الرؤية - وليد الخفيف
بجدارة واستحقاق، تخطى منتخبنا الوطني لكرة القدم، عقبة نظيره العراقي "أسود الرافدين"، واكتفى بهدف وحيد هزَّ شباكهم، حمل توقيع إسماعيل العجمي؛ ليظفر الأحمر بالعلامة الكاملة، وتتجدد آماله في التأهل لنهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل.
.. لم يأتِ الفوز من فراغ، بل كان نتاجًا لعمل فني وإداري مُنظم كُلل بالنجاح على أرضية مجمع بوشر الذي كانت مسرحًا لمباراة الأمس في ملحمة جماهيرية خالدة، فقد انحازت كل معايير تقييم الأداء لصالح منتخبنا الذي كان الأفضل بدنيًّا ومهاريًّا وتكتيكيًّا خلال شوطي المباراة؛ حيث تمكَّن الفرنسي بول لوجوين من قراءة منافسه الصربي فلادمير بيتروفيتش، قراءة ثاقبة دقيقة، فقيَّد كل مفاتيح اللعب العراقية، وفرض رقابة صارمة على مواطن القوة، وحدَّ من خطورة مصادر الإزعاج، فانقض بضراوة على نقاط الضعف العراقية؛ الأمر الذي مكَّن الأحمر من فرض شخصيته على المباراة؛ فكان الأفضل انتشارًا، والأسرع وصولًا للمرمى، والأكثر فرصًا وتهديدًا لمرمى منافسه.. وأتيحت لمهاجميه العديد من الفرص على مدار الشوطين التي كانت كفيلة بتعزيز النتيجة، ولكن المنتخب كعادته خلال الفترة الأخيرة اكتفى بهدف واحد، فقد بدأ لوجوين المباراة بطريقة لعب هجوميَّة تتفق مع ظروف الترتيب العام في المجموعة؛ فلعب بطريقة 4/4/2 بوجود لاعبي ارتكاز في وسط الملعب؛ هما: أحمد كانو، وعيد الفارسي؛ في حين اعتمد الصربي بيتروفيتش مدرب منتخب العراق على طريقة 4/2/3/1 معتمدًا في خط وسطه على همام طارق وسيف سليمان كلاعبي ارتكاز، ولكن الأفضلية آلت لكانو والفارسي؛ بفضل الدعم القادم لهما من رائد إبراهيم من اليمين، ومن قاسم سعيد من اليسار، ووفق لوجوين في اتباع استراتيجية الهجمات المتنوعة؛ فتارة يعتمد على اختراق العمق العراقي، وتارة أخرى يعتمد على الاطراف مع تحركات عرضية وقطرية لإسماعيل العجمي وعبد العزيز المقبالي؛ صَاحَب ذلك انتشار جيد للاعبين في وسط الملعب، مع سرعة في التحوُّل للحالة الدفاعية عن فقد الكرة والضغط على حامل الكرة بلاعب ولاعبين أحيانًا. أما المنتخب العراقي، فلم يغيِّر من استراتيجيته التي اتبعها إبان دورة الخليج الأخيرة في البحرين، والتي باتت محفوظة وواضحة للجميع؛ فما زال العراقيون يعتمدون على الكرات الطويلة المرسلة ليونس محمود؛ باعتباره محطة استلام جيدة مع الإسناد السريع له من ثلاثي الوسط علاء عبد الزهرة وعلي رقم 13 ونشأت أكرم؛ الأمر الذي مكَّن العراقيين من السيطرة الميدانية خلال العشرين دقيقة الأولى من الشوط الأول، ولكن التمركز الجيِّد لمحمد المسلمي وعبد السلام عامر، وميل سعد سهيل وحسن مظفر لقلب الدفاع، أفسد هذا المخطط العراقي، ثم استلم المنتخب العُماني زمام المبادرة بعد ذلك، ونشطت الأطراف العمانية، وشكَّل سعد سهيل ورائد إبراهيم مصدر إزعاج من الجهة اليُمنى، وردَّ عليهما حسن مظفر وقاسم سعيد بسيل من العرضيات الخطيرة في منطقة الـ18، صحبها تحركات للمقبالي والعجمي؛ فقبض العمانيون على المباراة، وأجبروا أسود الرافدين على التراجع وسط حصار شديد، فانهالت الركنيات واحدة تلو الأخرى؛ حتى أحرز من إحداها إسماعيل العجمي هدف المباراة الوحيد؛ حيث كان الشوط الأول يلفظ أنفاسه الأخيرة لينتهي الشوط بتقدم عُماني لعبًا وأداءً ونتيجة.
أما الشوط الثاني، فقد حاول بيتروفيتش أن يغيِّر من مهام وواجبات اللاعبين؛ فمنحهم واجبات هجومية لتعديل النتيجة مع الاحتفاظ بنفس التشكيلة التي بدأ بها المباراة، ولكن مساعيه وُجهت بضغط عُماني أحمر في كل بقاع الملعب، أجبر العراقيين على الانصياع لراغبات برازيل الخليج؛ فاستمر الضغط العماني قائمًا، وشنَّ العمانيون سيلًا من الهجمات المنظمة والمرتدة، وكان لأسود الرافدين بعض المحاولات التي اعتمد معظمها على الكرات الثابتة، والتي تعامل مها فايز الرشيدي باقتدار، خلاف ذلك فكل المحاولات والهجمات العراقية لم تكن لها أنياب حقيقية، وافتقدت للخطورة بفضل التلاحم المثالي للاعبي خط الوسط والدفاع وتقارب الخطين أثناء الحالة الدفاعية يضاف إلى ذلك التحرك الجيِّد في العمق في اتجاه عكسي للعرضيات لسعد سهيل وحسن مظفر؛ الأمر الذي كان مصدر قلق في السابق؛ فكان الطرفان في قمة التركيز، وتميَّزا بالربط والتفاهم مع قلبي الدفاع عامر والمسلمي.
وفي الدقيقة 58، غيَّر بيتروفيتش من طريقة لعب المنتخب العراقي بالتحول من 4/2/3/1 إلى طريقة 4/4/2، ولكن بشكل مختلف على طريقة منتخبنا؛ حيث اعتمد على لاعب ارتكاز واحد فقط، وأمامه ثلاثة لاعبين ومهاجمان صريحان؛ فدفع بيرتوفيتش بالمهاجم الصريح مصطفى عبيدي بديلًا للاعب الارتكاز سيف سليمان ليقلل الضغط عن يونس محمود، ولكن التغيير كان سلبيا، وأحدث شرخا عميقا في خط الوسط العراقي؛ ففقد القدرة على استخلاص الكرة من كانو ورفاقه، وظهرت المساحات الخالية في الأطراف العراقية؛ الأمر الذي مكَّن سعد سهيل ورائد إبراهيم يمينًا، وقاسم سعيد يسارًا من شن هجمات خطيرة، ولكن المقبالي والعجمي لم يتمكنا من ترجمة هذه الفرص إلى أهداف، إضافة للفرص السهلة التي أتيحت لعيد الفارسي وقاسم سعيد، والتي كانت كفيلة أن تقضي على آمال العراقيين مبكرًا، ثم ازداد الأمر صعوبة على العراقيين بخروج همام طارق رمانة ميزان خط الوسط في تغيير غير موفق أيضًا لبيتروفيتش ليحدث فراغا في وسط الميدان العراقي، ولكن لم يستغل من منتخبنا العماني الذي اكتفى بهدف وحيد، ورد لوجوين على تغييرات بيتروفيتش السلبية بتغيير موفق؛ حيث دفع بعلي الجابري بديلا لقاسم سعيد في الدقيقة 67؛ ليؤمن عمق خط الوسط العماني، أما عن سبب تأخر تغييرات لوجوين فقد يكون السبب في ذلك الحرص على تركيز اللاعبين في الملعب، وكسر عقدة الدقائق الأخيرة، وعموما فلم يقدم المنتخب العراقي الأداء المنتظر، وربما سبب ذلك ضعف فترة الإعداد التي خاضها قبيل المباراة، مقارنة بفترة الإعداد الجيدة التي خاضها منتخبنا، فاستحق الأحمر الفوز ليرسم مع جماهيره التي كست المدرجات باللون الأحمر لوحة فرح وسرور ومسيرات جابت شوارع مسقط فرحا بمنتخبها الظافر.