إلى بارئها، وتبعتها روح جنينها، مات مختنقا في أحشائها، فرت روحهما معا من هجير الدنيا إلى ظلال الآخرة.
٭ هكذا إذن تمُوتُ امرأة حُبلى، تترك أسرتها في حالةِ حزن تحرق الأكباد، وأطفالا يتباكون بجُنون، كانوا قبل ساعاتٍ قليلةٍ ينتظرون القادم من رحِم الغيب، وهم لا يَدرون أن الأقدارَ سَتواري عنهم حلمَهم الجَميل، وأن أخاهم لن يرونه أبدا، ولن يتنفس الهواء معهم، ولن يَرسُموا له شكلا أو صُورة، أو يَسمَعُوا له (وَعوَعَة) تفطرُ القلب، مثلما رَحلت أمهم عنهم، ولم يمهلها القدر لترى ذلك الملاك المتكور في رَحِمها تسعَة أشهر، كل الذي نالت منه ركلات وآلام عَجّلت بها إلى حتفها، كانت تحلمُ به في حضنها، تلقي عليه نظرة حُب وحنان حين يفتح عينيه على وَجهها المُلطخ بالإعياء والتعَب، فالآلام كلها لا تعادلُ زفرة واحِدة من زفراتِ المَخاض، تألمَت المَرأة كثيرا، وبكت أكثر، ولم تنفعها صرخاتها وهي تقولُ لمَن مَعها وبصوت مَبحُوح ومَجرُوح: أنقذوووووني أمُوووووت، هي حقا كانت تمُوت، ولكن مَن ينقِذ مَن؟ الأقدارُ بطعم العَلقم يا حُورية الجَنة، الأقدارُ مؤلمَة وخانقة وحارقة، تنزع الروح مِن الخلايا، تئِدُ الأحلام، وتمتص الجَمال، وتقطفُ زهرة السعادة، في تلك الحالة لم تكن ترى الأيدي التي تحاول نجدتها إلا حبال مشنقة تلتف حول رقبتها، ولم تر الحَياة سوى حفرة ضيقة تشبه اللحد الذي ينتظرها، حتى فلحَت روحها أمام العُيون الكليلة والعاجزة عن فعل أي شيء أمام هول الكارثة الزاحفة بقوةٍ وقسوة.
٭ يُحكى والعُهدة على الراوي، أن سيارة الإسعاف التي نقلت المرأة من مركز صِحي (جبل الكور) كانت قد قطعت مسافة تصل إلى ما يقرب من مائة كيلومتر وهي في طريقها الى مستشفى بهلا، الذي لا يوجد به قسم للجراحة!، وهناك ضاع زمَنٌ طويل من الألم، ولا أدري لِمَ لمْ تنقل مباشرة إلى مستشفى نزوى المركزي ما دامت حالتها متعسّرة؟ سؤال إجابته جاهزة، فما أسهل التبرير وما أسرع الأعذار، كان المَوتُ يتربّص بها بين اللحظةِ والأخرى، فهاجَمَها بضراوة في المَكان الذي لا يتصَوّرُ أحَد ـــ في هذا الزمن ــ أن تموتَ امرأة تعَالجُ المَخاض داخل سيارة إسعاف، المرأة ماتت بجنينها، ولأسرتها العَزاء أن مأواهُما الجَنة، وسيدخلانها بسَلام آمنين!.
٭ نمْ يا صغيرها في رحِم الغيب، قدَرُك أن لن تغادره، أن تبقى مطمورا في ظلمات ثلاث، ولن ترى عيناك اخضرار الحياة، ولن تشم رئتاك نسْمَة هواء، هناك في سفح الجَبل الشامخ صنعوا لك على عَجَل مَهدا صغيرا، ولأمك سَريرا من تراب، غطوكما بالأحجار كي لا يتسلل إليكما البَرد أو تحرقكما الشمس، وفي الغد البعيد ستحمِلُ أمك المُنهكة إلى ضِفاف أنهار وعُيون، هناك سترى نعيما خالدا، ستأخذك الحُوريات إلى خيامهن، وسيغسلنك بالمِسك والكافور، نمْ فالحَياة التي كنتَ تحلمُ بها جاوزتَ صِراطها، أنت كنتَ الأسرَع إلى أبواب الخلود، ستفتحُها بإيماءة، إنَّ صيحة (واااع واااع) منك أيها الملاك تكفي لفتح أبواب السماء وإجابة الدعاء، نمْ أنت وأمك في رياض نضِرة بالجَمال. [/align]
٭ هكذا إذن تمُوتُ امرأة حُبلى، تترك أسرتها في حالةِ حزن تحرق الأكباد، وأطفالا يتباكون بجُنون، كانوا قبل ساعاتٍ قليلةٍ ينتظرون القادم من رحِم الغيب، وهم لا يَدرون أن الأقدارَ سَتواري عنهم حلمَهم الجَميل، وأن أخاهم لن يرونه أبدا، ولن يتنفس الهواء معهم، ولن يَرسُموا له شكلا أو صُورة، أو يَسمَعُوا له (وَعوَعَة) تفطرُ القلب، مثلما رَحلت أمهم عنهم، ولم يمهلها القدر لترى ذلك الملاك المتكور في رَحِمها تسعَة أشهر، كل الذي نالت منه ركلات وآلام عَجّلت بها إلى حتفها، كانت تحلمُ به في حضنها، تلقي عليه نظرة حُب وحنان حين يفتح عينيه على وَجهها المُلطخ بالإعياء والتعَب، فالآلام كلها لا تعادلُ زفرة واحِدة من زفراتِ المَخاض، تألمَت المَرأة كثيرا، وبكت أكثر، ولم تنفعها صرخاتها وهي تقولُ لمَن مَعها وبصوت مَبحُوح ومَجرُوح: أنقذوووووني أمُوووووت، هي حقا كانت تمُوت، ولكن مَن ينقِذ مَن؟ الأقدارُ بطعم العَلقم يا حُورية الجَنة، الأقدارُ مؤلمَة وخانقة وحارقة، تنزع الروح مِن الخلايا، تئِدُ الأحلام، وتمتص الجَمال، وتقطفُ زهرة السعادة، في تلك الحالة لم تكن ترى الأيدي التي تحاول نجدتها إلا حبال مشنقة تلتف حول رقبتها، ولم تر الحَياة سوى حفرة ضيقة تشبه اللحد الذي ينتظرها، حتى فلحَت روحها أمام العُيون الكليلة والعاجزة عن فعل أي شيء أمام هول الكارثة الزاحفة بقوةٍ وقسوة.
٭ يُحكى والعُهدة على الراوي، أن سيارة الإسعاف التي نقلت المرأة من مركز صِحي (جبل الكور) كانت قد قطعت مسافة تصل إلى ما يقرب من مائة كيلومتر وهي في طريقها الى مستشفى بهلا، الذي لا يوجد به قسم للجراحة!، وهناك ضاع زمَنٌ طويل من الألم، ولا أدري لِمَ لمْ تنقل مباشرة إلى مستشفى نزوى المركزي ما دامت حالتها متعسّرة؟ سؤال إجابته جاهزة، فما أسهل التبرير وما أسرع الأعذار، كان المَوتُ يتربّص بها بين اللحظةِ والأخرى، فهاجَمَها بضراوة في المَكان الذي لا يتصَوّرُ أحَد ـــ في هذا الزمن ــ أن تموتَ امرأة تعَالجُ المَخاض داخل سيارة إسعاف، المرأة ماتت بجنينها، ولأسرتها العَزاء أن مأواهُما الجَنة، وسيدخلانها بسَلام آمنين!.
٭ نمْ يا صغيرها في رحِم الغيب، قدَرُك أن لن تغادره، أن تبقى مطمورا في ظلمات ثلاث، ولن ترى عيناك اخضرار الحياة، ولن تشم رئتاك نسْمَة هواء، هناك في سفح الجَبل الشامخ صنعوا لك على عَجَل مَهدا صغيرا، ولأمك سَريرا من تراب، غطوكما بالأحجار كي لا يتسلل إليكما البَرد أو تحرقكما الشمس، وفي الغد البعيد ستحمِلُ أمك المُنهكة إلى ضِفاف أنهار وعُيون، هناك سترى نعيما خالدا، ستأخذك الحُوريات إلى خيامهن، وسيغسلنك بالمِسك والكافور، نمْ فالحَياة التي كنتَ تحلمُ بها جاوزتَ صِراطها، أنت كنتَ الأسرَع إلى أبواب الخلود، ستفتحُها بإيماءة، إنَّ صيحة (واااع واااع) منك أيها الملاك تكفي لفتح أبواب السماء وإجابة الدعاء، نمْ أنت وأمك في رياض نضِرة بالجَمال. [/align]
تعليق