المشاركون دعوا إلى استغلالها للتقريب بين الجهات الحكومية والمواطن.. والتحذير من عقوبات السب والتشهير وترويج الشائعات-
إصدار تشريع يتيح حرية تداول المعلومات يقضي على انتشار الشائعات-
الجهات المختلفة مطالبة بتعيين متحدث رسمي للقضاء على "اللغط" الإعلامي-
الأكاديميون والنخب مطالبون بالمشاركة في مختلف القضايا لغلق الباب أمام "العابثين"-
تغيير الأفكار أبرز التحديات أمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي-
لا مجال للحديث عن حوار مع طرفين يمتلكان آراءً حادة وإقصائية-
"سيكولوجية الجماهير" أبرز تحديات المجتمعات الساعية للنهوض والتطور-
تغيير الأفكار يستلزم تكاتف جهود المؤسسات التربوية والأكاديمية-
تأثيرات سلبية للعوالم الافتراضية رغم وجود إيجابيات-
وضع استراتيجيات واضحة للتعاطي مع "الإعلام البديل"--
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مع الطلاب يسهم في تعزيز العلاقات التربوية-
إغفال المؤسسات لدور التطبيقات الذكية يؤدي إلى التخلف عن الركب التقدمي-
التوصيات-
د. حافظ الشحي: إعادة صياغة الاستراتيجيات بما يتواءم مع المتغيرات الحديثة في المجتمع-
الرقيشي: تنمية الوعي الفكري للأجيال الجديدة بفوائد وأضرار وسائل التواصل الاجتماعي-
الغافري: رفع الوعي القانوني والتعريف بعقوبات نشر الشائعات والتشهير-
د.محمد الشحي: تعميق قيم الحوار بغية الوصول إلى مفاهيم مشتركة في مختلف القضايا-
الجهوري: بناء استراتيجيات مرنة تسمح بإجراء التعديلات وفق المتغيرات-
أوصى المشاركون في ندوة الرؤية "وسائل التواصل الاجتماعي.. منصة بناء أم معول هدم؟"، بضرورة توعية النشء بسلبيات وإيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، داعين في الوقت ذاته إلى أهمية بناء منظومة فكرية تعتمد على تعميق قيم الحوار بين الأفراد والمؤسسات، بما يخلق آليات متعددة للنقاش.
ودعت الندوة إلى استغلال هذه الوسائل للتقريب بين الجهات الحكومية والمواطن، فضلا عن التحذير من العواقب القانونية لمن يستخدم هذه الوسائل في السب والقذف والتشهير أو ترويج الشائعات.
وأجمع المشاركون في الندوة على أن إصدار تشريع يتيح حرية تداول المعلومات يقضي على ظاهرة انتشار الشائعات، كما أنّ الجهات المختلفة مطالبة بتعيين متحدث رسمي للقضاء على "اللغط" الإعلامي، أو ما يثار من أنباء غير مؤكدة، لاسيما تلك التي يتداولها البعض على الفضاء الإلكتروني.
وقالوا إنّ الأكاديميين والنخب مطالبون بالمشاركة في مختلف القضايا لغلق الباب أمام "العابثين"، مشيرين إلى أنّ غيابهم عن المشهد يؤدي إلى تراجع المستوى الفكري للمجتمع، فهم بمثابة المشعل الذي يضيء الطريق أمام الآخرين.
وأضافوا أنّ "سيكولوجية الجماهير" تعد من أبرز تحديات المجتمعات الساعية للنهوض والتطور، داعين إلى أهمية التعاطي معها، وتغيير الأفكار المجتمعية السلبية والعمل على الترويج للإيجابيات.
ويقول جابر الرواحي إنّ وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تنشر على سبيل المثال كافة الفعاليات على موقع يوتيوب والمواقع الأخرى قبل بثها على التليفزيون، مضيفا أنّ أكبر نسبة مشاهدة على يوتيوب بلغت 22932 مشاهدًا للأوبريت الأخير، الذي أقيم بمناسبة المولد النبوي منذ حوالي شهر.
التواصل مع الشباب
ويتداخل الدكتور حافظ الشحي عمّا إذا كانت هناك معرفة بنوع المشاهدين وما إذا كانوا من داخل عمان أو خارجها، ويرد الرواحي بالإيجاب، موضحا أنّ الوزارة تسعى للوصول إلى أكبر نسبة من المشاهدين، وفي ذلك تتعاون الوزارة مع عدد كبير من الشباب الذين يملكون أدوات التواصل الاجتماعي وعلى دراية بمواقع الانترنت المختلفة، وهؤلاء الشباب يتولون مهمة نقل الصورة وتزويد الوزارة بتعليقات المشاهدين والمجتمع على الأنشطة المختلفة، في مسعى لمزيد من التواصل الاجتماعي. ويوضح الرواحي أنّ رابط فيلم بثته الوزارة على موقع تويتر بلغ أكثر من 50 ردًا، وهو رقم يراه الرواحي كبيرًا، حيث قد لا يكون كل من شاهد الفيلم وضع تعليقًا، مشددًا على أهمية التواصل الرسمي بين الهيئات المختلفة من جهة والمواطن من جهة أخرى.
ويقول الدكتور حافظ الشحي إنّ هناك ثمة توافق في قضية تواصل المؤسسات وإيجاد شبكات تواصل فيما بينها، موضحا أنّ النقطة الأبرز في هذا السياق البحث عن أصحاب الأفكار المتميزة التي يقومون بعملية التواصل، مشيرا إلى أنّ الغرض الأساسي من هذه الشبكات في البداية ترفيهي ودعائي، لكنّه تحول إلى وسيلة تواصل مجتمعي، غير أنّ الجوانب الترفيهية يمكن أن تكون إيجابية أذا أحسن استخدامها. ويرى الشحي أنه ينبغي الاتفاق على التركيز على أفكار الأشخاص، ومحاولة إعمال الأفكار الجيدة، والدعوة لها، مستشهدًا بمثال حوادث الطرق، ويؤكد أنّ تغيير طريقة تفكير الأشخاص حول هذه المسألة يسهم في الحد من نزيف الطرق. ويتابع الشحي أن من بين القضايا التي تحتاج في الأساس إلى تغيير فكري قضية الغش التجاري، الأمر الذي يستلزم التركيز على الجوانب الفكرية عن الشكلية.
ويتفق خلفان الطوقي مع ما سبق الإشارة إليه، حيث يرى أنّ القضية المجتمعية في الأساس تتمحور حول تغيير الأفكار، وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف ومؤسسات المجتمع ذات الصلة، وهو ما يتعين تغيير الأفكار.
وحول فكرة إعلام الظل، يقول إن إعلام الظل يؤدي دورا مهما في التوعية، مقارنة بالإعلام الرسمي، وهناك تقييم لردود الأفعال المجتمعية، مستشهدا بأنه كتب مقالة بعنوان "اتيكيت التواصل الاجتماعي الإلكتروني"، ويوضح أنه كتب هذه المقالة بعد أن انتقد البعض أحد مقدمي البرامج الرمضانية وهو مقدم برنامج خواطر، حيث ذكر في البرنامج- الذي يتمتع بشهرة ومشاهدة كبيرة وله إسهامات حقيقية في المجتمع- أنّ هناك جمعية إماراتية تبرعت بمبلغ معين لأسرة عمانية، وثارت ثورة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وتناسوا بشكل كبير ما يقوم به من إسهام حقيقي في العديد من المجتمعات العربية، من المحيط إلى الخليج، وانهالوا عليه بالانتقادات، غير أنّه علق على تويتر في هذا الصدد، وتناقل بعض المستخدمين التعليق.
ظاهرة الشائعات
ويؤكد الطوقي في هذا الإطار مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد فضلا عن سرعة تناول المعلومة أو الشائعة، وعدم الاهتمام بماضي وتاريخ من يتم الحديث عنه. ويشير إلى أنّه في مقالته حول ايتيكيت التواصل الاجتماعي، ذكر أنّ المنوط بهم القيام بالمسؤولية التوعوية على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاسبة مطلقي الشائعات، ليس فقط هيئة تقنية المعلومات أو الادعاء العام أو أي مؤسسة أخرى تلعب دورًا مجتمعيًا بارزًا، ولكن أيضًا الأفراد، موضحًا أنّ هناك هدف من أي رسالة تبث في المجتمع، ونحن كأفراد يجب أن نكون على دراية من هدف الرسالة. ويتابع أن وزارة الأوقاف لديها هدفها في الترويج عن القيم وعن فعالياتها الدينية وعن كل ما يخدم المجتمع، وفي السياق لا يمكن تجاهل أهداف بعض المؤسسات التجارية، ويتعين رؤية الأهداف المرجوة من أي رسالة يتم بثها في المجتمع، فإن كانت أهدافها سامية نسعى للترويج لها، وإن كانت أهدافها مضرة وخبيثة وتقوم على مصالح معينة، علينا تجاهلها أو التعليق عليها وتوعية النّاس بها. ويوجه الطوقي عتابا إلى بعض الأكاديميين والنخب، ويطالبهم بالإدلاء بدلوهم في العديد من القضايا، لانه لو لم يكن لهم رأيهم فسيكون المجال مفتوحًا أمام الآخرين ليعبثوا فينتشر اللغط.
ويقول حاتم الطائي إنّ مسألة تغيير الأفكار هي التي يمكن من خلالها توجيه الشباب نحو الاستخدام الأمثل، موضحًا أنه في حالة غياب هذا الفكر قد تقع الكثير من التجاوزات.
ويرى ناصر الرقيشي أنّ القضية في مجملها تتعلق بالفكر، كما ذكر الحضور في الندوة، فقد يتم على سبيل المثال طرح مشروع ما في المجتمع في وقت هو غير مستعد له، لذلك يتعين تهيئة الأفراد وتوعيتهم قبل ذلك، وفي هذا السياق فإنّ بعض الأفكار لا زالت في حاجة إلى التغيير، خاصة وأنّ هناك بيئات مختلفة ولديها طرق تفكير متباينة.
ويوضح الرقيشي أنّ الأبناء وكثير من الشباب بدأوا بالفعل في تعلم أدوات التقنية، غير أنّه يؤكد أنّ إساءة استخدام هذه المواقع والبرامج ناجم عن طريقة التفكير الخاصة بكل فرد. ويدعو الرقيشي إلى تعليم الأطفال والنشء منذ الصغر سلبيات أدوات التواصل الاجتماعي، وعلى المؤسسات أن تقوم بتنفيذ ندوات ودورات ومحاضرات فيما يخص هذه المواقع والوسائل المختلفة، بجانب التوعية بالعواقب القانونية مثلا أمام السب والقذف وترويج الشائعات.
الجوانب التوعوية
ويقول الدكتور حسين الغافري إنّ هناك مبادرات في هذا الجانب التوعوي، حيث تلقت هيئة تقنية المعلومات مبادرة من إحدى المدارس بالشرقية للتوعية في هذا الجانب، بعد أن لاحظت المدرسة استخدام سيئًا للهواتف النقالة، وأنّ بعض الطلاب يحمل هاتفين، ويقومون بتصوير مختلف المواقف والأحداث، وقد يلتقطون صورًا ويقومون بنشرها على نطاق واسع دون إذن من أصحابها ويتم تبادلها بشكل كبير، وكل ذلك على الرغم من التحذيرات المتعددة، وتقدموا بطلب للهيئة لتنفيذ محاضرة تسهم في تغيير طريقة تفكيرهم. ويضيف أنّه بالفعل تمّ عقد المحاضرة والحديث مع الطلاب حول المخاطر والعقوبات القانونية التي قد يتعرضون لها. ويوضح الغافري أنّ القائمين على المحاضرة تبين لهم أنّ الطلاب لم تكن لديهم أي خلفية معرفية حول عواقب ما يقومون به، على الرغم من معرفتهم التقنية العالية جدًا، وقدرتهم على التعامل مع التقنية بشكل كبير. ويشير الغافري إلى أنّ البلاد في حاجة لهذا الشباب النابغ الذي يستطيع أن يفهم التقنية بشكل أسرع من الأجيال السابقة له، وينبغي توظيفهم بطريقة إيجابية بما يسهم في خدمة المجتمع.
ويشير إلى أنّ من الافكار المطروحة استخدام قنوات التواصل الاجتماعي وخاصة اليوتيوب في هذه التوعية، لأنها تساهم في بث رسائل إيجابية من خلال مقطع لدقيقة واحدة، وهو ما يعد أفضل من المقال أو المحاضرة الطويلة، في ظل ضعف عام في مستوى القراءة، فالشاب يمكنه أن يقرأ رسائل واتساب دون ملل ولكنه يستطيل أن يقرأ مقالة.
ويتداخل الدكتور محمد الشحي باتفاقه حول مسألة الفكر، مشيرًا إلى أنّ الجانب الفكري يعد المحرك الحقيقي، وهي الأرضية الفلسفية التي يتكون منها السلوك واي ردة فعل، ولا يمكن اختزالها لا في مداخلة ولا في ندوة لأنها قضية شائكة ومسألة تحمل الكثير من التعقيد. ويؤكد الشحي على أن بناء المنظومة الفكرية يأتي أولا من خلال تعميق قيم الحوار والتواصل الحقيقي بين جميع المعنيين به، لا من خلال وصايا أبوية جافة أو المصطلحات التي نطلقها من باب التعاطي الاستهلاكي مع مختلف الأجيال.
ويرى الشحي ضرورة أن يكون هناك عمل جاد لبناء هذه المنظومة الفكرية، وإعادة تفكيك لهذه المنظومة وبنائها من جديد من خلال تعميق قيمة الحوار وتقبل الاختلاف والتباين والتفهم المدروس، مستبعدا أن يكون الالتقاء بالوعي الجمعي يأتي من خلال حوارات متشنجة أو تفاعلات حادة، فكل من الطرفين يتبنى رأيا حادات وإقصائيا. ويوضح الشحي أنّ الكثير من القضايا (من بينها قضية التواصل الاجتماعي) إذا وصلنا فيها إلى حلول إيجابية أو سلبيات، يجب أن تصاغ لها مفاهيم مشتركة تقوم على حوار حقيقي، وعبر طرح موضوعي لمختلف الأطراف، لافتا إلى أنّ من أخطر القضايا التي تواجهها المجتمعات "سيكولوجية الجماهير"، وكيفية التعامل مع الجماهير. ويضيف أنّ التعامل مع الجماهير ليس عملية من طرف واحد، ولكنها تحتاج إلى تمكين الشباب وتشكيل أطراف مختلفة، وهنا يمكن لهذه الأطراف المختلفة التفاعل بإيجابية. ويتابع أنّه في ما يتعلق بالسؤال عن دور المؤسسات، فينبغي السؤال أولا عمّا إذا كانت هناك برامج أكاديمية لتدريب الموظفين في المؤسسات المختلفة للتفاعل مع البيئة الافتراضية، موضحا أهمية أن يكون هناك برنامج مخصص لتدريب الشباب الموظفين على التعاطي مع البيئة الافتراضية والزبون الافتراضي، في هذه المناخات وفي هذه الفضاءات. ويشير في هذا الإطار إلى أن المنظومة الفكرية تضم العديد من المؤسسات، والجوانب؛ منها التعليمي والمعرفي والأكاديمي، كما أنه لن يحدث بين عشية وضحاها، وتحتاج لتكاتف كافة الأطراف.
توظيف الأفكار
ويقول الدكتور ناصر الجهوري إنّ النقاش يركّز على نقطتين؛ الأولى في التغيير الحاصل في المجتمع وما تبعه من تطوير، والثاني الأفكار، والتي ينبغي أن تقوم على الفهم والوعي، وتوظيف هذا الفكر لتطوير المجتمع.
غير أنّ الجهوري يختلف في ما تم طرحه من أفكار حول دور المدرسة، قائلا إنّ الدور التوعوي يبدأ من الأسرة ليأتي بعد ذلك دور المدرسة، وغيرها من المؤسسات كاللجنة الوطنية للشباب، وكافة مؤسسات المجتمع المدني، بما يسهم في صنع استراتيجية واضحة المعالم ومحددة المبادئ للعمل على تغيير الفكر. ويضيف أنّ العالم الافتراضي يختلف عن الواقع الذي نعيشه، وهو ما يستلزم التفكير خارج الصندوق. ويحذر الجهوري من أنّ بعض الأفراد يعيش في إطارين مختلفين، الأول حقيقي وواقعي، والثاني افتراضي، والخطر الأكبر أن يكون تأثير العالم الافتراضي على الواقع أكثر تأثيرًا، وفي الإطار هناك جوانب إيجابية منها تكوين الصداقات العابرة للحدود والقارات، وشبكات من التواصل الاجتماعي غير النهائية.
ويشدد الجهوري على فكرة وجود الإيجابيات في شبكات التواصل الاجتماعي، وهو الازدياد المضطرد في مستخدمي الإنترنت، في العديد من الدول العربية، بعد ما يعرف بثورات الربيع العربي، ففي تونس وحدها زاد عدد المستخدمين للانترنت بحوالي مليوني مستخدم وهذا العدد تزايد فقط في ثلاثة شهور بعد ثورة 15 يناير، حيث كان قبل الثورة 21.2 مليون وصار بعدها 23.4 بنسبة زيادة 9%، وكذلك الحال في مصر؛ حيث زاد استخدام الفرد لعدد الساعات التي يقضيها مع الانترنت؛ فكان المصري قبل ثورة 25 يناير يقضي 900 دقيقة بالشهر يستخدم فيها الانترنت وقفز الرقم إلى 1800 دقيقة شهريًا بعد الثورة، بمعنى أنّ الرقم تضاعف وهذه الأرقام بناءً على دراسة من المركز الوطني للإحصاء بمصر. ويمضي موضحا أنّه في تونس زاد عدد المستخدمين لفيسبوك بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 34 سنة يتجاوز المليونين.
تقنيات متعددة
ويتداخل أحمد العامري بالتأكيد على أهميّة استخدام التقنيات المختلفة في التوعية، وكذلك ضرورة وجود جهة أو مؤسسة حكومية تتبنى مثل هذه الاستراتيجيات، مع مشاركة كافة الأطراف، ووضع الآليات الكفيلة للتوعية القانونية والعمل التشريعي في هذا الجانب. ويوضح أنّ الوضع الحالي لا يشير إلى إمكانية السيطرة على التقنية، في ظل التطوّر الهائل والمستمر لها.
ويؤيّد العامري ما تطرق إليه المشاركون في الندوة من ضرورة التوعية، والتأكيد عليها واستخدام مختلف الآليات والأدوات وكذلك دور الأسرة والمدرسة والهيئات والمؤسسات، وتبني استراتيجية واضحة في هذا السياق.
غير أنّ ناصر الجهوري لا يرى أسبابًا واضحة كي يتم وضع استراتيجية وطنية، قائلا: "لا أعتقد أننا نحتاج لأن نبني لكل شيء استراتيجية وطنية"، ويشير إلى أنّ هناك بعض السياسات والآليات سترى النور قريبًا منها المرصد الاجتماعي الذي تتبناه وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع مركز البحث العلمي.
ويمضي يقول إنّ هناك بالفعل سياسات اجتماعية يقوم بها المجلس الأعلى التخطيط، داعيًا إلى تضمين هذه الأفكار مع ما تقوم به بعض الجهات، حيث إنّ بناء الفكر لا يأتي فقط باستراتيجية مستقلة، ولكن عبر منظومة متكاملة الأركان.
ويتداخل خلفان الطوقي مبديًا اتفاقه مع الدكتور ناصر، معربًا عن أمله في أن يتم التركيز على دور المجلس الأعلى للتخطيط.
ويقول الدكتور حافظ الشحي إنّ الحديث عن دور المجلس الأعلى للتخطيط واستراتيجية السلطنة 2020، لا يزال غير واضحًا، وهناك أصوات تطالب بإلغائها وإعادة صياغتها، نظرًا لأنّ بعض البنود فيها تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة للتطبيق.
ويؤكّد الشحي أهميّة تقييم الأوضاع في السلطنة، للتعرف على مدى تقدمنا أو تأخرنا في سباق عالمي ينتصر فيه من يمتلك الآليات والأدوات التقنية الحديثة، وهو ما يستلزم وضع الخطط والاستراتيجيات بناءً على التصورات المستقبلية، خاصة في مجالات التعليم والتوعية.
ويتداخل الدكتور ناصر الجهوري بالقول إنّ الأهمية الأولى تكمن في وجود مؤشرات أداء مرحلية في كل خطوة، سواء لتقييم الوضع الحالي أو ما نريد الوصول إليه بعد سنوات.
ويقول الدكتور حافظ الشحي: "علينا أن نضع معيارًا واضحًا نقيس عليه نسبة الوصول لما هو مخطط له، مشيرًا إلى نموذج وزارة السياحة، عليها أن تخطط لاستهداف 5 ملايين زائر للسلطنة خلال عامين، فيما أنّ الواقع يشير إلى توافد 2 مليون سائح فقط، ما يعني ضرورة إعادة صياغة الاستراتيجيات والرؤى بما يتماشى مع المتغيرات، كما أنّ طريقة الإدارة تمثل الأساس الحقيقي لنجاح الأفكار والمخططات.
التخطيط المسبق
ويضيف الشحي بالتأكيد على أهميّة التخطيط المسبق والجيد، حيث يتطرق في حديثه إلى الأوضاع الاقتصادية للسلطنة، والتي تمر حاليا بأداء جيد بفضل مبيعات النفط والغاز، غير أنّه يؤكد أهميّة وضع خطط لما بعد النفط، حيث إنّه سينضب خلال العقود القادمة، وهو ما يستلزم التطوير في مختلف الصناعات والمعارف، والتأكيد على أهمية تطوير العلوم وتشجيع الصناعات المختلفة، والتي لن تتأتى إلا من خلال التوعية والتعليم المتطور للأجيال الجديدة.
فيما يتداخل الدكتور محمد الشحي بالقول إنّ المجتمعات تتغير تدريجيًا وباتت أكثر معرفة بما يدور حولها، وتسعى للوصول إلى النجاح المطلوب، ومن ذلك الاعتماد على اقتصاد المعرفة. ويضيف أنّ التوجه إلى بناء اقتصاديات المعرفة يجب أن يكون خيارًا حتميًا ويجب أن تتجه كل التطلعات والقوانين والتشريعات المختلفة نحوه.
ويتداخل خلفان الطوقي بالقول إنّ العديد من المسؤولين يصرّحون أنّهم يقدمون خططًا مختلفة إلا أنّهم يصطدمون بعدم وجود الموارد المالية المخصصة، مشيرا إلى غياب استراتيجية وطنية شاملة تفاعلية، وأنّ كل ما يحدث من تطوير ربما تكون جهود شخصية لمسؤول هنا أو هناك، داعيا إلى أهميّة وضع خطط وملامح واضحة المعالم نسير عليها.
وحول كيفية توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في التوعية بالقضايا الاجتماعية، يقول الدكتور جاسم محمد الشيخ إنّ هناك المرجعيات الحكومية والاجتماعية، والتي يجب أن تكون فاعلة بشكل أكبر، مثل ما أشار إليه الدكتور محمد الشحي؛ حيث يجب أن تأخذ هذه الموسسات دورًا بارزًا وأن تمارس التوعية. ويوضح على سبيل المثال دور قطاع التعليم، والذي يعد واحدًا من الأساسيات التي يجب أن تتبنى مقررات ومواد دراسية في المدارس الثانوية، وتسير معها في الدرب باقي عناصر التوعية سواء الصحية أو الاجتماعيه أو المعرفية، وكذلك الإعلام والتقنيات الحديثة وكيفية استخدامها بشكل إيجابي غير ضار.
وردًا على سؤال حول كيفية استخدام الجامعات لوسائل التواصل الاجتماعي في التعليم والتواصل مع الطالب بشكل إيجابي، يجيب الدكتور جاسم جابر قائلا إنّ هذا الأمر يأخذ بعدين أساسيين، فكلية البيان كمؤسسة علمية توفر المعرفة وتوفر المهارات للطالب للاستفادة بها بعد تخرجه، بما تؤهله من أن يكون قادرًا على التكيف مع الحياة ومتطلباتها، مشيرًا إلى أنّ عملية التعامل مع التقنيات الحديثة والإعلام الجديد أصبحت واحدة من المهارات المطلوبة في القطاع الميداني الذي يحتاج إلى مثل هذه المهارات، وباتت هناك مواد تعليمية مقررة بالفعل تسعى إلى تزويد الطالب بمثل هذه المهارات وكيفية استخدامها على النحو الأمثل.
مقررات دراسية
ويزيد جابر: "الجانب الآخر أننا بدأنا في استخدام هذه التقنية، باعتبار أنها إحدى وسائل التدريس والتواصل مع الطلاب، وبدأ كثير من المقررات وكثير من المدرسين يعتمدون على المدونات وفيسبوك وتويتر وكذلك تطبيقات الكتب والحملات الإعلانية، وتوظيف العلاقات العامة.
ويرى الدكتور جاسم أنّ النقطة الأبرز في هذا السياق هي التوعية بأضرار هذه الوسائل والدعوة لاستخدامها على النحو الأمثل، مشيرًا إلى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي أوصت في هذا الجانب بإدخال مادة للتوعية الإعلامية في المدارس، غير أنّها لم تر النور بعد.
ويوضح جاسم أن الطالب كانت مرجعيته الأولى البيت، ومن ثمّ انتقلت إلى المدرسة، نظرًا لما يقضيه الطالب من ساعات دراسية في المدرسة أكثر مما يقضيها في المنزل، إلا أنّ مرجعية ثالثة ظهرت لدى الطلاب وهي وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يقضي الطالب في استخدامها ساعات، سواء في الدرسة أو المنزل، ما يستلزم التوعية بأضرارها.
ويرى جاسم أنّ التوعية تأتي من خلال الأسرة والمجتمع، وكذلك وضع المحددات القانونية والضوابط الاجتماعية، مشيرا إلى أهمية الفعل الاستباقي، بمعنى أن نستشرف المستقبل وأن نهيئ أنفسنا للمستقبل، الأمر الذي سيسهم في وضع لبنات أساسيّة صحيحة للتعامل مع المتغيرات.
ويوضح أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تمثل "المارد الذي خرج من القمقم"، وللسيطرة عليه يبنغي التوعية بمخاطره، وكذلك التعريف بإيجابياته، كما أنّه ليست هناك منطقة بيضاء أو سوداء، ولكن مناطق رمادية متعددة، حيث تجتمع السلبيات والإيجابيات في سياق واحد.
ويقول الدكتور ناصر الجهوري إنّه فيما يتعلق بقضية التعليم، فإنّ هناك جهودًا كبيرة تبذل في السلطنة للتطوير، فمؤسسات التعليم العالي تخضع لتقييم مؤسسات خارجية لضمان الجودة والاعتماد، وهي معايير أساسية في تقييم تلك المؤسسات. ويضيف أنّ كليات العلوم التطبيقية التي تشرف عليها وزارة التعليم العالي مباشرة لديها برنامج "بلاك بورد" لإدارة العملية التعليمية الإلكترونية ويستخدم أيضًا في جامعة السلطان قابوس.
ويزيد الجهوري أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ينبغي أن تنتقل من الأمور التعليمية إلى الحديث عن القضايا المجتمعية الكبرى، وهنا يستلزم الاستعانة بمؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وتفعيل المبادرات المجتمعية المختلفة، ودعم المؤسسات التي تقوم بدور ريادي بما يهدف في نهاية المطاف إلى خدمة المجتمع.
ويمضي يقول إنّه من خلال هذا كله يمكن التنويع في وسائل التعريف والتوعية بشبكات التواصل الاجتماعي وما يرتبط بها.
التطبيقات الذكيّة
فيما ينوه جابر الرواحي إلى التطبيقات الذكية ودورها في مجال التعليم، والتي يرى أنها ستكون لغة المستقبل، وسيصبح من لا يتعامل مع البرمجيات الذكية سيتخلف عن الركب.
ويشير إلى أن تلك التطبيقات الذكية تلعب دورًا كبيرًا في التوعية وفي نشر التعليم وفي أداء رسالة المؤسسة أيا كانت.
ويوضح أنّ هناك نحو 7 تطبيقات في السلطنة، منها التقويم العماني، والذي يستخدمه أكثر من 150 ألف شخص من مستخدمي أنظمة اندرويد و"آي.أو.إس"، موضحا أهمية الاستفادة من هذه الأعداد الهائلة والعمل على توعيتها من خلال ذات التطبيقات.
ويتداخل الدكتور حافظ الشحي قائلا إنه من الناحية العلمية، فقد عقد مؤتمر في دبي ناقش مدى أهمية أن تنشئ المنتديات الحكومية برامج مشابهة للفيسبوك وتويتر، بدلا من استخدامها تلك البرامج الأصلية، وتوصلوا إلى أنّه من الناحية العلمية أنّه من المفترض على الجهات الحكومية أن تنشئ لها قنوات تواصل اجتماعي خاصة بها، وذلك لأبعاد أمنية؛ حيث إنّ أي مادة يتم نشرها على فيسبوك سيكون ملكا لهذا الموقع.
ويضيف أن هذه المعلومات والكم الهائل الموجود على فيسبوك، والذي يقدر بأكثر من 900 مليون مستخدم للموقع يوميًا، من الممكن أن تستفيد من تلك المعلومات بإجراء تحليل حولها ومن الممكن أيضا التركيز على قطاع أو بلد معين، وتستخلص معلومات معينة. ويتابع أنّ شركة فيسبوك يمكن أن تبيع هذه المعلومات إلى الدول حسب القانون الوطني الأمريكي، والذي يتيح توفير المعلومات لجهات بعينها، وإن كانت خاصة، مشيرًا إلى أهمية وضع هذا الهاجس الأمني في عين الاعتبار. ويستطرد قائلا: حتى على مستوى الأفراد عندما تضع صور خاصة لك، فإنّها لن تصبح ملكك وحتى لو حذفتها فهي موجودة على خوادم تويتر وفيسبوك. ويشدد على ضرورة التوعية في هذا الجانب، وخاصة الجهات الحكومية عند نشر معلومات قد تتضمن نوعًا من الحساسية أو نشر وثائق مثلا، فتتحول من ملكيتهم إلى تلك الوسائل، كما أنّ أي معلومات تُنشر من الممكن أن يعاد تحليلها وتعديلها، ويمكن في هذا السياق أن تقوم أي مؤسسة ذات مصلحة معينة بالعودة إلى آخر 5 سنوات والتعرف على ما تم نشره وتستطيع قراءة وتحليل هذه البيانات، وتخرج بنتائج ما ربما تضر بالبلاد. ويتداخل جابر الرواحي أنّ النشر على مواقع التواصل الاجتماعي لا يقصد به نشر الوثائق أو الأمور الخاصة، ولكن نشر الأخبار العادية التي تبثها وسائل الإعلام. ويرد الدكتور الشحي: ما نقوله للحذر وليس للامتناع.
التوصيات
ويوصي الدكتور حافظ الشحي بوضع استراتيجية جديدة بدلا عن استراتيجية 2020، بحيث تكون قابلة للقياس وتركز على القواعد الموجودة في تنافسية الدول، وبعد ذلك يتم وضع استراتيجيات منبثقة لكل وزارة، وتطوير دور هيئة تقنية المعلومات لتكون وزارة، خاصة وأنّها تحولت من بعد معني بالبنية الأساسية للاتصالات إلى بعد إستراتيجي.
ويوصي ناصر الرقيشي بتنمية الوعي الفكري حول استخدام تقنية شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يبدأ من دور الأسرة ثمّ المدرسة وغيرها من المؤثرات على الفرد، وإدخال مادة تدريسية لتثقيف الأجيال بوسائل الإعلام الجديد لتكون لديهم معرفة وحصيلة جيدة بها، وكيفية تعامل الطلاب مع تلك الوسائل.
ويؤكد الدكتور حسين الغافري في توصياته على أهمية رفع الوعي القانوني، وأن يكون المستخدم على معرفة وإطلاع جيد بالعقاب والجزاء.
ويوصي أحمد العامري بالاهتمام بتنمية الفكر لدى المواطن العماني بشكل عام، مشيرًا إلى أنّ تنمية الفكر يضع الأمة على درب التقدم. ودعا إلى العمل على الحد من انتشار الشائعات، ودعوة المشرع للعمل على منح المواطن الحق في الحصول على المعلومة من المصدر؛ خاصة وأن كثيرًا من الدول لديها قانون يلزم الجهات ذات الصلة بمد المواطنين بالمعلومات، ويكون لديها متحدث رسمي، وبالتالي نتمكن من وضع حد والقضاء على الشائعات.
ويوصي الدكتور جاسم محمد الشيخ جابر بضرورة استعانة المؤسسات التعليمية والتدريبية بوسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز مهارات التواصل مع وسائل الإعلام. كما يطالب بوضع ضوابط أخلاقية وقانونية لتنظيم هذه الوسائل وتفعيل أخلاقيات المهن؛ على كافة المستويات. ويدعو جابر إلى أن تكون هناك مادة توعوية للطلاب حول الإعلام الجديد وتأثيراته.
ويوصي الدكتور محمد الشحي بأهمية تعميق قيم الحوار في المجتمع بغية الوصول إلى مفاهيم مشتركة في مختلف القضايا، والاستماع للفئات المستهدفة والمعنية بالدرجة الأولى بالتنمية البشرية الشاملة، التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بجانب دعوة الأفراد وجميع المتعاملين في هذا الفضاء الافتراضي في البيئة الرقمية للتفاعل الموضوعي وفق الأخلاق والضوابط القانونية. وينادي الشحي كذلك بضرورة الارتقاء بمنظومة الوعي الثقافي، وأن تشارك في ذلك كافة الجهات والمؤسسات.
فيما يوصي خلفان الطوقي بإيجاد متحدث رسمي لكل جهة على حدة، يظهر بشكل أسبوعي لتجنب ظهور الشائعات، وغرس ثقافة الحوار بين القواعد وصناع القرار، ويدعو المجلس الأعلى للتخطيط لبناء الثقة وتنمية لغة الحوار وترسيخ وتعميق الثقة، ووضع استراتيجات الدولة بشكل مرن قابل لإجراء التعديلات عليها وإضافة الرؤى حسب الحاجة والتطورات الطارئة.
ويدعو الدكتور ناصر الجهوري القائمين على بناء السياسات والاستراتيجيات الوطنية إلى ضرورة تضمين متغيرات العصر التقني، وما يرتبط بها من تأثيرات في رسم السياسات والاستراتيجيات الوطنية للسلطنة، وكذلك دعوة مؤسسات التعليم في مختلف مراحلها للاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي، والانخراط فيها بفاعلية مدروسة بما يخلق تأثيرًا إيجابيًا لدى شرائح المجتمع المختلفة.
ويوصي جابر الرواحي بأن تستغل المؤسسات والجهات الحكومية وسائل التواصل الاجتماعي في مزيد من التواصل مع المواطنين، وتوضيح النقاط المختلفة في العديد من القضايا المجتمعية.
أكثر...