السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" الحمد لله الذي أرشد الخلق إلى أكمل الآداب، وفتح لهم من خزائن رحمته كل باب، أنار بصائر المؤمنين فأدركوا الحقائق وطلبوا التواب"
" الحمد لله الذي أرشد الخلق إلى أكمل الآداب، وفتح لهم من خزائن رحمته كل باب، أنار بصائر المؤمنين فأدركوا الحقائق وطلبوا التواب"
إني أخاف الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن هذه الكلمات الثلاث جملة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله وذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله . وأية داعية تلك ؟ وإلى أي شيء دعته يا ترى ؟ .
والجواب : إنها المرأة التي تنازلت عن عفتها وحيائها وأستسلمت لهوى نفسها ووسوسة شيطانها وحصرت تفكيرها في شهوة عابرة سوف يعقبها الندم وسوء العاقبة والمصير .
إنها المرأة التي لم ترع حرمة حياتها الزوجية إن كانت محصنة أو إنها لم تفكر في هول الفضيحة إن كانت عذراء لم تتزوج بعد ..
نعم إنها امرأة وداعية سوء نبذت روعة الفضيلة وآثرت أن تستسلم للرذيلة فإذا بلسانها يترجم ما دار في خلدها فتدعو واحداً من الرجال تراوده عن نفسه لفعل فاحشة وصفها العزيز الحكيم بقوله سبحانه ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )
ولكن خاب فأل تلك المرأة التي أرادت أن تدنس عرض الذي دعته لنفسها يوم فاجأها بما لم يكن في حسبانها حيث قال لها : إني أخاف الله ! .
نعم لقد استشعر في قرارة نفسه عذاب الله فأشفق منه فقال : إني أخاف الله .
لقد تأججت حرارة الشهوة الجنسية في جسمه لكونه بشراً فأطفأها الخوف من الله .
إنه موقف لا ينجو من شره إلا المؤمنون ولا يتجاوزه إلا المتقون المعنيون بقوله سبحانه ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ )
إني أخاف الله : جملة مصدرها الإيمان وسر تأثيرها الخوف من الرحمن القائل في محكم التنزيل : ( فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) .
هذه الجملة عندما تخرج من القلب يتبعها نور الإخلاص وشعاعه المبهر فتكون أشد تأثيراً وأعظم وقعاً وأمضى نفاذاً تمنع الرجل من ارتكاب الزنا وتنير للمرأة الضالة بصيرتها وربما جعلتها تشعر بالذنب فلا تعود مثله تارة أخرى . هذه الجملة فيها تربية للروح وتزكية للنفس لابتعاد صاحبها عن ارتكاب المعصية قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) هذه الجملة فيها دحر للشيطان الذي يوسوس بارتكاب الذنب لكنه يخنس عندما يذكر العبد ربه ويستعيذ بالله منه مصداقة قوله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ )
ولو أننا قارنا بين اللذة الفانية التي يستمتع بها الزاني وبين النعيم المقيم الذي أعده الله سبحانه لمن خاف مقام ربه وعف عن الزنا بعد أن هيئت له الأسباب فإننا لا نجد مجالاً للمقارنة وشتان شتان بين ذلك فأين المتفكرون ؟! وأين المتدبرون ؟! .
وإن الجزاء المذكور لا بديل عنه يوم الدين حيث لا ظل إلا ظل عرش الرحمن ولا مراوح تلطف الجو ولا مكيفات هواء تنبعث منها البرودة المنعشة والناس في حالة ازدحام ممقوت وحرارة خانقة . ويرون بأم أعينهم جماعات يتفيؤون ظلال عرش الله سبحانه جزاء ما قدموا من صالح العمل ومنهم أولئك الذين عفوا في الحياة الدنيا عن ارتكاب فاحشة الزنا خوفاً من الله .
وهنا لابد لكل مؤمن عاقل إلا أن يقول : سبحانك اللهم كم للعفة عن الزنا عندك من شأن عظيم حتى أجزلت العطاء والمثوبة لصاحبها يوم الدين فجعلته في ظل عرشك يرتع في نعيم مقيم .
اللهم انا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
تعليق