«أول صادحٍ بالقرآن»
مختصر سريع لحياة عبد الله بن مسعود
يعتبر عبدالله بن مسعود من الستة الاوائل الذين دخلوا في الاسلام، وكان سبب إسلامه هو لقاءه الأول بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه كان راعياً لغنم عقبة بن أبي معيط فمر به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه ولم يكن يعرفهما فطلبا منه أن يسقيهما لبنا. فقال لهم : أنه مؤتمن على تلك الاغنام ولست له ولايستطيع أن يسقيهما، بعد ذلك طلب منه الحبيب الكريم صلى الله عليه وسلم أن يحضرله شاة حائل لم ينزُ عليها الفحل فاحضرها، فاعتقلها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومسح على الضرع ودعا ربه فحفل الضرع فقدم له الصدِّيق رضي الله عنه صخرة متقعَّرة، فاحتلب فيها وشرب وشربَ صاحبه وبعد ذلك شرب عبدالله بن مسعود، فما كان من عبدالله إلا ان قال للمصطفى صلى الله عليه وسلم علمني من هذا القول فرد عليه الحبيب المصطفى بقوله صلى الله عليه وسلم : {إنك غلامٌ معلم}.
لقدا نبهر عبدالله بهذه المعجزة كيف لرجل أن يمسح على ضرع لاعهد له باللبن فإذا هو يدر لبناً خالصاً سائغاً للشاربين لم يكن يدري يومها أنه يشهد اهون المعجزات وأنه عما قريب سيشهد من هذا الرسول الكريم معجزات تهز الدنيا وتملؤها هدىً ونور، فأخذ يسأل عن ذلك الرجل وصاحبه وترك مهنة رعي الاغنام واسلم وحسن إسلامه.
اجتمع مع أصحابه يوماً من أجل أن يُسمعوا قريشاً القرآن الكريم فقال لهم : أنا اسمعهم إياه، فقالوا له انا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، فأصر ابن مسعود فغدا إليهم حتى اتى المقام ضُحى وقريش في انديتها، وقرأ عليهم من أول سورة الرحمن ورفع الصوت بها، فتعجبت له قريش وقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته وعاد إلى اصحابه مصاباً في وجهه وجسده، ولكن ذلك لم يفل عزمه ومضى ابن مسعود شوكة في أعين المشركين.
كان رضي الله عنه نحيفاً، قصيراً، يكاد الجالس يوازيه طولاً وهو قائم، له ساقان ناحلتان دقيقتان لدرجة أنه صعد يوماً إلى شجرة ليحضر للنبي صلى الله عليه وسلم أراكا، فرأى أصحابه دقت قدميه فضحكوا، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : {تضحكون من ساقي ابن مسعود، لهما أثقل في الميزان عند الله من جبل أحد}!!
لم يكن يفارق رسول الله صلى عليه وسلم في سفر ولا في حضر، ولقد شهد المشاهد كلها، والغزوات جميعها، وكان له يوم بدر شأن مذكور، وعرف خلفاء الرسول وأصحابه قدره، فولاه عمر على بيت مال المسلمين بالكوفه، وقال لأهلها حين أرسله إليهم : {إني والله الذي لا إله إلا هو، قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا}.
لقد آتاه الله الحكمة مثلما أعطاه التقوى، فتراه يلخص حياة عمر بن الخطاب العظيمة {كان إسلامه فتحاً ... وكانت هجرته نصراً ... وكانت إمارته رحمه ...}.
ويتحدث عن العمل وأهميته فيقول : {إني لأمقت الرجل إذ أراه فارغاً، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخره}.
ومن كلماته الجامعة {خير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشر المكاسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، ومن يعفُ يعف عنه، ومن يغفر يغفر له}.
لقد صدقت فيه نبوة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن قال له أنت غلامٌ معلم، فقد علمه ربه فصار فقيه الأمة، يقول عنه نفسه : {أخذت من فم النبي صلى الله عليه وسلم سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد}؛ ويقول {والله، ما نزل من القرآن شئ إلا وأنا أعلم في أي شئ نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحداً تمتطى إليه الأبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته وما أنا بخيركم}.
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي اصحابه أن يقتدوا بابن مسعود فيقول {تمسكوا بعهد ابن أم عبد}؛ ويوصيهم بأن يحاكوا قراءته، ويتعلموا منه كيف يتلون القرآن، يقول عليه السلام : {من أحبَّ أن يقراء القرآن غضاً كما أنُزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد}.
ولطالما كان يطيب للرسول عليه السلام أن يسمع للقرآن من فم ابن مسعود.
دعاه يوماً وقال له : {إقراء عليّ يا عبدالله}
قال عبدالله : {أقرأ عليك، وعليك أنزل يا رسول الله}
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : { إني أحب أن اسمعه من غيري}.
فاخذ يقرأ من سورة النساء حتى وصل قوله تعالى : {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا، يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض، ولا يكتمون الله حديثا}؛ فغلب البكاء رسول الله، وفاضت بالدموع عيناه، وأشار بيده إلى ابن مسعود : أن {حسبك ... حسبك يا ابن مسعود}.
مختصر سريع لحياة عبد الله بن مسعود
يعتبر عبدالله بن مسعود من الستة الاوائل الذين دخلوا في الاسلام، وكان سبب إسلامه هو لقاءه الأول بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه كان راعياً لغنم عقبة بن أبي معيط فمر به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه ولم يكن يعرفهما فطلبا منه أن يسقيهما لبنا. فقال لهم : أنه مؤتمن على تلك الاغنام ولست له ولايستطيع أن يسقيهما، بعد ذلك طلب منه الحبيب الكريم صلى الله عليه وسلم أن يحضرله شاة حائل لم ينزُ عليها الفحل فاحضرها، فاعتقلها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومسح على الضرع ودعا ربه فحفل الضرع فقدم له الصدِّيق رضي الله عنه صخرة متقعَّرة، فاحتلب فيها وشرب وشربَ صاحبه وبعد ذلك شرب عبدالله بن مسعود، فما كان من عبدالله إلا ان قال للمصطفى صلى الله عليه وسلم علمني من هذا القول فرد عليه الحبيب المصطفى بقوله صلى الله عليه وسلم : {إنك غلامٌ معلم}.
لقدا نبهر عبدالله بهذه المعجزة كيف لرجل أن يمسح على ضرع لاعهد له باللبن فإذا هو يدر لبناً خالصاً سائغاً للشاربين لم يكن يدري يومها أنه يشهد اهون المعجزات وأنه عما قريب سيشهد من هذا الرسول الكريم معجزات تهز الدنيا وتملؤها هدىً ونور، فأخذ يسأل عن ذلك الرجل وصاحبه وترك مهنة رعي الاغنام واسلم وحسن إسلامه.
اجتمع مع أصحابه يوماً من أجل أن يُسمعوا قريشاً القرآن الكريم فقال لهم : أنا اسمعهم إياه، فقالوا له انا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، فأصر ابن مسعود فغدا إليهم حتى اتى المقام ضُحى وقريش في انديتها، وقرأ عليهم من أول سورة الرحمن ورفع الصوت بها، فتعجبت له قريش وقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته وعاد إلى اصحابه مصاباً في وجهه وجسده، ولكن ذلك لم يفل عزمه ومضى ابن مسعود شوكة في أعين المشركين.
كان رضي الله عنه نحيفاً، قصيراً، يكاد الجالس يوازيه طولاً وهو قائم، له ساقان ناحلتان دقيقتان لدرجة أنه صعد يوماً إلى شجرة ليحضر للنبي صلى الله عليه وسلم أراكا، فرأى أصحابه دقت قدميه فضحكوا، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : {تضحكون من ساقي ابن مسعود، لهما أثقل في الميزان عند الله من جبل أحد}!!
لم يكن يفارق رسول الله صلى عليه وسلم في سفر ولا في حضر، ولقد شهد المشاهد كلها، والغزوات جميعها، وكان له يوم بدر شأن مذكور، وعرف خلفاء الرسول وأصحابه قدره، فولاه عمر على بيت مال المسلمين بالكوفه، وقال لأهلها حين أرسله إليهم : {إني والله الذي لا إله إلا هو، قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا}.
لقد آتاه الله الحكمة مثلما أعطاه التقوى، فتراه يلخص حياة عمر بن الخطاب العظيمة {كان إسلامه فتحاً ... وكانت هجرته نصراً ... وكانت إمارته رحمه ...}.
ويتحدث عن العمل وأهميته فيقول : {إني لأمقت الرجل إذ أراه فارغاً، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخره}.
ومن كلماته الجامعة {خير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشر المكاسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، ومن يعفُ يعف عنه، ومن يغفر يغفر له}.
لقد صدقت فيه نبوة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن قال له أنت غلامٌ معلم، فقد علمه ربه فصار فقيه الأمة، يقول عنه نفسه : {أخذت من فم النبي صلى الله عليه وسلم سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد}؛ ويقول {والله، ما نزل من القرآن شئ إلا وأنا أعلم في أي شئ نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحداً تمتطى إليه الأبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته وما أنا بخيركم}.
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي اصحابه أن يقتدوا بابن مسعود فيقول {تمسكوا بعهد ابن أم عبد}؛ ويوصيهم بأن يحاكوا قراءته، ويتعلموا منه كيف يتلون القرآن، يقول عليه السلام : {من أحبَّ أن يقراء القرآن غضاً كما أنُزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد}.
ولطالما كان يطيب للرسول عليه السلام أن يسمع للقرآن من فم ابن مسعود.
دعاه يوماً وقال له : {إقراء عليّ يا عبدالله}
قال عبدالله : {أقرأ عليك، وعليك أنزل يا رسول الله}
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : { إني أحب أن اسمعه من غيري}.
فاخذ يقرأ من سورة النساء حتى وصل قوله تعالى : {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا، يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض، ولا يكتمون الله حديثا}؛ فغلب البكاء رسول الله، وفاضت بالدموع عيناه، وأشار بيده إلى ابن مسعود : أن {حسبك ... حسبك يا ابن مسعود}.
ولم تكن له من أماني الحياة سوى أمنية واحدة كان يأخذه الحنين إليها دوما فيرددها ويتغنى بها ويتمنى لو أنه أدركها حيث أنه في غزوة تبوك توفي عبدالله ذو البجادين المزني فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر رضي الله عنهما بتجهيزه وحفر له الصادق المصدوق بنفسه وفي أثناء الحفر حضر عبدالله بن مسعود ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في الحفره ويقول لصاحبيه : أدنيا إلىَّ أخاكما، فدلياه فلما هيأه للحده قال : {اللهم أني أمسيت عنه راضياً فارض عنه}، فقال عبدالله في نفسه : يا ليتني كنت صاحب هذه الحفره.
توفيَّ رضي الله عنه في أحد الليالي من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وصلَّت عليه جموع المسلمين وفيهم الر بن العوام ودفن في مقبرة البقيع، رضي الله عنه وأرضاه.
توفيَّ رضي الله عنه في أحد الليالي من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وصلَّت عليه جموع المسلمين وفيهم الر بن العوام ودفن في مقبرة البقيع، رضي الله عنه وأرضاه.
تعليق