إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ميدان التحرير والحرية الغائبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ميدان التحرير والحرية الغائبة


    محمد الشحري-
    زرت منذ يومين ميدان التحرير بالقاهرة الذي شهد انطلاق الثورة المصرية التي أطاحت بنظام حسني مبارك، وسبب زيارتي لميدان التحرير علاوة على كونه مقصدًا سياحيا، إلا أنني كنت أرصد الانتهاكات التي يتعرّض لها الإعلاميون وسط الميدان، وهو تطبيق عملي لما درسناه في الدورة التدريبية حول رفع مستوى وعي وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن ودول الخليج، والتي نظمها المرصد اليمني لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، والحقيقة أنّ من يزور ميدان التحرير ويلامس استياء الناس من الحالة التي وصلت إليها الأمور بعد الثورة، يجد أنّ الثورة الشعبية المصرية لم تقدم للمواطن المصري الذي رزح تحت الحكم الاستبدادي خلال العقود الماضية أي شيء من المطالب التي أخرجت الناس إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم، فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، لم تتغير بل انحدرت إلى الأسوأ، مضافة بذلك معاناة أخرى إلى تراكمات من القمع والانتهاكات وغياب حقوق الناس في الدولة التي تعتبر قلب الأمة العربية النابض، والتي يعوّل عليها المواطن العربي في النهوض بحالة الأمة، ولكن حسب وجهة نظري الشخصية فإنّ مصر بوضعها الحالي لا يمكن التعويل عليها للعب أي دور طليعي للانتقال بحالة البلدان العربية من الحالة الراهنة إلى حال أفضل.
    أعود مرة أخرى إلى ميدان التحرير ومن خلال الحديث مع العديد من شباب الثورة والمصورين والإعلاميين والمحامين، نجد حالة من الإحباط واليأس نظرًا لغياب حالة الأمن وانتشار الفوضى، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية، ناهيك عن عدم توفر المطالب المعيشية الأساسية، ورغم إجراء انتخابات ووصول طرف معارض إلى سدة الحكم لا يعني أنّ حالة البلد قد تحسّنت، بصرف النظر عن مرجعية المعارضة التي وصلت إلى الحكم سواء كانت إسلامية أو يسارية أو قومية أو ليبرالية، لأنّ أي تيّار وصل إلى الحكم فإنّه سيصطدم بالمعوقات التي وضعها النظام الذي كان قبله، وسوف يحكم بيد من حديد ويضيق على الحريات العامة وينتهك الحريات الأساسية، ولا يلتزم بالوعود التي قطعها على نفسه في مرحلة الترشح والانتخابات، إضافة إلى أنّ التراكمات التي أشرنا إليها في بداية المقال، والتي نخرت جسد المجتمع المصري خلال العقود الأربعة يصعب حلها في غضون سنة أو سنتين، هذا ما يجعلنا نستفيد من التجربة المصرية وغيرها من الأنظمة التي حجبت الوعي الحقوقي والثقافي والسياسي عن مواطنيها، بل وحرمتهم من حقوقهم الطبيعية في الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، ونتيجة لغياب حرية الإعلام وحق الحصول على المعلومة ومراقبة الأداء الحكومي، فقد استشرى الفساد في المؤسسات، وهيمن عدد قليل من الناس على مقدرات الدولة، وأصبحوا يتحكمون في مصائر العباد ويجيرون القوانين لصالح شركاتهم، كل ذلك أدى إلى بروز طبقة من المهمشين والفقراء والمحرومين من أبسط حقوقهم، في الوقت الذي تزداد فيه ثروات قلة من المتحكمين، الذين أصبحوا يديرون الدولة وفقا لمصالحهم الشخصية، حيث غابت الدولة وحلت محلّها الحكومة، وحل الحزب الحاكم محل الحكومة.
    من خلال الاحتجاجات الشعبية التي لاتزال مستمرة في العديد من الدول العربية، فإننا نرى أنّ أي حراك دون وعي ودون تنظيم هي فوضى لا ينتج عنها إلا الخراب وتدمير ما تم بناؤه، وأنّ تهميش المجتمع وعدم اطلاعه على حقوقه وواجباته ومنحه حقه الطبيعي في إبداء الرأي والتعبير عن رأيه وهمومه، وغياب الشفافية، كل ذلك يؤدي إلى تأخر تقدم المجتمعات والدول، فالتقدم والتطور والرقي يعتمد بشكل أساسي على وعي الإنسان وبدون ذلك لا يمكن الحديث عن النهضة، فأحد شروط النهضة هو الوعي والمعرفة.






    أكثر...
يعمل...
X