القاهرة- وكالات
"المؤتمر الصحفي العالمي لتوضيح حقائق ووقائع هامة جدًا لم تعلن من قبل تمس الشعب المصري في حاضره ومستقبله" هذه العبارة كانت عنوان مؤتمر دعا إليه اللواء حسين كمال مدير مكتب اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق، وتوقع الحاضرون الكشف عن خبايا الصندوق الأسود للراحل عمر سليمان، فلم يجدوا إلا النظارة السوداء.
وبمجرد الإعلان عن موعد المؤتمر استعد جموع الصحفيين والإعلاميين لتلك الحقائق التي ستنكشف في وقت حرج من تاريخ مصر، وجاء ما يقرب من 25 قناة فضائية لتغطية الحدث بالإضافة إلى مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
دخل اللواء حسين كمال قاعة المؤتمر، والمشهور وسط الشعب المصري بـ"الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان" وهو يرتدي نظارته السوداء ، ويجلس برهة من الوقت صامتاً،ثم عزف النشيد الوطني فوقف الحضور احترامًا،وظل الجميع حابسًا أنفاسه مترقبًا الكشف عن الصندوق الأسود لعمر سليمان ذلك الرجل الذي حمل - بحكم منصبه- في جعبته الكثير من الأسرار التي كانت كفيلة بحل ألغاز كثيرة والإجابة عن أسئلة كثيرة للشعب المصري، يظهر الصحفي مصطفى بكري على جانب المشهد يثير التساؤل في أذهان الحاضرين ولكن سرعان ما ينتظرون القول الفصل من "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان".
يبدأ الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان بالحديث فيقول إنه يتحدث بصفة وطنية وليس له مآرب خاصة، وكل ما يهمه مصر، ويشير إلى عدم صلة هذا المؤتمر بالمخابرات المصرية، وأن له صفته الشخصية والوطنية، فيصمت الحضور في انتظار إزاحة الستار عن كل ماهو خفي، في لحظة يختلط بها الانبهار بالترقب والشغف.
يتحدث اللواء حسين عن 30 يونيو المقبل، وينفي أنه يحث الشعب على النزول في ذلك اليوم، مؤكدا على صفته الشخصية، وهو يتحدث قائلا: إن 30 يونيو بمثابة استفتاء صريح إذا نزل الشعب يومها فهو لايحب حكم الإخوان ولديه رفض لما يحدث، ولو لم يتحرك المواطنون في هذا اليوم، فهم يعيشون في سعادة ورغد، وراضين عن أوضاعهم ومحدش ينطق تاني، وقتها صرخت إحدى الحاضرات في المؤتمر ضد الإخوان وضد مرسي في هستيرية " قلنا له يرحل نقول إيه تاني؟".
ولم يفت هتاف الصارخين في عضد تنظيم المؤتمر، فمازال الحاضرون في انتظار الأسرار التي ستنكشف بعد قليل.. فينطق اللواء حسين بأول معلومة وهي أن مندوباً من مكتب الإرشاد قابل اللواء عمر سليمان في الإسكندرية في يوليو 2011 وأبلغه أن الإخوان يريدون منه الترشح لرئاسة الجمهورية، وأن لديه مهلة للتفكير 3 أشهر، وبعدها قاموا بمهاجمة عمر سليمان حين ترشح، واصفا إياهم بالخبراء في المناورات السياسية وأنهم لايلتزمون باتفاقاتهم.
ثم كشف اللواء حسين عن كواليس الإعلان الدستوري المكمل الذي صدر في نوفمبر الماضي، والذي رأي أنه بداية سلسلة أخطاء الرئيس محمد مرسي قائلا: "الإعلان الدستوري راح الرئاسة في ظرف من مكتب الإرشاد وأوصله محيي حامد، وطلب الإرشاد من مرسي تنفيذه قبل قراءته، واعترض وقتها عليه الأخوان أحمد ومحمود مكي".
وهنا انتهت سلسلة المعلومات التي كان سيكشف عنها اللواء حسين، وأصيب معظم الحاضرين بخيبة الأمل.. حيث جاءت المعلومات مخيبة لآمالهم، وبقية المعلومات كانت معروفة من قبل إلى حد بعيد، وجاء دور الإعلاميين في محاولة منهم للحصول على المزيد من المعلومات من الراجل اللي ورا عمر سليمان، فتم السؤال عن اسم القيادي الإخواني الذي دعا عمر سليمان للترشح، فتحفظ الرجل على ذكر اسمه قائلا: لايزال لدي الأمل بأن ينصلح حال النظام ويصحح مساره.
ومع وجود خيبة الأمل تداعت صيحات الحاضرين بين الرجاء له بالإفصاح عن مزيد من المعلومات،وبين هتافات ضد الإخوان، والشكوي من سلبيات الحكم الحالي، وكأن المؤتمر تحول إلى حائط مبكى، يبث الحاضرون فيه مخاوفهم وشكواهم مما تمر به البلاد.
ويهاجمه أحد الحاضرين ويسأله عن فترة الصمت هذه كلها، وتظهر أخرى لتحكي حكايتها عن جمع استمارات تمرد وتدعو المواطنين للنزول في 30 يونيو، ويظهر ثالث ليقول إنه كان من ضمن قوة حراسة الرئيس الأسبق محمد نجيب ويخبره عن حبه لمصر وإنه يرجوه في الإفصاح عن مزيد من المعلومات والشفافية في التصريحات.
ويظهر مصطفى بكري مرة أخرى ليطلب من اللواء حسين فتح الصندوق الأسود لعمر سليمان، ويسأله عن معلومات تخص المؤامرة التي كانت ضده في 30 يناير، وانتخابات الرئاسة، وزيارة عمر سليمان للمشير طنطاوي يوم 8 أبريل 2012.
وتتعالى صيحات الحضور طلباً للكشف عن الصندوق الأسود ، صارخين إن البلد بتضيع، وإنهم يريدون إنقاذ بلدهم، وينتحى اثنان من منظمي المؤتمر يتحدثان في همس مسموع "إحنا قلنا إننا لازم نقعد معاه قبل مايطلع المؤتمر، ماهو استحالة يكون مؤتمر عالمي ويكشف عن نقطتين بس"، ثم يتفقان على أنه سيتلقى أسئلة الصحفيين ويجيب من خلالها عن مزيد من المعلومات".
ويسأله أحد الإعلاميين عن ملابسات اجتماع عمر سليمان مع القوى الوطنية وعلى رأسهم الإخوان، فيجيب: "الإخوان كانت لهم مطالب متعلقة بوجود شرعي للحزب والجماعة ولكنه خيرهم بين اثنين إما الحزب أو الجماعة، واتفقوا على إخلاء الميدان بناء على تنفيذ تلك المطالب، ولكنهم نقضوا عهدهم ولم يفعلوا ذلك".
وحين تم سؤاله عن موقعة الجمل قال لا يوجد أصلا ًما يسمى بموقعة الجمل، وحين سأله أحدهم عن نزول الجيش قال له ينزل الشعب الأول، وبعدين الجيش ينزل، لكن لو نزل الجيش دون نزول الشعب، فسيكون ذلك انقلابا على الشرعية، ومن غير المنطقي أن ينزل الجيش، ويبقى الشعب جالسا في بيته دون نضال من أجل حقوقه.
هكذا استطرد اللواء حسين كمال في سرد معلومات وتصريحات يعرفها الجميع مما دعا الإعلاميين إلى مغادرة المؤتمر تدريجيا، متسائلين عن السبب من وراء هذا المؤتمر، محملين بخيبة الأمل لعدم حصولهم على معلومات قيمة تكون دليلهم في هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر، وهكذا انتهى مؤتمر الرجل اللي واقف ورا عمر سليمان ولم يظهر الصندوق الأسود، بل ظهر الرجل بنظارته السوداء التي تلون نظرة المصريين قبل يوم 30 يونيو.