إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

د.عبد الله الحراصي: الانفتاح الإعلامي نهج للدولة وليس فضلا ينسب إلى جهة أو مسؤول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د.عبد الله الحراصي: الانفتاح الإعلامي نهج للدولة وليس فضلا ينسب إلى جهة أو مسؤول

    "فضول المعرفة" قاده للنهل من معين الثقافات المختلفة-



    "مجلة ماجد" أول نافذة ثقافية نظرت منها إلى العالم الخارجي.. ومثلت جسرًا للتواصل في مرحلة الطفولة -
    أهلي أرادوا أن التحق بكلية التربية بسبب "الوظيفة المضمونة".. وانحزت لـ "الآداب"-
    مرحلة الجامعة أتاحت لي فرصة التعرّف على الأيديولوجيات والتيّارات المتباينة.. وترجمت أول قصيدة إنجليزية وأنا طالب -
    - افتخر بإسهاماتي في جماعة الترجمة.. وغرست في نفوس طلابي العمل بروح الفريق-
    أعمل بنفس روح الباحث الأكاديمي.. وآلياتي لمواجهة التحديات متنوعة-
    وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت لي فرصة التواصل والتعرف على ما يريده الجمهور-
    افتتاح مكاتب "للإذاعة والتليفزيون " بجميع المحافظات-
    تجاوب ملحوظ من الجهات المختصة مع القضايا المثارة في الإذاعة والتليفزيون-
    أؤيد وجود الخبرات الوطنية في الفضائيات العالمية كسفراء ودليل على كفاءة العمانيين-
    الجامعات والكليات مطالبة بمواكبة سوق العمل الإعلامي بالمزيد من التخصصية -
    الانتهاء من هوية التليفزيون الجديدة بنهاية هذا العام-
    "الموسوعة العمانية" مشروع ثقافي وطني وإصدار مرجعي شامل عن السلطنة-
    - المجتمع في حاجة ماسة للإعلام المسؤول وتحري الدقة والتعامل مع الأخبار بمهنية وموضوعية-









    ثلاث محطات، أسهمت ولا تزال، في تشكيل وعي معالي الدكتور عبد الله الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون..

    المحطة الأولى.. قريته الوادعة جماء بولاية الرستاق، التي ترقد على مرمى حجر من الشارع العام المرصوف المؤدي إلى الرستاق، هذا الطريق الذي كان في طفولته يراه بعيدا رغم أنه لا يبعد سوى 9 كيلومترات، كما كان بمثابة شريان يغذي العقول المتطلعة إلى المعرفة، والمتلهفة بشغف لوصول مجلة "ماجد" من مسقط، والتي كانت بمثابة الشرارة التي اشعلت الضوء لرؤية ما يحدث خارج القرية، وشكلت للحراصي نافذة مشرعة أطل منها على العالم الخارجي.
    المحطة الثانية.. في قطار حياة الحراصي، توجد عدة محطات في رحلة التحصيل الأكاديمي التي قادته إلى العاصمة مسقط، ومنها إلى مدينة برمنجهام بالمملكة المتحدة، متخصصًا في الترجمة، وقد مكّنه إتقان اللغة الإنجليزية من أن ينهل من آثار عظمائها: شكسبير وديكنز وتي .اس إيليوت وغيرهم.

    المحطة الثالثة: الحياة العمليّة التي استهلها أستاذًا جامعيًا، لتتوج بتبؤ أعلى منصب مسؤول عن "الميديا " في جانبها المرئي والمسموع "الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون"..

    وفي كل هذه المحطات، تسجل شخصية عبدالله الحراصي حضورها، وتترك بصمتها بالتميز والتفوق والإبداع..

    "صالون الرؤية " استضاف عبد الله الحراصي، ليطوف بنا على هذه المحطات، متوقفًا عند أحداثها المهمة، ومسلطا الضوء على دورها في تشكيل شخصيته، وتحديد سماتها الفكرية، وتعظيم روح المسؤولية في دواخله، والتي عنها يقول: "المسؤولية الحقيقية هي أنّ يمتلك الإنسان الرؤية الواضحة تجاه ذاته وتجاه الحياة.. وهي تستدعي التمتع بوعي كامل بما يدور من حولنا والإيمان بالقدرات وبإمكانية التغيير الدائم نحو الأفضل".

    ويرى كذلك "إنّ المسؤولية الشخصية والمسؤولية الحقيقية هي مسؤولية تجاه الحياة، وليس فقط تجاه المنصب، فالقضيّة أكبر من المناصب التي تأتي وتذهب، بينما تبقى المسؤولية تجاه الذات وتجاه المجتمع وتجاه الإنسان.. وهي نظرة ينبغي أن يستصحبها الجميع في رحلة الحياة" ..

    ويرفض الحراصي أن ينسب فضل الانفتاح الإعلامي الذي تعيشه السلطنة حاليا، إلى مسؤول أو جهة، بل يرده إلى منبعه الأصلي والمتمثل في نهج الدولة الذي رسم مساره جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم...

    وسجلت قضايا الإذاعة والتليفزيون حضورها، حيث وضع الحراصي النقاط على حروف العديد منها..





    • الطفولة.. وتأثير "ماجد"



    يستهل حاتم الطائي رئيس التحرير الحديث بالترحيب بمعالي الدكتور عبد الله الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، مع الإشارة إلى أنّ مثل هذه اللقاءات تسهم في تعميق التواصل بين المجتمع والمسؤول، وهي مسؤولية أصيلة للإعلام، الذي ينبغي أن يكون أداة فاعلة، تستمد قوتها من تدفق المعلومات والشفافية في الطرح..
    ويبرز الطائي تجربة صالون الرؤية ومحاولاته الغوص والتنقيب في تجارب الشخصيات البارزة والمسؤولة، بغيّة سبر أغوارها الإنسانيّة، واستقراء خططها العملية لتطوير العمل العام من خلال الموقع الذي تتسنمه.

    فيما يبدأ الحراصي الحديث بتوجيه الشكر لجريدة "الرؤية"، ويكشف عن أنّها أول جريدة يقرأها في الصباح، ويبدي إعجابه بشكل خاص بصفحات الرأي، والمقالات التي تنشر بالصحيفة، ويرى أنّها، في رأيه، أفضل صفحات رأي في الإعلام العماني بشكل عام. ويقوده ذلك إلى الحديث عن حاجة المجتمع للإعلام المسؤول، وما يترتب على ذلك من ضرورة تحري الدقة في نشر الخبر والتعامل مع الأخبار بطريقة مهنيّة وموضوعية.
    وينطلق الحراصي متحدثًا عن الطفولة والنشأة، حيث يقول إنّه نشأ في منطقة تدعى جماء بولاية الرستاق، تبعد نحو 9 كيلومترات عن الشارع العام، وكان ذلك في مطلع السبعينيات. ويضيف الحراصي أنّه في تلك المرحلة مع بداية الدراسة كان الأطفال يسمعون عن مسقط العاصمة ومقارنتها بالقرية الصغيرة التي كان يعيش فيها، وكان الخروج من حدود القرية الصغيرة إلى العالم الفسيح يتم من خلال أمور بسيطة، ومنها مجلة "ماجد"، والتي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت الضوء لرؤية ما يحدث خارج القرية، حيث إنّ مجلة ماجد أدت دورًا بارزًا في تلك الفترة، وكان الأطفال ينتظرون وصولها من مسقط متلهفين لقراءتها. ويؤكد الحراصي أنّ المجلة فتحت آفاقًا متنوعة أمام عالم الطفولة، حيث التواصل عبر صفحات المجلة والإطلاع على ما يحدث في العالم من حولنا، فكانت بذلك الجسر الذي نتواصل به مع غيرنا من الأطفال. ويضيف: "كنت أراسل المجلة وقد نشر اسمي مع هواة جمع الطوابع، والأسبوع الذي تلاه نشر الاسم مع الصورة في هواة التعارف... كان عمري وقتها في حدود الحادية عشرة أو الثانية عشرة".
    ويوضح الحراصي أنّ هذه المجلة ساهمت في التقريب بين الأصدقاء والمعارف، حيث تلقى العديد من المراسلات من خلال المجلة من أصدقاء في كافة أنحاء العالم للتعارف مع الطفل عبد الله الحراصي، وتلقّى مئات الرسائل من دول الخليج والمغرب ومصر وغيرها من الدول، وجميعهم يطلبون صداقات، كما كانوا يتبادلون الطوابع البريدية، ويرى أنّ هذه الفترة كانت بمثابة الانفتاح على العالم، وكان يشعر أنّ العالم من خلال وصول الرسائل المعنونة إليه يعترف به ويسعى للتعرف عليه.
    ويصف الحراصي ذلك بالقول: "جاءتني رسائل باسمي وفي تلك السن الصغيرة في تلك القرية الصغيرة كان ذلك بمثابة نافذة فتحت آفاقا رحبة في التعرف على العالم... مئات من الرسائل كانت تصلني من مختلف أنحاء العالم، وسيل من الطوابع البريدية التي يرغب أصحابها في تبادلها".
    ويمضي معالي الحراصي يقول: إنّ الحياة انتقلت به بعد تلك الفترة إلى محطة جديدة في مشوار حياته، وتمثلت هذه المحطة في التواصل مع المكتبات العربية، إذ كان البيت مليئًا بالكتب التي كان والدي يقرأها في مختلف المجالات، وقد انتقلت إليّ هذه الرغبة الشديدة في التهام الكتب، ولا زالت أسماء دور النشر لاصقة في الذاكرة، ومنها مكتبة البحرين ومكتبة القاهرة، وهذه الأخيرة ما زال الحراصي يتذكر عنوانها البريدي في القاهرة في 3 شارع الصنادقية بميدان الأزهر الشريف في حي الأزهر ذاته. ويروي الحراصي أنّه في تلك الفترة كان يراسل هذه المكتبات لتبعث له بقائمة الكتب التي تنشرها ثمّ يبعث إليها رسائل لشراء بعض الكتب منها، وكان يرفق مع الرسائل ريالات عمانية؛ قيمة للكتب، وكانت المكتبات أمينة على زبونها في قريته النائية؛ إذ كانت تبعث الكتب بالفعل إلى عنوان المدرسة التي ما تزال موجودة حتى الآن وهي مدرسة الإمام سعيد بن عبدالله.
    ويستطرد الحراصي: أنّ مراحل الطفولة تمثل النافذة التي يطل من خلالها الصغار على العالم الخارجي، وهي مرحلة مهمّة في حياة المرء، حيث تتشكل لديه العديد من المدارك، خصوصًا وعيه بالعالم وعلاقته بهذا العالم وموقعه فيه.
    ويواصل سرد ذكريات تلك الفترة بأنه انتقل بعد ذلك إلى الرستاق مع دخول المرحلة الثانوية في مدرسة الإمام ناصر بن مرشد، ويوضح أنّ مقابلة زملاء دراسة من كافة قرى الرستاق والولايات المجاورة كان أمراً فتح جانبًا آخر من العالم خارج القرية بالنسبة له، حيث بدأ في التعرّف على فتيان من خارج القرية الصغيرة التي ترعرع فيها، ويشير إلى أنّ المدرسة كانت "جامعة" في تلك المرحلة السنية.
    ويضيف الحراصي أنّه في العام 1988 انتقل إلى جامعة السلطان قابوس والتحق بكليّة الآداب، على الرغم من اعتراض الأهل لرغبتهم في التحاقه بكلية التربية لأنّ "مستقبلها مضمون" إذ كان جميع خريجيها يلتحقون تلقائيًا بوظيفة مدرس بوزارة التربية والتعليم. لكنّه أصر على رأيه والتحق بكليّة الآداب قسم اللغة الإنجليزية كما أراد.
    ويقول معاليه إنّه خلال فترة الدراسة الجامعية تعرف على زملاء وأصدقاء جدد جاءوا من كل حدب وصوب من عمان، تجمعهم ثقافات متعددة وخلفيات مختلفة أثرت التنوع في المجتمع الطلابي. ويضيف أنّ تلك المرحلة أبرزت العديد من الشخصيات التي عرف عنها توجهها نحو أفكار وآراء متباينة، واحتوت العديد من التيّارات المختلفة.
    ويصف الحراصي تلك الفترة بأنّها مثلت مرحلة "فضول المعرفة"، حيث كان حريصاً على التعرف على كل شيء من حوله، وقد تواصلت معه تلك الرغبة حتى اليوم.. الرغبة في المعرفة والإطلاع. وبالحديث عن المعرفة، يؤكد معاليه أن العقل البشري مليء بالفجوات التي لا تملؤها سوى المعرفة، وفي هذا السياق، يقول إنّ تخصصه في الأدب الإنجليزي فتح الباب أمامه لسد النهم من هذه المعرفة، فكان أمرًا مميزًا للغاية أن يتعرف المرء على تاريخ إنجلترا وبريطانيا العظمى، وتاريخ الأدب الإنجليزي والترجمة وأدواتها، وهذه الأخيرة كانت بمثابة النافذة التي نطل عبرها نحو العالم الخارجي. ويتذكر الحراصي أنّه قام ذات مرة بترجمة قصيدة، وألقيت في إحدى الأمسيات الأدبية بالجامعة، وكانت أول قصيدة تترجم من الإنجليزية إلى العربية يتم إلقاؤها في جامعة السلطان قابوس، وهي الفترة التي بدأ فيها كذلك النشر بالصحافة المحليّة، وفي تلك الفترة التحق بجماعة الخليل بن أحمد الفراهيدي، وشارك في الأنشطة الثقافية.
    ويمضي قائلاً إنه عُين معيداً بقسم الأدب الإنجليزي في كلية الآداب عام 1992، وفُتح الباب أمامه لدراسة الماجستير في الترجمة بالجامعة، وفي عام 1996 توجّه إلى بريطانيا لنيل درجة الدكتوراه، وانتهى منها في عام 2000.







    • مرحلة توسيع المدارك

    ويؤكد الحراصي أنّه خلال فترة الجامعة قرأ العديد من الكتب في مدارس ومشارب فكرية متعددة، وكان عاكفاً على القراءة ومحاولة كتابة بعض الأعمال والكتابات الأدبيّة ومنها قصة قصيرة فازت بالمركز الأول في مسابقة الجامعة للقصة القصيرة، وهي العمل القصصي الوحيد الذي قام بتأليفه، ولم يكتب قصة قبلها أو بعدها، وتحمل هذه القصة اسم "العنكبوت". ويرى الحراصي أنّه من خلال هذه التجربة وتجارب أخرى شبيهة توصل إلى نتيجة مفادها أنّ الإنسان إذا أراد أن ينجز أمراً سيتمكن من ذلك طالما توفّرت لديه العزيمة والإصرار والرؤية الواضحة.
    ويزيد الحراصي مستفيضاً في سرد ذكريات الماضي، قائلاً إنّه في تلك المرحلة الأولى من تشكيل الوعي الثقافي استطاع بلورة أفكاره الخاصة عن الحياة والكون والمعرفة، وكان ينهل من كل كتاب يقع بين يديه.
    وخلال رحلة الدكتوراه، يوضح الحراصي أنّه اشتغل على فكرة ترجمة اللغة المجازية في الخطاب السياسي العربي، وكيف يترجم المجاز بين اللغتين الإنجليزية والعربية، وكانت تلك الفترة حافلة بالعديد من اللقاءات بكبار الباحثين في مجال الترجمة. ويقول: "أشرفت عليّ أستاذة ألمانية تدعى كريستينا شافنر، وهي باحثة متخصصة في هذا الجانب، وذات صيت وشهرة واسعة، وتعلّمت منها الدقة والصرامة والصلابة الفكرية". ويضيف قائلاً: "قد يبدو على المظهر الخارجي أنّي عكس ذلك.. لكن الحياة علمتني أن أكون صلبا وصارماً وقت الحاجة، وليناً في مواقف أخرى". ويوضح أنّ هذه الصرامة طبقها بشكل كامل خلال المحاضرات والعلم، فهذا الأخير لا يعرف الصداقة أو العواطف، بل الاجتهاد والعمل. ويؤكد أنّ تلك الطريقة ربما لا يحبذها بعض الطلبة لكنهم يتقبلونها في نهاية الأمر عند الاقتناع بأنّها لمصلحتهم.
    ويضيف الحراصي: خلال فترة دراسة الدكتوراه كنت ألتقي بالمؤلفين والكتاب وأحاورهم وأناقشهم، وقد يصل بي الأمر إلى الجدل معهم في مختلف القضايا أو الأخطاء التي ربما وقعوا فيها بكتبهم.
    ويرى الحراصي أنّ أهم مراحل العمل بجامعة السلطان قابوس بعد العودة من الدكتوراة كانت فترة إنشاء مجموعة الترجمة، ويقول: "فتحت مجموعة الترجمة بكليّة الآداب منذ إنشائها آفاقاً جديدة ورائعة، وأصبحت الفعاليات الخاصة بالترجمة موجودة بقوة بجامعة السلطان قابوس، وبدأ اهتمام الطلاب بهذا النوع من الأنشطة يتزايد، ولم يمر يوم إلا وهناك جلسات نقاش وتحاور بين الطلاب حول الترجمة، وبدأ طموحهم نحو النشر في الصحف والمجلات يتزايد، وقد كنت أمنح الطالب أو الطالبة الذين ينشرون مادة مترجمة في إحدى الصحف أو المجلات درجات إضافية نظرًا لتميزهم وسعيهم نحو تعزيز قدراتهم".
    ويضيف أنّ المجموعة أدت نشاطاً مميزاً من خلال حلقات النقاش والندوات والمؤتمرات التي تنظّمها في مجال الترجمة، ومن دواعي فخري أنني ساهمت في تفعيل دور هذه المجموعة، وأزداد غبطة حينما أرى أحد الطلاب الذين قمت بتدريسهم في الجامعة وهو يصدر مجموعة شعريّة أو قصصية أو رواية مترجمة؛ ومثال ذلك الشاعر المترجم محمد الصارمي الذي وقع في معرض الكتاب مؤخرًا على مجموعته "إطلالة" ويضم ترجماته من الشعر الإنجليزي إلى العربية حيث يعد هذا الديوان باكورة إنتاجه في الترجمة.
    ويستطرد: "تنوعت إسهاماتي وكتاباتي منذ تخرجي في الجامعة، وكذلك في فترة الحصول على الدكتوراه في بريطانيا وقد ساهمت ببعض الكتابات في مجلة نزوى، وداومت على الكتابة فيها فترة كبيرة، كما نشرت ترجمات في مجلة العربي الكويتية وغيرها، كما قمت كذلك بترجمة عدد من القصائد العربية إلى اللغة الإنجليزية وقد نشرت في كتب ببريطانيا".







    • رد الجميل .. والموسوعة العمانية

    وعن الموسوعة العمانية فقد نظر إليها الحراصي من منظور رد الجميل للوطن، فيقول: "عمان في القلب.. فهي وطني الذي لا يعادله أي شيء في الكون، ولم أكن انتظر الابتعاث الأكاديمي حتى أرد لها الجميل، ومنذ كنت طالبًا وخدمة وطني حاضرة في كل تصرفاتي، وقد ألفت وراجعت وترجمت عددا من الكتب منذ تخرجي، مثل مراجعتي للترجمة الإنجليزية لكتاب: "عمان في التاريخ" الصادر عن وزارة الإعلام، وكان عمرى آنذاك لا يتخطى الـ 24 عامًا، بالإضافة إلى ترجمتي لكتاب "مساجد عمان وأضرحتها التاريخية" الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية من تأليف باولو كوستا".
    ويضيف: أسهمت كذلك في ترجمة العديد من المقالات والدراسات المتعلقة بمجال الآثار لمكتب معالي مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، وهي بحوث غير منشورة، كما ساهمت في ترجمة كتاب ضخم من مجلدين لباحثين بريطاني هو نيل ريتشاردسون، وأمريكية هي مارشيا دور، حول الحرف التقليدية العمانية إلى اللغة العربية بمعيّة فريق من المترجمين العمانيين الشباب هم خالصة الأغبري وأحمد المعيني، وشمسة الحوسني ومحمد الصارمي، ويونس الحراصي، والكتاب يقع في مجلدين ضخمين يضم بين دفتيه حكاية الحرف التقليدية العمانية بكثير من التفصيل، ولكن بعمق يرنو إلى التأصيل العلمي.
    ويتابع: "لديّ يقين بأنّ إنسانًا بمفرده لا يستطيع أن ينجز كل شيء، ولكن العمل الذي يضمن النجاح في مجال الترجمة، هو ذلك الذي يقوم عليه فريق يخلق جوًا من الإبداع والتكامل، وهنا تكمن مسؤوليتي في إدارة طلابي، وتحفيزهم نحو العمل والإبداع، وكما أسلفت كنت أقدم الحافز والتقدير لكل طالب يقوم بترجمة كتاب أو نشر مقال بالصحف والمجلات، وما كان يهمني هو أن يشعر كل طالب وكل خريج بأنّه مسؤول وأنّ عليه أن يقدم شيئًا في هذه الحياة لا أن يكون مجرد رقم يقضي فترة حياته ثم يمر دون تأثير، ولذلك أقول لطلابي دائمًا: "لابد أن تضيفوا للحياة، وتغيّروا فيها إيجابيًا قدر المستطاع".
    وينتقل الحديث إلى المشاريع المعرفية المهمة، وعلى رأسها مشروع "الموسوعة العمانية"، وفي هذا الشأن يقول الحراصي: "عندما كنت في بريطانيا وخلال ترددي على المكتبات هناك طالعت المئات من الموسوعات المتنوعة التي ترصد وتسجل لحياة الأمم والشعوب، وبعد عودتي للسلطنة كان هناك تساؤل مهم يدور في خاطري: لماذا لا نقوم بإعداد موسوعة عن عُمان؟ وقمت حينها بكتابة مقترح حول هذه الفكرة، وسلمتها لصاحب السو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، وقد نال إعجابه، وكانت رؤيتي لهذه الموسوعة أنّها عمل معرفي يعكس ويعزز الهويّة العمانية في آن واحد".
    ويضيف: "ولأنّ الموضوع بهذه الأهميّة فقد تمّ رفع الأمر إلى جلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه-، فتكرم بمنح المشروع مباركته السامية، وبالفعل بدأ المشروع كأحد أكبر المشاريع الثقافية الفكرية بالسلطنة، وبإذن الله سيرى النور قريبًا، والموسوعة العمانية مشروع ثقافي وطني، يهدف إلى إصدار كتاب مرجعي شامل عن عمان، وما يتعلّق بها إنسانًا وطبيعة".







    • صناعة الإعلام .. والتواصل الاجتماعي الإلكتروني

    وحول انتقاله من العمل الأكاديمي إلى العمل بالهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، وعمّا إذا كان يتطلب ذلك بعض التواؤم والتأقلم، يقول الحراصي:"لم يكن هناك فارق كبير، فأنا أعمل بنفس الروح التي كنت أعمل بها إبّان عملي في الجامعة من حيث الالتزام والصرامة والوضوح، وكما أنّ العمل الأكاديمي أو البحثي يعتمد على وجود إشكالية والسعي نحو حل هذه الإشكالية، كذلك في الإذاعة والتليفزيون حينما يواجهنا تحدٍ نعتبره إشكالية تحتاج لحلها إلى بحث لكن بآليات مختلفة عن البحث الأكاديمي، ويضاف إلى ما سبق أنّ العمل بالإذاعة والتليفزيون مسؤولية كبيرة فهي نقطة تماس مع الجميع، مواطنين ومسؤولين، شبابًا وشيوخ، أغنياء وفقراء، فنحن تحت سمع العالم وبصره، والكل يتابعنا وينتظر منّا أن نقدم له المزيد في مرحلة تعج بالتحديات والتحولات وتحتاج إلى حنكة في الإدارة والتعاطي مع الأمور".
    وبالحديث عن الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي والتدوين الإلكتروني لمعاليه، يقول الحراصي: إنّ التدوين والتواصل الإلكتروني تجربة مهمّة للغاية للتواصل مع الآخرين، فأنا من المؤمنين بضرورة أن يتواصل الفرد وبخاصة المسؤول مع الجمهور من خلال الوسائل المتاحة، وقد استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي منذ تعييني لهذا المنصب.. وهو ما يتيح لي التواصل والاستماع لمختلف الآراء والاقتراحات، وبالفعل فإنّ الكثير من البرامج التي تبث الآن بالإذاعة والتليفزيون جاءت من أفكار بعض الأشخاص الذين طرحوها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المهم أن يدرك العاملون بمجال الإعلام أنّ الجمهور هو المستهدف، وأنّ التواصل مع هذا الجمهور أحد أهم أسرار النجاح، أمّا أن يقبع المسؤول أو الإعلامي منعزلا عن النّاس وكأنه في كهف مهجور فهو بلا شك سوف ينعزل عن واقعه ومجتمعه.
    ويضيف أنّ عملية التواصل مع الجمهور خدمتني وساعدتني في الوصول إلى الجمهور بشكل شبه يومي، وعلى سبيل المثال أنّ برنامج قضيّة اليوم والذي يطرح بالتليفزيون تأتي معظم موضوعاته من اختيار الناس في صفحة الأخبار المحلية، وربما هنا تكمن فائدة التواصل الإلكتروني وهي كسر الحواجز والقرب من آراء الآخرين.
    ويشير الحراصي إلى زيارته الأخيرة إلى دولة قطر والاطلاع على نشاط قناة الجزيرة، قائلا: أعتبر الإعلام صناعة ويمكن أن تراه كمنتج، وأقول دائمًا لزملاء العمل بالهيئة أنا أتعامل بأسلوب مجازي، أي أنني اتعامل مع الهيئة كمصنع ينتج برامج الإذاعة والتليفزيون، فإن لم يكن الصانع مدربًا وماهرًا فإنّ المُنتَج سيكون ضعيفًا، ومن هنا أتت فكرة التدريب بشكل مكثف، وربما لاحظ الجمهور في فترة من الفترات إيقاف مجموعة من البرامج لانشغال الموظفين بالتدريب الذي نسعى لأن يكون على أعلى المستويات لكي يكون تدريبًا حقيقيًا يساهم في تطوير أداء الموظفين.
    ويضيف: رأينا أنّ أقرب وأفضل مركز للتدريب بالنسبة لنا هو مركز الجزيرة للتدريب والتطوير، وبالفعل أتينا بفريق منه؛ من بينهم المذيعة خديجة بن قنة لتدريب العاملين بقطاع الأخبار، فنحن نهدف لتطوير هذا القطاع الحيوي، الذي نركز على الجانب المحلي فيه، فليست رسالتنا منافسة القنوات الإخبارية العالمية ولكن تركيزنا على الشأن المحلي عن طريق الارتباط بالمجتمع العماني والقرب من قضاياه، وبالتالي كان لابد من فتح مكاتب للهيئة في المحافظات العمانية وهذا هو توجهنا الآن، لنشر أخبار هذه المحافظات والمساهمة في تنميتها. أيضًا هناك قطاع جديد يستحدث حاليًا في طور التطوير وهو قطاع الإعلام الإلكتروني، وستكون لدينا محطات إذاعية وقنوات تليفزيونية إلكترونية تبث عبر الانترنت فقط. وبالعودة للفروع بالمحافظات أقول افتتحنا مكتبًا للهيئة بمسندم وسوف ندشن قريبًا مكاتب مجهزة بطاقم إعلامي وفني واستديوهات في محافظتي الداخلية والبريمي وبقيّة محافظات السلطنة.
    ويقول الحراصي: إنّ فكرة إنشاء فروع للهيئة خارج السلطنة غير مطروح وليس مطلوبًا كذلك، فالهيئة لديها مراسلون في مختلف العواصم، ولا يوجد توجه حاليًا لإنشاء قناة إخبارية دولية، كما أنّ التوسّع الخارجي ليس من أهداف الهيئة في الوقت الحالي.
    ويبدي معاليه ترحيبًا بفكرة تقديم برنامج تليفزيوني يقوم بتغطية الأعمال الصحفية والمتابعات الإخبارية المميزة، بهدف تطوير الصحافة العمانية بشكل أكبر من خلال استضافة المحرر لتسليط الضوء أكثر على الموضوع وتوضيح الأفكار للمتلقي.
    ويشير معاليه في هذا السياق إلى التعاون المتبادل والمشترك بين الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون من جهة والصحف من جهة أخرى، ويقول: تمّ توجيه المسؤولين في الهيئة لتعزيز التعاون والتنسيق مع مختلف الصحف المحلية لتبادل المصالح في الترويج والتعريف بمختلف البرامج التي تقدمها الهيئة، وفي المقابل التعريف بالمتابعات والقضايا التي تقدمها تلك الصحف، وهنا أشيد بما تقوم به "الرؤية" من متابعة لمختلف البرامج ونشرها.
    وحول سعي الهيئة منذ إنشائها لاستقطاب أبرز الإعلاميين العمانيين المهاجرين أو ما يعرف بـ"الطيور المهاجرة" وتأثير وجودهم، يقول معاليه: أنا من المؤيدين لعمل الشباب العماني في مؤسسات مهنية خارجية، باعتبار أنّ ذلك فرصة لهم لتلقي الخبرات وصقل المهارات، ومن ثمّ العودة إلى الوطن والاستفادة من الخبرات المكتسبة، وحتى إن لم يعودوا فهم صوت لعمان يعكس كفاءة العمانيين، وهم بمثابة سفراء للسلطنة، وإنّه لشعور رائع عندما يظهر شاب عماني في إحدى القنوات، خاصة تلك القنوات التي تتمتع بمستوى عال من المهنية والشهرة، وهي لن تسعى إلى استقطاب أولئك الشباب إلا من إيمانها بمدى كفاءتهم وقدرتهم على تقديم الأفضل.
    وبالحديث عن محفزات الهيئة لجذب نسبة أكبر من المشاهدين خاصة بعد نجاح التليفزيون في الفترة الأخيرة من جذب أعداد إضافية من المشاهدين، يقول معاليه: إنّ الهيئة تعمل للتركيز على القضايا التي تستحوذ على اهتمام المواطن، ضاربًا المثال بفقرة "قضيّة اليوم"، والتي أحدثت صدًى كبيرًا لدى المشاهد العماني، ويؤكد في هذا السياق أنّ المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تتعامل مع التليفزيون والإذاعة بمسؤولية كبيرة، وتتابع ما يطرح في البرامج الإذاعية والتليفزيونية بكل دقة بهدف معالجة العثرات في الأداء إن وجدت.





    • الكوادر.. وجرأة الطرح

    وعن دور الهيئة في التنسيق مع الجامعات والكليّات المتخصصة يذكر الحراصي في هذا الصدد أنّه تمّ مؤخرًا إرسال فريق إلى جامعة السلطان قابوس لإجراء مقابلات مع مختلف الطلاب للبحث عن مذيعين ومذيعات على مستوى جيد من الكفاءة.
    ويرى الحراصي أنّ العنصر الأهم في تطوير الإعلام هو الكادر البشري من خلال رفد السوق بمذيعين ومذيعات تلقوا دورات تدريبية متخصصة، وليس مجرد دراسة نظرية في الجامعة، وهذا يتطلب من الجهات المعنيّة تحديث البرامج والتخصصات المتعلقة بالإذاعة والتليفزيون والصحافة، بما يتواكب مع متطلبات العصر، ويسهم في تكوين وتشكيل المواهب وصقل المهارات.
    وحول تقييم "الجرأة الإعلامية" التي تتناولها نشرة العاشرة والتي شكلت مؤخرًا فارقًا كبيرًا في التناول الإخباري، يقول معاليه: إنّ الإستراتيجية الجديدة تعتمد على جذب الجمهور من خلال الشفافية في طرح القضايا والمعالجات الناجعة لها. ويتوقع معاليه أنّ يتم الانتهاء من هوية التليفزيون بنهاية شهر هذا العام، ملمحًا إلى أنّه مشروع ضخم ويتضمن تغيير الشعار.







    • مسؤوليات .. وأولويات

    ويشير الحراصي إلى أنّ القضايا التي تتم مناقشتها عبر البرامج المختلفة تنبع من دافع المسؤولية تجاه البلد، باعتبار أنّ مصلحة البلاد والحفاظ على وحدتها الوطنية وعلى نسيجها الداخلي من الأولويات، ويرى أنّ كل صاحب حق في هذا البلد يحصل عليه وكل إجراء يسير وفق ضوابط وقانون، فالسلطنة دولة مؤسسات وقانون، ولا ينبغي أن نستخدم المؤسسات الإعلامية في ما يضاد الأهداف الوطنية العليا، وهو ما يحتم على العاملين في مجال الإعلام التحلي بالدقة والتعامل بروح المسؤولية في طرح القضايا المختلفة.
    ويشدد معاليه على أنّ السبيل لأن يحقق الإعلام النجاح المطلوب هو التركيز على التدريب وتأهيل الكوادر، ويرى أنّ جودة الأداء المهني والاكتفاء ببرامج الصوت العالي لن يجدي نفعا في تطور الإعلام.











    أكثر...
يعمل...
X