مدرين المكتومية-
جميل أن تكون الأنثى حاضرة في مختلف المجالات، والأجمل من ذلك أن تكون بصمتها واضحة للعيان، في مجال تشكيل الفكر والإبداع، تسهم بما أوتيت من علم وثقافة في نفع بلادها ورفعة شأنها.
وها هي المرأة العمانية تثبت كل يوم أنها ذات كفاءة وأنها قادرة على اجتياز التحدي، فكم كانت سعادتي غامرة وكم كنت أشعر بالفخر أثناء تجوالي بين ردهات معرض مسقط الدولي للكتاب، لقد كانت عناوين كتب المرأة العمانية في شتى المجالات تصافح عيني وتنعش فؤادي وأنا أتنسم عبير الزخم الفكري والثقافي والفني للمرأة العمانية..
ما أجمل تلك الإصدارات والمؤلفات التي قضت نساء بلادي أياماً وشهوراً في كتابتها للتعبير عن القضايا المختلفة من وجهة نظرهن الخاصة، وهذا ليس غريباً عليهن فمنذ فجر النهضة وهن ينعمن بالاهتمام الكبير من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-، حيث صارت المرأة حاضرة في كافة القطاعات، متساوية مع أخيها الرجل في الحقوق والواجبات، لذلك ليس بغريب أن نرى العديد من الإصدارات العمانية التي يزخر بها معرض للكتاب، وهي إنجازات كبيرة تحسب للمرأة العمانية فهذه الإصدارات هي خلاصة عمل وتفكير وبحث طويل وعمل مضني تقوم به الكاتبة، فتلك الأنامل النسائية التي صاغت ذلك الإبداع الفكري النابع من تجارب وقراءات ضاربة في العمق سوف يشار لها بالبنان في المستقبل ليس على المستوى الداخلي وإنما على المستوى الخارجي أيضاً.
وعام بعد عام تزيد الكتابة النسائية في عمان تألقاً وإبداعًا.. وتولد أسماء جديدة تنضم لكوكبة الكاتبات والمثقفات، فهدى حمد تألقت في مجموعتها القصصية القصيرة "الإشارة البرتقالية الآن" حيث تُقدم فيه شخوصها الذين يحملون قدرًا هائلاً من الارتباك أمام ظروفهم الاجتماعية، ومزالقها النفسية الكثيرة عبر أربعة عشر نصاً تلعب المرأة بطولتها مع الحياة والرجل على حد سواء، إضافة إلى ما يتنامى بين جنبات النص من أحداث ومفارقات، وكذا تتألق وتتجلى الأديبة عزيزة الطائي في روايتها الأولى "أرض الغياب" التي تجيب فيها على تساؤلات الماضي الغائب بحثاً عن عالم أرحب وعن حاضر قادم حيث تقول: أبي لم يزل صدى همس كلماتك لأمي من أجل الخبز والعدالة والحرية ترانيم عذبة وتراتيل صادقة وبشارة فرح تورق أملي وتضيء دربي وتعطر روحي بحب الغرباء ودفء الأنقياء وحلم الأوفياء. وغيرهما من الكاتبات أمثال رشا أحمد في مجموعتها الشعرية "في ذات العشق" وسلمى البطاشي في كتابها "غيث السحابة في وفيات بعض الصحابة" وهي ابنة المؤرخ المعروف الشيخ سيف بن حمود البطاشي، وآمنة الربيع وبشرى خلفان وبدرية الشحي وغيرهن أخريات مبدعات.
تعتبر "مذكرات أميرة عربية" للسيدة سالمة بنت سعيد بن سلطان الأم الروحية للكاتبات العمانيات من أجمل ما كتب في القرن الماضي، فهي أول كاتبة عمانية تمردت وأمسكت بالقلم لتخط تجربتها التي تعد وثيقة إنسانية مهمة، وتتوالى الإبداعات النسوية العمانية في مختلف المجالات الإبداعية ومن أهمها الرواية الأولى لبدرية الشحي " الطواف حيث الجمر" التي كتبت قبل عشرين عاماً وروايتها الثانية بعنوان "فيزياء"، تتوالى الإبداعات العمانية لتعكس تحرر المرأة العمانية ورغبتها القوية في إيصال صوتها الإبداعي وإبراز رأيها حول مختلف القضايا والمجالات التي تعبر عن وعيها وإدراكها الكافي لعالم البحث والتحري والكتابة، ومنظوراتها الفكرية المختلفة وتعاطيها مع التيارات الثقافية المتنوعة. هذا تظل الكاتبة آمنة الربيع من أهم الكاتبات في مجال المسرح والنقد وهناك كوكبة جديدة تبزغ نجومها في سمائنا الإبداعية كل عام ومنهم أيضاً زوينة الكلباني وجوخة الحارثي، والمرحلة المقبلة ستشهد ميلاد الكثير من الكاتبات العمانيات القادرات على إظهار قدراتهن الكتابية على المستوى الثقافي.
[email protected]
أكثر...