شيرين يونس علي**
في العراق جوع
وينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشوان والحجر
…..
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع
…..
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عام الغد الفتى واهب الحياة
مطر
مطر
مطر
من بعيد يطل وجه "السياب"[1] ينشد في حزن عميق "أنشودة المطر"، تتراءى إلى مسامعه أخبار التهديدات الأمريكية بضرب العراق، بينما تسترجع مخيلته ذكرى تلك المدينة التي كانت يوما أعظم عاصمة لأعظم خلافة إسلامية شهدها القرن الرابع الهجري.
يتذكر كيف اجتمع الشعراء ليلقوا بقصائدهم تحت أقدام محبوبتهم غزلا ووصفا لجمالها، وولعا ورثاء وقت شدتها.
يتذكر كيف استبد الشوق بـ"أبو سعد الكاتب"]2] الشاعر العباسي فكتب لها:
فدى لك يا بغداد كل مدينة من الأرض حتى خطتي ودياريا
فقد سرت في شرق البلاد وغربها وطوفت خيلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلا ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلا وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا
وحتى ذلك الشاعر الزاهد أبو العلاء المعري [3] عندما زارها لم يستطع الصمود أمام عذوبة مائها، فقال فيها:
كلفنا العراق ونحن شرخ فلم نلمم به إلا كهولا
وردنا ماء دجلة خير ماء وزرنا أشرف الشجر نخيلا
بينما عاد "شمس الدين الكوفي"[4] -من شعراء المماليك-، فوجد أن يد الغدر قد لعبت في هذي الديار، وأفلت حضارتها فبكى مرثيته في بغداد:
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي، ولا جيرانها جيراني
وحياتكم ما حلها من بعدكم غير البلى والهدم والنيران
ولقد قصدت الدار بعد رحيلكم ووقفت فيها وقفة الحيران
وسألتها لكن بغير تكلم فتكلمت لكن بغير لسان
ناديتها يا دار، ما صنع الألي كانوا هم الأوطار في الأوطان؟
أين الذين عهدتهم ولعزهم ذلا تخر معاقد التيجان
كانوا نجوم من اقتدى فعليهم يبكي الهدى وشعائر الإيمان
ورغم ذلك لم ينسَ " مصطفى جمال الدين"[5] أن يهون على بلدته المصائب فالأيام دول، فأنشد قصيدته "بغداد":
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصر إلا ذوت ووريق عمرك أخضر
مرت بك الدنيا، وصبحك مشمس ودجت عليك ووجه ليلك مقمر
وقست عليك الحادثات فراعها أن احتمالك في أذاها أكبر
حتى إذا جنت سياط عذابها راحت مواقعها الكريمة تسخر
………
بغداد بالسحر المندى بالشذى الفواح من حلل النسائم يقطر
بالشاطئ المسحور يحضنه الدجى فيكاد من حرق الهوى يتنور
بل إنه لم ينس فضلها، فكم ارتوى من الحب في ربوع هذا الوطن فتلى في خشوع:
أدم ثراك ما تفدى ونبع رباك أجود ما تزود
أحبك بل أحب خشوع نفسي بباكٍ حين أحلم بي أعود
يا وطنا سقينا الحب فيه وشب فيه على الدعة الوليد
في العراق جوع
وينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشوان والحجر
…..
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع
…..
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عام الغد الفتى واهب الحياة
مطر
مطر
مطر
من بعيد يطل وجه "السياب"[1] ينشد في حزن عميق "أنشودة المطر"، تتراءى إلى مسامعه أخبار التهديدات الأمريكية بضرب العراق، بينما تسترجع مخيلته ذكرى تلك المدينة التي كانت يوما أعظم عاصمة لأعظم خلافة إسلامية شهدها القرن الرابع الهجري.
يتذكر كيف اجتمع الشعراء ليلقوا بقصائدهم تحت أقدام محبوبتهم غزلا ووصفا لجمالها، وولعا ورثاء وقت شدتها.
يتذكر كيف استبد الشوق بـ"أبو سعد الكاتب"]2] الشاعر العباسي فكتب لها:
فدى لك يا بغداد كل مدينة من الأرض حتى خطتي ودياريا
فقد سرت في شرق البلاد وغربها وطوفت خيلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلا ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلا وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا
وحتى ذلك الشاعر الزاهد أبو العلاء المعري [3] عندما زارها لم يستطع الصمود أمام عذوبة مائها، فقال فيها:
كلفنا العراق ونحن شرخ فلم نلمم به إلا كهولا
وردنا ماء دجلة خير ماء وزرنا أشرف الشجر نخيلا
بينما عاد "شمس الدين الكوفي"[4] -من شعراء المماليك-، فوجد أن يد الغدر قد لعبت في هذي الديار، وأفلت حضارتها فبكى مرثيته في بغداد:
ما للمنازل أصبحت لا أهلها أهلي، ولا جيرانها جيراني
وحياتكم ما حلها من بعدكم غير البلى والهدم والنيران
ولقد قصدت الدار بعد رحيلكم ووقفت فيها وقفة الحيران
وسألتها لكن بغير تكلم فتكلمت لكن بغير لسان
ناديتها يا دار، ما صنع الألي كانوا هم الأوطار في الأوطان؟
أين الذين عهدتهم ولعزهم ذلا تخر معاقد التيجان
كانوا نجوم من اقتدى فعليهم يبكي الهدى وشعائر الإيمان
ورغم ذلك لم ينسَ " مصطفى جمال الدين"[5] أن يهون على بلدته المصائب فالأيام دول، فأنشد قصيدته "بغداد":
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصر إلا ذوت ووريق عمرك أخضر
مرت بك الدنيا، وصبحك مشمس ودجت عليك ووجه ليلك مقمر
وقست عليك الحادثات فراعها أن احتمالك في أذاها أكبر
حتى إذا جنت سياط عذابها راحت مواقعها الكريمة تسخر
………
بغداد بالسحر المندى بالشذى الفواح من حلل النسائم يقطر
بالشاطئ المسحور يحضنه الدجى فيكاد من حرق الهوى يتنور
بل إنه لم ينس فضلها، فكم ارتوى من الحب في ربوع هذا الوطن فتلى في خشوع:
أدم ثراك ما تفدى ونبع رباك أجود ما تزود
أحبك بل أحب خشوع نفسي بباكٍ حين أحلم بي أعود
يا وطنا سقينا الحب فيه وشب فيه على الدعة الوليد
تعليق