مسقط - الرؤية
ينطلق ملتقى "الثقافة وهُوية النص في عمان" في التاسع عشر والعشرين من الشهر الجاري، بتنظيم من الجامعة العربية المفتوحة بالتعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وهو نشاط ثقافي تخصصي يجتمع فيه نخبة من الأكاديميين والمفكرين من مختلف المؤسسات الثقافية والتعليمية؛ يطرحون فيه ويناقشون مجموعة من القضايا التي تخص الثقافة وهُوية النص في عمان من خلال دراسة مجموعة من النصوص العمانية، سواء كانت أدبية أو لغوية أو تاريخية أو فنية.
يعمد الملتقى إلى الكشف والتحليل والقراءة لتلك النصوص الثقافية بتنوعها العام والخاص؛ بغية الكشف عن أسئلة الهُوية الثقافية التي تتميز بها تلك النصوص تأثيراً أو تأثراً بالهُوية المجتمعية الخاصة في سلطنة عمان عبر نصوصها التي أبدعها أبناؤها في حقبها التاريخية المتنوعة.
حول هذه الفعالية تقول الدكتورة عائشة الدرمكية أستاذة الأدب العربي بالجامعة العربية المفتوحة ورئيس اللجنة العلمية للملتقى: "الجامعة تسعى من خلال هذا الملتقى للارتباط ثقافياً بمؤسسات المجتمع المدني، وهذا يتجلّى من خلال الشراكة مع الجمعيّة العمانية للكتاب والأدباء في هذا الملتقى، وهو ما نراه عنصراً حيوياً في المسؤولية المشتركة بين مختلف المحركات الثقافية في البلد".
تواصل الدرمكية حديثها بالقول: "تكمن أهميّة الملتقى في كونه يسبر أغوار "الهوية" في النص الأدبي العماني، الذي انفتح على ثقافاتٍ كثيرة، فجاءت الحاجة ملحةً في دراسة هذا النص دراسةً مستفيضةً، والتثاقف فيه ومداولته بتفحيصٍ وتقليب فيه سواء كان القديم منه أوالحديث. هذا التلاقح الفكري البناء سيؤول إلى المأمول والمرجو منه، إضافة إلى ذلك فإنّ إقامة مثل هذه الملتقيات من قبل الجامعات الخاصة لها دورها الكبير الملقى على عاتقها في خدمة الثقافة العمانية بشتى جوانبها، هذا الدور منوطٌ بها وعليها أن تقوم به لتكمل رسالتها في تثقيف الطالب والأستاذ ووصلهما بمجتمعهما ومحيطهما المحلي المتفاعل في منظومةٍ ثقافيةٍ متجانسة".
أمّا عن محاور الملتقى والمأمول منه فتقول: سيتناول الملتقى ثلاثة محاور مهمة، حيث تأتي الهوية اللغوية في النص العماني (الكتابي والمرئي) كأول المحاور، في حين خصص المحور الثاني لـ "النص الإبداعي في عمان وسؤال الهوية، بشقيه الشعري والنثري"، بينما يناقش المحور الثالث "الهوية المجتمعية والثقافة في عمان". يستهدف الملتقى الأكاديميين داخل السلطنة وخارجها وطلاب الجامعات والكليات والمثقفين والمهتمين، فهذا النشاط التخصصي لا يرتبط بالأكاديميين فقط، بل هو معني بشكل أكبر بالمثقف والكاتب، ومن أهم أهداف الملتقى هو خدمة النص في عمان سواءً التراثي منه أو التاريخي أو الأدبي، وهو ما نأمله في أن يتمكن الملتقى من تسليط الأضواء عليه عبر الأوراق المهنية والأكاديمية المتخصصة من قبل محاضرين أصحاب باعٍ طويل ممن يشار إليهم بالبنان في هذا المجال".
وعن الشراكة الثنائية بين الجمعية العمانية للكتاب والأدباء والجامعة العربية المفتوحة يقول أمين سر الجمعية الشاعر عوض اللويهي وعضو اللجنة التنظيمية للملتقى: "الجمعية تسعى دوماً للشراكة الجادة في مثل هذه الملتقيات العلمية التي تسهم في دفع الحركة الثقافية والأدبية في السلطنة، كما أنّ موضوع هوية النص وخصوصيته والخصوبة التي يتمتع بها من المواضيع الشائكة التي يخرج التباحث فيها بنتائج مثرية وخلاقة، خصوصاً وأنّ النص متى ما طُّوِّع بهويةٍ متفردةٍ فإنه سيغدو سفيراً أدبياً رائعاً وسِفراً رائجاً لثقافة بلد الكاتب، وهو ما أضحى اليوم علامة بارزة في التعريف بنشاط الحركة الإبداعية في البلدان المختلفة عبر هويّة كتابها، وإن كانت بعض المدارس الأدبية تعترف وتصر على أن الكاتب لا يحدُّ بِقُطْرٍ معين ولا بِمِصْرٍ بعينه، إنما هو روحٌ إبداعية خلابة تحلق أينما وجدت فضاءً رحباً يعينها على التحليق بحرارة الوجد وانتشاء القلب وصفاء البال، لكنما الهوية دوماً ما تجد من وشائج البلدان ما يؤطرها في مناحيها المختلفة ومشاربها المتعددة وتوجهاتها الفكرية ومبادئها الذاتية الشخصية، فالهُوية في النص مصطلحٌ أيديولوجي أكثر منه علمي، لذلك تبقى الآراء فيه متداخلة، ولا يحسمها إلا مداخلات الضالعون في هذا الجانب والمتمرسون في سبر أغواره وإيضاح مكامنه، خصوصاً وأن الكثيرين يجسدون الهوية من خلال اللغة أو الدولة الوطنية أو الدين أو القومية أو السير الأدبي وغيره".
ينهي اللويهي حديثه بالقول: "هذه الملتقيات الأدبية المهمة تفتح المجال فسيحاً لإثارة الفضول الأدبي والحس الأكاديمي وتنضيج الأدوات النقدية، فعجلة الكتابة تبدو اليوم أكثر حركةً وانتعاشاً من غيرها في السنين السابقة، وهي نتيجةٌ حتمية لتقدم الحياة وتوفر وسائل التقنية الحديثة والتي باتت تعين كثيراً على توفير مناخاتٍ مُثلى للكتابة، كما أنها تسهل عملية النشر ووصولها لأكبر شريحةٍ من القراء، عبر المواقع الإلكترونية التي تلعب في هذا العصر الدور الريادي في نشر المعلومة وإيصال أصوات الكتّاب المغردين عبر الورق أو صفحات المدونات والمواقع الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعي وتقنيات الهاتف؛ كل تلك المغريات جرأت العديد ممن ظلوا يتوجسون خيفة من خوض خضّم الكتابة إلى الإقدام بلا تردد، وهي ظاهرة صحية ستفرز جيلاً قادرةً على الكتابة متى ما شاء".
أكثر...