التفاهم الأمريكي- الروسي للعمل معًا وبصورة مباشرة من أجل إنهاء الأزمة السورية، يعد بادرةً تدعو إلى التفاؤل؛ وبصيص ضوء في النفق المظلم الذي دخلت فيه هذه البلاد منذ أكثر من سنتين.
هي بالفعل بارقة أمل، رغم ما يمر به المشهد السوري حاليًا من تصعيد خطير.. وشكّلت هذه الخطوة تطورًا مهمًا وإيجابيًا لدفع الجهود الإقليمية والدولية لحلحلة الأزمة.
ويأتي التحرك الأمريكي الروسي متاخرًا كثيرًا، إلا أنّه يظل توقيتًا مناسبًا فيما لو أخذنا في الحسبان المآلات التي تتسارع خطى الحرب في سوريا نحوها؛ ومن ذلك الذيول الإقليمية للأزمة التي بدأت تجر بعضها بعضًا..
فالتحرك الأمريكي الروسي والذي يؤمل أن يتمخض عن مؤتمر دولي جامع تتداعى إليه جميع الأطراف ذات العلاقة بالأزمة السورية، أو تلك التي تمسك ببعض خيوط تحريك المشهد من قوى إقليميّة ودولية.
ولكن الأهم من كل هذا لابد من حضور الأطراف السورية من حكومة ومعارضة، باعتبار أنّ أي حل يطبخ في غيابها سيكون مصيره الفشل، وأنّ توافق الطيف السوري يعد شرطًا ضروريًا لنجاح أية تسوية لهذا الصراع الدامي المرير الذي طال، وتعاظمت آثاره السلبيّة على الشعب السوري، وطالت الوضع الإقليمي برمّته. فالمنتظر من القوى العظمى والإقليمية ذات التأثير على الأطراف المتحاربة في سوريا ممارسة ضغوط حقيقية على هذه الأطراف - خاصة النظام السوري- لإجبارها على الجلوس إلى طاولة التفاوض، والقبول بما ينجم عن هذه المفاوضات من قرارات ينبغي أن تكون ملزمة للجميع.
ومما يزيد من فرص نجاح المساعي التي تقودها الولايات المتحدة وروسيا أنّها تستند إلى إجماع أممي سابق تبلور في الإعلان الصادر عن اجتماع مجموعة العمل الدولية في جنيف في يونيو الماضي، والذي حدد الإطار والأسس للحل السياسي التفاوضي للأزمة السورية. ومن العوامل المهمّة لإنجاح الجهود الحالية لوضع حد للأزمة السورية، تحييد قوى الدفع الإقليميّة التي باتت تشكل محورًا دافعًا في اتجاه مضاد لتسوية الأزمة لخدمة أهداف ليست لها علاقة بمصالح الشعب السوري الذي يعاني الأمرّين من تطاول أمد هذا الصراع الذي يدفع فاتورته من دمه ومقدراته.
أكثر...