عسقلان: القانون المصرفي "عقبة" أمام تمويل البنوك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
العجيلي: ضرورة تقديم تسهيلات حقيقية للبنوك لتمويل المشاريع
المحرمي: تحديد نسبة الفائدة خطوة ضرورية لضمان استمرارية المشاريع
الرؤية- سمية النبهانية
ثمن مصرفيون وخبراء التسهيلات التي أعلن عنها البنك المركزي العماني بشأن تمويل البنوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، غير أنهم حثوا على ضرورة تقديم حوافز جديدة للبنوك بما يضمن رفع القيود فيما يتعلق بالضمانات.
ووجه البنك المركزي البنوك بضرورة زيادة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحيث يتم تخصيص ما نسبته 5% من إجمالي الائتمان المصرفي لتلك المؤسسات.
وأجمع المصرفيون على ضرورة تقديم حزمة من التسهيلات والتحفيزات للمصارف، حتى تستطيع دعم أصحاب هذه المؤسسات، موضحين أن البنوك ملتزمة في نهاية المطاف بالبقاء بعيدًا عن التعثر المالي الذي قد ينجم جراء التهاون في قواعد تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويرى عبد القادر عسقلان الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي أن الأنظمة الحالية للقانون المصرفي العماني لا تدعم التوجه الحالي لتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، موضحاً أن مسألة الضمانات والالتزامات- التي حددها القانون المصرفي لتمويل المشاريع- لا يتحملها أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقال عسقلان لـ"الرؤية" إنّ البنك يطلب من المقترض- وفق القانون المصرفي- ميزانية من المؤسسة وضمانات، بجانب ضرورة الالتزام بدفع أقساط القرض، موضحًا أن هذه متطلبات لا يستطيع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة توفيرها، لأنهم من الأساس لجأوا إلى البنوك لعدم امتلاكهم ضمانات وأموال تمول مشاريعهم الخاصة. وأضاف أنه يفترض أن يكون البنك قادراً على تقييم المشروع وقدرته على السداد، والتسهيل عليه من أجل دعمه وإنجاحه. وتابع عسقلان أن المصرفيين اجتمعوا بالمسؤولين في البنك المركزي العماني، وأكدوا لهم تفانيهم واجتهادهم في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما دعوا البنك المركزي إلى تخفيف القانون للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقد وعدهم البنك بالنظر في الموضوع واتخاذ الممكن. وأشار عسقلان إلى أن البنوك معنية في الأساس بإتباع توجهات الحكومة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إيماناً منها بالدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المشاريع في دعم الاقتصاد الوطني مستقبلاً، غير أنه أوضح أهمية توفر القوانين المناسبة لذلك.
حزمة تحفيزات للبنوك
وقال عبد الحكيم العجيلي مدير عام بنك ظفار إن التوجهات الحالية للحكومة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تصب في صالح الاقتصاد الوطني، مضيفًا أن توجهات البنك المركزي الآن تمضي نحو دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهو من النتائج الثرية التي خرجت بها مناقشات سيح الشامخات في ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً التزام البنوك بدعم المؤسسات إيماناً منها بالدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه في خدمة الاقتصاد الوطني. وتابع العجيلي أن البنك المركزي العماني وجه البنوك بزيادة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بحيث يتم تخصيص ما نسبته 5% من إجمالي الائتمان المصرفي لتلك المؤسسات، على أن يتم تحقيق هذه النسبة قبل نهاية شهر ديسمبر من العام 2014. وأكد العجيلي أن بنك ظفار والبنوك الأخرى سيجتهدوا لتحقيق هذه النسبة وتجاوزها. وأوضح أن بنك ظفار بدأ في هذه الخطوات بشكل مسبق؛ حيث أنشأ 7 مراكز تجارية في مختلف مناطق السلطنة خدمة لهذه المشاريع، التي تتزايد في مناطق السلطنة.
وزاد أن البنك المركزي قدم حزمة من الحوافز للبنوك لتسهيل دعمها لمشاريع هذه المؤسسات؛ حيث خفض الاحتياطات العامة المطلوبة للبنوك من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من 1% في التمويل التجاري حتى 0.5%، كما خفض نسبة المخاطرة من 100% إلى 75%.
تصنيف المؤسسات
وقال مدير بنك ظفار إنّ البنك المركزي صنف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي يجري على أساسها التسهيلات المقدمة، حيث إن المؤسسات متناهية الصغر يكون عدد موظفيها أقل من 5 أفراد، وأن تكون عائداتها دون 25 ألف ريال، أما المؤسسات الصغيرة فيتكون موظفوها من 5-9 موظفين، وتبلغ عائداتها 25-250 ألف ريال، فيما يبلغ عدد موظفي المؤسسات المتوسطة بين 10-99 موظفاً، وعائدات من 250 ألف إلى مليون ونصف المليون ريال. وأضاف أنه فيما يتعلق بالتسهيلات الأخرى التي يمكن أن تقدمها الحكومة أو البنك المركزي العماني للبنوك، فإنّه يمكن للحكومة أن تمنح ضمانات للمشاريع عند البنوك لفترة محددة حتى تتعافى هذه المشاريع، بحيث تضمن هذه المشاريع في حالة تعثرها، حتى لا يتأثر البنك.
واقترح العجيلي تخصيص ميزانيات سنوية للبنوك، بشرط أن يتم صرفها لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أو أن تقوم الحكومة بدعم نسبة الفائدة في القروض. واقترح العجيلي أن تمنح هذه المؤسسات عقود باطنية في المشاريع الحكومية الحيوية بحيث يكون دعماً كبيرًا لها، بجانب دعم قيام الشركات الأهلية والبدء من خلال هذه المشاريع. وأشار العجيلي إلى أن الدعم الحكومي يجب أن يتعدى التمويل المالي؛ حيث يجب توفير معاهد تدريبية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حتى تمتلك الخبرات المالية والإدارية والقانونية الكافية ليضمن ذلك استمرارية المشاريع ونجاحها، كما يجب إدخال مناهج تعليمية حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المدارس، وتخصيص برامج تدريبية علمية في الصيف لتنمية وصقل ثقافة العمل الحر منذ البدء. ودعا العجيلي الحكومة لدراسة تجارب الدول ذات الخبرة الطويلة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستفادة منها.
تحديد الفائدة
ويرى الدكتور سعيد المحرمي، أستاذ الدراسات المصرفية بجامعة السلطان قابوس، أن توجيه البنك المركزي العماني بضرورة زيادة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحيث يتم تخصيص ما نسبته 5% من إجمالي الائتمان المصرفي لتلك المؤسسات، خطوة ممتازة. غير أنه استدرك بالقول إنّ هذا الإجراء لن يحقق الغاية المطلوبة، ما لم يتم تحديد نسبة الفائدة، موضحًا أنها إن ارتفعت بنسبة كبيرة، فإنّ المشاريع الصغيرة والمتوسطة لن تكون قادرة على الاستمرارية.
وقال إنّ البنوك تطلب ضمانات والتزامات من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أنه إذا كان أصحاب هذه المشاريع يملكونها لما لجأوا إلى البنوك، وفي المقابل لا يمكن لوم البنوك على ذلك، لأنه من المهم أن تتفادى المخاطر، ما يضع البنوك بين المطرقة والسندان. وأوضح أنه يتعين على البنوك تجنب المخاطر وتفادي تعثر سداد القروض، وفي الوقت ذاته، فإنها ملتزمة بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لافتاً إلى أنّ بنك التنمية العماني قد تعرض لفترة لتحديات وخسائر نتيجة تعثر العديد من المشاريع التي مولها، وعدم الحصول على الضمانات الكافية لهذه المشاريع، فيما استطاع البنك الآن أن يتعافى ويحقق أرباحاً نتيجة تشديد الضمانات بشأن الحصول على قروض وإلزام أصحاب المشاريع بتقديم الضمانات المناسبة.
توجيهات المركزي
وكان البنك المركزي العماني قد حث في تعميم للبنوك على ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأكد سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني في التعميم أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في أي دولة تلعب دوراً هامًا في تنويع مصادر الاقتصاد ونموه من خلال زيادة مساهمة القيمة المضافة لهذه المؤسسات في إجمالي الناتج المحلي، وفي توفير فرص عمل للمواطنين الباحثين عن العمل، بالإضافة إلى مساهمة هذه المؤسسات في تعزيز الاستخدام الأمثل للموارد المحلية. وأضاف سعادته أنه في إطار التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- وتنفيذاً للقرارات الصادرة عن ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي عُقدت بسيح الشامخات في ولاية بهلاء خلال الفترة من 21 إلى 23 يناير 2013، فقد وجه البنك المركزي العماني البنوك المرخصة المحلية والأجنبية بضرورة زيادة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحيث يتم تخصيص ما نسبته 5% من إجمالي الائتمان المصرفي لتلك المؤسسات، على أن يتم تحقيق هذه النسبة قبل نهاية شهر ديسمبر من العام المقبل 2014، مشيراً سعادته في التعميم إلى أن هذه النسبة ما هي إلا الحد الأدنى المستهدف، وعلى البنوك السعي إلى تجاوز هذا الحد حتى تستطيع أن تساهم مساهمة فعالة في تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الائتمان بسعر فائدة منخفض، وبتكاليف أخرى منخفضة. كما حث البنك المركزي العماني البنوك المرخصة على النظر إلى احتياجات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سياق أشمل، وعدم المطالبة بضمانات تعجيزية فيما يتعلق بمنح الائتمان، والقيام بإتباع سياسات مرنة تجاه هذه المؤسسات، مع الأخذ في الاعتبار توجهات الحكومة والمبادرات الرقابية والتنظيمية التي يصدرها البنك المركزي العماني في هذا الشأن.
ووجه البنك المركزي العماني البنوك العمانية المرخصة بضرورة إنشاء وحدات إدارية منفصلة تكون مهمتها مكرسة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيما طالب فروع البنوك الأجنبية بتخصيص مسؤول يتمتع بمهارات واسعة لمتابعة شؤون هذه المؤسسات، موضحًا سعادته ضرورة عدم وضع أي عراقيل أو عقبات في طريق تمويل المؤسسات المذكورة.