لكي نفهم الابعاد الحقيقيه لثورة الحسين – عليه السلام – لا بد أن نقف عند الظروف السياسية التي أملت على الحسين هذه الحركة التى سجلها التاريخ وخلد ذكرها . لا يعرف التاريخ ثورة غنية في محتواها ؛ عميقة في دلالاتها وأبعادها كالاسلام . فقد كان ظهور هذا الدين على وجه الارض انقلابا شاملاً وعميقا لكل المقاييس والمعايير الاجتماعية والمفاهيم الضيقة التي كانت تسود المجتمعات انذاك . ولم تكن هذه الثورة من قبيل الثورات التي تزيح جهازا حاكما وتضع اخر مكانه ؛ ولا يتسع نطاقها لاكثر من انقلاب في الجهاز الحاكم وشكله . لقد طرح الفكر الاسلامي مشروعاً حضارياً واخضعه لمقاييسه وموازينه .وبتأثير هذا المنهج الالهي استرجعت الرساله الاسلاميه حق الحاكمية في حياة الانسان من الطواغيت اللذين أخضعوا المجتمع لهيمنة سطوة المال والقوة الى الله سبحانه وتعالى ؛ وسلكت الامة هذا المنهاج الى أن ظهرت الخلافة في دمشق وبذ لت في عاصمة الخلافه الامويه وبالذات في عهد يزيد محاولات جادة لمصادرة كل مكاسب هذه الثورة ومنجزاتها وتفريغ الدين من محتواه .
تلك كانت على وجه الاختصار الظروف السياسيه التي أملت على الحسين أعلان ثورته ؛ فقد وجد الحسين في غمرة الظروف السياسية ان القيم التي أنشأها جده محمد – صلى الله عليه واله وسلم – على أنقاض القيم الجاهلية تكاد أن تنزوي وتخرج من حياة الناس ؛ لتحل محلها نفس القيم الجاهلية التي قضى عليه الاسلام ؛ ولم يكن هدف الحسين من حركته القضاء على يزيد واستلام الحكم منه فقد كان كل شيء في الموقف يدل على أن الجيش الاموي سوف يخرج منتصراً من المعركة ولم يكن أمر ذلك يخفي على الحسين ؛ حيث أنه صرح في أكثر من موقع بانه مقتول لا محاله ؛ ولكنه كان يريد أن ينتزع شرعية الحكم من الحاكم الاموي الشاب الذي كان يحكم بطيش وجهل ؛ وإذا تم تجريد يزيد من هذه الصفة الشرعية التي حققها لنفسه في غيبوبة من وعي الامة فلا يشكل يزيد بعدها خطرا على الاسلام . وكان لا بد من عمل شجاع وجريء وسريع لتجريد يزيد بن معاوية من هذه الصفة الدينية التي أضفاها على نفسه وكان لا بد أيضاً من عمل قوي لايقاظ الامة من غيبوبتها وايقاف الامة على حقيقة الجهاز الحاكم ونواياه وأبعاده وخطره على الاسلام .
ومن هنا أدرك الحسين بأنه لا بد من فدية ضخمة ؛ فدية تتوهج بالدم ليهتز الضمير شبه الميت في قلب الامة . ورغم كل وسائل الاعلام التي استخدمتها السلطة الامويه لتغطية حادث الطف فقد انعكست مأساة كربلاء على الامة بصورة قوية ونبهت الامة من غفلتها وهزتها من الاعماق ؛ واستشعرت الامة أبعاد المأساة في حزن وكأُبة – حينا – وفي انفجارات ثورية هنا وهناك حينا اخر. وبهذا كله فقد حقق الحسين ما كان يريد من تفويت الفرصة على جهاز الحاكم . فقد بقي يزيد حاكما بعد استشهاد الحسين ؛ ولكنه حاكم مخلوع في نظر الامة من القيمة الشرعية ؛ لا تعترف له الامة بشرعية الحكم وتثور هنا وهناك لتعزله عن الحكم المغصوب .
ولم يخص مفعول هذه الثورة يزيد فقط فقد امتدت هذه الثورة شعارا يحمله الاحرار عبر التاريخ للقضاء على طاغية يتحكم في رقاب الناس ؛ واستمر شعار ( هيهات منا الذلة ) شعارا حيا نابضاً بالحياة والحركة .
محمد مهدي الاصفي
تلك كانت على وجه الاختصار الظروف السياسيه التي أملت على الحسين أعلان ثورته ؛ فقد وجد الحسين في غمرة الظروف السياسية ان القيم التي أنشأها جده محمد – صلى الله عليه واله وسلم – على أنقاض القيم الجاهلية تكاد أن تنزوي وتخرج من حياة الناس ؛ لتحل محلها نفس القيم الجاهلية التي قضى عليه الاسلام ؛ ولم يكن هدف الحسين من حركته القضاء على يزيد واستلام الحكم منه فقد كان كل شيء في الموقف يدل على أن الجيش الاموي سوف يخرج منتصراً من المعركة ولم يكن أمر ذلك يخفي على الحسين ؛ حيث أنه صرح في أكثر من موقع بانه مقتول لا محاله ؛ ولكنه كان يريد أن ينتزع شرعية الحكم من الحاكم الاموي الشاب الذي كان يحكم بطيش وجهل ؛ وإذا تم تجريد يزيد من هذه الصفة الشرعية التي حققها لنفسه في غيبوبة من وعي الامة فلا يشكل يزيد بعدها خطرا على الاسلام . وكان لا بد من عمل شجاع وجريء وسريع لتجريد يزيد بن معاوية من هذه الصفة الدينية التي أضفاها على نفسه وكان لا بد أيضاً من عمل قوي لايقاظ الامة من غيبوبتها وايقاف الامة على حقيقة الجهاز الحاكم ونواياه وأبعاده وخطره على الاسلام .
ومن هنا أدرك الحسين بأنه لا بد من فدية ضخمة ؛ فدية تتوهج بالدم ليهتز الضمير شبه الميت في قلب الامة . ورغم كل وسائل الاعلام التي استخدمتها السلطة الامويه لتغطية حادث الطف فقد انعكست مأساة كربلاء على الامة بصورة قوية ونبهت الامة من غفلتها وهزتها من الاعماق ؛ واستشعرت الامة أبعاد المأساة في حزن وكأُبة – حينا – وفي انفجارات ثورية هنا وهناك حينا اخر. وبهذا كله فقد حقق الحسين ما كان يريد من تفويت الفرصة على جهاز الحاكم . فقد بقي يزيد حاكما بعد استشهاد الحسين ؛ ولكنه حاكم مخلوع في نظر الامة من القيمة الشرعية ؛ لا تعترف له الامة بشرعية الحكم وتثور هنا وهناك لتعزله عن الحكم المغصوب .
ولم يخص مفعول هذه الثورة يزيد فقط فقد امتدت هذه الثورة شعارا يحمله الاحرار عبر التاريخ للقضاء على طاغية يتحكم في رقاب الناس ؛ واستمر شعار ( هيهات منا الذلة ) شعارا حيا نابضاً بالحياة والحركة .
محمد مهدي الاصفي
تعليق