وجبة شواء للسائحين ومطيَّة للعابثين-
الرؤية - يوسف البلوشي -
تتمتع محافظة جنوب الشرقية بوجود شاطئ ممتد يحوي محمية السلاحف، والعديد من المواقع المميزة الجاذبة للسياح، الذين يقصدونها للمشاهدة والاستمتاع بوجود السلاحف.. ولا ينكر الكثيرون قيام السلطنة بدورٍ كبيرٍ في تهيئة المناخ للبيئة البحرية والحياة الفطرية، فقد قامت بسن القوانين والتشريعات لحمايتها، ولكن أين جهة الاختصاص التي تنفذ ذلك؛ حمايةً لهذه الحياة التي تعتبر السلاحف واحدة منها؟
لقد اهتمت السلطنة -منذ مطلع فجر النهضة المباركة- بالتنوع؛ وذلك من خلال (قانون إنشاء الحدائق الوطنية والمواقع الطبيعية المحمية)، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/79، الذي يُعتبر رادعًا، وأيضًا يصنع نظامًا متكاملًا لصون الطبيعة والحياة الفطرية بالسلطنة. وأسفر حتى الآن عن وجود 15 محمية طبيعية منها ست محميات مصنفة بقائمة الاتحاد الدولي للصون، وتوجت هذه المسيرة الناجحة بصدور المرسوم السلطاني رقم 6/2003م بإصدار قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية، والذي أصبح يمثل الإطار التنظيمي والمؤسسي لإدارة هذه المحميات، وقد تم تنفيذ مشروعين متميزين لتطوير محمية السلاحف برأس الحد، وتطوير محمية السليل الطبيعية بولاية الكامل والوافي، ومشروع برنامج حصر سلاحف الريماني بولاية مصيرة؛ وذلك بهدف إحصاء عدد السلاحف التي تعشش أو تبيض على امتداد سواحل جزيرة مصيرة؛ من خلال ترقيم بعض السلاحف أثناء وضعها للبيض من أجل التعرف على بيانات جديدة عن حياتها وأماكن انتشارها، بعد انتهاء موسم التعشيش والفترة التي تستمر فيها السلاحف لتبيض، وكذلك التأكد من عودتها للشاطئ الذي تعيش فيه ومعرفة عدد المرات التي تبيض فيها بالموسم الواحد.
ولكن الأدهى أن ترى بالصدفة العديد من السلاحف متساقطة في بعض المناطق، وأخرى متهشمة؛ في منظر مؤسف يُنذر بخطر محدق على هذه الحيوانات النادرة.
ويقول سالم الغنبوصي: لاحظت هذه المشكلة منذ فترة إلا أنها لم تتوقف؛ حيث نشاهد أعدادًا من السلاحف الميتة تتناثر على طول الشاطئ، وأخرى تشكِّل مصدر إزعاج بسبب روائحها المنبعثة التي أدت إلى قلة عدد السياح بالمنطقة بعدما كنا نشاهدهم بكثرة منذ فترة. وهذا بدوره أيضًا يؤثر سلبيًّا على الجانب السياحي حيث يشكل الشاطئ أهم المواقع التي يقصدها السياح هنا. وأضاف: لم نلاحظ أي مسؤول تابع هذه الحالة التي جعلت حالة الشاطئ بكل صراحة منظرًا غير حضاري؛ حيث تتناثر المخلفات على طول الشاطئ، وتتمثل معظم هذه المخلفات في علب وصناديق الزيوت التي تستخدمها القوارب.
وقال ياسر الساعدي: من المؤسف فعلا أن تشاهد سلاحف في البيوت أحيانًا ضمن وجبات الغداء، أو أخرى يتم سحبها بالسيارة في نوع من التسليه، أو ركوب البعض على ظهرها كنوع من الترفيه.. وتكون النتيجة واقعًا مؤلمًا يصدم الكثيرين. كما أن غياب الجهات الرقابية يجعلنا نخاف على ما سوف يحدث لمثل هذه السلاحف التي قد لا تذهب للمحميات بل قد تذهب إلى مواقع أخرى.. إضافة إلى أن بعض المواطنين لا يتفهم طبيعة الحفاظ على السلاحف؛ لذا يجب أن تكون جرعات التوعية مستمرة بطول الشواطئ التي تحوي السلاحف، ويجب أن تتركز هذه الجهود في القرى وليس في المدن لأن هذا الأمر مقلقٌ فعلًا.
وتقول المعلمة سميحة الداودية -من مدرسة الموارد للتعليم الأساسي، والتي تقع في جنوب الشرقية: هذا ما يحدث لسلاحفنا البحرية بسبب الزحف العمراني والقتل الجائر؛ فالسلاحف تضل طريقها بعد الخروج من مرحلة وضع البيض، وتتجه نحو أضواء المنازل، وهنا يلتقطها الأطفال لتصبح ألعابًا لهم، وغذاءً للحيوانات المفترسة، أما السلاحف البالغة -والتي تخرج لتضع بيضها- فتتعرض للربط بالحبال والجر بالسيارات لمناطق بعيدة عن البحر، إنه إجرامٌ من أجل التسلية ، ولم تسلم هذه الكائنات البحرية البريئة من أن تصبح وجبة شواء شهية للسياح الأجانب ، وقد تبنت مدرسة الموارد موضوع حماية السلاحف البحرية ونشر الوعي في المنطقة من أجل الحفاظ عليها من الانقراض تحت إشرافي.
وطالبت المعلمة سعاد العلوية برفع درجة الوعي المعرفي لحماية السلاحف، ولكن يجب أن يكون هناك رادعٌ أقوى؛ فاليد الواحدة لا تصفق.
وقال خالد الغزالي من نيابة رأس الحد: هذه الظاهرة موجودة منذ عدة سنوات، ولاحظت ذلك بنفسي، ولكن هذه الأسباب أو غيرها يجب دراستها من قبل الجهات المختصة، وعلى الصيادين ومرتادي الساحل الاهتمام بالسلاحف.. وأضاف: رغم أن رأس الحد موقع سياحي رائع، ويرتاده عدد كبير من السياح الذين يتدفقون إلى المنطقة، إلا أن منظر السلاحف الملقاة في الطرقات ربما يؤدي إلى نفور عدد كبير من السائحين وفقدان الساحل لبريقه بسبب ما يجري فيه من انتهاك لمثل هذه الحياة الفطرية وهذه مسؤولية جماعية مشتركة تبدأ من الجهات المختصة وتنتهي بكل فرد له علاقة أو دور في مثل هذه الأمور.
أكثر...
الرؤية - يوسف البلوشي -
تتمتع محافظة جنوب الشرقية بوجود شاطئ ممتد يحوي محمية السلاحف، والعديد من المواقع المميزة الجاذبة للسياح، الذين يقصدونها للمشاهدة والاستمتاع بوجود السلاحف.. ولا ينكر الكثيرون قيام السلطنة بدورٍ كبيرٍ في تهيئة المناخ للبيئة البحرية والحياة الفطرية، فقد قامت بسن القوانين والتشريعات لحمايتها، ولكن أين جهة الاختصاص التي تنفذ ذلك؛ حمايةً لهذه الحياة التي تعتبر السلاحف واحدة منها؟
لقد اهتمت السلطنة -منذ مطلع فجر النهضة المباركة- بالتنوع؛ وذلك من خلال (قانون إنشاء الحدائق الوطنية والمواقع الطبيعية المحمية)، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/79، الذي يُعتبر رادعًا، وأيضًا يصنع نظامًا متكاملًا لصون الطبيعة والحياة الفطرية بالسلطنة. وأسفر حتى الآن عن وجود 15 محمية طبيعية منها ست محميات مصنفة بقائمة الاتحاد الدولي للصون، وتوجت هذه المسيرة الناجحة بصدور المرسوم السلطاني رقم 6/2003م بإصدار قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية، والذي أصبح يمثل الإطار التنظيمي والمؤسسي لإدارة هذه المحميات، وقد تم تنفيذ مشروعين متميزين لتطوير محمية السلاحف برأس الحد، وتطوير محمية السليل الطبيعية بولاية الكامل والوافي، ومشروع برنامج حصر سلاحف الريماني بولاية مصيرة؛ وذلك بهدف إحصاء عدد السلاحف التي تعشش أو تبيض على امتداد سواحل جزيرة مصيرة؛ من خلال ترقيم بعض السلاحف أثناء وضعها للبيض من أجل التعرف على بيانات جديدة عن حياتها وأماكن انتشارها، بعد انتهاء موسم التعشيش والفترة التي تستمر فيها السلاحف لتبيض، وكذلك التأكد من عودتها للشاطئ الذي تعيش فيه ومعرفة عدد المرات التي تبيض فيها بالموسم الواحد.
ولكن الأدهى أن ترى بالصدفة العديد من السلاحف متساقطة في بعض المناطق، وأخرى متهشمة؛ في منظر مؤسف يُنذر بخطر محدق على هذه الحيوانات النادرة.
ويقول سالم الغنبوصي: لاحظت هذه المشكلة منذ فترة إلا أنها لم تتوقف؛ حيث نشاهد أعدادًا من السلاحف الميتة تتناثر على طول الشاطئ، وأخرى تشكِّل مصدر إزعاج بسبب روائحها المنبعثة التي أدت إلى قلة عدد السياح بالمنطقة بعدما كنا نشاهدهم بكثرة منذ فترة. وهذا بدوره أيضًا يؤثر سلبيًّا على الجانب السياحي حيث يشكل الشاطئ أهم المواقع التي يقصدها السياح هنا. وأضاف: لم نلاحظ أي مسؤول تابع هذه الحالة التي جعلت حالة الشاطئ بكل صراحة منظرًا غير حضاري؛ حيث تتناثر المخلفات على طول الشاطئ، وتتمثل معظم هذه المخلفات في علب وصناديق الزيوت التي تستخدمها القوارب.
وقال ياسر الساعدي: من المؤسف فعلا أن تشاهد سلاحف في البيوت أحيانًا ضمن وجبات الغداء، أو أخرى يتم سحبها بالسيارة في نوع من التسليه، أو ركوب البعض على ظهرها كنوع من الترفيه.. وتكون النتيجة واقعًا مؤلمًا يصدم الكثيرين. كما أن غياب الجهات الرقابية يجعلنا نخاف على ما سوف يحدث لمثل هذه السلاحف التي قد لا تذهب للمحميات بل قد تذهب إلى مواقع أخرى.. إضافة إلى أن بعض المواطنين لا يتفهم طبيعة الحفاظ على السلاحف؛ لذا يجب أن تكون جرعات التوعية مستمرة بطول الشواطئ التي تحوي السلاحف، ويجب أن تتركز هذه الجهود في القرى وليس في المدن لأن هذا الأمر مقلقٌ فعلًا.
وتقول المعلمة سميحة الداودية -من مدرسة الموارد للتعليم الأساسي، والتي تقع في جنوب الشرقية: هذا ما يحدث لسلاحفنا البحرية بسبب الزحف العمراني والقتل الجائر؛ فالسلاحف تضل طريقها بعد الخروج من مرحلة وضع البيض، وتتجه نحو أضواء المنازل، وهنا يلتقطها الأطفال لتصبح ألعابًا لهم، وغذاءً للحيوانات المفترسة، أما السلاحف البالغة -والتي تخرج لتضع بيضها- فتتعرض للربط بالحبال والجر بالسيارات لمناطق بعيدة عن البحر، إنه إجرامٌ من أجل التسلية ، ولم تسلم هذه الكائنات البحرية البريئة من أن تصبح وجبة شواء شهية للسياح الأجانب ، وقد تبنت مدرسة الموارد موضوع حماية السلاحف البحرية ونشر الوعي في المنطقة من أجل الحفاظ عليها من الانقراض تحت إشرافي.
وطالبت المعلمة سعاد العلوية برفع درجة الوعي المعرفي لحماية السلاحف، ولكن يجب أن يكون هناك رادعٌ أقوى؛ فاليد الواحدة لا تصفق.
وقال خالد الغزالي من نيابة رأس الحد: هذه الظاهرة موجودة منذ عدة سنوات، ولاحظت ذلك بنفسي، ولكن هذه الأسباب أو غيرها يجب دراستها من قبل الجهات المختصة، وعلى الصيادين ومرتادي الساحل الاهتمام بالسلاحف.. وأضاف: رغم أن رأس الحد موقع سياحي رائع، ويرتاده عدد كبير من السياح الذين يتدفقون إلى المنطقة، إلا أن منظر السلاحف الملقاة في الطرقات ربما يؤدي إلى نفور عدد كبير من السائحين وفقدان الساحل لبريقه بسبب ما يجري فيه من انتهاك لمثل هذه الحياة الفطرية وهذه مسؤولية جماعية مشتركة تبدأ من الجهات المختصة وتنتهي بكل فرد له علاقة أو دور في مثل هذه الأمور.
أكثر...