سلسلة الهجمات والتفجيرات الانتحارية التي هزّت بغداد أمس وعدداً من المناطق الأخرى وأسفرت عن سقوط المئات ما بين قتيل وجريح، والتي تأتي عشية الذكرى العاشرة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق، تؤكد أن هذا المنكوب لم يخرج بعد من دائرة العنف التي أصبح أسيرًا لها منذ الغزو، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة مع ارتفاع وتيرة الخلافات الطائفية بين مكونات المجتمع العراقي مما ينذر بإثارة صراع طائفي أوسع نطاقاً.
بعد عقد من غزو القوات الأمريكية والغربية للعراق، والتي انسحبت في ديسمبر من عام 2011 لتخلف بلدًا ممزقًا تتناوشه الصراعات الطائفية، وتتناهشه التوترات السياسية الداخلية، ولا يزال بعيداً كل البعد عن الاستقرار، وإن كل الجهود الرامية إلى إعادة الأمن والهدوء إلى شوارع المدن العراقية لم يكتب لها النجاح بشكل كلي بعد في ظل هجمات المسلحين المتكررة، والاشتباكات الطائفية البغيضة والمماحكات السياسية العقيمة التي لن يستفيد منها الشعب العراقي شيئاً، بل تلحق به أفدح الأضرار، وتنال من أمنه واستقراره ، كما تؤخر مسيرته الديمقراطية.
فبالأمس واستنادًا إلى اضطراب الأوضاع الأمنية ، أعلنت الحكومة العراقية تأجيل الانتخابات المحلية في محافظتي الأنبار ونينوى ستة أشهر، في الوقت الذي كان مقررًا إجراؤها في العشرين من الشهر المقبل.
ولا شك أن الوضع الإقليمي يلقي بظلاله القاتمة على الأوضاع في العراق، فاشتعال الساحة السورية ينعكس على الوضع العراقي، من زيادة تأجيج التوتر الطائفي.
كما أن تظاهرات عشرات الآلاف من السنة في الأنبار ضد المالكي على خلفية اتهامات له بتهميشهم، والعمل على تركيز السلطة في يديه وإساءة استعمال سيطرته على قوات الأمن للضغط على خصومه، وعدم الالتزام باتّفاق تقاسم السلطة، كل هذا يزيد من صعوبة الأوضاع الأمنية في العراق، ويرشحها إلى المزيد من التفاقم في مقبل الأيام ما لم يتدارك العراقيون الموقف، ويتوافقوا على إنقاذ بلادهم مما يحيق بها من مخاطر.
أكثر...