أنا على يقين تام أن هناك طلاباٌ يعيشون مع أنفسهم حربا ضروس وتتضارب أفكارهم مع أحاسيسهم وتتصارع في عقولهم أفكار كثيرة حول حقيقة الاعتصام .
يتساءلون هل الاعتصام فيه أي مصلحة لنا ؟ يتهامسون إلى أنفسهم وأحيانا إلى أصدقائهم هل الاعتصام سوف يؤخر العملية التعليمية ؟ هل يجب علينا أن نشاركهم أم يجب علينا أن نكون بعيدين عنهم ؟
هناك أسئلة وهناك تساؤلات والأجوبة حائرة بينهما وهم أنفسهم حائرون , فكرهم يدور في دوامه لا يجدون لها طريقا للاستقرار أو مكان ليركن عليه .
أخي الطالب / أختي الطالبة في البداية دعني أحدثكم قليلا عن الاعتصام , فالاعتصام هو إحدى الطرق التي يعبر من خلالها عن الأفكار وكما يستعملها الناس ليعبرون عن رأيهم في شيء ما سواء كان بتأييد أو الرفض , وتختلف الوسائل وطرق الاعتصام من مكان إلى مكان ومن ثقافة إلى ثقافة ولكن يبقى الهدف هو التعبير عن الرأي والمطالبة بسماع هذا الرأي والأخذ به إذا كان صحيحا .
سأحاول وبكل تواضع إجابة هذه التساؤلات من خلال المنطق الذي أتبعه " أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك, وستكون غدا حيث تأخذك أفكارك" , ومن خلال قناعتي وعقيدتي التي تقول: "ما الحياة ألا تجربة !! فمن لا يملك مفاتيح قيده يملك على الأقل حق الدفاع عن حقه وحريته"
وإلى أولئك المتشككين من قدرة الاعتصام على تحقيق مطالبهم والى الذين يرونه بأنه تعطيل لمصالح الناس أقول لهم:
ليس عيبا أن يتراجع الإنسان خطوة للوراء لينظر إلى المستقبل ويقيم وضعه الحالي ويكون ذلك سببا في تقدمه ثلاث خطوات للإمام , ففي كل مرحله من مراحل الإنسان يجب عليه أن يقف وقفة مع نفسه لينظر في حاله "هل تحقق ما أريد؟؟ هل وصلت إلى ما كنت أطمح؟؟ ما أسباب نجاحي, فأطورها؟؟ وما أسباب فشلي فأصححها؟؟", ليكون التغيير طبقا لهذا التقييم , وفي كتاب "العودة للحب" لماريان ويليام سون التي تقول: "باستطاعتنا في كل لحظه تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة الحاضر".

ولا يجب علينا أن نتجاهل المقولة التي تقول : " أنا المسؤول عن عقلي إذا أنا المسؤول عن أفعالي" لأن الخطأ كل الخطأ، أن أنظم الأمور من حولي , ثم أترك نفسي في فوضى.
والى أولئك الذين يقولون أن الاعتصام يؤدي إلى توقف العملية التعليمية , فأقول لهم وبكل بساطه أن العملية التعليمية لا تتوقف أبدا فهي ليست محصورة فقط في حضور المحاضرات والدروس التي يلقيها المدرسين فهناك طرق عديدة ومتعددة لكسب العلم والمعرفة.
والى أولئك الذين يقولون في أنفسهم نحن "طلاب" ليس لنا حول ولا قوة , وليس هناك شيئا يمكننا فعله , فأقول لهم وبصوت عالي وبرأس مرفوعة وبكل ثقة أن الأساس في كل مجتمع هو عنصر الشباب, فكيف أذا كان هؤلاء الشباب هم الفئة المثقفة الدارسة الواعية منهم..!!!
انظروا إلى إخوانكم الطلاب فالماضي القريب منكم أطاحوا بنظام حكم في مصر دام اربعين سنة, فكيف لا نستطيع أن نطيح بكرسي وزيرة.!!!
اقرؤوا في تاريخ العرب ستجدون جيشا يقال له "جيش الظل" في فرنسا الذي يتشكل معظمه من الطلاب الجزائرين أو فئة الشباب وساعدوا في تحرير الجزائر من المحتلين الفرنسيين, فكيف لا نستطيع الإطاحة بكرسي وزيرة.!!
إلى أولئك الذين يرون المنكر, ويرون الباطل. ويرون الذين ينهكون الحق بفسادهم, ولا يتكلمون فأنكم للأسف لستم ألا شياطين خرساء طبقا للمقولة "الساكت عن الحق شيطان اخرس". ولاسيما إذا كان هذا الانتهاك يخص المصالح العامة التي تخص الجميع, والأدهى من ذلك كله أولئك الذين يعينونهم على الظلم ويستميلونهم ويزينون لهم الباطل وهم قادرون على ردعهم, أتناسيتم أن السكوت عن الحق معناه الرضا بالظلم, فهناك المقولة التي تقول" السكوت علامة الرضا".
لقد قرأت في أ حد الأيام كتابا أسمه "قريتي والخوف" للكاتبة إيناس الطاهر تقول فيه: " قمة المأساة تكمن بالظلم, كيف لا وهو يفطر لك كل بالا وكل خاطر, ويهجر من بابك أملا, ويرتحل حيث لا يكون لك زادا سوى أناتك المغتصبة, حتى أناتك صارت بلا قيمة أن أجادوا لها لجما!!!
هل سهل علينا أن نتقمص أدوارا ليست لنا؟؟ هل سهل علينا أن ندعي بأن الأمور تحت السيطرة؟؟ أي سيطرة تلك التي تلبسك ألف قناع, أقنعة مزيفة, بلا لون أو وجه أو تحديد!! أقنعة تمتص دماء صبرك وتخذلك, لتطعنك وترديك قتيل قاعك الأدنى!!! أننا في مأساة وأي مأساة تلك التي تسير بلا منهج لها ولا طريق, مأساة تتغلغل عبر أوردتك, لتسيطر على آخر قطرات صبرك, فلا هي تتركك مدركا, ولا هي تعطيك تجاهلا!!!! ".
إخواني الطلاب لقد حانت فرصتكم , فبفضل الله وبفضل الاعتصام صار لكم ولنا منبر عندما لم يكن هناك بالأمس منبرا نطالب فيه عن حقوقنا, فبفضل الاعتصام – بعد الله - حققنا مطالب كنا بالأمس القريب نعدها أمنيات صعب تحقيقها, وبفضل الاعتصام – بعد الله – اكتشفنا أن هناك قلوبا حنونة أظلت علينا بالحنان والرفق والتسامح وآذانا استمعت لنا وساهم أصحابها في تحقيق مطالبنا فلهم كل الشكر والتقدير, وبفضل الاعتصام – بعد الله – تعرفنا إلى أشخاص صار لهم في القلب مكان بعدما كنا قبل ذلك أغراب "فلنا الشرف بمعرفتكم", وبفضل الاعتصام – بعد الله - ضربنا لغيرنا مثالا لأجمل الصور في التعاون والإخاء فيما بيننا , وغيرها الكثير من المكاسب التي تحققت بفضل الاعتصام –بعد الله- .
ختاما, أرجوا من الله ومنكم أن لا تكونوا أعداء لأنفسكم, ولا تضعوا أمامكم الحواجز التي تمنعكم من تحقيق أهدافكم ولا تكونوا سببا في انتشار ما أسميته "الإرهاب الداخلي" الذي يجعلكم فاقدي الأمل ويشعركم بعدم الكفاءة ويجعلكم مهزوزين الثقة بأنفسكم, فالرسول الكريم يقول لنا:"لا يحقرن أحدكم نفسه", ويقول العالم الألماني جوته:"اشر الأضرار التي يمكن أن تصيب الإنسان هو ضنه السيئ في نفسه". بل كونوا على ثقة تامة أنكم قادرين على إحداث التغيير, ما دمتم محافظين ومرددين في أنفسكم "وأنا لي فالاعتصام مكان, وأنا لي يدا في التغيير والإصلاح".
وبأذن الله سوف يتم التغيير وسيعم الإصلاح بتحقيق المطالب.
وتقبلوا بوافر من الاحترام والتقدير
وهذا والله ولي التوفيق

نقلتها من إبداعات أخوكم: عيسى بن خليفة العدوي

وهل ما زلت متشككا في قدرة الإعتصام؟؟؟؟؟؟