تحليل-
الرؤية- مركز البحوث-
منذ أيام قليلة كتبت لويز إيناسيو لولا داسيلفا في صحيفة "هيرالد تريبيون" حول مستقبل أمريكا اللاتينية بعد رحيل الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز قائلة: بغض النظر عن عيوبه، إلا أنّ حماس هوجو شافيز للنهوض بالفقراء يعد إرثاً لا يزول.
سوف يؤكد التاريخ على الدور الحقيقي الذي يلعبه هوجو شافيز في تحقيق التكامل في أمريكا اللاتينية، ومدى أهمية فترة رئاسته التي استمرت على مدى 14 عامًا بالنسبة للفقراء في فنزويلا التي توفي فيها بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ومع ذلك، قبلما يسمح لنا التاريخ بكتابة تفسيرنا للماضي، يتعين علينا أولاً أن يكون لدينا فهم واضح لأهمية شافيز في المجال السياسي على الساحتين المحلية والدولية. وبعد ذلك فقط يمكن أن يكون بإمكان قادة أمريكا الجنوبية وشعوبها أن يحددوا بوضوح المهام التي تنتظرنا حتى نستطيع تعزيز التقدم نحو الوحدة الدولية التي تحققت في العقد الماضي، حيث يمكن القول بأن قارة أمريكا الجنوبية تعد أكثر قارة ديناميكية في العالم اليوم. وقد اكتسبت تلك المهام أهمية جديدة الآن؛ لأننا أصبحنا دون دعم شافيز غير المحدود، حيث كان يؤمن بصورة كبيرة بإمكانية تحقيق التكامل بين دول أمريكا اللاتينية والتزامه بالتحويلات الاجتماعية الضرورية لتحسين حالة البؤس التى يمر بها شعبه.
وجدير بالذكر أنّ الحملات الاجتماعية التي شنها شافيز، لاسيما في مجالات الصحة العامة والإسكان والتعليم، قد نجحت فى تحسين المستويات المعيشية لعشرات الملايين من الفنزويليين. وليس بالضرورة الاتفاق مع كل شيء صرح به شافيز أو فعله. ولا يمكن إنكار أنه كان شخصية مثيرة للجدل، كما انه لم يتهرب مطلقًا من مناقشة القضايا. وينبغى أن أعترف أنني شعرت في كثير من الأحيان أنه ربما كان من الحكمة والحصافة كان الأفضل لشافيز ألا يقول كل ما قاله. إلا أن ذلك كان طابعًا شخصيًا له ينبغي ألا يشوه صفاته ومزاياه.
ويمكن للمرء كذلك أن يختلف مع إيديولوجية شافيز وأسلوب حياته السياسية التى كان ينظر إليها نقاده على أنها استبدادية؛ فهو لم يقدم خيارات سياسية سهلة كما لم يتردد مطلقًا فى قراراته.
ومع ذلك فليس بإمكان أي شخص محايد، أو حتى خصومه أو معارضيه الأكثر شراسة، أن ينكروا مستوى الثقة وحتى الحب الذي شعر به شافيز تجاه فقراء فنزويلا، كذلك الأمر بالنسبة لمسألة التكامل فى أمريكا اللاتينية. وبالنسبة لكثير من القادة الذين التقيت بهم، فإن عددًا قليلاً منهم يؤمن كثيرًا بوحدة قارتنا وشعوبها المتنوعة وهم الهنود الأصليون وأحفاد الأوروبيين والأفارقة بالإضافة إلى المهاجرين الجدد- كما فعل شافيز.
وجدير بالذكر أن شافيز كان له دور واضح في معاهدة 2008 التى أسست لقيام اتحاد دول أمريكا الجنوبية وهي منظمة غير حكومية تتألف من اثني عشر عضوًا، والتي ربما تنهض بالقارة في يوم من الأيام لكي تكون نموذجًا مماثلاً للاتحاد الأوروبى.
وفي عام 2010، قفز مجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من الناحية النظرية إلى التنفيذ العملي، وقدم منتدى سياسيًا جنبًا إلى جنب مع منظمة الدول الأمريكية، (والذي لا يتضمن الولايات المتحدة وكندا، كما هو الحال في منظمة الدول الأمريكية).
ودون قيادة شافيز لم يكن ممكنًا تكوين بنك الجنوب، وهو مؤسسة جديدة لمنح القروض، مستقل عن البنك الدولي وعن مصرف التنمية للبلدان الأمريكية. وأخيرًا، فقد كان شافيز مهتمًا بتعزيز علاقات أوثق بين أمريكا اللاتينية وأفريقيا والعالم العربى.
وفى حالة وفاة شخصية عامة دون أن يترك أفكارًا فسوف يموت كذلك ميراثه وروحه. ولم يكن هذا الحال بالنسبة لشافيز، فهو شخصية لا يمكن نسيانها حيث سيتم مناقشة أفكاره على مدى عقود فى الجامعات، والنقابات العالمية وفى أى مكان يهتم فيه الناس بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للسلطة. وربما سوف تأتى أفكاره لإلهام الشباب، بقدر حياة سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية العظيم، والتى ألهمت شافيز نفسه.
وللحفاظ على إرث شافيز، فإن المتعاطفين معه فى فنزويلا أمامهم الكثير من العمل لبناء المؤسسات الديمقراطية وتعزيزها. كما سيتعين عليهم المساعدة فى جعل المنظومة السياسية أكثر دستورية وشفافية؛ وتحقيق الوصول إلى المشاركة السياسية بشكل أفضل؛ وتعزيز الحوار مع أحزاب المعارضة وتعزيز النقابات وجماعات المجتمع المدنى. علاوة على أن وحدة المجتمع الفنزويلى وبقاء الإنجازات التى حققها شافيز بشق الأنفس تستدعى كل ذلك. ومن دون شك فإن تطلعات جميع الفنزويليين سواء المنحازين لشافيز أو المعارضين له، وسواء الكاثوليك أو البروتوستانت، الأغنياء أو الفقراء- لإدراك الإمكانيات الأمة تكون واعدة ومبشرة لهم. وبالسلام وبالديمقراطية فقط يمكن لهذه التطلعات أن تصبح حقيقة واقعة.
كما أن المؤسسات التى ساعد شافيز فى إنشائها سوف تساعد كذلك فى ضمان التكريس لوحده أمريكا الجنوبية.
وعلى الرغم أنه لن يكون موجودًا ليحضر اجتماعات القمة، إلا أن أفكاره وكذلك الحكومة الفنزويلية سوف تستمر فى التواجد. غير أن الصداقة الحميمة بين قادة أمريكا اللاتينية وقادة منطقة البحر الكاريبى هى أفضل ضمان للوحدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تريدها شعوبنا ويحتاجون إليها.
وفي التحرك نحو الوحدة، فقد أصبحنا عند نقطة اللاعودة. ولكن على الرغم أننا صامدون، إلا أنه يتعين علينا كذلك أن نتفاوض بشأن مشاركة بلادنا في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهذه المؤسسات لم تكن مستجيبة بما فيه الكفاية مع واقع عالم اليوم المتعدد الأقطاب.
وجدير بالذكر أن الكاريزمية والتميز، هى خصال قادرة على بناء الصداقات والتواصل مع الجماهير قلما يتمتع بها القادة الآخرون، الأمر الذي يجعلنا سوف نفتقد شافيز. وسوف أعتز دائمًا بالصداقة والشراكة- عملنا سويًا كرؤساء على مدى ثمانية أعوام اللتين عادتا بالفوائد على كل من البرازيل وفنزويلا وشعوبنا.
أكثر...
الرؤية- مركز البحوث-
منذ أيام قليلة كتبت لويز إيناسيو لولا داسيلفا في صحيفة "هيرالد تريبيون" حول مستقبل أمريكا اللاتينية بعد رحيل الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز قائلة: بغض النظر عن عيوبه، إلا أنّ حماس هوجو شافيز للنهوض بالفقراء يعد إرثاً لا يزول.
سوف يؤكد التاريخ على الدور الحقيقي الذي يلعبه هوجو شافيز في تحقيق التكامل في أمريكا اللاتينية، ومدى أهمية فترة رئاسته التي استمرت على مدى 14 عامًا بالنسبة للفقراء في فنزويلا التي توفي فيها بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ومع ذلك، قبلما يسمح لنا التاريخ بكتابة تفسيرنا للماضي، يتعين علينا أولاً أن يكون لدينا فهم واضح لأهمية شافيز في المجال السياسي على الساحتين المحلية والدولية. وبعد ذلك فقط يمكن أن يكون بإمكان قادة أمريكا الجنوبية وشعوبها أن يحددوا بوضوح المهام التي تنتظرنا حتى نستطيع تعزيز التقدم نحو الوحدة الدولية التي تحققت في العقد الماضي، حيث يمكن القول بأن قارة أمريكا الجنوبية تعد أكثر قارة ديناميكية في العالم اليوم. وقد اكتسبت تلك المهام أهمية جديدة الآن؛ لأننا أصبحنا دون دعم شافيز غير المحدود، حيث كان يؤمن بصورة كبيرة بإمكانية تحقيق التكامل بين دول أمريكا اللاتينية والتزامه بالتحويلات الاجتماعية الضرورية لتحسين حالة البؤس التى يمر بها شعبه.
وجدير بالذكر أنّ الحملات الاجتماعية التي شنها شافيز، لاسيما في مجالات الصحة العامة والإسكان والتعليم، قد نجحت فى تحسين المستويات المعيشية لعشرات الملايين من الفنزويليين. وليس بالضرورة الاتفاق مع كل شيء صرح به شافيز أو فعله. ولا يمكن إنكار أنه كان شخصية مثيرة للجدل، كما انه لم يتهرب مطلقًا من مناقشة القضايا. وينبغى أن أعترف أنني شعرت في كثير من الأحيان أنه ربما كان من الحكمة والحصافة كان الأفضل لشافيز ألا يقول كل ما قاله. إلا أن ذلك كان طابعًا شخصيًا له ينبغي ألا يشوه صفاته ومزاياه.
ويمكن للمرء كذلك أن يختلف مع إيديولوجية شافيز وأسلوب حياته السياسية التى كان ينظر إليها نقاده على أنها استبدادية؛ فهو لم يقدم خيارات سياسية سهلة كما لم يتردد مطلقًا فى قراراته.
ومع ذلك فليس بإمكان أي شخص محايد، أو حتى خصومه أو معارضيه الأكثر شراسة، أن ينكروا مستوى الثقة وحتى الحب الذي شعر به شافيز تجاه فقراء فنزويلا، كذلك الأمر بالنسبة لمسألة التكامل فى أمريكا اللاتينية. وبالنسبة لكثير من القادة الذين التقيت بهم، فإن عددًا قليلاً منهم يؤمن كثيرًا بوحدة قارتنا وشعوبها المتنوعة وهم الهنود الأصليون وأحفاد الأوروبيين والأفارقة بالإضافة إلى المهاجرين الجدد- كما فعل شافيز.
وجدير بالذكر أن شافيز كان له دور واضح في معاهدة 2008 التى أسست لقيام اتحاد دول أمريكا الجنوبية وهي منظمة غير حكومية تتألف من اثني عشر عضوًا، والتي ربما تنهض بالقارة في يوم من الأيام لكي تكون نموذجًا مماثلاً للاتحاد الأوروبى.
وفي عام 2010، قفز مجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من الناحية النظرية إلى التنفيذ العملي، وقدم منتدى سياسيًا جنبًا إلى جنب مع منظمة الدول الأمريكية، (والذي لا يتضمن الولايات المتحدة وكندا، كما هو الحال في منظمة الدول الأمريكية).
ودون قيادة شافيز لم يكن ممكنًا تكوين بنك الجنوب، وهو مؤسسة جديدة لمنح القروض، مستقل عن البنك الدولي وعن مصرف التنمية للبلدان الأمريكية. وأخيرًا، فقد كان شافيز مهتمًا بتعزيز علاقات أوثق بين أمريكا اللاتينية وأفريقيا والعالم العربى.
وفى حالة وفاة شخصية عامة دون أن يترك أفكارًا فسوف يموت كذلك ميراثه وروحه. ولم يكن هذا الحال بالنسبة لشافيز، فهو شخصية لا يمكن نسيانها حيث سيتم مناقشة أفكاره على مدى عقود فى الجامعات، والنقابات العالمية وفى أى مكان يهتم فيه الناس بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للسلطة. وربما سوف تأتى أفكاره لإلهام الشباب، بقدر حياة سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية العظيم، والتى ألهمت شافيز نفسه.
وللحفاظ على إرث شافيز، فإن المتعاطفين معه فى فنزويلا أمامهم الكثير من العمل لبناء المؤسسات الديمقراطية وتعزيزها. كما سيتعين عليهم المساعدة فى جعل المنظومة السياسية أكثر دستورية وشفافية؛ وتحقيق الوصول إلى المشاركة السياسية بشكل أفضل؛ وتعزيز الحوار مع أحزاب المعارضة وتعزيز النقابات وجماعات المجتمع المدنى. علاوة على أن وحدة المجتمع الفنزويلى وبقاء الإنجازات التى حققها شافيز بشق الأنفس تستدعى كل ذلك. ومن دون شك فإن تطلعات جميع الفنزويليين سواء المنحازين لشافيز أو المعارضين له، وسواء الكاثوليك أو البروتوستانت، الأغنياء أو الفقراء- لإدراك الإمكانيات الأمة تكون واعدة ومبشرة لهم. وبالسلام وبالديمقراطية فقط يمكن لهذه التطلعات أن تصبح حقيقة واقعة.
كما أن المؤسسات التى ساعد شافيز فى إنشائها سوف تساعد كذلك فى ضمان التكريس لوحده أمريكا الجنوبية.
وعلى الرغم أنه لن يكون موجودًا ليحضر اجتماعات القمة، إلا أن أفكاره وكذلك الحكومة الفنزويلية سوف تستمر فى التواجد. غير أن الصداقة الحميمة بين قادة أمريكا اللاتينية وقادة منطقة البحر الكاريبى هى أفضل ضمان للوحدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تريدها شعوبنا ويحتاجون إليها.
وفي التحرك نحو الوحدة، فقد أصبحنا عند نقطة اللاعودة. ولكن على الرغم أننا صامدون، إلا أنه يتعين علينا كذلك أن نتفاوض بشأن مشاركة بلادنا في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهذه المؤسسات لم تكن مستجيبة بما فيه الكفاية مع واقع عالم اليوم المتعدد الأقطاب.
وجدير بالذكر أن الكاريزمية والتميز، هى خصال قادرة على بناء الصداقات والتواصل مع الجماهير قلما يتمتع بها القادة الآخرون، الأمر الذي يجعلنا سوف نفتقد شافيز. وسوف أعتز دائمًا بالصداقة والشراكة- عملنا سويًا كرؤساء على مدى ثمانية أعوام اللتين عادتا بالفوائد على كل من البرازيل وفنزويلا وشعوبنا.
أكثر...