كما أن للموت شدة في أحواله وسكراته وخطراً في خوف العاقبة وسوء الخاتمة ، كذلك الخطر في مقاساة ظلمة القبر وديدانه ثم لمنكر ونكير وسؤالهما ، ثم لعذاب القبر وخطره ، وأعظم من ذلك كله الأخطار التي بين يديه من نفخ الصور والبعث يوم النشور والعرض على الجبار والسؤال عن القليل والكثير ، ونصب الميزان لمعرفة المقادير ، ثم تجاوز الصراط ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالإسعاد وإما بالإشقاء فهذه أحوال وأهوال لابد لك منها ومن معرفتها . ثم الإيمان بها على سبيل الجزم والتصديق ثم تطويل الفكر في ذلك لينبعث من قلبك دواعي الاستعداد لها . وأكثر الناس لم يدخل الإيمان باليوم الآخر صميم قلوبهم ولم يتمكن من سويداء أفئدتهم ويدل على ذلك شدة تشميرهم واستعدادهم لحر الصيف وبرد الشتاء وتهاونهم بحر جهنم وزمهريرها ، فمثل لنفسك وقد بعثت من قبرك مبهوتا من شدة الصاعقة شاخص العين نحو النداء ، ] وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ * إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ ( يس : 51-54 )
] يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [ ( المعارج : 43-44 ) فكيف حالك وحال قلبك هنالك وقد بدلت الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار ، وطمس ضوء الشمس والقمر واظلمت الأرض وحشر الناس وهم حفاة عراة غرلا وازدحموا في الموقف شاخصة أبصارهم منفطرة قلوبهم فتأمل يا مسكين في طول ذلك اليوم وشدة الإنتظار فيه وفي الخجله والحياء من الإفتضاح عند العرض على الجبار وأنت عار مكشوف ذليل متحير مبهوت منتظر لما يجري عليك القضاء بالسعادة والشقاء وأعظم بهذه الحال فإنها عظيمة واستعد لهذا اليوم العظيم شأنه القاهر سلطانه القريب أوانه .
] يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [ ( الحج : 2 ) فالويل كل الويل للغافلين .
ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسأل عن القليل والكثير والنقير والقطير فعند ذلك ترتعد الفرائص وتضطرب الجوارح وتبهت العقول وفي الحديث : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم " رواه البزار والطبراني بإستاد صحيح .
وقال تعالى ] فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ ( الحجر : 92-93 ) وقال تعالى : ] وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [ ( الإسراء : 36 ) .
فأعد للسؤال جواباً صحيحا ثم لا تغفل عن الفكر في الميزان وتطاير الكتب إلى الشمائل والإيمان . قال تعالى : ] فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً [ ( الانشقاق : 7-12 ) قال تعالى : ] فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ [ ( القارعة : 6-11 ) إنه لا ينجو من خطر الميزان ولا يسهل الحساب إلا على من حاسب في الدنيا نفسه ووزن فيها بميزان الشرع أقواله وأفعاله وخطرات قلبه ولحظات عينه وإنما حسابه لنفسه أن يتوب من كل معصية قبل أن يموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصير في فرائض الله تعالى ويرد المظالم إلى أهلها حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة فهذا يدخل الجنة بغير حساب وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه فهذا يأخذ بيده وهذا يقبض على ناصيته وهذا يقول : ظلمتني وهذا يقول : شتمتني وهذا يقول : أستهزأت بي وهذا يقول : جاورتني فأسأت جواري وهذا يقول : عاملتني فغششتني وهذا يقول : أخفيت عيب سلعتك عني وهذا يقول كذبت في سعر متاعك وهذا يقول : رأيتني محتاجاً وأنت غني فما أكرمتني وهذا يقول : رأيتني محتاجا وأنت غني فما أكرمتني وهذا يقول : وجدتني مظلوما وأنت قادر على نصرتي فلم تنصرني ثم ينادي مناد ] الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ [ ( غافر : 17 ) .
فاحذر من التعرض لسخط الله سبحانه وعقابه الأليم واستقم على صراطه المستقيم .
وأخيرا لا يسعني إلا أن أوصي نفسي وإخواني وأخواتي بتقوى الله سبحانه وتعالى والنصح للمسلمين هذا وأسأل الله أن يحيينا مسلمين وأن يميتنا مسلمين وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
بقلم / حامد بن أحمد القرني جزاه الله خيرا
] يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [ ( المعارج : 43-44 ) فكيف حالك وحال قلبك هنالك وقد بدلت الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار ، وطمس ضوء الشمس والقمر واظلمت الأرض وحشر الناس وهم حفاة عراة غرلا وازدحموا في الموقف شاخصة أبصارهم منفطرة قلوبهم فتأمل يا مسكين في طول ذلك اليوم وشدة الإنتظار فيه وفي الخجله والحياء من الإفتضاح عند العرض على الجبار وأنت عار مكشوف ذليل متحير مبهوت منتظر لما يجري عليك القضاء بالسعادة والشقاء وأعظم بهذه الحال فإنها عظيمة واستعد لهذا اليوم العظيم شأنه القاهر سلطانه القريب أوانه .
] يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [ ( الحج : 2 ) فالويل كل الويل للغافلين .
ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسأل عن القليل والكثير والنقير والقطير فعند ذلك ترتعد الفرائص وتضطرب الجوارح وتبهت العقول وفي الحديث : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم " رواه البزار والطبراني بإستاد صحيح .
وقال تعالى ] فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ ( الحجر : 92-93 ) وقال تعالى : ] وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [ ( الإسراء : 36 ) .
فأعد للسؤال جواباً صحيحا ثم لا تغفل عن الفكر في الميزان وتطاير الكتب إلى الشمائل والإيمان . قال تعالى : ] فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً [ ( الانشقاق : 7-12 ) قال تعالى : ] فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ [ ( القارعة : 6-11 ) إنه لا ينجو من خطر الميزان ولا يسهل الحساب إلا على من حاسب في الدنيا نفسه ووزن فيها بميزان الشرع أقواله وأفعاله وخطرات قلبه ولحظات عينه وإنما حسابه لنفسه أن يتوب من كل معصية قبل أن يموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصير في فرائض الله تعالى ويرد المظالم إلى أهلها حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة فهذا يدخل الجنة بغير حساب وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه فهذا يأخذ بيده وهذا يقبض على ناصيته وهذا يقول : ظلمتني وهذا يقول : شتمتني وهذا يقول : أستهزأت بي وهذا يقول : جاورتني فأسأت جواري وهذا يقول : عاملتني فغششتني وهذا يقول : أخفيت عيب سلعتك عني وهذا يقول كذبت في سعر متاعك وهذا يقول : رأيتني محتاجاً وأنت غني فما أكرمتني وهذا يقول : رأيتني محتاجا وأنت غني فما أكرمتني وهذا يقول : وجدتني مظلوما وأنت قادر على نصرتي فلم تنصرني ثم ينادي مناد ] الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ [ ( غافر : 17 ) .
فاحذر من التعرض لسخط الله سبحانه وعقابه الأليم واستقم على صراطه المستقيم .
وأخيرا لا يسعني إلا أن أوصي نفسي وإخواني وأخواتي بتقوى الله سبحانه وتعالى والنصح للمسلمين هذا وأسأل الله أن يحيينا مسلمين وأن يميتنا مسلمين وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
بقلم / حامد بن أحمد القرني جزاه الله خيرا
تعليق