بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الإسلام بالحب؟
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
س: ما هي نظرة الإسلام إلى الحب بين الجنسين.. بين الشاب والفتاة.. هل هو أمرٌ مشروع، خاصة إذا عرفنا أنه قد يحصل في بعض الأحيان بشكل غير إرادي؟
ج: إن الإسلام يريد للناس جميعاً رجالاً ونساءً أن يعيشوا الحب الإنساني الذي يجعل الإنسان يتعاطف مع الإنسان الآخر بالدرجة التي يشعر بالرابطة التي تربطه به في دائرة إنسانيته، بحيث يؤدي ذلك إلى رعايته وحفظه وحمايته وقضاء حاجاته وحفظ كرامته واحترام إنسانيته وما إلى ذلك، حتى أننا نروي عن الرسول(ص) أنه ربط الإيمان بمسألة الحب فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره له ما يكره لها"، ما يجعلنا نستوحي ـ من هذا الحديث ـ أن الإسلام يؤكد على قضية الحب الذي يجعلك تحس بإحساس الآخر كما لو كان إحساسك الذي تشعر به، بحيث يجعل الحب بهذا المستوى مظهراً للإيمان، فلا تكون مؤمناً إذا كانت نظرتك للإنسان الآخر نظرة جامدة لا مبالية لا تعيش الاهتمام بأموره، وهكذا نجد أن ما يعبر عن ذلك في تفاصيل المسألة، الحديث المعروف: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم".
إن المسألة هي أن على الإنسان أن يعيش الحب للإنسان الآخر في المسألة الإنسانية، وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق(ع) وقد سأله بعض الناس عن الحب، فقال: "وهل الدين إلا الحب".
هذه هي المسألة في أبعادها الإنسانية، وهناك مسألة تتصل بالجانب الغريزي للإنسان التي تجعل الإنسان يحب الإنسان الآخر تماماً كما يحب طعامه وشرابه، فالحب يتجه إلى الجانب الجنسي الذي يجده هذا الإنسان لدى الإنسان الآخر، وهذا ما يعيشه الكثير من الشباب في أجواء المراهقة وما بعدها، وهو ما يتمظهر بالانجذاب للجمال الجسدي، وما إلى ذلك من الأمور. إننا نلاحظ أن الإسلام أراد للإنسان (الذكر أو الأنثى) أن يعيشا الحب بالطريقة التي تنتهي به إلى الزواج، فلا مانع في أن يرغب الرجل في امرأة يحبها ويعجبه حُسنها ليتزوج منها، وقد أباح الإسلام للإنسان النظر إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها ليدرس المسألة من حيث انسجامها مع رغبته فيها من هذه الناحية أو تلك، لكن الحب الذي يلعب، والحب الذي يلهو، والحب الذي يعتبر الجنس حركة غير خاضعة لقانون يحفظ العلاقة بين الذكر والأنثى في دائرة الزوجية، فهو مرفوض في الإسلام، بل وكل ما يؤدي إلى الانحراف الجنسي، سواء كان في ما يتفتح عليه القلب أو ما تتحرك له العينان أو ما ينطلق به اللسان أو ما تنطلق به الأيدي والأعضاء، وكل ما يؤدي إلى الجنس العملي، سواء كان على نحو الإعداد والإثارة أو على نحو المباشرة، فهو مرفوض إسلامياً، لأنه يؤدي إلى مشاكل أخلاقية تبتعد بالإنسان عن الخط المستقيم الذي يريده الله.
أما عندما نتحدث عن الحب كحالة نفسية غير اختيارية، فإننا لا نستطيع أن نشرّع أيّ تشريع وفق هذه العاطفة، لأن الله لا يكلّف الإنسان بما لا يطيق أو بغير المعقول، إلا أن الإسلام يريد أن يعقّل العاطفة، فيدفع الإنسان إلى أن يركّز عاطفته بطريقة عقلانية، بحيث يفكّر في عمق الأشياء بدلاً من أن يبقى متحركاً على السطح، وهذا ما يحاول الإسلام أن يربي عليه الشاب والفتاة، فلا ينطلق من خلال النظرة الأولى، أو من خلال الأشياء السطحية. ولم يتحرك الإسلام في ذلك من خلال علاقة الزواج فقط، بل في كل العلاقات الإنسانية مثل الصداقة والشراكة وغيرهما.
ومن جهة أخرى، فإن الإسلام يضع ضوابط لحركة هذا الحب، فلا يشجع الطرفين على الاختلاء، ولا يبيح لهما التعبير عن هذا الحب بالملامسات أو الأمور التي تقود إلى الإثارة الغريزية، (كما أشرنا سابقاً)، ولكنه في المقابل لا يمنع من الكلام البريء الذي يعبّر عن العاطفة التي تشكل طريقاً إلى العلاقة الشرعية.
*****
الحب العذري والحب الغريزي
س: هل يمكن لنا في دائرة الحب أن نتحدث عمّا يسمى
بــ (الحب العذري) أو الحب العفيف الوجداني؟
ج: إنك عندما تتحدث عن الحب كعاطفة، فإنك لا تستطيع أن تصنّفه إلى حب عذري وآخر غريزي. لكننا يمكن أن نقول إن هناك حالة غريزية جنسية قد يطلق عليها الناس (الحب)، أي أن هناك انجذاباً جسدياً إلى جسد الآخر، لا حالة حب للإنسان الآخر، ومسألة الانجذاب الجسدي تمثل حركة جسدية في اتجاه الاقتراب من الجسد الآخر من دون أن يكون للجانب الإنساني أي دور فيه.
أما الحب فهو عاطفة إنسانية تجذبك إلى الإنسان الآخر من خلال صفة جمالية أو فكرية أو عملية أو غيرها. فإن علينا أن نفرّق بين العاطفة التي تتحرك في خط الإثارة وبين العاطفة التي تتحرك في خط الانفتاح على الإنسان الآخر من أجل علاقة طبيعية تقوم على أساس احترام الإنسان الآخر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الإسلام بالحب؟
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
س: ما هي نظرة الإسلام إلى الحب بين الجنسين.. بين الشاب والفتاة.. هل هو أمرٌ مشروع، خاصة إذا عرفنا أنه قد يحصل في بعض الأحيان بشكل غير إرادي؟
ج: إن الإسلام يريد للناس جميعاً رجالاً ونساءً أن يعيشوا الحب الإنساني الذي يجعل الإنسان يتعاطف مع الإنسان الآخر بالدرجة التي يشعر بالرابطة التي تربطه به في دائرة إنسانيته، بحيث يؤدي ذلك إلى رعايته وحفظه وحمايته وقضاء حاجاته وحفظ كرامته واحترام إنسانيته وما إلى ذلك، حتى أننا نروي عن الرسول(ص) أنه ربط الإيمان بمسألة الحب فقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره له ما يكره لها"، ما يجعلنا نستوحي ـ من هذا الحديث ـ أن الإسلام يؤكد على قضية الحب الذي يجعلك تحس بإحساس الآخر كما لو كان إحساسك الذي تشعر به، بحيث يجعل الحب بهذا المستوى مظهراً للإيمان، فلا تكون مؤمناً إذا كانت نظرتك للإنسان الآخر نظرة جامدة لا مبالية لا تعيش الاهتمام بأموره، وهكذا نجد أن ما يعبر عن ذلك في تفاصيل المسألة، الحديث المعروف: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم".
إن المسألة هي أن على الإنسان أن يعيش الحب للإنسان الآخر في المسألة الإنسانية، وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق(ع) وقد سأله بعض الناس عن الحب، فقال: "وهل الدين إلا الحب".
هذه هي المسألة في أبعادها الإنسانية، وهناك مسألة تتصل بالجانب الغريزي للإنسان التي تجعل الإنسان يحب الإنسان الآخر تماماً كما يحب طعامه وشرابه، فالحب يتجه إلى الجانب الجنسي الذي يجده هذا الإنسان لدى الإنسان الآخر، وهذا ما يعيشه الكثير من الشباب في أجواء المراهقة وما بعدها، وهو ما يتمظهر بالانجذاب للجمال الجسدي، وما إلى ذلك من الأمور. إننا نلاحظ أن الإسلام أراد للإنسان (الذكر أو الأنثى) أن يعيشا الحب بالطريقة التي تنتهي به إلى الزواج، فلا مانع في أن يرغب الرجل في امرأة يحبها ويعجبه حُسنها ليتزوج منها، وقد أباح الإسلام للإنسان النظر إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها ليدرس المسألة من حيث انسجامها مع رغبته فيها من هذه الناحية أو تلك، لكن الحب الذي يلعب، والحب الذي يلهو، والحب الذي يعتبر الجنس حركة غير خاضعة لقانون يحفظ العلاقة بين الذكر والأنثى في دائرة الزوجية، فهو مرفوض في الإسلام، بل وكل ما يؤدي إلى الانحراف الجنسي، سواء كان في ما يتفتح عليه القلب أو ما تتحرك له العينان أو ما ينطلق به اللسان أو ما تنطلق به الأيدي والأعضاء، وكل ما يؤدي إلى الجنس العملي، سواء كان على نحو الإعداد والإثارة أو على نحو المباشرة، فهو مرفوض إسلامياً، لأنه يؤدي إلى مشاكل أخلاقية تبتعد بالإنسان عن الخط المستقيم الذي يريده الله.
أما عندما نتحدث عن الحب كحالة نفسية غير اختيارية، فإننا لا نستطيع أن نشرّع أيّ تشريع وفق هذه العاطفة، لأن الله لا يكلّف الإنسان بما لا يطيق أو بغير المعقول، إلا أن الإسلام يريد أن يعقّل العاطفة، فيدفع الإنسان إلى أن يركّز عاطفته بطريقة عقلانية، بحيث يفكّر في عمق الأشياء بدلاً من أن يبقى متحركاً على السطح، وهذا ما يحاول الإسلام أن يربي عليه الشاب والفتاة، فلا ينطلق من خلال النظرة الأولى، أو من خلال الأشياء السطحية. ولم يتحرك الإسلام في ذلك من خلال علاقة الزواج فقط، بل في كل العلاقات الإنسانية مثل الصداقة والشراكة وغيرهما.
ومن جهة أخرى، فإن الإسلام يضع ضوابط لحركة هذا الحب، فلا يشجع الطرفين على الاختلاء، ولا يبيح لهما التعبير عن هذا الحب بالملامسات أو الأمور التي تقود إلى الإثارة الغريزية، (كما أشرنا سابقاً)، ولكنه في المقابل لا يمنع من الكلام البريء الذي يعبّر عن العاطفة التي تشكل طريقاً إلى العلاقة الشرعية.
*****
الحب العذري والحب الغريزي
س: هل يمكن لنا في دائرة الحب أن نتحدث عمّا يسمى
بــ (الحب العذري) أو الحب العفيف الوجداني؟
ج: إنك عندما تتحدث عن الحب كعاطفة، فإنك لا تستطيع أن تصنّفه إلى حب عذري وآخر غريزي. لكننا يمكن أن نقول إن هناك حالة غريزية جنسية قد يطلق عليها الناس (الحب)، أي أن هناك انجذاباً جسدياً إلى جسد الآخر، لا حالة حب للإنسان الآخر، ومسألة الانجذاب الجسدي تمثل حركة جسدية في اتجاه الاقتراب من الجسد الآخر من دون أن يكون للجانب الإنساني أي دور فيه.
أما الحب فهو عاطفة إنسانية تجذبك إلى الإنسان الآخر من خلال صفة جمالية أو فكرية أو عملية أو غيرها. فإن علينا أن نفرّق بين العاطفة التي تتحرك في خط الإثارة وبين العاطفة التي تتحرك في خط الانفتاح على الإنسان الآخر من أجل علاقة طبيعية تقوم على أساس احترام الإنسان الآخر.
تعليق