تمضي مسيرةُ التعليم العالي في السلطنة بخُطًى ثابتة وحثيثة إلى الأمام، رغم ما يكتنفُها من تحدِّيات.. والمتأملُ في الأرقام، تتبيَّن له القفزات النوعيَّة التي تحقَّقت للسلطنة في هذا القطاع، وفي فترة زمنيَّة ليست بالطويلة؛ حيث إن تاريخ التعليم العالي في السلطنة بدأ مع عهد النهضة المباركة، وشهد تسارعًا في خطواته حتى بلغ عدد مؤسساته حاليًا 54 مؤسسة تعليم عالٍ ما بين حكوميَّة وخاصة موزَّعة على مختلف المحافظات، كما أن عدد الطلاب المقيَّدين بهذه المؤسسات والمُبتعثين للدراسة في الخارج قارب على الـ91 ألف طالب وطالبة خلال العام الماضي، وهو عددٌ كبيرٌ بكلِّ المقاييس والاعتبارات.
وفي استعراضها الشامل لمسيرة القطاع، تناولت معالي وزيرة التعليم العالي في بيانِهَا أمام مجلس الشورى، أمس، واقعَ القطاع والتحدِّيات التي تواجهه، وخطط الوزارة للتغلُّب على تلك التحدِّيات من أجل تطوير المسيرة، وجعلها أكثر التصاقاً بمتطلبات سوق العمل، وأكثر ملاءمةً لمعطيات العصر، وما تفرضه من تخصُّصات تقنية.
... لقد طمأنتْ معاليها الجميعَ بشأن الخطط الاستيعابيَّة لمؤسَّسات التعليم العالي بشقيْها الحكومي والخاص، خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى مراعاة تلك الخطط لسوق العمل، وهذا الجانب ينبغي التركيزُ عليه كثيرًا في الخطط المستقبليَّة للوزارة؛ حيث إن الفجوة بين مخرجات مؤسَّسات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل لا تزال قائمة، خاصَّة في التخصُّصات الهندسيَّة والفنيَّة والتقنية؛ مما يستوجب تكريسَ المزيدِ من الجهود التنسيقيَّة بين مختلف الجهات ذات العلاقة لرسم خارطة طريق تحدِّد احتياجات المرحلة المقبلة من مُخرجات، وتعمل على تسخير مؤسَّسات التعليم العالي للوفاء بعمليَّة تأهيلها على الوجه الذي يُلبي تطلُّعات سوق العمل، ويستجيب لاحتياجاته من التخصُّصات.
ورغم ما يُثار عن أن التوسُّع في القبول قد يفتح الباب لدخول غير المستوفين للاشتراطات إلى مؤسَّسات التعليم العالي، إلا أن ذلك لا يمنع من تبنِّي برامج تأهيليَّة للطلاب تهيِّئهُم للانخراط في التعليم العالي.
ومن المحاور المهمة التي تطرَّق إليها بيان معاليها: التركيز على الجودة وتطبيق معاييرها على الجامعات والكليات؛ باعتبار أنَّ ذلك هو الضمانة التي تكفل تحقيق التعليم العالي لرسالته في تخريج مُخرجات قادرة على النهوض بدورها في تقدُّم الوطن، وتعزيز مسيرته النهضويَّة.