على مرِّ العصور والحقب الزمنية المختلفة، مثَّل الذهب أهم أحد عناصر الحياة، فكان رمزًا للأبدية عند قدماء المصريين؛ حيث استخدمه الفراعنة في الزينة والتعبُّد، وكذلك الحضارة الإغريقية وغيرها من الحضارات.
وللذهب بريقٌ خاصٌّ، يأسرُ النفوسَ ويجذب أصحابَ الذوق الرفيع، فضلًا عن كونه أداة استثمارية وموردًا اقتصاديًّا مستمرًّا.
ووفقا للمؤرخين، فإن قدماء المصريين اعتقدوا أن أجساد الآلهة الفرعونية تشكلت من الذهب، وأن الفرعون بمثابة نصف إله؛ لذلك حرص ملوك الفراعنة علي ترسيخ تلك الصورة بالاستحواذ علي الذهب وامتلاكه ودفنه معهم، اعتقادا منهم بأن ذلك دليل قرابتهم بالآلهة الذهبية. وكمية الذهب التي وُجدت في مقبرة الملك توت عنغ آمون -على سبيل المثال- كبيرة بمقاييس عالمنا اليوم؛ حيث كان الذهب في مصر الفرعونية رمز الأبدية والخلود والأمن من المجهول. وعلي مدار التاريخ الإنساني، مثَّل الذهب قيمة روحية ومعنوية للإنسان، تطوَّرت وأصبحت قيمة اقتصادية فيما بعد مع اكتشاف ندرة هذا المعدن الأصفر. فترسَّبت ثقافات الحضارات العتيقة لتصبح من معتقدات العصور الوسطي، والتي ترسَّبت بدورها لتصبح ثقافة الشعوب الحديثة. حتي وسائل الإعلام القديمة والحديثة ووسائل إعلام ما بعد الحداثة، استخدمت مدلول الذهب في الثقافة، وثبَّتت قيمته في ثقافتنا. لذلك، فإن معرفة مدلول وأهمية الذهب في الأساطير القديمة ترسم صورة أكثر عمقاً للسلوك الاستهلاكي والدافع الوجداني والمعنوي لشراء الذهب في مختلف أنحاء العالم.
وفي حضارة بلاد الرافدين، بأرض العراق، كان للذهب نصيب في أساطيرهم. ففي معركة اثنين من أقوى الأرباب، إيمش وإنتن في أساطير السوماريين، كان الذهب هو الهدية التي أنهت الخلاف بينهما ووحدتهما للقيام بأعمالهما من زراعة وفلاحة الأرض. وكان الفأس الذهبي هو أول ما خلق إنليل، ملك الآلهة في أساطير الحضارة السومارية؛ ليزرع به الأشجار والنباتات. وكان الذهب رمزاً للملوك العظام والقوة المطلقة، وهدية تدفع الشرور وتزيل الأحقاد في العراق القديمة.
والذهب في أساطير وحكايات القبائل الأوروبية القديمة الخرافية، كالقبائل الألمانية والأيرلندية والإسكندنافية موجود تقريباً في أساطير كل قبيلة من هذه القبائل. فالبطل الأنجلوساكسوني بيولف، لقي حتفه في صراع مع تنين بسبب كأس ذهبية سرقها أحد رعاياه من كهف التنين.
ويرجع اكتشاف الذهب منذ العصور القديمة وهو يُعد من علامات الغنى والمراكز الاجتماعية المرموقة وبداية استخدمه كعملة ولايزال الذهب حتى الآن سيدًا للموقف، والسلعة الاكثر غلاءً، إضافة إلى أهميته فى سوق التجارة والأعمال. وتُقيّم البلدان الذهب كقياس للثروة وقاعدة للتبادل. يُقيّم الأفراد الذهب كضمان لأن النقد الورقي لا يكون دائما مأمونا. واستمر الذهب اليوم في التأثير على الأسواق المالية العالمية، غير أن معيار الذهب لم يعد متطابقاً بين الدول، بعد أن تم استبداله كليا بالعملات الورقية، إلا أنه لا يزال مستعملاً من قِبل مؤسسات خاصة تعمل في توريد العملة الذهبية الرقمية، التي تستعمل غرامات الذهب المحسوبة كنقود.
ولمعيار الذهب سلسلة من الارتفاعات والانخفاضات وساعد أسواق المال العالمية كثيرًا، إلا أنه أيضا سبّب بعض المشاكل. وفي ظل اعتماد الذهب في احتياطات الدول، تم توقيع اتفاقية بريتون وودز بعد الحرب العالمية الثانية للسيطرة على سوق العملات الأجنبية العالمي وإبقائه قويا. ووافقت البلدان الموقعة على محاولة الإبقاء على قيمة عملاتها ضمن نطاق ضيق مقابل الدولار الأمريكي وسعر متساوٍ للذهب. واحتل الدولار الأمريكي المركز الأول كعملة، وانتقلت القوة الاقتصادية من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي العام 1971، تحطمت اتفاقية بريتون وودز عندما لم يعد بالإمكان تحويل الدولار إلى ذهب. وبدأت قوى العرض والطلب بالتحكم بسوق العملات، وظهرت التجارة الحرة وأدوات مالية جديدة. وتبدو الصورة الحالية مختلفة كثيرا؛ إذ إنه ومنذ العام 1980 وصاعداً، أثّرت الحاسبات الآلية والتقنية على تطّور سوق العملات الأجنبية. يمكن للمتاجرين والوسطاء اليوم في كل العالم تبادل العملات في السوق.ويعتبر الذهب الآن كعملة ويمكن المتاجرة يُعبّر عنه بالدولار الأمريكي.
أكثر...