محمد الشحري-
تنضوي كل الوزارات الخدمية في السلطنة تحت مظلة قانون الخدمة المدنية، مما يعني أنّ معظم القوى الوطنية العاملة ينظم عملها قانون الخدمة المدنية، والذي نطالب الجهات المعنية بإعادة النظر فيه، ووضع هموم الموظف الحكومي في عين الاعتبار، لأنّه لن يكون هناك تطور في الأداء الوظيفي ولا انتاجية مطلوبة، إلا بالمزيد من الحوافز المادية والمعنوية للموظف ومنحه المزيد من الحقوق نظير عمله وأتعابه، فعلى سبيل المثال حين يتوظف موظفان حاصلان على شهادة جامعية، يتم تعيينهما في درجة وظيفية واحدة، بغض النظر عن طبيعة العمل، فإذا كان أحد الموظفين معلم فإنّه سيتوجه إلى مدرسته ويدرّس طلابه، وما أدراك ما التدريس، الذي لا ينتهي بانتهاء اليوم الدراسي بعد الساعة الواحدة ظهرًا أو الثانية، بل يستمر المعلم في الإعداد لعمله من التحضير للدروس ومتابعة أعمال الطلبة، وهذا العمل الليلي لا يأخذ في مقابله أي مبالغ مالية، بينما زميله الذي توظف في وظيفة إدارية فإنّه ينهي أعماله عند الساعة الثانية والنصف ظهرًا، وإنّ وجد لديه عمل أضافي فإنّه يصرف له بدل عمل، والأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة لمديري العموم في المناطق التعليمية في السلطنة، فقد أخبرني صديق يعمل بوظيفة معلم في إحدى المناطق التعليمية، أنّه يتساوى مع مديره العام في الدرجة الوظيفية، ويقع تحت تصرف هذا المدير العام أكثر من 10 آلاف موظف، وكل هذه الأعداد الهائلة من الموظفين ينتظرون من المدير العام أن يحل مشاكلهم، وأن يبت في مطالبهم، فماذا سيقول المدير العام لموظفيه حين تنهال على رأسه الشكاوى والمطالبات بمنح المخصصات المالية، أو تعديل الدرجات المالية؟ بينما هو مثل موظفيه لا فرق بين درجته المالية وبين درجاتهم المالية في شيء إلا في المخصصات والبدلات لمسمى المدير العام؟، مع العلم أنّ بعض الوزارات في السلطنة لا يتعدى عدد موظفيها أكثر من 10 آلاف، بينما هذا العدد يكون موجودًا في إحدى المناطق التعليمية في السلطنة، بمعنى أنّ المدير العام في إحدى هذه المناطق يضطلع بمسؤوليات ومهام أكثر من بعض الوزراء الموقرين.
إذن ما العمل؟ إننا نطالب الجهات المعنية بتعديل قانون الخدمة المدنية، ومنح الموظف مخصصات مالية تتناسب وتتوافق حسب طبيعة العمل، وحسب وظيفته الإدارية، وأيضًا حسب المؤهل الأكاديمي، لأنه يوجد حاليا العديد من حاملي شهادات الدراسات العليا من الدكتوراه والماجستير وفي تخصصات نادرة، ولكن هذه الكفاءات معطلة إلى الآن، ولا توجد خطة في الأفق المنظور للاستفادة من هذه الكفاءات، وتوظيفها في أي برامج تنموية تفيد الوطن وتخدم المواطن.
كما نتمنى أن ينصف قانون الخدمة فئة المعلمين وغيرهم من العاملين في الميادين، فالمعلمون الذين تركنا لهم مهام تعليم وتربية الأجيال وصنع المستقبل يجب أن نمنحهم كل الامتيازات والحوافز التي تمكنهم من أداء رسالتهم بكل مسؤولية واقتدار، وإذا كان القرار الخاص بإلغاء الدرجة الخامسة يعتبر نقلة نوعية في قانون الخدمة المدنية، فإنّه لا يسعنا هنا إلا أن نتقدم بالشكر لكل من ساهم وساعد في إلغاء هذه الدرجة، التي حرمت كثيرا من الموظفين حقوقهم، ونخص بالشكر المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، الذي أعاد الحق لأصحابه.
نأمل من مجلس الخدمة المدنية إعادة النظر في تسوية أوضاع الموظفين العاملين في الوزارات، ومنحهم الحقوق والمنح والمكافآت التي يتمتع بها موظفو ديوان البلاد السلطاني، أو غيرهم من العاملين في الهيئات والمجالس الحكومية، وهذا يصب لصالح تطوير هياكل المؤسسات الحكومية، ويسرّع من الأداء الوظيفي، الذي ينعكس إيجابًا على مختلف القطاعات في السلطنة.
أكثر...