يكمل قانون المعاملات المدنية الذي صدر بمرسوم سلطاني أمس الأول، المنظومة القانونية في السلطنة، ويعد تتويجًا لسلسلة متلاحقة من التطوير التي شهدتها هذه المنظومة على مدار سنوات النهضة في تدرج واع ومدروس يستجيب لحاجة كل مرحلة من مراحل مسيرة التحديث.
ومنذ بواكير النهضة المباركة، أولى جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه- أهميّة خاصة لإرساء قواعد الدولة الحديثة، من خلال تكامل صروح البناء القانوني، استنادًا إلى استقلال القضاء، والذي يعد كذلك أساسًا يقوم عليه بنيان دولة المؤسسات وسيادة دولة القانون.
فالقضاء كان على الدوام في صدارة الاهتمام السامي، ويترجم ذلك الخطوات التي تمّ اتخاذها لتمكينه، ومن ذلك مرسوم استقلال القضاء والذي يشكل علامة فارقة في تاريخ القضاء العماني الحديث.
ويعتبر القانون المدني دعامة القانون الخاص. والأساس الذي تقوم عليه وتتفرع عنه كافة فروعه، ويتضمن مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الخاصة بين الأفراد أيًا كانت طبيعتها، فهو المنهج العام الذي يجب إعمال أحكامه فيما لم يرد بشأنه نص خاص في فرع آخر من فروع القانون الخاص، وهو بذلك ينظم نوعين من العلاقات الخاصة للأفراد: المعاملات المالية، والأحوال الشخصية. وبصدور هذا القانون، تكون المنظومة القانونية العمانية قد تكاملت في تنظيم المعاملات المدنية، وتلافي جوانب النقص التي كانت تشوب بعض المعاملات التجارية؛ ومنها الحوالة والهبة والعقود، وغياب تحديد الالتزامات المترتبة على المعاملات وآثارها القانونية.
وتتعاظم الحاجة إلى القانون المدني في ظل تعقد أمور الحياة المدنية وتداخل وتشابك المصالح، مما يحتم وجود تشريع قانوني ينظم العلاقات بين أطرافها في كثير من المعاملات اليومية.
إنّ تطبيق قانون المعاملات المدنية سينعكس إيجابًا على تدعيم أركان العدالة وتسهيل معاملات الناس.
أكثر...