السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
هل لك ان تخبرنا ايها القارئ الفاضل عن شعورك و انت فى صحبة بعض من اصدقائك او جيرانك و قد اتخذ اثنان منهم جانبا حتى لا تسمع و لا تشاركهم الحديث و تركوك وحيدا ؟؟؟؟ بل هل انت ترتكب هذا الاثم و تفعل المثل ؟؟؟؟
ان كنت تفعل فتدبر معى هذا الحديث الشريف و تدبر احكامه :
( لا يتناجى اثنان معهما ثالث )
الأصل فى هذا حديث البخارى و مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان (يتحدثان سراً) دون الثالث )).
و عن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس , من أجل أن ذلك يحزنه (يدخل الحزن على الآخر) )). و قد رواه البخارى و مسلم.
فقد دل الحديثان على عدة أحكام :
1- منها أنه لا يحل لرجلين أو امرأتين يجلسان فى مكان - و معهما فى المجلس ثالث أو ثالثة - ان يتحدثا سراً بحيث لا يسمع الثالث , لأن ذلك يحزنه و يؤذيه فقد يظن أنهما يتآمران عليه , أو يظن أن اسرارهما و إخفاءهما الحديث عنه لسوء رأيهما فيه.
2- حرص الإسلام على مراعاة شعور الأخ المسلم و الأخت المسلمة.
3- أنه إن وُجِد رابع يتحدث مع الثالث و يجالسه ; فإن التناجى بين الاثنين جائز لأن الثالث وجد من يحادثه , فإن كان الموجودون جماعة فالجواز أولى.
4- ان الثلث إن وُجِد معه رابع و لكنهما متباعدان أو متخاصمان فإنه لا يحل التناجى لأن الإيذاء موجود فى هذه الحالة.
5- إذا كان الاثنان لا يتكلمان سرا بحضرة الثالث و لكن يتكلمان بلغة لا يفهمها الثالث , فإن ذلك حرام.
6- أن هذا الحكم ينطبق على ثلاثة موجودين من الأصل. فإن كان اثنان يتناجيان فدخل ثالث عليهما فإن لهما أن يتناجيا كما كانا و عليه هو ان يخرج إلا إذا كان المكان خاصاً بثالث ولا مكان له سواه , أو كان كلٌّ مدعواً إلى وليمة مثلاً أو جلسة معينة و سبق الاثنان , فإنهما لا يحل لهما الإِسرار عند دخول الثالث , لأن حقه فى الدخول ثابت فلا يعتبر متطفلاً عليهما.
7- أنه يجوز أن يتناجى أكثر من اثنين و معهم واحد لا يشترك معهم فى الحديث , فإن ذلك يؤذيه كما لو كان معه اثنان , و الإيذاء حينئذ أشد.
8 - أن هذا الحكم يستثنى منه حالة ما إذا أذن من يبقى لوحده لمن معه فى التناجى , لأن إذنه عن رضا دليل على عدم تأذيه.
9- أن تحريم التناجى مع وجود من يتأذى عام فى حالتى السفر و الحضر , و هذا ما عليه الجمهور من العلماء. و قال بعضهم : هذا الحكم خاص بالسفر. و قال القرطبى: إن هذا تحكم و تخصيص لا دليل عليه. و قال ابن العربى: الخبر عام اللفظ و المعنى , و العلة الحزن , و هى موجودة فى السفر و الحضر فوجب أن يعمهما النهى جميعاً.
تعليق