القاهرة- رويترز
إنه موسم الحصاد في مصر.. غير أن المعارضة التي ليس لها مرجعية دينية لا تجني أي ثمار من الصعوبات التي تواجهها جماعة الإخوان المسلمين في حكم البلاد بعد عامين من الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
ويتطلع الكثير من المصريين للجيش أو لجماعات إسلامية سلفية، وليس للأحزاب الليبرالية أو اليسارية، في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس محمد مرسي وحكومته صعوبة في إحياء الاقتصاد المتداعي وإعادة الأمن وبناء المؤسسات. ويقول منتقدون إنّه ربما يكون أكبر خطر يتهدد مصر خلال المرحلة الانتقالية ليس سعي جماعة الإخوان للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السلطات بل عجز المعارضة الضعيفة المتشرذمة عن تقديم بديل معقول. وقال عمرو موسى (76 عاماً) وهو الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وأحد قيادات جبهة الإنقاذ الوطني "أقر بأن المعارضة لم ترق إلى حد توقعات الناس". وأضاف لرويترز خلال مقابلة "لكني أقر أيضًا بأن هناك الكثير من الاحتمالات للمعارضة حتى يتسنى لها مواجهة التحدي خاصة بما أن الحكومة لا تقدم الكثير". وأبرم تحالف بين ستة أحزاب ليس لها مرجعية دينية ومجموعة من نشطاء الديمقراطية والمفكرين في هذه الجبهة في نوفمبر الماضي لمقاومة إعلان دستوري لمرسي منح نفسه بموجبه صلاحيات كاسحة لفترة قصيرة للمضي في الدستور. ويبدو أن العنصر الوحيد الذي يجمع بين المتحالفين في جبهة الإنقاذ الوطني هو اليأس وحده. وقال موسى الذي كان وزيراً للخارجية خلال عهد مبارك طيلة 10 سنوات "ما يبقينا متحالفين هو الوضع الصعب في مصر". وقال محمد البرادعي زعيم حزب الدستور إن الجبهة "لا تملك ترف تحديد ما ينتمي إلى اليسار أو يسار الوسط أو يمين الوسط لأنّ ما نعارضه هو نظام فاشي". وهو يرى أن الجبهة تمثل الأغلبية الصامتة التي تبلغ نسبتها ما بين 60 و70 في المئة من المصريين الذين يرفضون حكم الإخوان والذين يمرون بحالة "إحباط". غير أن هذا التحالف المعارض يعاني من معركة وصفها أحد الأعضاء في الجبهة بأنّها "معركة الأنا" بين الزعماء كما أنّ الأحزاب التي تتألف منها لا تتفق كثيراً على السياسات.
والسؤال هو هل تقرر الجبهة التفاهم مع مرسي والوصول معه إلى حل وسط من أجل الوحدة الوطنية أم تقرر المقاطعة أم إضعافه حتى تجعل من الصعب على جماعة الإخوان السيطرة على البلاد؟ وهل ستشارك الجبهة في الانتخابات التي يعتقد كثيرون أنها سترجح كفة الإخوان كما كان الحال مع كل الانتخابات أو الاستفتاءات التي أجريت بعد الثورة أم ستقاطعها مما قد يؤدي إلى تهميشها والظهور بمظهر الخاسر الذي لا يتحلى بالروح الرياضية؟ وهل يتعين عليها مساندة قرض مقترح من صندوق النقد الدولي باعتباره ضرورياً لإخراج الاقتصاد من الأزمة رغم الشروط الصعبة التي ستكون ملحقة به أو معارضته على أساس السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية أم يجب عليها عدم التدخل؟ وفي كل مرة يبدو فيها أن الجبهة على وشك الانهيار بسبب إحدى تلك القضايا تقدم جماعة الإخوان على خطوة أخرى تعيد توحيد صفوف المعارضة. وكانت أحدث هذه الخطوات محاولة لم تكلل بالنجاح في إبريل لتطهير القضاء الذي يعتقد البعض أنه يضم قضاة فاسدين من عهد مبارك هدفهم عرقلة الانتخابات والقوانين التي تتقدم بها جهات منتخبة وتسيطر عليها جماعة الإخوان. وبمحاولة إجبار أكثر من ثلاثة آلاف قاضي على ترك مناصبهم دفعة واحدة، تكون جماعة الإخوان قد أوغرت صدور جهاز القضاء وجبهة الإنقاذ والسلفيين ومعظم قطاع الإعلام ضد مرسي، الأمر الذي دفع الرئيس إلى المبادرة باتخاذ خطوة تراجع تكتيكية والسعي لحل وسط. ويقول محللون سياسيون إن الرئيس من الممكن أن يتسبب في تفكيك هذه الجبهة المعارضة بمجرد أن يقبل مطلبها وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية وتعيين شخصية أخرى خلفاً للنائب العام الحالي وإصدار قانون للانتخابات أكثر توازنًا. وقال دبلوماسي أوروبي رفيع "سيمثل هذا مأزقاً حقيقياً للمعارضة. لكن الارتياب المتبادل وشعور الإخوان القوي بتعرضهم للحصار قوي جداً لدرجة تجعلني لا أتوقع أن مرسي سيفعل ذلك". ويشعر الكثير من نشطاء المعارضة أنهم منحوا مرسي مساندة حيوية جعلته يفوز في الانتخابات عندما كان يواجه في جولة الإعادة أحمد شفيق الذي كان آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك في يونيو، لكن جماعة الإخوان في نهاية الأمر نحتهم جانبًا. وهم يشعرون بأنهم تعرضوا للخديعة في قضايا مثل الدستور وحقوق المرأة والأقليات الدينية واستقلال القضاء والقوانين المنظمة للانتخابات والمظاهرات والمنظمات غير الحكومية.
أكثر...