مسقط - العُمانية
تعرَّضت السلطنة خلال الفترة من 23 أبريل وحتى 4 مايو الحالي لحالة من عدم الاستقرار في الغلاف الجوي؛ أدت إلى هطول أمطار متفاوتة الغزارة بمختلف محافظات السلطنة؛ تسبَّبت في جريان العديد من الأدوية، وتركزت على المناطق الشمالية من السلطنة، خاصة محافظات الظاهرة والبريمي ومسندم وشمال وجنوب الباطنة والداخلية وشمال وجنوب الشرقية ومسقط.
وقالت الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف، في تقرير لها، إن هذه الحالة تُعد هي الأطول التي تشهدها السلطنة منذ فترة؛ حيث تم تسجيل 13 حالة وفاة؛ منها وافدان و11 مواطنًا، كما تلقى مركز عمليات الهيئة 251 بلاغا؛ تنوَّعت بين احتجاز وسقوط وانتشال لحالات غرق ووفاة؛ وبذلك تكون الهيئة قد قامت بعمليات بحث وإنقاذ لعدد 651 شخصًا في المحافظات المتأثرة بالحالة الجوية. وكانت عملية انتشال وافد بولاية بدبد بمنطقة فنجاء هي الأصعب والأطول التي تعاملت معها الهيئة؛ حيث جرفت المياه أحد الوافدين في بئر بعمق ستين مترًا وعرض أكثر من عشرة أمتار بعد انهيار الجدار المحيط بالبئر؛ الأمر الذي أدى إلى تسوية البئر بالأرض المحيطة، وامتلائه بالطين والحجارة وبعض مواد البناء.
وكانت الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف قد تلقت بلاغًا من أحد عمَّال المزرعة كان بالقرب من العامل المفقود، يُفيد بسقوط زميلهم في تلك البئر, وعليه تحركت على الفور فرق البحث والإنقاذ -بما في ذلك فريق الإنقاذ المائي- إلى الموقع لتقييم الحالة ووضع خطة عمل للتعامل مع الحالة والتي تمثلت في إعادة حفر البئر للوصول إلى المفقود.
وقد استمرَّت عميلة الحفر من مساء يوم الأربعاء الموافق 1 من مايو، وحتى فجر السبت الموافق 4 مايو؛ حيث تم انتشال الجثة.. وقد اعترى الفريق العديد من التحديات أثناء عمله؛ كان أهمها: كمية الأتربة والأحجار الساقطة في البئر, ناهيك عن كميات الوحل والمياه.
وبدأ العمل بإخراج الكميات الكبيرة من الأتربة والصخور التي جرفتها المياه إلى البئر، وقد حاول الفريق استخدام معدة حفر، ولكن لم تكن فعالة نظرًا لطبيعة البئر والمنطقة المحيطية بها. فلم تكن هذه العملية بتلك السهولة؛ حيث واجه الفريق عدة عقبات أثناء تأديته لعمله أهمها عمق البئر حيث يقدر عمق البئر 60 مترًا وفتحة البئر تقدر بـ10 أمتار، وبعد أن تجاوز الفريق هذه العقبة واجه الفريق بمعضلة أخرى وهي غزارة المياه الموجودة في أسفل البئر، والتي كانت عائقا في استمرارية عملية الحفر وإخراج المخلفات، ولتجاوز هذه المعضلة استعان فريق البحث والإنقاّذ بست مضخَّات شفط مياه ذات قدرات عالية لشفط هذه المياه بالتزامن مع عملية الحفر، واستمر الحال على ذلك حتى صباح يوم أمس؛ حيث تم الوصول إلى الجثة ليواجه الفريق تحديًا آخر، وهو بدء حالة التعفن بالجثة وانبعاث الروائح منها؛ مما اضطرهم لاستخدام بدلات خاصة ضد البكتيريا مع وجود فريق مرافق من الإسعاف للتعامل مع أية إصابات قد تقع لأفراد الفريق.
وحرصًا من الفريق على إخراج الجثة مكتملة، كان على الفريق العمل بحذر وبطء شديدين إلى أن تم تحرير الجثة مكتملة ورفعها إلى السطح باستخدام المحفة والحبال، وقد تحقق ذلك بعون الله وتوفيقه، ومن ثم الجهود المخلصة التي بذلها المشاركون في هذه العملية رغم كل العقبات والتحديات. وقد انتهت العملية بحمد الله في تمام الساعة الرابعة والنصف من فجر أمس الأول.
وبذلك؛ يكون الفريق قد عمل بشكل متواصل قرابة 140 ساعة، وشارك في العملية أكثر من 70 شخصًا من مختلف تشكيلات الهيئة؛ أهمها: الفريق الوطني للبحث والإنقاذ، وفريق الإنقاذ المائي، وإدارة الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف بمحافظة الداخلية، وقد قاد العملية بنجاح الرائد خميس بن جمعة الهنائي مدير الدفاع المدني والإسعاف بمحافظة الداخلية.
وفي الوقت الذي تأسف فيه الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف على من فقدوا جراء هذه الحالة الاستثنائية، فإنها تتقدم بجزيل الشكر لكل الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والجمعيات الأهلية والمواطنين والمقيمين؛ على ما أبدوه من تعاون ودعم لجهود عمليات البحث والإنقاذ فقد عمل الجميع بشكل تكاملي؛ مما كان له عظيم الأثر في الخروج من هذه الحالة بأقل الأضرار.. متمنية للجميع السلامة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى -حفظة الله ورعاه.
أكثر...