
الكويت – رويترز
تترقب بورصة الكويت صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المتوقع يوم الأحد المقبل بشأن دستورية المرسوم الأميري الذي جرت بموجبه انتخابات ديسمبر الماضي والذي سيكون له دور حاسم في استمرار البرلمان الحالي الموالي للحكومة أو حله وإجراء انتخابات جديدة قد تحدث تغييرًا جذرياً في بنية النظام السياسي.
وساد التوتر والحذر تداولات بورصة الكويت طوال الأسبوع الحالي الذي هبط فيه متوسط القيمة المتداولة يومياً إلى 52.7 مليون دينار (186 مليون دولار) أي أقل من نصف معدلاتها في شهر مايو الماضي. وبلغت هذه القيمة أمس 31.9 مليون دينار وهي الأدنى منذ نهاية فبراير الماضي.
وأغلق المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت أمس عند مستوى 7931.09 نقطة منخفضا 96.9 نقطة عن إغلاق الأسبوع الماضي بنسبة 1.2 في المئة. كما هبط مؤشر كويت 15 الذي يقيس أداء الأسهم القيادية خلال نفس الفترة 32.4 نقطة تمثل ثلاثة في المئة ليغلق عند 1065.43 نقطة.
وقاطعت المعارضة الكويتية الرئيسية الانتخابات الماضية احتجاجاً على صدور المرسوم الذي رأت أنه غيّر النظام الانتخابي لغير صالحها ونظمت عددًا من الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة في الكويت التي نجت من موجات الربيع العربي. ورغم ضعف الأصوات التي جاءت بالبرلمان الحالي والتي بلغت 39.5 في المئة وهي أقل نسبة مشاركة في تاريخ الكويت إلا أن هذا البرلمان حاول أن يدعم شعبيته من خلال إقرار عدد من القوانين التي توصف بالشعبوية ومنها إعادة جدولة القروض الاستهلاكية لشريحة كبيرة من المواطنين ومنح مزايا مالية لشرائح أخرى.
كما أقر البرلمان الحالي الذي دخل في سباق مع الزمن قبل حكم المحكمة الدستورية عددًا من القوانين المهمة التي تحتاجها الحياة الاقتصادية والتي لا يوجد كثير من الاختلاف حولها لكنها تأخرت كثيرًا بسبب اهتمام البرلمانات السابقة بالرقابة الصارمة على أعمال الحكومة وهو ما أدى في كثير من الأحيان إلى صراع دائم بين السلطتين أخر إلى حد كبير صدور هذه التشريعات.
كما تعطل تنفيذ جزء كبير من خطة التنمية الحكومية التي أقرت في سنة 2010 والتي تتضمن بناء مشروعات تقدر قيمتها بثلاثين مليار دينار خلال أربع سنوات حتى 2014.
وقال مهند المسباح نائب المدير التنفيذي في شركة مرابحات الاستثمارية لرويترز إن السياسة في الكويت طغت على الحياة الاقتصادية وعلى حركة البورصة حتى إن الحديث عن سوق الأوراق المالية "يحتاج إلى تحليل سياسي" وهو ما لم يكن موجوداً من قبل بنفس هذه القوة.
وعزا المسباح هذا الارتباط الكبير بين سوق الأوراق المالية والمتغيرات السياسية لسلوك الحكومة من خلال المحفظة الوطنية المملوكة للهيئة العامة للاستثمار التي عملت خلال الفترة الماضية على خلق حالة من الرضاء العام لدى المواطنين برفع البورصة إلى مستويات عالية للغاية دون أن يكون هذا الارتفاع مبنياً على "أسس صحيحة".
وطبقاً لبيانات رويترز فقد ارتفع المؤشر الرئيسي الأوسع نطاقا في بورصة الكويت 42 في المئة منذ بداية 2013 حتى 28 مايو الماضي حين سجل أعلى مستوى له هذا العام لكنه قلص ارتفاعاته لتصل إلى 33.6 في المئة فقط طبقاً لإغلاق أمس الخميس.
وقال محمد نصار المحلل المالي "الأمر كله يتوقف على حكم المحكمة" وتداعياته السياسية مؤكداً أن كثيراً من الأموال مترقبة خارج البورصة في انتظار ما ستقضي به المحكمة وما سينجم عن هذا الحكم.
واعتبر نصار أن عدم حدوث "انهيار" للسوق في تداولات أمس الخميس هو مؤشر إيجابي مشيراً إلى أن البورصة شهدت خلال هذا الأسبوع عمليات تجميع لبعض الأسهم وهو ما أدى إلى تماسكها النسبي رغم الهبوط.
ويقول مراقبون إنّ هناك احتمالين رئيسيين الأول أن تقضي المحكمة بإبطال المرسوم وهو ما قد يؤدي إلى حل مجلس الأمة (البرلمان) وإجراء انتخابات جديدة بناءً على النظام القديم للانتخابات وهو ما قد يعني مجيء المعارضة من جديد والاحتمال الثاني هو الحكم بدستورية المرسوم وبقاء المجلس الحالي.
وقال المسباح إنّ القضاء بصحة المرسوم سيعني في كل الأحوال أن "الخلاف لا يزال قائما" بين الحكومة والمعارضة التي ربما تنقسم على نفسها بين راضٍ بالحكم القضائي ورافض له.
ورجح المسباح دفع المحفظة الوطنية في هذه الحالة "بكل ما أوتيت من قوة" باتجاه استقرار السوق ودفعه للأمام.
وقال نصار إن السيولة في هذه الحالة ستزيد بقوة في البورصة وقد ترتفع بشكل سريع فوق 100 مليون دينار يوميا لاسيما لأن كثيرًا من الأسهم سواء القيادية أو الصغيرة أصبحت مغرية بالشراء بعد هبوط أسعارها بشكل كبير.
وقال المسباح إنّه في حال قضت المحكمة بعدم دستورية المرسوم وجرت انتخابات جديدة فسوف تسفر عن عودة جزء كبير من المعارضة التي قاطعت سابقًا وهو ما سيعني عودة الصراع بين السلطتين مرة أخرى وهو ما سيؤدي إلى عودة البورصة للتذبذب من جديد.
وقال نصار إنّ هذا الاحتمال سيؤدي إلى دخول الحياة السياسية في جملة من علامات الاستفهام الكبيرة حول المستقبل وهو ما سيؤدي إلى خروج كثير من المتداولين من السوق لأن التوقعات في هذه اللحظة ستكون صعبة.