[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]الإنسان معرّض للخطأ وقد زُيّنت له الشهوات، وكثير من الناس من يقع في المعاصي، بفعل وسوْسة شياطين الإنس والجن, والنفس الأمارة بالسوء, وهؤلاء يحسنون القبيح, ويُقبّحون الحسن، ويقودونه إلى مهاوي الردى, لينحدر في موبقات الذنوب والمعاصي.
وقد يشعر الإنسان مع وقوع المعصية بالضيق والحرج, وشعورٍ بالذنب والخطيئة, فيوشك أن تنغلق أمامه أبواب الأمل, ويدخل في دائرة اليأس من روح الله, والقنوط من رحمة الله, ولكن الله العليم الحكيم , الرؤوف الرحيم ، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير, فتح لعباده أبواب التوبة, وجعل فيها ملاذاً مكيناً, وملجأ حصيناً، يَلِجُه المذنب معترفاً بذنبه, مؤملاً في ربه, نادماً على فعله, غير مصرٍ على خطيئته، فيكفر الله عنه سيئاته, ويرفع من درجاته .
وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجل أسرف على نفسه ثم تاب وأناب فقبل الله توبته, والقصة رواها الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً, فسأل عن أعلم أهل الأرض, فدُلَّ على راهب, فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً, فهل له من توبة, فقال: لا, فقتله، فكمَّل به مائة, ثم سأل عن أعلم أهل الأرض, فدُلَّ على رجل عالم, فقال: إنه قتل مائة نفس, فهل له من توبة, فقال: نعم, ومن يحول بينه وبين التوبة؟!, انطلق إلى أرض كذا وكذا, فإن بها أناساً يعبدون الله, فاعبد الله معهم, ولا ترجع إلى أرضك, فإنها أرض سوء, فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله, وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط, فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي, فجعلوه بينهم, فقال: قيسوا ما بين الأرضين, فإلى أيتهما كان أدنى فهو له, فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد, فقبضته ملائكة الرحمة).
[قال الحسن البصري: ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت استدار بصدره جهة أرض الخير].
هذه قصة رجل أسرف على نفسه بارتكاب الذنوب والموبقات, حتى قتل مائة نفس, وأي ذنب بعد الشرك أعظم من قتل النفس بغير حق, ومع كل الذي اقترفه إلا أنه كان لا يزال عنده من الرغبة في عفو الله ومغفرته, ما دعاه إلى أن يبحث عمن يُفتيه في أمره, ويفتح له أبواب الأمل, ولم يسأل عن أي عالم, بل سأل عن أعلم أهل الأرض, فدلّوه على رجل راهب كثير العبادة، قليل العلم , فأخبره بما كان منه, فاستعظم الراهبُ ذنبَه, وقنَّطه من رحمة الله, وازداد الرجل غيّاً إلى غيِّه عندما أخبره أن التوبة محجوبة عنه, فقتله ليتم به المائة.
وبعد قتله للراهب لم ييأس , ولم يقتنع بما قاله له , فسأل مرة أخرى عن أعلم أهل الأرض , فدُلَّ على رجل , وكان عالماً بالفعل , فسأله القاتل ما إذا كان يمكن أن تكون له توبة بعد كل الذي فعله, فقال له العالم مستنكراً ومستغرباً: ومن يحول بينك وبين التوبة؟!, وكأنه يقول: إنها مسألة بدهية لا تحتاج إلى كثير تفكير أو سؤال, فباب التوبة مفتوح, والله عز وجل لا يتعاظمه ذنب, ورحمته وسعت كل شيء, وكان هذا العالم مربياً حكيماً, فلم يكتف بإخباره بأن له توبة, بل دله على الطريق الموصل إليها , وهو تغيير البيئة التي تذكره بالمعصية وتحثه عليها , ومفارقة الرفقة السيئة التي تعينه على الفساد, وتزين له الشر , فأمره بأن يترك أرض السوء , ويهاجر إلى أرض أخرى فيها أقوام صالحون يعبدون الله تعالى, وكان الرجل صادقاً في طلب التوبة فلم يتردد لحظة , وخرج قاصداً تلك الأرض, ولما وصل إلى منتصف الطريق حضره أجله, فابتعد بصدره جهة الأرض الطيبة مما يدل على صدقه في التوبة حتى وهو في النزع الأخير, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, كل منهم يريد أن يقبض روحه, فقالت ملائكة العذاب: إنه قتل مائة نفس ولم يعمل خيراً أبداً, وقالت ملائكة الرحمة: إنه قد تاب وأناب وجاء مقبلاً على الله, فأرسل الله لهم ملكاً في صورة إنسان, فأشار عليهم أن يقيسوا ما بين الأرضين, الأرض التي جاء منها, والأرض التي هاجر إليها, فأمر الله –كما تقول بعض الروايات- أرضَ الخير والصلاح أن تتقارب, وأرض الشر والفساد أن تتباعد, فوجدوه أقرب إلى أرض الصالحين بشبر, فتولت أمره ملائكة الرحمة, وغفر الله له ذنوبه العظيمة كلها.
إن هذه القصة تفتح أبواب الأمل لكل عاص, وتبين سعة رحمة الله, وقبوله لتوبة التائبين, مهما عظمت ذنوبهم وخطاياهم, إذا صدق الإنسان في طلب التوبة, وسلك الطرق والوسائل التي تعينه عليها, ومن ظن أن ذنباً لا يتسع لعفو الله, فقد ظن بربه ظن السوء, فعلى العبد أن لا ييأس من رحمة الله, وكما أن الأمن من مكر الله من أعظم الذنوب, فكذلك القنوط من رحمة الله, قال عز وجل : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).[/grade]
وقد يشعر الإنسان مع وقوع المعصية بالضيق والحرج, وشعورٍ بالذنب والخطيئة, فيوشك أن تنغلق أمامه أبواب الأمل, ويدخل في دائرة اليأس من روح الله, والقنوط من رحمة الله, ولكن الله العليم الحكيم , الرؤوف الرحيم ، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير, فتح لعباده أبواب التوبة, وجعل فيها ملاذاً مكيناً, وملجأ حصيناً، يَلِجُه المذنب معترفاً بذنبه, مؤملاً في ربه, نادماً على فعله, غير مصرٍ على خطيئته، فيكفر الله عنه سيئاته, ويرفع من درجاته .
وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجل أسرف على نفسه ثم تاب وأناب فقبل الله توبته, والقصة رواها الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً, فسأل عن أعلم أهل الأرض, فدُلَّ على راهب, فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً, فهل له من توبة, فقال: لا, فقتله، فكمَّل به مائة, ثم سأل عن أعلم أهل الأرض, فدُلَّ على رجل عالم, فقال: إنه قتل مائة نفس, فهل له من توبة, فقال: نعم, ومن يحول بينه وبين التوبة؟!, انطلق إلى أرض كذا وكذا, فإن بها أناساً يعبدون الله, فاعبد الله معهم, ولا ترجع إلى أرضك, فإنها أرض سوء, فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله, وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط, فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي, فجعلوه بينهم, فقال: قيسوا ما بين الأرضين, فإلى أيتهما كان أدنى فهو له, فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد, فقبضته ملائكة الرحمة).
[قال الحسن البصري: ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت استدار بصدره جهة أرض الخير].
هذه قصة رجل أسرف على نفسه بارتكاب الذنوب والموبقات, حتى قتل مائة نفس, وأي ذنب بعد الشرك أعظم من قتل النفس بغير حق, ومع كل الذي اقترفه إلا أنه كان لا يزال عنده من الرغبة في عفو الله ومغفرته, ما دعاه إلى أن يبحث عمن يُفتيه في أمره, ويفتح له أبواب الأمل, ولم يسأل عن أي عالم, بل سأل عن أعلم أهل الأرض, فدلّوه على رجل راهب كثير العبادة، قليل العلم , فأخبره بما كان منه, فاستعظم الراهبُ ذنبَه, وقنَّطه من رحمة الله, وازداد الرجل غيّاً إلى غيِّه عندما أخبره أن التوبة محجوبة عنه, فقتله ليتم به المائة.
وبعد قتله للراهب لم ييأس , ولم يقتنع بما قاله له , فسأل مرة أخرى عن أعلم أهل الأرض , فدُلَّ على رجل , وكان عالماً بالفعل , فسأله القاتل ما إذا كان يمكن أن تكون له توبة بعد كل الذي فعله, فقال له العالم مستنكراً ومستغرباً: ومن يحول بينك وبين التوبة؟!, وكأنه يقول: إنها مسألة بدهية لا تحتاج إلى كثير تفكير أو سؤال, فباب التوبة مفتوح, والله عز وجل لا يتعاظمه ذنب, ورحمته وسعت كل شيء, وكان هذا العالم مربياً حكيماً, فلم يكتف بإخباره بأن له توبة, بل دله على الطريق الموصل إليها , وهو تغيير البيئة التي تذكره بالمعصية وتحثه عليها , ومفارقة الرفقة السيئة التي تعينه على الفساد, وتزين له الشر , فأمره بأن يترك أرض السوء , ويهاجر إلى أرض أخرى فيها أقوام صالحون يعبدون الله تعالى, وكان الرجل صادقاً في طلب التوبة فلم يتردد لحظة , وخرج قاصداً تلك الأرض, ولما وصل إلى منتصف الطريق حضره أجله, فابتعد بصدره جهة الأرض الطيبة مما يدل على صدقه في التوبة حتى وهو في النزع الأخير, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب, كل منهم يريد أن يقبض روحه, فقالت ملائكة العذاب: إنه قتل مائة نفس ولم يعمل خيراً أبداً, وقالت ملائكة الرحمة: إنه قد تاب وأناب وجاء مقبلاً على الله, فأرسل الله لهم ملكاً في صورة إنسان, فأشار عليهم أن يقيسوا ما بين الأرضين, الأرض التي جاء منها, والأرض التي هاجر إليها, فأمر الله –كما تقول بعض الروايات- أرضَ الخير والصلاح أن تتقارب, وأرض الشر والفساد أن تتباعد, فوجدوه أقرب إلى أرض الصالحين بشبر, فتولت أمره ملائكة الرحمة, وغفر الله له ذنوبه العظيمة كلها.
إن هذه القصة تفتح أبواب الأمل لكل عاص, وتبين سعة رحمة الله, وقبوله لتوبة التائبين, مهما عظمت ذنوبهم وخطاياهم, إذا صدق الإنسان في طلب التوبة, وسلك الطرق والوسائل التي تعينه عليها, ومن ظن أن ذنباً لا يتسع لعفو الله, فقد ظن بربه ظن السوء, فعلى العبد أن لا ييأس من رحمة الله, وكما أن الأمن من مكر الله من أعظم الذنوب, فكذلك القنوط من رحمة الله, قال عز وجل : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).[/grade]
تعليق