عبري - رياض السيابي
اختتمت أمس بكلية العلوم التطبيقية بعبري فعاليات "ملتقى التواصل الاجتماعي الثاني"، وذلك في حفل رعاه سعادة الشيخ حمد بن حمود المحروقي والي ضنك.
وأوصى المشاركون في " ختام الملتقى" بالاهتمام ببناء الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى في التكوين الاجتماعي، وتعزيز أشكال التواصل الأسرية المجتمعية المباشرة لخطورة الاعتماد الكلي على التواصل الاجتماعي الإلكتروني، وأيضًا تحديد المهارات التربوية الهادفة لتعزيز ثقافة العمل التطوعي لدى الناشئة إسهاما في التنمية المجتمعية والعمل على تفعيلها. كما أوصوا بإدراك التحديات المعاصرة التي تواجهها الأسرة والتي تفرضها العولمة بما فيها شبكات التواصل والعمل على مواجهتها قيمياً، ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي مؤسساتيا لاستقراء الواقع القيمي واستنباط مواد قانونية متوافقة مع خصوصية المجتمع العماني.
وكذلك تنمية التوعية القانونية بمخاطر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات ذات العلاقة، وتثقيف أفراد المجتمع بأهمية الحوار الأسري ودوره في تقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، إلى جانب النظر التوصية للنظر في إعداد خطة وطنية لتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي في الخدمة المجتمعية على اختلاف مجالاتها وأنواعها.
وقد بدأ الحفل بكلمة اللجنة المنظمة، والتي ألقاها الشيخ د. يحيى بن محمد الهنائي مدير عام التنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية ورئيس اللجنة المنظمة للملتقى، حيث ذكر فيها أنّ هذا الملتقى عمل على تحقيق عدد من الأهداف أهمها مناقشة القواعد الأساسية للتواصل الاجتماعي في إطار قيمي مجتمعي، تتجسد صفاته في سلوك الأفراد من خلال التمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والمحافظة على التراث والأعراف والتقاليد العمانية الأصيلة.
وأضاف: لقد غطت محاور هذا الملتقى الثلاثة وهي: الأسرة وثقافة التواصل الاجتماعي، والقيم وشبكات التواصل الاجتماعي، والتواصل الاجتماعي وتنمية المسؤولية المجتمعية، ومن خلال أوراق العمل المقدمة من الخبراء وأصحاب التجارب العلمية والتطبيقية التي تناولت قضايا وتوجهات الشباب نحو التواصل عبر الشبكات والمحركات البحثية ضمن الشبكة العنكبوتية العالمية وما يطلق عليها مسمى الأنترنت.
كما أشار في كلمته بأنّ روح المواطنة والمحافظة على المكتسبات الوطنية هي قيم تشرب بها المواطن العماني، وأصبحت سلوكاً يوصف دائماً بالبنان في معظم المحافل، وإن كانت هناك تصرفات أحياناً غير مقبولة فهي ليست قاعدة عريضة بل إنها تلقى عدم القبول من المجتمع، كما أن تأثير العولمة في حياتنا أصبحت أمرا وواقعا ملموسا لا يمكن الابتعاد عنه بل أصبح سلوكًا لدى الأفراد في مختلف فئاتهم العمرية، وشرائحهم الاجتماعية، كما أصبح هناك من ينادى بإيقاف مثل هذه المواقع، وآخرون يرون تدخل الجهات الرسمية حول ضبط عمليات الأسبار عبرها.
وبيّن مدير عام التنمية الأسرية - في ختام كلمته - حول ما ناقشته أوراق العمل المقدمة ومداخلات المشاركين في أهمية تغليب الجانب القيمي وضبط السلوك – خصوصاً - لدى الأبناء في التعامل مع هذه المواقع، وذلك من خلال تحصينهم بثقافة الاستفادة الإيجابية والتعامل الصحيح، مما يساعدهم ويسهل لهم التواصل والحوار البناء المرتبط بالقواعد الأخلاقية.
كما يعتبر وسيلة سريعة تساعد في مناحي الحياة العلمية والعملية، إلى جانب هذه الأوراق برزت القيمة الإنسانية والمعاني السامية للعمل التطوعي ومساهمته في تنمية المجتمع، وإن نجاح هذا الملتقى وسابقه يجعلنا المضي قدماً في استمرار هذه التجربة ونقلها سنوياً إلى محافظات وولايات أخرى بالسلطنة.
وعقب ذلك شاهد راعي الحفل والحضور في فقرة " حصاد الملتقى " عرضا مرئيا لمجمل فعاليات الملتقى على مدى أيامه الثلاث.
وبعدها جاءت فقرة شهدت تقديم عرض مسرحي قدمه طلاب كلية العلوم التطبيقية بالرستاق، ثمّ قراء د. سالم بن علي اليحيائي مساعد عميد كلية العلوم التطبيقية للشؤون الأكاديمية المساندة لراعي الحفل والحضور توصيات الملتقى، وختاماً قام راعي الحفل بتوزيع الدروع التذكارية على مقدمي أوراق العمل وممثلي الجهات المساعدة في إنجاح الملتقى.
فجوة كبيرة
من جانب آخر تحدث طلال بن حمد الرواحي من وزارة التربية والتعليم يوم أمس لمشاركي الملتقى بحديث جاء عنوانه ( لم لا نكون فيزيائيين)، حيث أوضح خلاله أن العمود الفقري لهذا الحديث هو المحاولة الجادة في جعل كل مستهدف منه يسعى جاهداً لربط تخصصه العلمي بحياته التي يعايش تفاصيلها اليومية، إذ يقول: فمن خلال بعض الاستشارات التي تصلني، ومعايشتي وملاحظتي لبعض المواقف الحياتية وجدت أن هناك فجوة كبيرة بين التخصص العلمي لبعض الأفراد وبين حياتهم الطبيعية، بمعنى أن نجد شخصًا لديه شهادة عالية في الفيزياء مثلا وهو بارع جداً بها وعندما تسأله عن أبسط تفاصيل الحياة تجده لا يفقه شيئا، وذلك ما أثار علامات استفهام كثيرة لديّ وتأكدت بعدها من هذه المقولة " هناك كثير من الناس متعلمون وقلة منهم مثقفون" ، ولذلك سأسعى جاهدا في هذه الحديث طرح مجموعة من القوانين الفيزيائية وربطها بقوانين حياتنا اليومية، وذلك بالاستفادة بعلم التنمية البشرية وتطوير الذات؛ ليستطيع كل مستهدف بعد هذا الحديث أن يكون كيميائيا أو جغرافيا أو رياضيا كل حسب تخصصه .
وأضاف في حديثه: ضرورة أن يتمسك كل فرد يعيش على وجه هذه البسيطة بالتفاؤل، وكذلك التطرق للقيادة وضرورة أن يكون كل طالب أو معلم أو مشرف تربوي أو أب قائدا مؤثرا في كل مرؤوسيه.
وبعد ذلك تطرق الملتقى للمحور الثالث، وعنوانه (التواصل الاجتماعي وتنمية المسؤولية المجتمعية، وذلك في جلسة تضمنت طرح ورقتي عمل، حيث قدم الورقة الأولى د. أحمد بن علي المعشني من جامعة ظفار، وعنوانها ( المسؤولية المجتمعيّة وشبكات التواصل الاجتماعي)، حيث أوضحت ورقته بأنّ المجتمعات تتبنى مواقف متباينة من شبكات التواصل الاجتماعي، ويتمثل الموقف الأول في مناصبتها العداء ومحاولة حظرها أو إغلاق المنافذ من جهة، بينما يتجلى الموقف الثاني في الاستسلام التام لها والإذعان المطلق لتأثيرها والذوبان فيها، أمّا الموقف الثالث فيتبنى خطًا إيجابيًا يعمل على تهذيبها واعتبارها شبكات تواصل ثقافي واجتماعي وتربوي مؤثرة وفعالة يمكن توظيفها، ويمثل هذا الموقف الأخير خيارًا أخلاقيًا تسعى السلطنة على اختلاف مؤسساتها إلى تفعيله وإشاعته وجعله ثقافة وطنية. وتهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على شبكات التواصل الاجتماعي، لتوعية المجتمع بمفهومها وتاريخها وأهميتها وكيف يمكن تسخيرها للخدمة المجتمعية وتنمية المسؤولية الاجتماعية؛ وذلك للخروج بتوصيات ومقترحات تثري الجهود المتراكمة، وذلك لأجل بناء خطة وطنية لتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي في الخدمة المجتمعية على اختلاف مجالاتها وأنواعها، إلى جانب التطرق لأفضل الأساليب والاستراتيجيات التي يمكن للمؤسسات الاجتماعية تطبيقها لدمج قيمنا وثقافتنا وأخلاقنا في مضامين هذه الشبكات.
ثقافة وطنية
ثم قدمت كل من زوينة المحروقية من وزارة التربية والتعليم، ونصرى الغافرية من كلية العلوم التطبيقية بعبري ورقة العمل الثانية حول " دور شبكات التواصل الاجتماعي في ممارسة المواطنة وتعزيز المسؤولية الاجتماعية "، ومما جاء فيها: في ظل اتساع استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من قبل المواطنين في السلطنة، وفي ظل انقسام المتخصصين في نظرتهم إلى طبيعة دور هذه الشبكات بين من يرى أنّ لها دورا إيجابيًا في بناء الوعي بدور المواطنة ومسؤوليته الاجتماعية، وآخر ينظر إليها على أنّها مجرد ساحات للترفيه وإثارة الفتن ونشر الكراهية تبرز أهمية الدراسة الواعية المتفحصة لطبيعة دور هذه الشبكات في تعزيز المواطنة وتعزيز الشعور بدور المواطن في ممارسة واجبات المواطنة التي يأتي في مقدمتها التعبير عن المسؤولية الاجتماعية، وعليه فقد ركزت هذه الورقة على تعريف ثلاثة مفاهيم، وهي: شبكات التواصل الاجتماعي، والمواطنة، والمسؤولية الاجتماعية، ومن ثم توضيح دور هذه الشبكات الاجتماعية في بناء الشعور بالمسؤولية الاجتماعية في ضوء مفهوم المواطنة المسؤولة متعددة الأبعاد، وتقديم بعض التوصيات والمقترحات التي تساعد على التوظيف الأمثل لمثل هذه الشبكات - لاسيما- في هذه الفترة التي يزداد فيها تواصل الأفراد من خلالها، ويزداد اهتمام العالم بدراسة تأثيراتها وتداعياتها على مختلف جوانب الحياة الإنسانية.
وقد ترأس هذه الجلسة الشيخ الدكتور يحيى بن محمد الهنائي مدير عام التنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية، ومقرر الجلسة حميد بن برمان المطروشي مدير تنمية وتمكين الأسرة بوزارة التنمية الاجتماعية، والذي من جانبه ذكر أنّ تنظيم هذا الملتقى يجسد حرص الوزارة على تحقيق أكبر قدر من استقرار الأسرة والمجتمع، وتأكيدًا لسعيها المستمر في صياغة سياسات وبرامج فعّالة تحد من انتشار الظواهر السلبيّة وتعالج آثارها، وإنّ هذا الملتقى تتكرر نسخته للسنة الثانية على التوالي، حيث عقد الملتقى الأول في شهر أبريل 2012م بكلية العلوم التطبيقية بصحار، على أمل أن يشق هذا الملتقى طريقه ليعم جميع محافظات السلطنة تباعًا وبنحو سنوي، وأيضًا من ضمن المقترحات بأن يكتسي هذا الملتقى بصبغة خليجية في السنوات المقبلة، وذلك بعد أخذ الخبرة الكافية في تنفيذه على المستوى المحلي، وحول آلية انتقاء محاور الملتقى فقد أوضح المطروشي بأنّ ذلك يكون عبر تشكيل لجنة علمية تقوم بدراسة واقع التواصل في نطاق المحافظة التي تنفذ فيها فعاليات الملتقى فترسم على غرار ذلك محاور الملتقى.