محمد حاردان-
بشروق شمس هذا اليوم يطل علينا عام ميلادي جديد.. يقبل علينا ونحن كلنا أمل بأن نكتب على صفحاته وأوراقه الأولى والبيضاء؛ ضرورة ووجوب المحافظة على المكتسبات، والروح الوطنية المسؤولة، والعمل بيد واحدة تدفعها روح التكاتف من أجل بناء عمان الغد، والتي تسع الجميع بلا استثناء.. دولة يسودها العدل ويحكمها القانون وتزينها الشفافية.
فقبل فترة وجيزة من الآن لاحظت أنّ هناك بعض المؤسسات الحكومية درجت على أن تعلن عن بعض الوظائف الشاغرة فيها بطريقتها الخاصة والخجولة جدًا وبعيدًا عمّا تعارف عليه في هكذا إعلانات؛ حيث تعمد مؤسسات الدولة الأخرى إلى نشر وظائفها الشاغرة على صدر صفحات الصحف السيّارة، أو وسائل الإعلام المختلفة، وذلك لما في الأمر من أهميّة وسعة انتشار؛ إضافة إلى أنّ النشر عبر هذه الوسائل يضمن وصول المعلومة لأكبر عدد ممكن من الناس في مختلف أرجاء السلطنة الواسعة.. هذا بجانب أنّ نشر هكذا فرص وظيفية وفي العلن ستكون له مردودات إيجابية عدة أبرزها ضمان تقدم أكبر عدد ممكن من الباحثين عن عمل لها، والذين بلاشك ستتواجد بينهم عناصر ذات كفاءة وخبرة ودراية، وربما كوادر من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في المؤسسة وسير دولاب العمل، ومن ثمّ تكون المسألة مجالا للتنافس الشريف الذي يعلي من قيمة العمل والتدريب بالنسبة لمن لم يحالفهم الحظ.
إنّ العدالة والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص من أبرز القيم والمبادئ التي يتطلع إليها العمانيون دومًا في ظل دولة المؤسسات وسيادة القانون، لذا يعد الإخلال بأحد هذه المبادئ مؤشرًا خطيرًا يصب في عكس اتجاهات الوطن الذي يتطلع إلى استشراف المستقبل تحت فضائل العدل والمساواة والشفافية في كل مناحي الحياة، كما أنّ التعتيم على هذه الوظائف وشغلها دون الإعلان عنها في الصحف و وسائل الإعلام يحرم قطاعًا عريضا من جمهور الباحثين عن عمل من الاطلاع على الفرص المتاحة، ويفتح الباب بمصراعيه أمام تفشي المحسوبية والانتقائية والفساد، وهي علل أقعدت الشعوب ردحًا من الزمن، ولا تمت لبلدنا بصلة لاسيما أننا نعد في مصاف الدول من حيث التطور والنجاحات والرقي وطنًا وشعبًا.
إنّ الإعلان عبر وسائل الإعلام المختلفة يعد تطبيقا لمبدأ الشفافية، ومخطئ من كان يعتقد أنّ عدم النشر أو التكتم على شواغر الوظائف سيوفر له مبالغ مالية، بل سيفتح عليه جبهة من التساؤلات وعلامات الاستفهام والشكوك، فسوق العمل لم يعد يحتمل الشكوك أو التاويلات حول إمكانية احتواء أزمته التي بدات تتشكل إرهاصاتها لتكون قضيّة رئيسية من قضايا الوطن؛ خاصة وأنّ هيئة سجل القوى العاملة أعلنت مؤخرًا أنّ عدد الباحثين عن عمل في السلطنة يقدر بـ (153.326) مواطنًا ومواطنة؛ منهم (55.164) ذكور؛ وهذا الرقم إذا قيس بمؤشرات الموارد البشرية فإنّه يعد مؤشرًا خطيرًا يداهم مستقبل البلد مع العلم أننا لم نبلغ 3 ملايين نسمة.
نعيش أول أيام العام الجديد.. والسلطنة تواجهها جملة من التحديات في مضمار سوق العمل؛ ولعل أهمها مبدأ تكافؤ الفرص؛ الذي يتيح للكفاءات مجالا لتحقيق ذاتها، كما أنّ الاكتفاء بالطلبات القديمة المكدسة في أرشيف الطلبات يحرم القادمين الجدد من الدخول لسوق العمل.
هذه أمنيات بسيطة.. ليست عصية على التحقيق أو مستحيلة التطبيق، وبإمكان مؤسساتنا أن تتفهمها وتعيها جيدًا إن قامت بدورها المنشود الذي أنيط بها.. وأتمنى ألا يخذلنا واقع الحال فنكون كمن أفراط في النرجسية والأحلام الوردية.. فكل ما نتمناه أن نرى عمان كما نحلم بها.. مشرقة وباسمة جميلة..
لك الله ياوطني.
أكثر...