فقدت فلسطين والأمة العربية الشاعر الكبير محمود درويش، حيث كان الشاعر يخضع للعلاج بعد جراحة القلب في مستشفى هيوستن في ولاية تكساس يوم الأربعاء الماضي.
يعتبر محمود درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينييين المعاصرين الذين إرتبط إسمهم بشعر الثورة والوطن، وكذلك يعتبر شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة، وبين أبرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب والوطن.
محمود درويش شاعر أحب الأرض وأحبته بدا لها كل عطائها للحد الذي جعلها تعشقه.
ولد محمود درويش عام 1942م، لعائلة مسلمة سنية تملك أرضاً في قرية الجليل تدعى البروة، أيام الإنتداب البريطاني على فلسطين، حين كان في السادسة من عمره إحتل الجيش الإسرائيلي البروة وإلتحقت عائلة درويش بخروج اللاجئين الفلسطينيين الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم ما بين 72600 ـ 90000، قضت العائلة عاماً في لبنان تعيش على عطايا الأمم المتحدة، وبعد أن خلقت إسرائيل من العدم جاءت الحرب الإسرائيلية العربية لسنة 1948، عادت العائلة ( بشكل غير شرعي ) سنة 1949، لكنها وجدت البروة، مثلها مثل 400 قرية فلسطينية أخرى في الأقل، قد دمرت وأفرغت من سكانها العرب، وبنيت مستوطنات إسرائيلية على أنقاضها، يقول درويش: " عشنا مرة أخرى كلاجئين، وهذه المرة في بلدنا، كانت تلك خبرة جماعية، ولن أنسى أبداً هذا الجرح ".
يقول درويش ثاني أكبر أربعة أخوة وثلاث أخوات فقدت العائلة كل شئ، قُلص والده سليم إلى مجرد عامل زراعي: " إختار جدي العيش فوق تلة تطل على أرضه، إلى أن توفي، ظل يراقب المهاجرين اليهود من اليمين يعيشون في أرضه التي لم يكن قادراً على زيارتها ".
وفي سنة 1961م إلتحق بالحزب الشيوعي الإسرائيلي ( راكاج )، حيث إختلط العرب واليهود، وعمل فيه محرراً لصحيفته، وخضع الفلسطينيون في إسرائيل لقانون الطوارئ العسكري إلى سنة 1966، وإحتاجوا تصاريح للسفر داخل البلد، بين سنة 1961 وسنة 1969، وسجن لعدة مرات بتهمة مغادرته حيفا بدون تصريح.
حقق له ديواناه ( أوراق الزيتون ) 1964 ، و ( عاشق من فلسطين ) 1966 شهرته كشاعر مقاومة، عندما كان في الثانية والعشرين من العمر أصبحت قصيدته ( بطاقة هوية ) التي كان يخاطب فيها شرطياً إسرائيليا:
سجل، أنا عربي
رقم بطاقتي خمسون ألفاً
صرخة تحد جماعية، أدت إلى إعتقاله في مكان إقامته سنة 1967 عندما أصبحت أغنية إحتجاج، وقصيدة " أمي " التي تتحدث عن حنين إبن سجين إلى خبز أمه وقهوة أمه. ويقول درويش عنها: " إنها كانت إعترافاً بسيطاً لشاعر يكتب عن حبه لأمه، لكنها أصبحت أغنية جماعية، عملي كله شبيه بهذا، أنا لا أقرر تمثيل أي شئ إلا ذاتي، غير أن تلك الذات مليئة بالذاكرة الجماعية ".
عرفت قصائد درويش الكفاحية المبكرة الوجود الفلسطيني، ومعيدة التأكيد على الهوية بعد شتات 1948، كان الأول في موجة الشعراء الذين كتبوا داخل إسرائيل عندما كانت جولدا مائير تصر قائة: " لا يوجد فلسطينيون " وتزامن ظهور شعر درويش الغنائي من ولادة الحركة الفلسطينية بعد الهزيمة العربية في حرب الأيام الستة سنة 1967، ورغم ذلك نفر دائماً أن يمدح من منطلق التضامن، يستذكر زكريا محمد الذي كان طالباً في الضفة الغربية في نهاية الستينات من القرن الماضي، إنه كتب مقالة يقول فيها: " نريد منكم الحكم علينا كشعراء، وليس كشعراء مقاومة ".
له العديد من المؤلفات: ( حالة حصار ) و ( جدارية ) و ( لماذا تركت الحصان وحيداً ) و ( أحبك أو لا أحبك ) و ( ذاكرة للنسيان ) و ( الكتابة على ضوء البندقية ) و ( العصافير تموت في الجبيل ) و ( أوراق الزيتون ) و ( شئ من الوطن ) و ( عصافير بلا أجنحة ) و ( جندي يحلم بالزنابق البيضاء ) ( يوميات جرح فلسطيني ) و ( آخر الليل نهار ) والأعمال الشعرية الكاملة والمزيد من الكتب الأخرى التي ألفها وترجمها.
المراجع: صحف ومواقع.
تعليق