إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما هي الغفلة هوى النفس الغفلة عن العمر الغفلة عن الموت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هي الغفلة هوى النفس الغفلة عن العمر الغفلة عن الموت


    ما هي الغفلة

    رذيلة الغفلة، وهي رذيلة مضادة لفضيلة التفكر والتأمل من وجهة أخلاقية كلما كان التفكر والتأمل عالياً ورفيعاً يوجب ارتفاع الإنسان وتكامله.

    أما رذيلة الغفلة ورغم صغرها فانها تحط الإنسان وتجره إلى السقوط وحسب تعبير القرآن الشريف فانها تهبط بالإنسان إلى مستوى الحيوان بل أكثر.

    (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) [الأعراف: 179].

    الأشخاص الذين تحطم الغفلة قلوبهم لهم أعين ولكن لا يبصرون ولهم أذان ولكن لا يسمعون ولهم قلوب ولكن لا يفهمون، أولئك كالحيوانات بل هم أحقر منها.

    وحتى لو لم يكن عندنا شيء حول الغفلة سوى هذه الآية الشريفة فانها تكفي لنقول أن الغفلة من الصفات المذمومة.

    وفي آية اخرى يقول تعالى بأن الغفلة تغلق القلب وتختم السمع والبصر.

    (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) [النحل: 108].

    الغافلون بلا قلوب، قلوبهم مغلقة، لا يملكون القلب الواعي ولا الأذن السامعة حقيقة ولا العين الباصرة حقيقة وبالنتيجة فان قُفل الغفلة أوصل هؤلاء إلى مستوى الحيوانية صفة الغفلة على العكس من صفة الانتباه، تجر الإنسان إلى السقوط. وتفقده الدنيا كما تفقده الآخرة.

    والغفلة لها مراتب ودرجات تشبه مراتب التفكر والتأمل ولكن لا نتطرق إليها. وموضوع اليوم يدور حول الغفلة باعتبار متعلقها لا بلحاظ مراتبها.

    أقسام الغفلة

    1 ـ الغفلة عن العدو:

    الشيء الأول الذي يجب ان نلتفت إليه هو أن هذه الصفة تؤدي إلى الغفلة عن العدو، ومن يغفل عن عدوه يمكنه من القضاء عليه. فالغفلة في الخط الأول من جبهة الحرب تؤدي إلى إبادة ذلك الخط وإبادة الجند.

    ـ العدو الأول: الشيطان:

    يجب أن نعلم أن لنا عدواً شرساً، أقسم على العداوة.

    القرآن الكريم ذكر أن الشيطان جادل الله وعانده عدة مرات وأقسم خلال جداله أن يغوي عباده ليجعلهم من أهل النار عدا المخلصين منهم ـ المعصوم أو من يتلو المعصوم ـ.

    (قال فبعزتك لأعوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) [ص: 82 ـ 83].

    لنا هكذا عدو أقسم على العداوة، فالغفلة عنه تجلب الفضائح، وذهاب الجاه والدنيا والآخرة.

    هذا العدو أقسم أن يشرع بالقليل ولا يكتفي به بل يمضي ما استطاع لذلك.

    القرآن الكريم يشير إلى أنه لا يأتي من طريق واحد بل من أي طريق يتمكن منه.

    وفي بعض المواضع التي جادل فيها الشيطان ربَ العالمين فقال:

    (فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) [الأعراف: 16 ـ 17].

    يعني إلهي، بسبب ضياعي من أجل هذا الإنسان سوف أحول بينه وبين طريق السعادة. وسوف آتيه من الأمام والخلف واليمين والشمال، ولن أسمح لهم أن يكونوا صالحين، ولن أسمح لهم أن يستمتعوا بنعمتهم.

    الإمام الباقر (ع) يقول: معنى هذه الآية الشريفة أنّ الشيطان يقول: سأجعل الآخرة صغيرة واجعل الدنيا كبيرة في أعينهم وسوف آتيهم من طريق الذنب ومن طريق الدين. عن طريق الدين آتي إلى المقدسين، يعني عن طريق الرياء، عن طريق التظاهر بأن هذا رياء لا تفعله، هذا تظاهر لا تفعله، هذا عجب لا تفعله وأفسد عمل المتدينين بالوسوسة، وبالنتيجة سأسلك كل طريق فيه غواية للإنسان.

    وواضح ما ستفعله الغفلة بالإنسان عن هذا العدو المعاند.

    ـ العدو الثاني: هوى النفس:

    العدو الثاني النفس الأمارة وهواها وحواسها، وهذه النفس الامارة التي يخاف منها مثل حضرة يوسف (ع)، حيث يقول في دعائه لله (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) [يوسف: 33].

    وعندما خرج من الابتلاء منتصراً كرر قوله: إلهي لولاك لكنت من الخائبين.

    النفس الأمارة التي كما قال مولوي (شعراً):

    النفس ثعابين متى تموت تمتلىء غماً.

    فإذا تركت الإنسان في مكان ما أو في وقت ما فذلك لأنه لم يبق له ماء ليسبح فيه ولم يبق له مجال لكي يعمل.

    عن المرحوم المقدس الأردبيلي ـ أحد مراجع التقليد الذين وصلوا لخدمة الإمام صاحب الزمان (ع) عدة مرات ـ.

    سئل: إذا كنت في غرفة ليس فيها أحد سوى امرأة غير محرمة، فهل تزني أم لا؟

    المرحوم المقدس لم يجب لا، إنما أجاب ادعو الله أن يبعدني عن مثل هذا الموقف.من هذه العبارة نستفيد أنّ النفس الامارة لا تفرق بين الشاب والمسن، والرجل والمرأة والمقدس وغير المقدس، ويجب على الجميع الحذر منها لأنها معنا في حالة حرب بشكل دائم.

    الرواية المنقولة عن موسى بن جعفر (ع) ان النبي الأكرم (ص) أرسل مجموعة إلى الحرب، وعندما عادوا قال: مرحباً بمن اجتازوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قالوا وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس. ثم قال:

    (أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه).

    يعني أعلى مراتب الجهاد جهاد النفس.

    نعم الحرب مع النفس الأمارة حرب كبيرة، وهذه الحرب قائمة بيننا دائماً، بُعدنا الملكوتي وبُعدنا الناسوتي في هذه الحرب دائماً، وبحسب العادة فإن هذه النفس الامارة والهوى والهوس كلها على الإنسان.

    الغفلة عن النفس الأمارة وعن لحظة من الهوس تستتبع الندم طيلة العمر، نصف ساعة أو ربع ساعة، أو ساعة من الخلوة بين الرجل والمرأة في بيت ما تستتبع عمراً من الفضيحة وعمراً من الندم وعمراً من الخيبة.

    ـ العدو الثالث: الدنيا:

    عدونا الثالث هو الدنيا، والدنيا عدو عجيب للإنسان، القرآن الشريف في آيات كثيرة ينبه الإنسان أن يكون على حذر من لمعانها وبريقها، أن ينتبه من الوقوع بمكرها وخداعها، لأن الآخرة لا تجتمع مع الدنيا الحرام.

    (يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) [فاطر: 5].

    أيها الناس احترسوا من العدوين الشرسين، الأول الدنيا فلا تقعوا بمكرها والآخر الشيطان، ان الدنيا الحرام والآخرة لا يجتمعان.

    أحد أعمال البهلول أن عموداً كبيراً سقط في وسط الطريق فأمسكه من طرفه ورفعه فبقي الطرف الآخر على الأرض. فرفعه من طرفه الآخر فبقي هذا الطرف على الأرض، فأمسكه من الوسط فلم يتمكن من رفعه، فقيل له ماذا تفعل يا بهلول فأجاب هذه الدنيا والآخرة فإن أخذت طرف الدنيا بقيت الآخرة على الأرض، وإن أخذت طرف الآخرة بقيت الدنيا على الأرض، وعندما أردت حمل الاثنين معاً فلم أستطع ذلك، يعني أن الدنيا الحرام الملوثة لا تجتمع مع الآخرة.

    (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) [القصص: 83].

    الدار الآخرة خاصة بمن لا يطلبون الرئاسة والعلو، خاصة بمن لا يعبدون الدنيا، ومن الواضح أنّ عبادة الدنيا تهدم دار آخرة الإنسان.

    تنقل قضية لمرجع التقليد الكبير ـ المرحوم الشيخ محمد تقي الشيرازي ـ رضوان الله عليه ـ كان كثير التحقيق وفي مرتبة عالية من جهة العمل والتقوى وبناء النفس.

    وعندما توفي المرحوم الميرزا الكبير (ره)، كان من المسلم ان المرجعية له، ولكن عندما أرادوا الصلاة على جنازة المرحوم الميرزا الكبير، لم يجدوا الشيخ الشيرازي، فبحثوا عنه هنا وهناك وأخيراً عثروا عليه في السرداب المطهر وقد تورمت عيناه المباركتين من كثرة البكاء، وتحدث بعد ذلك فقال: عندما وصلني خبر وفاة الميرزا الكبير قلت لنفسي:

    (أصبحت رئيساً) وشعرت بارتياح لذلك، ففهمت أني لا أليق بالمرجعية، وفهمت أنّ هذه المرجعية لأجل الدنيا لذلك جئت لزيارة الإمام صاحب الزمان (عج) واقسمت عليه بأمه الزهراء (ع) ان لا أكون مرجعاً لأني لا أليق لذلك.

    (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) [القصص: 83].

    الدنيا تمكر، الدنيا تشغل الإنسان، وإذا غرق الإنسان في الدنيا لا سمح الله، كمن يغوص في أوحال الذل والضعف، ويغوص أكثر لحظة بعد أخرى حتى يصل أخيراً لحظة الموت، كدودة القز تلف الخيط حولها حتى تختنق.

    إذا تعلق الإنسان بالدنيا، إذا اتسعت غفلته عن هذا العدو. فضياع الإنسان أمر مسلّّم، وتنبيه القرآن المتكرر ينبئ بأنها عدو كبير.

    لذا فأول شيء تجلبه الغفلة هو أن ننسى أعداءنا. عدو كالدنيا وعدو كالنفس الأمارة، وعدو كالشيطان أعداء كهذه تستدعي الحذر والانتباه يلزمنا الانتباه إلى هؤلاء الأعداء الثلاثة. وهؤلاء الأعداء معنا حتى نموت.

    فأما أن نتغلب على هؤلاء بالانتباه والارتباط بالله والتوسل بأهل البيت (ع).

    أو أن يتبغلبوا بالغفلة، علينا ونكون من أهل النار.

    2 ـ الغفلة عن العمر:

    الغفلة الثانية التي تسبب الخيبة، هي الغفلة عن العمر. العمر نعمة غالية بشكل استثنائي، ولا توجد نعمة أرقى منها بعد نعمة الولاية.

    المثل المشهور بين عامة الناس ان العمر كالذهب.

    ولكن هنا خطأ، وهذا التشبيه اشتباه، العمر ليس ذهباً بل هو أكثر قيمة من الذهب، إذا التفت الإنسان إلى العمر والشباب لاستطاع في شبابه أن يؤمن سعادة الدنيا والآخرة.

    نحن كثيراً ما نجد أشخاصاً لم يمض من أعمارهم أربعون أو خمسون سنة لكنهم أصبحوا من المفاخر بسبب التفاتهم لأعمارهم فمنهم من كتب أكثر من مائتي كتاب لترويج الإسلام والتشيع وفقه التشيع.

    وعلى عكس هؤلاء نجد كثيراً من الأشخاص عمّروا مائة سنة، ولكنهم أتوا كحيوان، واكلوا كحيوان، وذهبوا من الدنيا كحيوان لا غير.

    أو كما تقول الرواية جاء كحجر وعاد إلى مكانه في جهنم رويداً رويداً، كإنسان عاش سبعين عاماً وعندما مات ذهب مباشرة إلى جهنم.

    (إن المنافقين في الدّرك الأسفل مِنَ النار) [النساء: 145].

    هنا سوء الحظ لغفلة الناس ونومهم عن أعمارهم، كما قال النبي الأكرم (ص):

    (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا).

    الناس نيام ولا يستيقظون من نومهم إلا عندما يرون عزرائيل حاضراً.

    يقول القرآن الكريم عندما يأتي عزرائيل يرى الإنسان كيف غفل عن عمره ولم يستفد منه، وقد فات الأوان، ولا يمكنه عمل شيء فيقول عندها: إلهي أرجعني لعلي أعمل لقبري ومحشري، لعلي أصير إنساناً.

    (رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا) [المؤمنون: 99 ـ 100].

    لحظة الموت يرى انه لم يعمل شيئاً وقد انقضى عمره بالغفلة فيقول: إلهي ارجعني، فيقال له إنّ الرجوع محال.

    يقول القرآن الكريم: إن هذه الاستغاثة لا تصدر فقط لحظة الموت بل عندما يذهب إلى جهنم، يقول هنا بحسرة وأنين إلهي ارجعني لأعمل لآخرتي، فلا يسمع سوى جواب النفي والرفض.

    (وهم يَصْطرَخُون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كُنا نَعَمُل) [فاطر: 37].

    يعني أن أهل جهنم يئنون ويتأوهون فيها وبعض كلامهم: ربنا ارجعنا إلى الدنيا لكي نعمل صالحاً، فيقال لهم: ألم نعطك سبعين عاماً من العمر، فماذا فعلت؟ ألم يكن لك شباب وشيخوخة؟ بأي عمل أفنيت شبابك؟ بأي شكل أمضيت شيبتك؟.

    (أولم نعمركم ما يتذكر فيه مَن تذكر وما جاءكُمُ النذَّيُر فَذُوُقوا فما للظالمِيِن من نصيرٍ) [فاطر: 37].

    ألم نعطكم من العمر ما يكفي لكي تتذكروا، فلا تسمعون سوى جواب القهر الإلهي (فذوقوا) وتجرعوا هذا العذاب في جهنم فإن الظالم ليس له نصير.

    ولكن هذا الظالم ظلم من؟ لقد ظلم نفسه، ولماذا ظلم نفسه؟ لأنه كان بوسعه وفي خمسين عاماً من العمر، أو ستين عاماً أو سبعين عاماً، أن يدرك سعادة الدنيا والآخرة.

    وكان باستطاعته أن يسعد الآخرين، ولو استثمر عمره لاستطاع أن يكون مفخرة من المفاخر.

    إنّ الغفلة عن العمر والغفلة عن الشباب تسبب ذهاب الشباب هدراً.

    العمر والشباب نعمة من العلو والعظمة إلى درجة أنه جاء في الرواية أن أهل المحشر عندما يردون صفوفه، يجري استجوابهم قبل الحساب والكتاب فيسألون عن أمرين: الأول عن العمر والثاني عن الشباب [قال رسول الله (ص): لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما افناه وشبابه فيما ابلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما انفقه، وعن حبنا أهل البيت. بحار الأنوار، ج7 ص258].

    على الجميع وخاصة أعزائي الشباب من البنين والبنات أن ينتبهوا إلى العمر وينتبهوا إلى الشباب، فالعبادة في الشباب عصا الشيخوخة، فانتبهوا إلى الشباب، وبوسعكم خلق السعادة مادمتم شباباً.

    أما إذا تجاوزتم الأربعين فقد عجزتم، فلا تستطيعون فعل شيء إذا لم تكونوا قد ادخرتم شيئاً لتأمين السعادة.

    انتبهوا لكي لا يذهب الشباب هدراً، انتبهوا أن لا يتلف الشباب بالبطالة والشهوة والأعمال التافهة.

    الكل والجميع الرجال المسنون والنساء المسنات انتبهوا إلى العمر.

    يستطيع الإنسان تأمين سعادة الدنيا والآخرة في يوم واحد، ولكن الغفلة عن العمر وعن هذه النعمة الكبيرة تسقط الإنسان وعلى قول القرآن الكريم: يصل الإنسان إلى مستوى الحيوان بل أحقر من ذلك.

    3 ـ الغفلة عن القابليات:

    الغفلة الثالثة والموضع الذي يركز عليه القرآن هو الغفلة عن ملكات الإنسان، هذا الإنسان موجود عجيب وكما يعبر القرآن فالإنسان (أمين الله)، وهذا الأمين الالهي يستطيع التصرف بقابلياته حتى يصل المقام الراقي، لكنه مع الأسف لا يستفيد من هذه القابليات. يقول تعالى في آية الأمانة:

    (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوماً جهولاً) [الأحزاب: 72].

    نحن عرضنا الأمانة على عالم المخلوقات، ولكنها لم تكن تمتلك مؤهلات القبول هذا الإنسان فقط كان لديه القدرة والقابلية وقد قبل الأمانة.

    ولكن القرآن يقول: (إنه كان ظلوماً جَهُولا).

    هذا الإنسان ظالم جداً لنفسه وجاهل جداً بنفسه فهو جاهل لأن الغفلة لا تدعه يلتفت لقدراته والغفلة لا تدعه يستفيد من ملكاته.

    وهو ظالم لنفسه لأنه يذهب قابلياته هدراً كما يذهب الماء الكثير هدراً ولا يستفيد منه أحد.

    فالإنسان ظالم وجاهل.

    وقد تجد شخصاً جائعاً رغم كونه يملك أرضاً واسعة ولديه ماء وافر. يقول أمير المؤمنين (ع):

    (من وجد ماء وتراباً ثم افتقر فابعده الله) [بحار الأنوار، ج103 ص65].

    إن الذي لديه أرض ولديه ماء ومازال فقيراً فذلك بعيد عن رحمة الله، فرداً كان أو أمة.

    نحن لدينا طاقات واستعدادات كامنة ويجب الاستفادة منها.

    وإذا لم نستفد منها وفرطنا فيها فسوف تلحقنا لعنة الله والنبي (ص) والأئمة الطاهرين (ع).

    4 ـ الغفلة عن الموت:

    غفلة الإنسان الرابعة هي الغفلة عن الموت، كلنا نعلم بأننا سوف نموت، ولكننا نغفل عن هذا الموت ونغفل عن القبر ونغفل عن القيامة ونغفل عن جهنم ونغفل عن الجنة.

    هذه الغفلة جعلتنا عاجزين، فيجب على الإنسان في كل يوم أن يغور في أعماق نفسه مرة أو مرتين أو ثلاث مرات، ليفكر بالموت.

    أنا وأنتم هل سنتمكن من الخروج من هذا المكان أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    هل سأتمكن أنا من النزول عن المنبر أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    هل هذه الليلة أول ليلة قبرنا أم لا؟ ليس ذلك معلوماً.

    كلنا جميعاً غافلون عن الموت، لو نزل الموت فهل ستكون أول ليلة في القبر. ليلة راحة لنا أم ليلة شدة علينا؟.

    أمر القبر صعب وصعب جداً.

    ورد في الرواية أنّ شخصاً دفن، وعندما وصل النبي الأكرم (ص) كان التراب قد أهيل على القبر، فوضع النبي يده على القبر وقرأ الفاتحة وبكى حتى ابتل تراب القبر من دموع عينيه المباركتين، ثم قال:

    (يجب التفكير بهذا المكان، يجب العمل. لا يتم الأمر بلا عمل).

    جاء في الروايات: أنّ القبر ينادينا كل يوم، ولكننا أصماء في عالم الفتنة هذا، ولو كانت الأذن صاغية لسمعت نداء القبر كل يوم، فهو ينادي أنا بيت الظلمة فابعثوا لي بالنور أنا بيت الوحشة فابعثوا لي بأنيس، أنا بيت العقارب والحيات ولقد استحالت أعمالك السيئة عقارب وحيات فابعث شيئاً يعني توبة وإنابة تقتل العقارب والحيات، أنا بلا فراش فابعثوا لي بفراش، فالقبر ينادينا بشكل متواصل.

    انتبه ستكون في بطني ففكر لهذا البيت واعمر هذا البيت [بحار الأنوار، ج6 ص267. (عن أبي عبد الله (ع) قال: إن للقبر كلاماً في كل يوم يقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود أنا القبر أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)].

    هناك ما هو أشد إيلاماً من كوننا مشغولين بإعمار بيتنا الدنيوي وتزيينه وتنظيفه وتحسين أثاثه وترتيبه وغافلين عما سيحدث فيما لو كانت هذه الليلة هي ليلتنا الأولى في القبر؟

    عالم البرزخ هل هو سنة واحدة أم مليون سنة؟ أم عشرة ملايين سنة أم مليار سنة؟ لا نعلم من ذلك شيئاً.

    عالم البرزخ هذا يتطلب منا العمل.

    الإمام الصادق (ع) يخبر الشيعة أن عالم البرزخ في عهدتكم فشفاعتهم ستنال الشيعة ولكنه يخاف عليهم من البرزخ حيث قال:

    (أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ قلت: وما البرزخ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة) [بحار الأنوار، ج6 ص267].

    ماذا أعددت لهذه سنة أو أكثر، يوم القيامة يوم صعب، يوم القيامة وكما يشير القرآن يود الإنسان أن يعطي كل شيء ويفدي نفسه بكل شيء لينجو ولكن لا ينفعه ذلك.

    القرآن الكريم يعرض حالة الإنسان يوم القيامة وكيف يكون حاله ومصيره فيقول:

    (يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه * كلا...) [المعارج: 11 ـ 15].

    يقول الإنسان يوم القيامة، إلهي ابنتي وزوجتي وأخي وعشيرتي وكل فرد على الأرض فداء لنجاتي، يعني إلهي ليذهب الجميع إلى جهنم ولكن اطلقني.

    فيأتيه الجواب كلا لن يكون ذلك، أنت وعملك.

    إن كان عملك حسناً فالسعادة وان كان عملك سيئاً فالشقاء والتعاسة يوم القيامة يوم مشقة، احياناً يغرق الإنسان في غرفة بسبب الفضيحة حتى يسيل العرق إلى ذقنه.

    فلا تغفل عن يوم القيامة ولا تغفل عن جهنم وعذابها ولا تغفل عن الجنة وعن النعم التي فيها.

    ورد في الروايات أنّ من حسرات أهل النار أنهم ينظرون إلى الجنة أثناء رواحهم إلى جهنم فيرون قصراً في الجنة ليس له صاحب وفيه حور عين بلا زوج وفيه حديقة بلا مالك، فصاحبها يجب أن يحترق في جهنم وهذا قصره وحوريته وحديقته بلا صاحب.

  • #2
    موضوع جميل أخي....
    بس عندي ملاحظة بسيطة:

    نتمنى أن نرى بعض التنظيم في مواضيعك القادمة فهي من احدى الطرق للتميز.....دمت بخير
    ــ تقبلوا تحيـ تلمــ الحياة ـذـاتي ــ
    ـــــــــــــــــــــ
    ــــــــ
    ـــ

    تعليق

    يعمل...
    X