كلنا بائعون
تجاوز مفهوم البيع مجالات التجارة والأعمال إلى المجالات الاجتماعية والفكرية والدعوية ما دام أنه يقوم على أساس قيام طرف ما تجاه طرف آخر بالتأثير عليه، وإقناعه من خلال معطيات محددة لقبول واقتناء معروضه الذي يقوم بعرضه عليه؛ فقد يكون هذا المعروض سلعة أو خدمة أو فكرة أو قيمة أو معتقدًا أو حتى الهواء نفسه!!
من هنا نستطيع أن ندعي أننا –أنا وأنت وكل من هم حولنا– بائعون يمارسون العملية البيعية سواء كانوا يعلمون أو لا يعلمون، وما الاختلاف إلا بمقدار الممارسة وطريقتها وإدراك ممارستها.
فما الشخص في المعرض أو الوكالة أو البقالة إلا بائع يريد إقناع عميله بشراء منتجه، وما الأب والأم إلا بائعان يقومان بترويج القيمة الأدبية والأخلاقية، أو المعتقد أو الفكرة في نفوس أبنائهما، وكذلك المفكر والداعية.. فما أولئك إلا أطراف يرغبون في التأثير على الآخرين، وإقناعهم بما يعرضونه بهدف دفعهم إلى اقتنائه.
وللفت النظر لأهمية البيع انظر حولك لتحدد كم من الأشياء المحيطة بك قد خضع لعملية البيع.. من مقعد تجلس عليه، ومن ملبس تلبسه، وساعة تضعها في يدك، وجهاز حاسب تتعامل معه وغيرها الكثير والكثير…
إن إدراكنا لأهمية العملية البيعية وفهم حقيقتها وأهميتها في الحياة البشرية ككل وليس الحياة العملية أو التجارية فحسب لهو حجر الأساس الذي يستند عليه البائع في تحقيق التميز والنجاح نحو تحقيق الاحتراف البيعي المنشود.
إن ممارسة العملية البيعية هي ممارسة يقوم بها الجميع على الإطلاق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بوعي أو بدون وعي. إلا أن الممارسة البيعية الاحترافية هي عملية تحكمها عدة جوانب يستطيع من خلالها البائع التميز والتفوق على غيره من البائعين، محققًا بذلك مفهوم "البيع الاحترافي".
ونجاح البائع في القيام بمهام وظيفته البيعية رهين بمقدار ما يتمتع به من مهارات وفنون تمثل بالنسبة له حجر الأساس الذي يرتكز عليه في تحقيق نجاحاته المهنية.
وقد أضحت مؤسسات الأعمال المتنافسة تعطي اعتباراً هامًّا للوظيفة البيعية، بل أصبحت عنصراً رئيسيًّا في إستراتيجيتها.
وتكمن أهمية وظيفة البائع في الدور البارز الذي يلعبه في تفعيل أداء المؤسسة وتحسين إنتاجيتها، حتى وجدت هذه المؤسسات نفسها ملزمة -في ظل المنافسة الشديدة- بتعاهد رجال البيع لديها بالرعاية المستمرة واستثمارها بالتطوير والتدريب اللازم.
واذا كنت ترغب في التعرف على جزء بسيط من مهارة البائع فعليك بقراءة السطور القادمة قراءة متأنية.. فهي تقدم رؤية وخبرة متمرس في مجال تدريب البائعين، خاصة المحترفين منهم.
البيع.. ومتطلباته
البيع هو عملية يتم من خلالها التأثير على العميل المستهدف، ودفعه لاتخاذ قرار الشراء. وتعريف البيع بهذا الشكل الواضح والمحدد يجعلنا قادرين على تلافي الخلط الذي كثيرًا ما يقع فيه العاملون في مجالي البيع والتسويق؛ حيث نجد كثيرًا الخلط لدى هؤلاء؛ باعتبارهم أن البيع جانب من جوانب التسويق أو أنه أحد عناصر عملية التسويق.
إلا أننا سنكتفي بالقول بأن التسويق هو مرحلة تمهيدية وضرورية للعملية البيعية. وهما عمليتان متكاملتان يقوم من خلالهما التسويق بالتمهيد لصالح إتمام الصفقة البيعية.
وتتضمن عملية البيع عدة عناصر، هي:
- البائع: نقصد به أي شخص يعمل في البيع (مندوب مبيعات، بائع... إلخ).
- المُنتَج: نرمز به عمومًا للسلعة أو الخدمة أو المنتج التي يُروج لبيعه.
- العميل المستهدف: هو العميل المرتقب الذي يتم التحرك معه لبيع المنتج.
ووضوح مفهوم البيع في ذهن البائع ييسر عليه القيام بمهمته البيعية؛ إذ ينحصر دوره في دفع العميل المستهدف لاتخاذ قرار الشراء، وبمعنى آخر إتمام الصفقة البيعية.
وثمة عوامل عديدة تساعد البائع في تحقيق التميز والنجاح في أدائه البيعي، وتجعله بائعًا محترفًا؛ فالعملية البيعية هي مزيج من المعرفةKnowledge والمهارة Skill والسلوك Attitude ؛ حيث تمثل المعرفة مدى معرفة البائع، وإلمامه بالمنتج الذي يروج له، في حين تعكس المهارة الطريقة والتقنية التي ينتهجها البائع في أداء وظيفته البيعية، أما السلوك فهو يعبر عن المواقف Attitudes والصورة المهنية الاحترافيةProfessional Image التي يعكسها البائع عن نفسه وعن منتجه أثناء قيامه بمهمته البيعية.
والإضافة التي يطرحها مفهوم البيع الاحترافي تتمثل في البعد الثالث والجديد "السلوك"، وهو البعد الذي لم يؤخذ بعين الاعتبار ضمن المفهوم البيعي بشكله العام؛ حيث أثبتت الوقائع والبحوث والدراسات أهمية هذا البعد، بالإضافة إلى البعد الثاني "المهارة" في تحقيق نجاح وتميز الأداء البيعي للبائع؛ لدرجة تفوق بكثير درجة الإلمام والمعرفة بالمنتج؛ حيث أبرزت نتائج تلك البحوث والدراسات أن نجاح البيع من خلال الأبعاد الثلاثة للعملية البيعية في حدود 10 - 15% للمعرفة، في حين أنه ما بين 85 و90% للمهارات والسلوك معًا.
ولا يعني هذا بالطبع عدم أهمية جانب الإلمام والمعرفة بالمنتج، بل هو أمر ضروري وأساسي، إلا أن الاعتبار الأقوى في العملية البيعية يتركز في بُعدَي (المهارة والسلوك)؛ وهو ما يشير إلى أن المعرفة وحدها لن تكون العنصر الضامن لنجاح العملية البيعية. وبالقدر الذي يستطيع البائع أن ينمي نفسه مهنيًّا من خلال هذه المجالات الثلاثة بقدر ما يستطيع التفوق والنجاح في مهمته البيعية.
وسنعرض مثالا تشبيهيا لتأكيد وتوضيح فكرتنا هذه؛ يقول "بوب جونسون" أحد المختصين في مجال البيع: "إن نجاح البائع يرتبط دائما بمدى ممارسته وخبرته البيعية بالضبط كالراكب المبتدئ للدراجة الهوائية".
فإذا أردنا أن نعلِّم شخصًا حديث العهد ركوب الدراجات فعلينا أن نرشده لكيفية ركوبها، كأن نقول له: عليك أن تركب الدراجة، وتضع قدمك اليمنى على دواسة الدراجة اليمنى، وقدمك اليسرى على دواسة الدراجة اليسرى، ثم عليك أن تمسك بمقود الدراجة بيديك، ثم تبدأ بتحريك عجلاتها بالضغط على الدواستين…" وهكذا. بذلك نكون قد حققنا البعد الأول (المعرفة)، لكن هل يعني هذا أن الشخص أصبح ماهرًا في ركوب الدراجة؟ بالطبع لا.
فالذي يراد بهذا المثال أن المعرفة وحدها ليست كافية لاحتراف المهمة البيعية، بل تحتاج إلى التجربة والخبرة كما هي في الشخص راكب الدراجة الهوائية؛ فبقدر ما يمارس ركوب الدراجة بقدر ما يستطيع من تطوير مهارته في ركوبها حتى يصل إلى درجة من الاتزان والثقة في القيادة تجعله محترفاً في قيادة الدراجات.
والبيع كذلك ما هو إلا معرفة وإلمام يتم تدعيمهما بالمهارات من خلال الممارسة والتجربة للوصول إلى درجة الاتزان والثقة في السلوك (أي تحقيق مستوى البيع الاحترافي).
إدارة وتخطيط
يمثل هذا الجانب رسم الإطار العام والخطة الإدارية للعملية البيعية؛ حيث إننا ندرك بداهة أننا لا يمكن أن نستهل نشاطنا البيعي دونما خطة تحرك وبرمجة زمنية واضحة المعالم؛ حيث ينحصر هذا الجانب في الآتي:
1- تحديد الهدف:
إن أساس الحكم على مدى نجاح البائع في مهمته البيعية هو قياس مدى تحقيقه للهدف البيعي الذي وضعه لنفسه.. فلا يمكننا أن نتصور بائعًا يقوم بمهمته البيعية دون تحديده المسبق للنتيجة التي يرغب في الوصول إليها (أي الهدف البيعي الذي يريد تحقيقه). وهنا يجب التنويه إلى أن الهدف السليم هو الهدف الذي يتصف بمواصفات محددة تجمعها الحروف الأولى لخمس كلمات باللغة الإنجليزية، وتكون الكلمة SMART . فحتى يكون هدفنا SMART يجب أن يكون:
- محدداً (Specific)
- قابلاً للقياس (Measurable)
- متفقًا عليه (Agreed)
- واقعيا (Realistic)
- محددًا بزمن (Timed)
- فقد يكون تحديد الهدف البيعي لدى أحد البائعين هو تحديد المنتج الذي يقوم ببيعه؛ كأن يحدد مجال بيعه ببيع أجهزة الكمبيوتر (الحاسب الآلي).
- وقابلية القياس كأن يحدد الكمية التي يريد بيعها؛ كأن تكون 500 جهاز أو بتحديد إيراد محدد كأن يكون 000 550 دولار.
- ويكون الهدف متفقًا عليه مثلاً بين البائع وإدارة مؤسسته أو القسم الذي يعمل به ومع زملائه البائعين.
-وواقعية الهدف تكون من خلال تحديده بما يتناسب مع الإمكانات والموارد المتاحة وطبيعة السوق وحجم المنافسة؛ فلا يعقل أن تحدد هدفك بتحقيق إيراد قدره مليون دولار، والظروف المحيطة على اختلافها لن تتيح لك المجال لتحقيق 25% من هذا الإيراد.
-التحديد الزمني للهدف المنشود عنصر في غاية الأهمية؛ فلا يعقل أن يحدد الهدف، وأن يكون مقيسًا دون أن تحدد المدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه؛ كأن يقال في مثالنا السابق: إنني أريد بيع 500 جهاز كمبيوتر خلال شهر أكتوبر.
يُذكر أن تحديد الهدف البيعي قد يتطلب بعض العناصر المدعمة الأخرى التي تضمن للبائع تحقيق أهدافه البيعية على أكمل وجه؛ كأن يضع خطة عمل مبرمجة زمنيًّا، ويحدد المعوقات التي قد تواجهه، ويحدد آليات العمل التي سيتبعها، وفريق العمل المساند… وغيرها من العناصر الأخرى التي قد يرى ضرورتها.
إننا وفقاً لهذا التحديد يمكننا الانطلاق في ممارسة مهمتنا البيعية والمباشرة في وضع خطة العمل المناسبة.
2- تنظيم آلية البيع وخطواتها:
إن الإعداد والتحضير الجيد والمتكامل مطلب أساسي للبائع لتحقيق التميز والنجاح في مهمته البيعية، ويتضمن الجوانب التالية:
أ. إعداد قاعدة البيانات بالشريحة المستهدفة:
الخطوة الأولى التي سترسم ملامح التحرك وخطتها وجود قاعدة بيانات للسوق المستهدفة بما يضمه من شرائح مختلفة ومتنوعة من العملاء المستهدفين؛ إذ لا يتصور أن يتحرك "البائع" اعتباطًا دون حصر وتحديد الشريحة (أو الشرائح) التي يريد التحرك عليها.
ب. تصنيف الشريحة المستهدفة:
يتم خلال هذه المرحلة فرز وتصنيف الشريحة المستهدفة إلى مجموعات قد يتم تبويبها من حيث الأولوية والأهمية، وقد يتم تبويبها حسب آلية ومنهجية التحرك التي يصفها البائع، أو حسب التوزيع الجغرافي لها… أو غيرها من التصنيفات التي تراعى في تحديد أفضل نماذج العملاء المرتقبين، وتصنيفها ضمن فئات الأهمية (مثلاً فئة أ، فئة ب، فئة ج).
ت.تنظيم العملاء الحاليين:
إن رصيد الخبرة الذي يملكه البائع عن التعامل مع مجموعة العملاء القدامى سيساعده حتماً في تنظيم عملائه الحاليين من خلال انتقاء العملاء القدامى الجيدين، ولعلنا نشير في هذا المقام إلى ما يُعرف بمبدأ باريتو الذي يُعرف بقاعدة "80-20"، والتي تعنى في أحد أوجه تفسيرها بأن ما معدله 80% من الأعمال والإيرادات مرجعها إلى 20% من العملاء؛ الأمر الذي يستدعي إعطاء مزيد من الوقت لعملائنا القدامى الجيدين والتركيز عليهم، عوضًا عن البحث عن عملاء جدد.
ث. تنظيم جدول العمل اليومي (تنظيم الوقت):
إن تنظيم جدول العمل اليومي يعني بدهيًّا أن تكون لدى البائع مجموعة من الأنشطة والمهام التي يريد القيام بها. وما عملية تنظيم الوقت إلا عملية تحدي المهام والأنشطة ذات الأولوية، والطابع الأهم ضمن جدولة العمل اليومي بحيث تضمن استثمار الوقت بشكله الأمثل.
يقول بوب جونسون في هذا الصدد: إن البائع المحترف هو البائع الذي يستطيع أن يقوم بالأولويات في الوقت الأولي، والثانويات في الوقت الثانوي. ويضيف جونسون أن الوقت الأولي: من الصباح إلى المساء الذي يمكن فيه الالتقاء مع عميل مستهدف. أما الوقت الثانوي فهو: الذي يمكن فيه القيام بالأعمال الثانوية كتنظيم محفظة الأوراق وكتابة بعض التقارير والأعمال الشخصية التي لا تمثل للبائع أية أولوية.
يُذكر أن عملية تنظيم الوقت تخضع لآليات مختلفة من بائع لآخر؛ فقد تكون قائمة المهام TO Do List مناسبة لأحدهم، بينما تكون قائمة المواعيد الأسبوعية مناسبة لآخر؛ لذا فعلى البائع تحديد الآلية والطريقة التي تناسبه لتنظيم وقته.
ج. تنظيم مادة المبيعات:
المقصود بمادة المبيعات مجموعة الوثائق والكتيبات والأوراق (الكاتالوجات والبروشورات) التي يعتمد عليها البائع في تقديم عرضه البيعي.
فبالقدر الذي يستطيع البائع أن ينظم هذه المستندات بمغلفات أو كراسات معدة ومصممة بطريقة مهنية جذابة.. يستطيع أن يؤثر إيجابيًّا على عميله المستهدف ويترك الانطباع الإيجابي لديه.
والحقيقة أن قدرة البائع على عرض منتجه بأسلوب جذاب ومهني لن تزيد من قيمة المنتج شيئاً، لكنها حتمًا ستضيف قيمة "إدراك حسي" لدى العميل عن المنتج.
تجاوز مفهوم البيع مجالات التجارة والأعمال إلى المجالات الاجتماعية والفكرية والدعوية ما دام أنه يقوم على أساس قيام طرف ما تجاه طرف آخر بالتأثير عليه، وإقناعه من خلال معطيات محددة لقبول واقتناء معروضه الذي يقوم بعرضه عليه؛ فقد يكون هذا المعروض سلعة أو خدمة أو فكرة أو قيمة أو معتقدًا أو حتى الهواء نفسه!!
من هنا نستطيع أن ندعي أننا –أنا وأنت وكل من هم حولنا– بائعون يمارسون العملية البيعية سواء كانوا يعلمون أو لا يعلمون، وما الاختلاف إلا بمقدار الممارسة وطريقتها وإدراك ممارستها.
فما الشخص في المعرض أو الوكالة أو البقالة إلا بائع يريد إقناع عميله بشراء منتجه، وما الأب والأم إلا بائعان يقومان بترويج القيمة الأدبية والأخلاقية، أو المعتقد أو الفكرة في نفوس أبنائهما، وكذلك المفكر والداعية.. فما أولئك إلا أطراف يرغبون في التأثير على الآخرين، وإقناعهم بما يعرضونه بهدف دفعهم إلى اقتنائه.
وللفت النظر لأهمية البيع انظر حولك لتحدد كم من الأشياء المحيطة بك قد خضع لعملية البيع.. من مقعد تجلس عليه، ومن ملبس تلبسه، وساعة تضعها في يدك، وجهاز حاسب تتعامل معه وغيرها الكثير والكثير…
إن إدراكنا لأهمية العملية البيعية وفهم حقيقتها وأهميتها في الحياة البشرية ككل وليس الحياة العملية أو التجارية فحسب لهو حجر الأساس الذي يستند عليه البائع في تحقيق التميز والنجاح نحو تحقيق الاحتراف البيعي المنشود.
إن ممارسة العملية البيعية هي ممارسة يقوم بها الجميع على الإطلاق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بوعي أو بدون وعي. إلا أن الممارسة البيعية الاحترافية هي عملية تحكمها عدة جوانب يستطيع من خلالها البائع التميز والتفوق على غيره من البائعين، محققًا بذلك مفهوم "البيع الاحترافي".
ونجاح البائع في القيام بمهام وظيفته البيعية رهين بمقدار ما يتمتع به من مهارات وفنون تمثل بالنسبة له حجر الأساس الذي يرتكز عليه في تحقيق نجاحاته المهنية.
وقد أضحت مؤسسات الأعمال المتنافسة تعطي اعتباراً هامًّا للوظيفة البيعية، بل أصبحت عنصراً رئيسيًّا في إستراتيجيتها.
وتكمن أهمية وظيفة البائع في الدور البارز الذي يلعبه في تفعيل أداء المؤسسة وتحسين إنتاجيتها، حتى وجدت هذه المؤسسات نفسها ملزمة -في ظل المنافسة الشديدة- بتعاهد رجال البيع لديها بالرعاية المستمرة واستثمارها بالتطوير والتدريب اللازم.
واذا كنت ترغب في التعرف على جزء بسيط من مهارة البائع فعليك بقراءة السطور القادمة قراءة متأنية.. فهي تقدم رؤية وخبرة متمرس في مجال تدريب البائعين، خاصة المحترفين منهم.
البيع.. ومتطلباته
البيع هو عملية يتم من خلالها التأثير على العميل المستهدف، ودفعه لاتخاذ قرار الشراء. وتعريف البيع بهذا الشكل الواضح والمحدد يجعلنا قادرين على تلافي الخلط الذي كثيرًا ما يقع فيه العاملون في مجالي البيع والتسويق؛ حيث نجد كثيرًا الخلط لدى هؤلاء؛ باعتبارهم أن البيع جانب من جوانب التسويق أو أنه أحد عناصر عملية التسويق.
إلا أننا سنكتفي بالقول بأن التسويق هو مرحلة تمهيدية وضرورية للعملية البيعية. وهما عمليتان متكاملتان يقوم من خلالهما التسويق بالتمهيد لصالح إتمام الصفقة البيعية.
وتتضمن عملية البيع عدة عناصر، هي:
- البائع: نقصد به أي شخص يعمل في البيع (مندوب مبيعات، بائع... إلخ).
- المُنتَج: نرمز به عمومًا للسلعة أو الخدمة أو المنتج التي يُروج لبيعه.
- العميل المستهدف: هو العميل المرتقب الذي يتم التحرك معه لبيع المنتج.
ووضوح مفهوم البيع في ذهن البائع ييسر عليه القيام بمهمته البيعية؛ إذ ينحصر دوره في دفع العميل المستهدف لاتخاذ قرار الشراء، وبمعنى آخر إتمام الصفقة البيعية.
وثمة عوامل عديدة تساعد البائع في تحقيق التميز والنجاح في أدائه البيعي، وتجعله بائعًا محترفًا؛ فالعملية البيعية هي مزيج من المعرفةKnowledge والمهارة Skill والسلوك Attitude ؛ حيث تمثل المعرفة مدى معرفة البائع، وإلمامه بالمنتج الذي يروج له، في حين تعكس المهارة الطريقة والتقنية التي ينتهجها البائع في أداء وظيفته البيعية، أما السلوك فهو يعبر عن المواقف Attitudes والصورة المهنية الاحترافيةProfessional Image التي يعكسها البائع عن نفسه وعن منتجه أثناء قيامه بمهمته البيعية.
والإضافة التي يطرحها مفهوم البيع الاحترافي تتمثل في البعد الثالث والجديد "السلوك"، وهو البعد الذي لم يؤخذ بعين الاعتبار ضمن المفهوم البيعي بشكله العام؛ حيث أثبتت الوقائع والبحوث والدراسات أهمية هذا البعد، بالإضافة إلى البعد الثاني "المهارة" في تحقيق نجاح وتميز الأداء البيعي للبائع؛ لدرجة تفوق بكثير درجة الإلمام والمعرفة بالمنتج؛ حيث أبرزت نتائج تلك البحوث والدراسات أن نجاح البيع من خلال الأبعاد الثلاثة للعملية البيعية في حدود 10 - 15% للمعرفة، في حين أنه ما بين 85 و90% للمهارات والسلوك معًا.
ولا يعني هذا بالطبع عدم أهمية جانب الإلمام والمعرفة بالمنتج، بل هو أمر ضروري وأساسي، إلا أن الاعتبار الأقوى في العملية البيعية يتركز في بُعدَي (المهارة والسلوك)؛ وهو ما يشير إلى أن المعرفة وحدها لن تكون العنصر الضامن لنجاح العملية البيعية. وبالقدر الذي يستطيع البائع أن ينمي نفسه مهنيًّا من خلال هذه المجالات الثلاثة بقدر ما يستطيع التفوق والنجاح في مهمته البيعية.
وسنعرض مثالا تشبيهيا لتأكيد وتوضيح فكرتنا هذه؛ يقول "بوب جونسون" أحد المختصين في مجال البيع: "إن نجاح البائع يرتبط دائما بمدى ممارسته وخبرته البيعية بالضبط كالراكب المبتدئ للدراجة الهوائية".
فإذا أردنا أن نعلِّم شخصًا حديث العهد ركوب الدراجات فعلينا أن نرشده لكيفية ركوبها، كأن نقول له: عليك أن تركب الدراجة، وتضع قدمك اليمنى على دواسة الدراجة اليمنى، وقدمك اليسرى على دواسة الدراجة اليسرى، ثم عليك أن تمسك بمقود الدراجة بيديك، ثم تبدأ بتحريك عجلاتها بالضغط على الدواستين…" وهكذا. بذلك نكون قد حققنا البعد الأول (المعرفة)، لكن هل يعني هذا أن الشخص أصبح ماهرًا في ركوب الدراجة؟ بالطبع لا.
فالذي يراد بهذا المثال أن المعرفة وحدها ليست كافية لاحتراف المهمة البيعية، بل تحتاج إلى التجربة والخبرة كما هي في الشخص راكب الدراجة الهوائية؛ فبقدر ما يمارس ركوب الدراجة بقدر ما يستطيع من تطوير مهارته في ركوبها حتى يصل إلى درجة من الاتزان والثقة في القيادة تجعله محترفاً في قيادة الدراجات.
والبيع كذلك ما هو إلا معرفة وإلمام يتم تدعيمهما بالمهارات من خلال الممارسة والتجربة للوصول إلى درجة الاتزان والثقة في السلوك (أي تحقيق مستوى البيع الاحترافي).
إدارة وتخطيط
يمثل هذا الجانب رسم الإطار العام والخطة الإدارية للعملية البيعية؛ حيث إننا ندرك بداهة أننا لا يمكن أن نستهل نشاطنا البيعي دونما خطة تحرك وبرمجة زمنية واضحة المعالم؛ حيث ينحصر هذا الجانب في الآتي:
1- تحديد الهدف:
إن أساس الحكم على مدى نجاح البائع في مهمته البيعية هو قياس مدى تحقيقه للهدف البيعي الذي وضعه لنفسه.. فلا يمكننا أن نتصور بائعًا يقوم بمهمته البيعية دون تحديده المسبق للنتيجة التي يرغب في الوصول إليها (أي الهدف البيعي الذي يريد تحقيقه). وهنا يجب التنويه إلى أن الهدف السليم هو الهدف الذي يتصف بمواصفات محددة تجمعها الحروف الأولى لخمس كلمات باللغة الإنجليزية، وتكون الكلمة SMART . فحتى يكون هدفنا SMART يجب أن يكون:
- محدداً (Specific)
- قابلاً للقياس (Measurable)
- متفقًا عليه (Agreed)
- واقعيا (Realistic)
- محددًا بزمن (Timed)
- فقد يكون تحديد الهدف البيعي لدى أحد البائعين هو تحديد المنتج الذي يقوم ببيعه؛ كأن يحدد مجال بيعه ببيع أجهزة الكمبيوتر (الحاسب الآلي).
- وقابلية القياس كأن يحدد الكمية التي يريد بيعها؛ كأن تكون 500 جهاز أو بتحديد إيراد محدد كأن يكون 000 550 دولار.
- ويكون الهدف متفقًا عليه مثلاً بين البائع وإدارة مؤسسته أو القسم الذي يعمل به ومع زملائه البائعين.
-وواقعية الهدف تكون من خلال تحديده بما يتناسب مع الإمكانات والموارد المتاحة وطبيعة السوق وحجم المنافسة؛ فلا يعقل أن تحدد هدفك بتحقيق إيراد قدره مليون دولار، والظروف المحيطة على اختلافها لن تتيح لك المجال لتحقيق 25% من هذا الإيراد.
-التحديد الزمني للهدف المنشود عنصر في غاية الأهمية؛ فلا يعقل أن يحدد الهدف، وأن يكون مقيسًا دون أن تحدد المدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه؛ كأن يقال في مثالنا السابق: إنني أريد بيع 500 جهاز كمبيوتر خلال شهر أكتوبر.
يُذكر أن تحديد الهدف البيعي قد يتطلب بعض العناصر المدعمة الأخرى التي تضمن للبائع تحقيق أهدافه البيعية على أكمل وجه؛ كأن يضع خطة عمل مبرمجة زمنيًّا، ويحدد المعوقات التي قد تواجهه، ويحدد آليات العمل التي سيتبعها، وفريق العمل المساند… وغيرها من العناصر الأخرى التي قد يرى ضرورتها.
إننا وفقاً لهذا التحديد يمكننا الانطلاق في ممارسة مهمتنا البيعية والمباشرة في وضع خطة العمل المناسبة.
2- تنظيم آلية البيع وخطواتها:
إن الإعداد والتحضير الجيد والمتكامل مطلب أساسي للبائع لتحقيق التميز والنجاح في مهمته البيعية، ويتضمن الجوانب التالية:
أ. إعداد قاعدة البيانات بالشريحة المستهدفة:
الخطوة الأولى التي سترسم ملامح التحرك وخطتها وجود قاعدة بيانات للسوق المستهدفة بما يضمه من شرائح مختلفة ومتنوعة من العملاء المستهدفين؛ إذ لا يتصور أن يتحرك "البائع" اعتباطًا دون حصر وتحديد الشريحة (أو الشرائح) التي يريد التحرك عليها.
ب. تصنيف الشريحة المستهدفة:
يتم خلال هذه المرحلة فرز وتصنيف الشريحة المستهدفة إلى مجموعات قد يتم تبويبها من حيث الأولوية والأهمية، وقد يتم تبويبها حسب آلية ومنهجية التحرك التي يصفها البائع، أو حسب التوزيع الجغرافي لها… أو غيرها من التصنيفات التي تراعى في تحديد أفضل نماذج العملاء المرتقبين، وتصنيفها ضمن فئات الأهمية (مثلاً فئة أ، فئة ب، فئة ج).
ت.تنظيم العملاء الحاليين:
إن رصيد الخبرة الذي يملكه البائع عن التعامل مع مجموعة العملاء القدامى سيساعده حتماً في تنظيم عملائه الحاليين من خلال انتقاء العملاء القدامى الجيدين، ولعلنا نشير في هذا المقام إلى ما يُعرف بمبدأ باريتو الذي يُعرف بقاعدة "80-20"، والتي تعنى في أحد أوجه تفسيرها بأن ما معدله 80% من الأعمال والإيرادات مرجعها إلى 20% من العملاء؛ الأمر الذي يستدعي إعطاء مزيد من الوقت لعملائنا القدامى الجيدين والتركيز عليهم، عوضًا عن البحث عن عملاء جدد.
ث. تنظيم جدول العمل اليومي (تنظيم الوقت):
إن تنظيم جدول العمل اليومي يعني بدهيًّا أن تكون لدى البائع مجموعة من الأنشطة والمهام التي يريد القيام بها. وما عملية تنظيم الوقت إلا عملية تحدي المهام والأنشطة ذات الأولوية، والطابع الأهم ضمن جدولة العمل اليومي بحيث تضمن استثمار الوقت بشكله الأمثل.
يقول بوب جونسون في هذا الصدد: إن البائع المحترف هو البائع الذي يستطيع أن يقوم بالأولويات في الوقت الأولي، والثانويات في الوقت الثانوي. ويضيف جونسون أن الوقت الأولي: من الصباح إلى المساء الذي يمكن فيه الالتقاء مع عميل مستهدف. أما الوقت الثانوي فهو: الذي يمكن فيه القيام بالأعمال الثانوية كتنظيم محفظة الأوراق وكتابة بعض التقارير والأعمال الشخصية التي لا تمثل للبائع أية أولوية.
يُذكر أن عملية تنظيم الوقت تخضع لآليات مختلفة من بائع لآخر؛ فقد تكون قائمة المهام TO Do List مناسبة لأحدهم، بينما تكون قائمة المواعيد الأسبوعية مناسبة لآخر؛ لذا فعلى البائع تحديد الآلية والطريقة التي تناسبه لتنظيم وقته.
ج. تنظيم مادة المبيعات:
المقصود بمادة المبيعات مجموعة الوثائق والكتيبات والأوراق (الكاتالوجات والبروشورات) التي يعتمد عليها البائع في تقديم عرضه البيعي.
فبالقدر الذي يستطيع البائع أن ينظم هذه المستندات بمغلفات أو كراسات معدة ومصممة بطريقة مهنية جذابة.. يستطيع أن يؤثر إيجابيًّا على عميله المستهدف ويترك الانطباع الإيجابي لديه.
والحقيقة أن قدرة البائع على عرض منتجه بأسلوب جذاب ومهني لن تزيد من قيمة المنتج شيئاً، لكنها حتمًا ستضيف قيمة "إدراك حسي" لدى العميل عن المنتج.
تعليق