هوأبو حمزة المختار بن عوف بن سليمان بن مالك الأزدي السليمي البصري، رجل فذ غيور، داعية، خطيب، مجاهد، ورع، شجاع، مغوار، محجاج يناصر الحق، من الشراة لا يخاف في الله لومة لائم، يقاوم الباطل ولا يبالي، ثائر، من الخطباء القادة، ولد بعمان من الاباضية المشهورين، ومن تلاميذ الإمام أبي عبيدة بالبصرة، أرسله الإمام أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة وبلج بن عقبة لنجدة الإمام أبي عبد الله بن يحي (طالب الحق) فتوجه من اليمن يريد الشام لقتال مروان بن محمد الأموي وتبعه جميع أهلها ومر بالمدينة فقاتله أهلها في " تديد " فقاتلهم وانتصر عليهم فدخلها عنوة ثم تابع زحفه نحو الشام، وقد ألقى خطبة بليغة في مكة وأخرى بالمدينة ما تزال كتب الأدب والتاريخ و بعض الكتب المدرسية تنوه بقيمتها الأدبية والبلاغية. وجه مروان بن محمد الأموي جيشا عرمرما بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، فانتهت المعركة باستشهاد أبي حمزة المختار بن عوف الاباضي سنة (130 ه/ 748 م ) بعض كتب غيرالاباضية تحشره في الخوارج وهو منهم بريء.
الدرجيني، طبقات ج2، 258/267 – الشماخي، السير 98/ 101– الزركلي، الأعلام 8/ 71 الجعبيري، البعد الحضاري للعقيدة عند الاباضية، 1/ 55 وهامش رقم 59.
خطبة أبي حمزة الشاري
وبلغ أبا حمزة أن أهل المدينة يعيبون أصحابه، لحداثة سنهم وخفة أحلامهم، فصعد المنبر
وعليه كساء غليظ وهو متنكب قوسا عربية، فحمد الله و أثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وآله ثم قال :
' يا أهل المدينة قد بلغني مقالتكم لأصحابي ولولا معرفتي بضعف رأيكم وقلة عقولكم لأحسنت أدبكم، ويحكم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه الكتاب وبين له فيه السنن وشرع له فيه الشرائع وبين له فيه ما يأتي وما يذر، فلم يكن يتقدم إلا بأمر الله ولا يحجم إلا عن أمر الله، حتى قبضه الله إليه صلى الله عليه وسلم، وقد أدى الذي عليه وعلم المسلمين معالم دينهم ولم يدعهم من أمرهم في شبهة.
( ذكر أبو حمزة الخلفاء الراشدين وخصالهم بل أعمالهم وترحم عليهم، أما الأمويين فقد عابهم واستنكر أعمالهم، فلعنهم باستثناء عمر بن عبد العزيز، فلم يذكره لا بخير ولا بشر وحمل على آل مروان وعلى الشيعة فكفرهم )' فأي هذه الفرق يا أهل المدينة تتبعون ؟ أم بأي مذاهبهم تقتدون ؟ وقد بلغني أنكم تنتقصون أصحابي ! قلتم هم شباب أحداث وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة، وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، المذكورون في الخير إلا شبابا أحداثا ؟ أما والله إني لعالم بتتابعكم فيما يضركم في معادكم، ولولا اشتغالي بغيركم عنكم، ما تركت الأخذ فوق أيديكم، شباب والله مكتهلون في شبابهم،غضيضة عن الشر أعينهم ، ثقيلة عن الباطل أرجلهم
أنضاء عبادة وأطلاح سهر، باعوا أنفسا تموت غدا، بأنفس لا تموت أبدا ، قد نظرالله إليهم في جوف الليل، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مر أحدهم بآية من ذكر الجنة بكى شوقا إليها وإذا مر بآية من ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنيه، قد أكلت الأرض ركبهم وأيديهم وأنوفهم وجباههم، ووصلوا أكلال الليل بكلال النهار، مصفرة ألوانهم، ناحلة أجسامهم من طول القيام وكثرة الصيام، مستقلون لذلك في جنب الله، موفون بعهد الله منحزون لوعد الله، حتى إذا رأو سهام العدو قد فوقت ورماحهم وقد أشرعت وسيوفهم وقد أنتضيت وبرقت الكتيبة ورعدت بصواعق الموت، استخفوا بوعيد الكتيبة لوعيد الله ولم يستخفوا بوعيد الله لوعيد الكتيبة، ولقوا شبا الأسنة وشائك السهام وظبات السيوف بنحورهم ووجوههم وصدورهم، فمضى الشاب منهم قدما، حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه واختضبت محاسن وجهه بالدماء وعفر جبينه بالثرى وانحطت عليه طير السماء وتمزقته سباع الأرض، فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في منقار طائر، طالما بكى بها صاحبها في جوف الليل من خوف الله وكم من يد قد أبينت عن ساعدها طالما اعتمد عليها صاحبها راكعا وساجدا، وكم من وجه رقيق وجبين عتيق قد فلق بغمد الحديد، ثم بكى وقال : آه آه على فراق الإخوان، رحمة الله على تلك الأبدان، وادخل أرواحهم الجنان.'
*هذه الخطبة موجودة في الكتب التالية :
1 - جمهرة خطب العرب - أحمد زكي صفوت، ج2 / ص 469 / 476 2 - كتاب الأغاني – لأبي الفرج الأصفهاني، ج2 / ص 105
3 - نهج البلاغة - شرح ابن أبي الحديد، ج1 / ص 459
4 - البيان والتبيين - للجاحظ، ص /61
5 - العقد الفريد- لابن عبد ربه، ص 161
6 - طبقات المشائخ في المغرب، ج2 / ص 266 / 267
7 - الأضواء في اللغة العربية، ص /245 / 250، وهو مقرر مدرسي موجه لطلاب الصف الأول ثانوي، بجمهورية مصرالعربية.
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــول
الدرجيني، طبقات ج2، 258/267 – الشماخي، السير 98/ 101– الزركلي، الأعلام 8/ 71 الجعبيري، البعد الحضاري للعقيدة عند الاباضية، 1/ 55 وهامش رقم 59.
خطبة أبي حمزة الشاري
وبلغ أبا حمزة أن أهل المدينة يعيبون أصحابه، لحداثة سنهم وخفة أحلامهم، فصعد المنبر
وعليه كساء غليظ وهو متنكب قوسا عربية، فحمد الله و أثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وآله ثم قال :
' يا أهل المدينة قد بلغني مقالتكم لأصحابي ولولا معرفتي بضعف رأيكم وقلة عقولكم لأحسنت أدبكم، ويحكم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه الكتاب وبين له فيه السنن وشرع له فيه الشرائع وبين له فيه ما يأتي وما يذر، فلم يكن يتقدم إلا بأمر الله ولا يحجم إلا عن أمر الله، حتى قبضه الله إليه صلى الله عليه وسلم، وقد أدى الذي عليه وعلم المسلمين معالم دينهم ولم يدعهم من أمرهم في شبهة.
( ذكر أبو حمزة الخلفاء الراشدين وخصالهم بل أعمالهم وترحم عليهم، أما الأمويين فقد عابهم واستنكر أعمالهم، فلعنهم باستثناء عمر بن عبد العزيز، فلم يذكره لا بخير ولا بشر وحمل على آل مروان وعلى الشيعة فكفرهم )' فأي هذه الفرق يا أهل المدينة تتبعون ؟ أم بأي مذاهبهم تقتدون ؟ وقد بلغني أنكم تنتقصون أصحابي ! قلتم هم شباب أحداث وأعراب جفاة، ويحكم يا أهل المدينة، وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، المذكورون في الخير إلا شبابا أحداثا ؟ أما والله إني لعالم بتتابعكم فيما يضركم في معادكم، ولولا اشتغالي بغيركم عنكم، ما تركت الأخذ فوق أيديكم، شباب والله مكتهلون في شبابهم،غضيضة عن الشر أعينهم ، ثقيلة عن الباطل أرجلهم
أنضاء عبادة وأطلاح سهر، باعوا أنفسا تموت غدا، بأنفس لا تموت أبدا ، قد نظرالله إليهم في جوف الليل، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مر أحدهم بآية من ذكر الجنة بكى شوقا إليها وإذا مر بآية من ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنيه، قد أكلت الأرض ركبهم وأيديهم وأنوفهم وجباههم، ووصلوا أكلال الليل بكلال النهار، مصفرة ألوانهم، ناحلة أجسامهم من طول القيام وكثرة الصيام، مستقلون لذلك في جنب الله، موفون بعهد الله منحزون لوعد الله، حتى إذا رأو سهام العدو قد فوقت ورماحهم وقد أشرعت وسيوفهم وقد أنتضيت وبرقت الكتيبة ورعدت بصواعق الموت، استخفوا بوعيد الكتيبة لوعيد الله ولم يستخفوا بوعيد الله لوعيد الكتيبة، ولقوا شبا الأسنة وشائك السهام وظبات السيوف بنحورهم ووجوههم وصدورهم، فمضى الشاب منهم قدما، حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه واختضبت محاسن وجهه بالدماء وعفر جبينه بالثرى وانحطت عليه طير السماء وتمزقته سباع الأرض، فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في منقار طائر، طالما بكى بها صاحبها في جوف الليل من خوف الله وكم من يد قد أبينت عن ساعدها طالما اعتمد عليها صاحبها راكعا وساجدا، وكم من وجه رقيق وجبين عتيق قد فلق بغمد الحديد، ثم بكى وقال : آه آه على فراق الإخوان، رحمة الله على تلك الأبدان، وادخل أرواحهم الجنان.'
*هذه الخطبة موجودة في الكتب التالية :
1 - جمهرة خطب العرب - أحمد زكي صفوت، ج2 / ص 469 / 476 2 - كتاب الأغاني – لأبي الفرج الأصفهاني، ج2 / ص 105
3 - نهج البلاغة - شرح ابن أبي الحديد، ج1 / ص 459
4 - البيان والتبيين - للجاحظ، ص /61
5 - العقد الفريد- لابن عبد ربه، ص 161
6 - طبقات المشائخ في المغرب، ج2 / ص 266 / 267
7 - الأضواء في اللغة العربية، ص /245 / 250، وهو مقرر مدرسي موجه لطلاب الصف الأول ثانوي، بجمهورية مصرالعربية.
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــول
تعليق