مسقط - عبدالله الراشدي ومحمد الرزيقي-
نظم مجلس البحث العلمي ممثلا في مركز الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية مؤخرا حلقة عمل إقليمية حول تفعيل الموارد الوراثية النباتية بمشاركة مختصين وخبراء من داخل وخارج السلطنة من أجل الاستفادة من التجارب الإقليميّة والدولية في مجال الموارد الوراثية ومناقشة تفعيل الاستراتيجية الإقليمية للموارد الوراثية النباتية لمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، وقد أشاد المشاركون في الحلقة بجهود السلطنة في حماية التنوّع الوراثي من خلال إنشاء مركز متخصص للموارد الوراثية النباتية والحيوانية. ولمعرفة المزيد حول الموارد الوراثية، وأهميتها والتحديات التي تواجهها التقينا عددًا من الخبراء المختصين والمشاركين في الحلقة الإقليمية وكان لنا الموضوع التالي.
بداية حدثنا الدكتور راشد بن عبدالله اليحيائي مساعد العميد للتدريب وخدمة المجتمع بكليّة العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس قائلا بأنّ الموارد الوراثية هي موارد طبيعية مبنيّة على الجينات ذات القيمة الحالية والمستقبلية في الكائنات الحيّة وهي مصدر غذاء أساسي للبشرية، حيث تكمن الأهمية في الحفاظ على هذه الموارد نظرا لاعتماد البشرية على عدد محدود من هذه الموارد في حياتها اليومية والأغلبية من هذه الموارد مهدد بالانقراض رغم احتوائها على الكثير من الصفات الوراثية المهمة في تنوع، وتنمية المحاصيل والنباتات الغذائية في العالم، ويمكن أن يتم تطوير محاصيل غذائية جديدة مقاومة للتغيرات المناخية.
وحول التحديات التي تواجه الموارد النباتية والحيوانية قال الدكتور راشد اليحيائي بأنّ التحدي هو قلة الاهتمام بهذه الجزء المهم من تطور المنظومة الغذائية، وبالتالي قلة الموارد المالية المخصصة للحفاظ عليها، كما أنّ التغير في المدن والتوسع العمراني وقلة اعتماد المزارعين على الأنواع العلمية والتغير المناخي من أهم التحديات لهذه الموارد الطبيعية. وهناك تحديات أخرى كالآفات والأمراض.
من جانبه قال أحمد بن سعيد الشكيلي رئيس قسم مراكز تأهيل وإكثار الحياة الفطرية بوزارة البيئة والشؤون المناخية أنّ الموارد الوراثية هي كافة الموارد الحيوانية والنباتية والكائنات الدقيقة البرية والبحرية بهدف حفظها والاستفادة منها في تنمية المجتمعات المحلية، حيث تشكل مورد اقتصادي وثقافي وسياحي يخدم تنمية الاقتصاد، وتحظى الموارد الوراثية باهتمام عالمي، وذلك للحفاظ عليها للاستفادة منها لتطوير مجموعات جديدة، مشيرا إلى أنّ مركز الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لمجلس البحث العلمي سيساهم في حفظ الجينات ودراستها وجمع البيانات بالتعاون مع الجهات المعنية كوزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة البلديات الإقليميّة وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة والأهلية، وإنّ إنشاءه خطوة مهمة وضرورة ملحة لوجود مركز وطني لتنسيق الجهود والمبادرات الحكومية والخاصة والأهليّة للحفاظ على هذه الموارد وصونها والاستفادة منها.
وأوضح الشكيلي أنّ الموارد الوراثية النباتية والحيوانية يمكن أن تستقطب استثمارات خارجية للدولة خصوصًا الجينات النادرة التي تختص بها كل دولة عن أخرى، كما أنّ إهمال هذه الموارد يمكن أن يشكل خسارة محلية وعالمية حيث إنّ بعض الموارد الوراثية يمكن أن تحمل فوائد عالمية واختفاؤها يؤثر على النظام البيئي والصحة والأمن الغذائي وغيرها من القضايا المرتبطة به.
بينما تحدث الدكتور حسان قوابو من المعهد الوطني للزراعة والبحوث بالمغرب عن الاستراتيجية الإقليمية للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية وقال إنها طرحت في المؤتمر الثاني عشر لرابطة معاهد البحوث الزراعية بمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا والذي أقيم في نوفمبر 2011 بالكويت. وقد وافقت الجمعية العامة عليها وتهدف إلى الحفاظ على الموارد الوراثية النباتية والحيوانية وصونها والاستفادة منها للمساهمة في تطوير الزراعة والأمن الغذائي، وبالتالي مستوى دخل الفرد في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا؛ عن طريق تعزيز السياسات والبرامج القابلة للنجاح لصون وحفظ الموارد والعمل على زيادة قيمتها واستخدامها بالشكل الأمثل.
وأضاف حسان أنّ الهدف هو الحفاظ على الموارد الموجودة وحمايتها من الانقراض واستغلالها وتنسيق الجهود الوطنية والإقليمية حول صون الموارد الحيوانية والنباتية.
وفي المقابل قال طلال بن مرهون السديري باحث إنتاج حيواني بوزارة الزراعة والثروة السمكية إنّ أهميّة صون الموارد الوراثية تكمن في إمكانيّة استثمارها لتكون مصدرا للدخل القومي بالإضافة إلى المحافظة على التنوع البيئي. موضحًا أنّ هناك العديد من التحديات لصون هذه الموارد منها نقص البيانات والمعلومات عن هذه الموارد.
وأضاف السديري أنّ تجربة السلطنة في إنشاء مركز للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية يعد من التجارب الرائدة والمهمة في هذا المجال، وسيسهم في وضع تصور مستقبلي للمحافظة وصون الموارد الوراثية وطرق الاستفادة منها.
وأشار إلى أنّ عدم الاهتمام بهذه الموارد قد يؤدي إلى انقراض الكثير منها وضياعها، وهذه تعد خسارة فادحة على المستويين المحلي والدولي، كما أنّ بعض الموارد التي لا تهتم بها الدولة قد تأتي أخرى، وتهتم بها وتسجلها بأنّها مورد تختص به مما يؤثر اقتصاديا وثقافيا على الدولة الأم، حيث إنّ التوجه العالمي الحالي هو الاستدامة حيث تشكل الموارد النباتية والحيوانية مصادر رئيسية للأمن الغذائي وتساهم مساهمة فعّالة في الدخل القومي للدول.
أكثر...