بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله منزل الآيات تبياناً لكل شي وهدى ورحمة للمحسنين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جاء ليخرج الناس من التيه والضلال إلى الهدى والرشاد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي اللقاء بكم مجددا واستميحكم عذراً من الآن فهذا المقال هو خروج مني عن ما ألفتموه في مقالاتي السابقة وما ذلك إلا بعد أن اعتصر قلبي واشتدت أعصابي وآلمتني مشاعري غيضا وأسفا وحزنا وإشفاقا مما تمر به الأمة الإسلامية من خلل في خارجها بإضرام الفتن من أعدائها وفي داخلها مما نلمسه جليا في بعض الذين يتصدرون للنصح والإرشاد فالناس بحاجة ماسة للأخذ بأيديهم لكن ليس بالطريقة التي فيها تساهل حتى عند الوقوع في المحاذير فالله وهو الرحيم الودود اللطيف عندما أنزل كتابه لم يخلو هذا القران العظيم من آيات الزجر والوعيد والتهديد وما ذلك إلا لزجر المعتدين وانتظام المطيعين
إليكم سبب هذه المقدمة والعنوان والموضوع برمته
بعد إفطار الأمس عدت للمنزل فإذا بقناة من القنوات فيها دكتور يتحدث قلنا نستمع علنا نستفيد ولكن بعد استماع قليل بدأت الدماء في عروقي تتسارع والألم في قلبي يشتد
لقد كان مما قال الدكتور : (لا يمنع الإنسان من المساهمة في الخير وقوعه في بعض المعاصي – لا زلنا في مأمن – ثم قال : بعد شرح للمعاصي التي قد يتلبس بها المرء - وانتبهوا معي - حتى إذا خرج من بيت فجور أو كان شاربا للخمر ووجد محتاجاً فتصدق عليه فله به أجر
- أقول عذرا يا صحابه رسول الله عذرا يا حماة الدين ورسوله -
قد يقول يا دكتور أنا قد شربت الخمر فأقول – الكلام للدكتور – حتى ولو كان شاربا للخمر أو حتى متلبسا بجنابة من فجور فإن المعصية شي والصدقة شي آخر فهو نعم يأثم لارتكابه الكبيرة لكنه يؤجر على صدقته – ثم يأتي الدكتور بالشاهد لكلامه من السيرة – فمحمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يريد الخروج للقتال لا يقول للصحابة لا يخرج معي إلا من ليس له ذنب أبداً وإنما يدعوهم للخروج جميعا وهم ليسوا ملائكة وليسوا معصومين عن الخطأ
ثم يقول على الشاب والفتاة أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر وإن كان هو لديه بعض المعاصي أو واقع في كبيره فله أجر دعوته للخير فمثلا – انتبهوا لمثال الدكتور – لا يمنع أبداً لمرتكب كبيرة من الكبائر من بناء مسجد فهو نعم يقع في إثم الكبيرة لكن له أجر بناءه للمسجد
أقول وبالله التوفيق
يا دكتور الله سبحانه وتعالى لا يتقبل إلا من المتقين وإليك تفسير هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى : (إنما يتقبل الله من المتقين)
قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( المائدة 27 ) وحقيقته أن المصر على الذنب لا ينفعه حجة وإن كان قد أدى الفرض في الظاهر وأن هذه المغفرة إنما تحصل لمن كان متقياً عن جميع المحظورات حال اشتغاله بالحج ..... فهو تأكيد للأمر بالتقوى وبعث على التشديد فيه لأن من تصور أنه لا بد من حشر ومحاسبة ومساءلة وأن بعد الموت لا دار إلا الجنة أو النار صار ذلك من أقوى الدواعي له إلى التقوى (تفسير الرازي الجزء الخامس صفحة 165)
قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( المائدة 27 ) وحقيقة التقوى أمور أحدها أن يكون على خوف ووجل من تقصير نفسه في تلك الطاعة فيتقى بأقصى ما يقدر عليه عن جهات التقصير وثانيها أن يكون في غاية الاتقاء من أن يأتي بتلك الطاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله تعالى وثالثها أن يتقي أن يكون لغير الله فيه شركة وما أصعب رعاية هذه الشرائط (تفسير الرازي الجزء الحادي عشر صفحة 163)
والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه العزيز أنه غني عن الشرك فصاحب الكبائر أشرك مع الله هوا نفسه
ثم إن الله تعالى يا دكتور أخبرنا أنه لا يقبل أبداً من يخلطون الأعمال الصالحة بالفاسدة واليك تفسيرقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْراتِ)
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ وهو المسيء وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْراتِ وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن
من اراد أن ترجح كفة حسناته وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته فان خلط عملا صالحا وآخر سيئا فأمره في خطر لكن الرجاء غير منقطع والعفو من كرم الله منتظر (تفسير الثعالبي الجزء الرابع صفحة 57)
والله إننا ناسف لمثل هذا فيا سيادة الدكتور إن أمثال هذا الكلام فيه دعوة غير ظاهرة يستشفها الشباب مفادها أنكم اعملوا ما شئتم ولكن احرصوا على صنوف الطاعات والأمر بخلاف ذلك تماما فمن شروط قبول الأعمال التوبة النصوح لله تعالى والتي يشترط فيها :
1- الإقلاع عن الذنب فورا 0
2- الندم على فعله ندما شديدا 0
3- العزم الصادق على عدم العودة إليه مرة أخرى 0
4- الاستقامة على الطاعة بعده وخصوصا الصلاة والذكر 0
5- إن كانت المعصية تتعلق بحقوق الناس كالسرقة فيجب إرجاع الحق إلى صاحبه 0
إذا تحققت هذه الشروط تاب الله على العاصي ، بل من رحمته سبحانه أنه يبدل سيئاته حسنات كما قال سبحانه وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)0 والله أعلم 0
وليس من البر أبداً التساهل في ذلك فالدعاة ملزمون بدعوة الناس جميعا إلى الله تعالى وأمرهم بالتوبة والرجوع إلى الحق لا تسهيل الأمور والوعد بالنجاة بكل يسر فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من خاف أدلج ( أدلج: السير أول الليل) ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة "
ولو كان الأمر مثلما تقول ما رأيت أبداً - يا دكتور - مشفقا من ذنوبه خائفا منها لكن الأمر ليس هيناً قط ، ولعظم الخطب كان الصالحون المصلحون يقضون ليلهم في البكاء من خشية الله ، وما ذلك إلا أنهم فهموا الأمر على حقيقته ووضع الموازين في نصابها.
أخيراً
ليحذر كل عاقل لبيب من ما يرمى إليه من خلف الشاشات الفضية البراقة
واختم بالاعتذار إليكم مرة أخرى عن خروجي عن المألوف
والله اسأل أنني لم اخط شيئا من ذلك إلا طلباً لرضاه وخوفا من عقابه
والله الموفق لكل خير
الحمد لله منزل الآيات تبياناً لكل شي وهدى ورحمة للمحسنين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جاء ليخرج الناس من التيه والضلال إلى الهدى والرشاد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي اللقاء بكم مجددا واستميحكم عذراً من الآن فهذا المقال هو خروج مني عن ما ألفتموه في مقالاتي السابقة وما ذلك إلا بعد أن اعتصر قلبي واشتدت أعصابي وآلمتني مشاعري غيضا وأسفا وحزنا وإشفاقا مما تمر به الأمة الإسلامية من خلل في خارجها بإضرام الفتن من أعدائها وفي داخلها مما نلمسه جليا في بعض الذين يتصدرون للنصح والإرشاد فالناس بحاجة ماسة للأخذ بأيديهم لكن ليس بالطريقة التي فيها تساهل حتى عند الوقوع في المحاذير فالله وهو الرحيم الودود اللطيف عندما أنزل كتابه لم يخلو هذا القران العظيم من آيات الزجر والوعيد والتهديد وما ذلك إلا لزجر المعتدين وانتظام المطيعين
إليكم سبب هذه المقدمة والعنوان والموضوع برمته
بعد إفطار الأمس عدت للمنزل فإذا بقناة من القنوات فيها دكتور يتحدث قلنا نستمع علنا نستفيد ولكن بعد استماع قليل بدأت الدماء في عروقي تتسارع والألم في قلبي يشتد
لقد كان مما قال الدكتور : (لا يمنع الإنسان من المساهمة في الخير وقوعه في بعض المعاصي – لا زلنا في مأمن – ثم قال : بعد شرح للمعاصي التي قد يتلبس بها المرء - وانتبهوا معي - حتى إذا خرج من بيت فجور أو كان شاربا للخمر ووجد محتاجاً فتصدق عليه فله به أجر
- أقول عذرا يا صحابه رسول الله عذرا يا حماة الدين ورسوله -
قد يقول يا دكتور أنا قد شربت الخمر فأقول – الكلام للدكتور – حتى ولو كان شاربا للخمر أو حتى متلبسا بجنابة من فجور فإن المعصية شي والصدقة شي آخر فهو نعم يأثم لارتكابه الكبيرة لكنه يؤجر على صدقته – ثم يأتي الدكتور بالشاهد لكلامه من السيرة – فمحمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يريد الخروج للقتال لا يقول للصحابة لا يخرج معي إلا من ليس له ذنب أبداً وإنما يدعوهم للخروج جميعا وهم ليسوا ملائكة وليسوا معصومين عن الخطأ
ثم يقول على الشاب والفتاة أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر وإن كان هو لديه بعض المعاصي أو واقع في كبيره فله أجر دعوته للخير فمثلا – انتبهوا لمثال الدكتور – لا يمنع أبداً لمرتكب كبيرة من الكبائر من بناء مسجد فهو نعم يقع في إثم الكبيرة لكن له أجر بناءه للمسجد
أقول وبالله التوفيق
يا دكتور الله سبحانه وتعالى لا يتقبل إلا من المتقين وإليك تفسير هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى : (إنما يتقبل الله من المتقين)
قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( المائدة 27 ) وحقيقته أن المصر على الذنب لا ينفعه حجة وإن كان قد أدى الفرض في الظاهر وأن هذه المغفرة إنما تحصل لمن كان متقياً عن جميع المحظورات حال اشتغاله بالحج ..... فهو تأكيد للأمر بالتقوى وبعث على التشديد فيه لأن من تصور أنه لا بد من حشر ومحاسبة ومساءلة وأن بعد الموت لا دار إلا الجنة أو النار صار ذلك من أقوى الدواعي له إلى التقوى (تفسير الرازي الجزء الخامس صفحة 165)
قال تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( المائدة 27 ) وحقيقة التقوى أمور أحدها أن يكون على خوف ووجل من تقصير نفسه في تلك الطاعة فيتقى بأقصى ما يقدر عليه عن جهات التقصير وثانيها أن يكون في غاية الاتقاء من أن يأتي بتلك الطاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله تعالى وثالثها أن يتقي أن يكون لغير الله فيه شركة وما أصعب رعاية هذه الشرائط (تفسير الرازي الجزء الحادي عشر صفحة 163)
والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه العزيز أنه غني عن الشرك فصاحب الكبائر أشرك مع الله هوا نفسه
ثم إن الله تعالى يا دكتور أخبرنا أنه لا يقبل أبداً من يخلطون الأعمال الصالحة بالفاسدة واليك تفسيرقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْراتِ)
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ وهو المسيء وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْراتِ وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن
من اراد أن ترجح كفة حسناته وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته فان خلط عملا صالحا وآخر سيئا فأمره في خطر لكن الرجاء غير منقطع والعفو من كرم الله منتظر (تفسير الثعالبي الجزء الرابع صفحة 57)
والله إننا ناسف لمثل هذا فيا سيادة الدكتور إن أمثال هذا الكلام فيه دعوة غير ظاهرة يستشفها الشباب مفادها أنكم اعملوا ما شئتم ولكن احرصوا على صنوف الطاعات والأمر بخلاف ذلك تماما فمن شروط قبول الأعمال التوبة النصوح لله تعالى والتي يشترط فيها :
1- الإقلاع عن الذنب فورا 0
2- الندم على فعله ندما شديدا 0
3- العزم الصادق على عدم العودة إليه مرة أخرى 0
4- الاستقامة على الطاعة بعده وخصوصا الصلاة والذكر 0
5- إن كانت المعصية تتعلق بحقوق الناس كالسرقة فيجب إرجاع الحق إلى صاحبه 0
إذا تحققت هذه الشروط تاب الله على العاصي ، بل من رحمته سبحانه أنه يبدل سيئاته حسنات كما قال سبحانه وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)0 والله أعلم 0
وليس من البر أبداً التساهل في ذلك فالدعاة ملزمون بدعوة الناس جميعا إلى الله تعالى وأمرهم بالتوبة والرجوع إلى الحق لا تسهيل الأمور والوعد بالنجاة بكل يسر فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من خاف أدلج ( أدلج: السير أول الليل) ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة "
ولو كان الأمر مثلما تقول ما رأيت أبداً - يا دكتور - مشفقا من ذنوبه خائفا منها لكن الأمر ليس هيناً قط ، ولعظم الخطب كان الصالحون المصلحون يقضون ليلهم في البكاء من خشية الله ، وما ذلك إلا أنهم فهموا الأمر على حقيقته ووضع الموازين في نصابها.
أخيراً
ليحذر كل عاقل لبيب من ما يرمى إليه من خلف الشاشات الفضية البراقة
واختم بالاعتذار إليكم مرة أخرى عن خروجي عن المألوف
والله اسأل أنني لم اخط شيئا من ذلك إلا طلباً لرضاه وخوفا من عقابه
والله الموفق لكل خير
تعليق