عمان ( الأردن ) - رويترز
قال مسؤول بصندوق النقد الدولي إن دول الربيع العربي تواجه توترات اجتماعية متصاعدة قد تحبط أي تعاف اقتصادي مبكر بعد عامين من الاضطرابات السياسية التي أدت إلى تفاقم الضغوط المالية وتهدد استقرار الاقتصاد الكلي. وقال مسعود أحمد مدير صندوق النقد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن المغرب وتونس ومصر والأردن وجميعها دول مستوردة للنفط تواجه ضربة مزدوجة نتيحة ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والغذاء وتأثير التراجع الاقتصادي العالمي إلى جانب تنامي الاستياء الشعبي منذ بداية موجة الانتفاضات العربية قبل عامين. وأضاف أحمد "التحدي الكبير هذا العام هو التعامل مع توقعات مواطنين يقل صبرهم بشكل متزايد وأخذ الإجراءات التي تحقق الاستقرار الاقتصادي وتبدأ في إرساء أسس تحول اقتصادي من شأنه أن يوفر مزيدا من فرص عمل ويحقق نموا شاملا."ومضى قائلاً في مقابلة مع رويترز على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا "تلك التحولات السياسية بدأت تصبح أطول أمدًا وفي بعض الحالات مثار خلاف في حين ترتفع نسبة البطالة وتتصاعد القلاقل الاجتماعية."
وتابع أحمد أن مشكلة الدول التي تشهد احتجاجات تفاقمت نتيجة زيادة الإنفاق على دعم الغذاء والطاقة ما اضطر الحكومات للسحب من احتياطيات النقد الأجنبي والتوسع في الاقتراض الداخلي بأسعار فائدة مرتفعة زادت من الدين العام.
وذكر المسؤول أن الاضطرابات السياسية تضر بالاستثمارات الخاصة التي تحتاج إليها الدول بشدة .وأضاف أحمد "لم تترسخ ثقة القطاع الخاص في عدد من هذه الدول لذا فإنّ التعافي الذي تحقق في عام 2012 ناجم عن استمرار الإنفاق الحكومي وليس تعافي الأنشطة الخاصة."
وقال إنه بعد عامين من زيادة الإنفاق على الأجور والمواد الغذائية والوقود سيرتفع العجز في الميزانية أكثر ليصل إلى ثمانية بالمئة في المتوسط في العام الجاري. وفي مصر على سبيل المثال يتوقع أحمد أن ينمو العجز إلى ما بين 10 و12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي. وتابع "نتيجة لذلك بدأ عجز الموازنة يرتفع وفي بعض الحالات بلغ مستويات لا يمكن أن تدوم في المستقبل."وهوى احتياطي مصر من النقد الأجنبي منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في عام 2011 بفعل تراجع إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي كما انخفضت احتياطيات الأردن انخفاضًا حادًا ولكنها تعافت هذا العام بفضل ضخ أموال من دول خليجية. ويبلغ متوسط معدل النمو المتوقع للعام الحالي في الدول المستوردة للنفط ثلاثة بالمئة وهو غير كافٍ لاستيعاب عدد أكبر ممن يدخلون سوق العمل في منطقة تعاني عادة من ارتفاع نسبة البطالة وهي مشكلة تفاقمت بالفعل منذ موجة الاضطرابات التي تجتاح المنطقة منذ عام 2011.
وقال أحمد "تصل نسبة البطالة بين الشبان إلى نحو 30 بالمئة وفي آخر عامين ارتفعت أكثر في بعض الدول."
ويتعين على الحكومات أن تتعامل عاجلا وليس آجلا مع مشكلة الدعم ذات الحساسية السياسية مع تجاوز الدعم 240 مليار في عام 2011 في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ويمثل نحو نصف دعم الطاقة عالمياً.
ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي فإنّ هذا الرقم يوازي 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.
ويفيد دعم الطاقة الشامل 30 بالمئة من أصحاب الدخول الأعلى من المستهلكين. وبدأ الأردن والمغرب وتونس تبني الدعم الموجه غير أن ثمة حاجة لخفض أكبر لفاتورة الدعم التي تستنزف مبالغ لازمة بشدة لتحفيز النمو.
وقال أحمد "في خضم تحول سياسي واجتماعي يصبح من الصعب تبني الإصلاحات اللازمة لخفض العجز في الموازنات أو محاولة التحرك لحماية احتياطياتك ولكن خيار تأجيل مثل هذه الخطوات لفترة أطول ليس قائمًا بالنسبة لكثير من الدول."
وأضاف "هامش المناورة محدود جدًا ... يجدون اليوم أن القدرة على الاقتراض من السوق المحلية تتقلص وتراجعت الاحتياطيات لمستويات لا تتحمل أن تنخفض أكثر."
وتسبب رفع الدعم على الوقود في اضطرابات مدنية في الأردن في نوفمبر الماضي ويقول بعض المحللين إن التحرك لرفع أسعار الكهرباء المدعومة بشدة في يونيو حزيران تنفيذاً لاتّفاق قرض تحت الطلب مع صندوق النقد يمثل خطوة محفوفة بالمخاطر.