سنجور: الطموحات المجتمعية إزاء الصيرفة الإسلامية تمثل ضغطاً على القطاع الناشئ
كشوب: ضرورة تكاتف كافة الجهات للتوعية بالبعد الاقتصادي للصيرفة الإسلامية
د.سعيد المحرمي: تصور مجتمعي غير صحيح باعتبار البنوك الإسلامية "جمعيات خيرية"
الرؤية - سمية النبهانية
أكد مسؤولون وخبراء اقتصاديون أن حملة الرؤية للتوعية بالصيرفة الإسلامية تأتي في الوقت المناسب وتزامناً مع بدء عمل عدد من البنوك والنوافذ الإسلامية في السلطنة، مثمنين جهود الجريدة في تثقيف المجتمع المحلي حول مختلف القضايا.
وشددوا على وجود الحاجة المجتمعية للتوعية بهذا النشاط المصرفي الجديد، الذي من المتوقع أن يحدث انتعاشاً اقتصادياً كبيراً. وقالوا إنّه من الواجب على كافة الجهات إيصال مفهوم الصيرفة الإسلامية الجديد على مستوى السلطنة لشقيه الإسلامي والاقتصادي، مشيرين إلى أن حملة "الرؤية" يعول عليها كثيراً في مجال تعميق الوعي بمفهومها ومنتجاتها المختلفة.
وقال سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني إن حملة "الرؤية" للتوعية بالصيرفة الإسلامية يُعول عليها كثيراً في مجال تعميق الوعي بمفهومها ومنتجاتها المختلفة، التي تمثل إضافة نوعية للعمل المصرفي بالسلطنة، كما ترفد الاقتصاد الوطني بالمزيد من عوامل النمو والازدهار. وأكد الزدجالي أن الحملة تأتي في الوقت المناسب، وذلك بعد الانتهاء من البنى التشريعية والتنظيمية لهذا النشاط من خلال إدخال التعديلات اللازمة على القانون المصرفي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 114/2000. وأضاف أن أهمية الحملة تتزايد مع تزامنها مع الانطلاقة الفعلية لمزاولة الأعمال المصرفية الإسلامية من خلال البنوك والنوافذ المستقلة؛ حيث تتعاظم الحاجة المجتمعية للتوعية بهذا النشاط المصرفي الجديد، الذي من المتوقع أن يُحدث انتعاشاً اقتصادياً، من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات التي من شأنها دعم الإنتاج وتحفيز النمو بما يعزز ازدهار الاقتصاد الوطني. وأوضح أن التحدي الأساسي للصيرفة الإسلامية هو أن المجتمع يقيسها بنفس مقاييس صناعة الصيرفة التجارية التقليدية الموجودة عبر مئات السنين، فيما لا يتعدى تاريخ الصيرفة الإسلامية أربعة عقود، مما يسبب ضغطاً على هذا النشاط المصرفي الناشئ.
المسؤولية الاجتماعية
وقال أحمد كشوب الرئيس التنفيذي لشركة الثقة الدولية للاستثمار إنّ الحملة التي تقودها "الرؤية" تنطلق من دوافع واقعية وطنية واجتماعية من مبدأ استشعار المسؤولية الاجتماعية. وأضاف أنه مع بدء الصيرفة الإسلامية، يتعين على كافة الجهات سواء مؤسسات المجتمع المدني أو الجهات الرسمية، تحقيق هذا المفهوم الجديد على مستوى السلطنة، بشقيه الإسلامي ومعنى الصيرفة الإسلامية، والجانب الاقتصادي؛ حيث إنّ الصيرفة الإسلامية تعد من أفضل الأدوات التي تساهم بشكل مباشر في النشاط الاقتصادي، وتبعد عن أنظمة المضاربات المباشرة التي لا تحقق أي نفع اقتصادي.
وأكد أن مبادرة جريدة "الرؤية" مهمة للإجابة عن التساؤلات العديدة التي يطرحها المجتمع حول الصيرفة الإسلامية، والخدمات التي تقدمها، بجانب توضيح الفرق بينها وبين الصيرفة التقليدية، مشيرًا إلى أن الحملة سوف يكون لها بعد اجتماعي واقتصادي مهم جدًا.
من جهته، قال الدكتور سعيد المحرمي عضو الهيئة الشرعية للنافذة الإسلامية "ميثاق" من بنك مسقط إن الجانب التوعوي والتثقيفي مهم جدًا، كما أنه مطلوب في المجتمع العماني مع بدء أنشطة الصيرفة الإسلامية، موضحاً أن قطاعاً صغيراً جداً من المجتمع يمتلك معلومات عن الصيرفة الإسلامية والاختلافات مع الصيرفة التقليدية. وأضاف المحرمي أن الكثير من أفراد المجتمع يظنون أن الصيرفة الإسلامية تتمثل في تقديم قروض حسنة وخدمات حالها كحال الجمعيات الخيرية، بينما هي مؤسسات مالية ربحية، تقدم خدمات تتوافق مع الشريعة الإسلامية. وأوضح أن الأفراد يجب أن يدركوا الفرق بين الصيرفة الإسلامية ونظيرتها التقليدية، قبل أن يتخذوا قراراتهم المالية، ويرتبطوا بالتزامات مالية من أي من الجهات.
وأشاد المحرمي بجريدة "الرؤية" باعتبارها من الجرائد النشطة والرائدة في المجال التثقيفي، كما أنها سباقة في تبني مختلف المبادرات المهمة في المجتمع العماني.
جهود التوعية
وقال لؤي بطاينة نائب المدير العام للاستثمار والتمويل ببنك عمان العربي إن أي موضوع جديد يتم طرحه في أي مجتمع بحاجة إلى جهود لتثقيف المجتمع تجاهه. وأضاف أن البنوك والنوافذ الإسلامية قامت خلال الفترة الماضية بعقد عدد من الندوات التثقيفية حول الصيرفة الإسلامية، مشيرًا إلى أهمية استمرار هذه الندوات وتثقيف المجتمع ليس على مستوى الأفراد وحسب، وإنما حتى المؤسسات، حيث يجب أن يعلم كل فرد الفرق بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية، وما هي المنتجات التي تطرحها الصيرفة الإسلامية، وآلية عملها، وغيرها. وتابع أن الصيرفة الإسلامية ليست بالصناعة الحديثة؛ لكنها جديدة على المجتمع العماني، مما يستوجب تثقيف المجتمع في هذا المجال، باعتباره أمرًا حياتيًا ويوميًا يستوجب التوعية، حتى يكون كل اختيار قائم على وعي وفهم، موضحًا أن وعي المجتمع بالصيرفة الإسلامية وثقته بها ستكون مسألة وقت.
المواطنون من جانبهم عبروا عن ترحيبهم بحملة الرؤية التوعوية، وقال حمد العامري (موظف بالقطاع الخاص) إن الصيرفة الإسلامية تعتبر ثقافة جديدة على المجتمع العماني، موضحًا أنه على الرغم من أنها كانت مطلوبة منذ فترة في السلطنة، كونها متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، غير أنّ القليل من أفراد المجتمع يدرك الفرق الحقيقي بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية. وأضاف أن بعض أفراد المجتمع يظنون أن الصيرفة الإسلامية عبارة عن تقديم قروض حسنة، والبعض الآخر يعتقد أن النوافذ الإسلامية ما هي إلا وسيلة ربحية أخرى للبنوك التقليدية، لذا فهي أشبه بالثقافة، التي تحتاج إلى وقت حتى يتعمق مفهومها في المجتمع، وحتى يثق بها.
وبيّن العامري أن العديد من المواطنين يفضلون الصيرفة الإسلامية، لكنهم بطبيعة الحال ينظرون إلى الأفضل من الناحية المالية؛ حيث إن اختيارهم لمنتجات الصيرفة الإسلامية أو التقليدية سيعتمد على ميزات كل منتج وكم سيضطر أحدهم لأن يدفع من جيبه الخاص لربحية البنوك.
وثمن العامري مبادرة جريدة "الرؤية" للتوعية بالصيرفة الإسلامية والتي تهتم بشكل كبير بتعزيز ثقافة الصيرفة الإسلامية في المجتمع العماني بمختلف الوسائل، ولكي توضح الفرق بين كل منهما والفرق بين كل منتج، وما يساويه في الصيرفة التقليدية.
وزاد أنّه على الرغم من الإعلانات التي يراها عن مختلف المؤسسات المالية الإسلامية الجديدة في السلطنة سواء كانت بنوكاً أو نوافذ، إلا أن هذه الإعلانات تقول إن هذه المؤسسات المالية مطابقة لمبادئ الشريعة الإسلامية، بدون توضيح هذه المبادئ التي ستسير عليها، وما هو الفرق بينها وبين الصيرفة التقليدية، موضحًا أن حملة "الرؤية" ستكون مختلفة وشاملة ومكثفة لفترة ثلاثة أشهر، لتحقيق أفضل النتائج، من خلال الوصول إلى الأفراد الذين لا يقرؤون الجرائد ولا يشاهدون التلفاز بطرق عديدة، حتى يصبحوا واعين ومدركين لاختياراتهم؛ سواء كانت من خلال الصيرفة الإسلامية أو التقليدية.
دراسة ميدانية
وكانت "الرؤية" قد نشرت نتائج دراسة ميدانية متخصصة لإحدى المؤسسات المالية الرائدة في السلطنة، والتي أظهرت أن أكثر من 69 بالمئة من أفراد المجتمع العماني لا يعرفون الفرق بين الصيرفة الإسلامية والصيرفة التقليدية. وأكدت الدراسة- التي شملت أكثر من 6 آلاف فرد من أفراد المجتمع العماني على مدى 6 أسابيع، متضمنة المواطنين والمقيمين في السلطنة- أنّ 15 بالمئة من أفراد المجتمع يعتقدون أنّ الصيرفة الإسلامية وما تقوم به المؤسسات المالية من فتح مصارف ونوافذ إسلامية، مجرد "أكاذيب" ووسيلة أخرى للربح، كما أنّ 20 بالمئة منهم يعتبرون أنّ قضية الفائدة أمر محسوم ولا يقبلون به، بينما ما نسبتهم 30 بالمئة، لا فرق لديهم بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية، معتمدين في اختياراتهم على السعر، وما تعرضه كل من الفئتين من تكاليف.
وأشارت الدراسة إلى أن 37 بالمئة من أفراد المجتمع قد يفتحون حسابًا جاريًا في إحدى مؤسسات الصيرفة الإسلامية بمجرد ظهورها، بينما 20 بالمئة من الأفراد قد يفتحون حسابًا جاريًا خلال 3 أشهر من ظهور الصيرفة الإسلامية، فيما قالت الدراسة إنّ 37 بالمئة، قد يفتحون حسابًا جاريًا، ولكن بدون تحديد الفترة التي قد ينضمون فيها إلى مؤسسات الصيرفة الإسلامية. وتضمنت الدراسة سؤالاً عن أول المنتجات الإسلامية التي يرغب أفراد المجتمع في الاستفادة منها، فكانت الإجابات أنّ 50 بالمئة من الأفراد يرغبون في الاستفادة من التمويل الإسكاني، بينما 19 بالمئة يرغبون في الاستفادة من بطاقات الائتمان المالية، وما نسبتهم 14 بالمئة من أفراد المجتمع يرغبون في الاستفادة من تمويل السيّارات، و12 بالمئة منهم تمويل الأثاث، بينما يرغب 4 بالمئة في الاستفادة من تمويل المشاريع من المنتجات الإسلامية.
أكثر...