مسقط - الرؤية
اعتمد معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله بن على الخليلي وزير العدل رئيس مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء، شعار المعهد الذي سيُدشن رسميًّا مع بدء العام الأكاديمي الجديد، مطلع أكتوبر القادم.
وقد تم تشكيل لجنة فنية ضمت عددًا من المسؤولين بوزارة العدل والمعهد العالي للقضاء لاختيار التصميم الأكثر استيعابًا لمضامين رسالة المعهد؛ ليكون شعارًا للمعهد وتوقفت اللجنة عند ثلاثة تصميمات قاربت هذه الدلالات، ثم رجَّحت الشعار الذي تقدم به الشافعي بن محمد بن إسحاق الفارسي الذي يجمع بين القيمة الفنية العالية ومجالات التطبيق. وقد وقع الاختيار على الشعار الجديد من بين خمسة وستين تصميمًا قدمت إلى المسابقة التي أعلنها المعهد العالي للقضاء وتنافس فيها عشرات من الشباب العماني الذين استحضروا ملكاتهم الفنية وقدراتهم التصميمية للتعبير عن دلالات هذا الصرح الأكاديمي. وجاء فوز الشاب العماني الشافعي بن محمد بن إسحاق الفارسي بالمرتبة الأولى لما تضمنه تصميمه من رؤية فنية لرسالة المعهد كصرح تتكامل به المنظومة التعليمية في البلاد وكمصدر من مصادر التنوير والإشعاع الحضاري وكرافد يغذي القضاء الشامخ بالكفاءات من القضاة ورجال الادعاء العام والمحامين وغيرهم من القانونيين الذين تحتاجهم مؤسسة القضاء.
وقد استخدم المصمم موهبته الفنية في إبراز جماليات مبنى المعهد بقبابه وعقوده وشرفاته وشموخه وبذخه المعماري وألوانه التي تنبض بروح الجص العماني الذي يتأنق في معظم المعالم الحضارية لعمان عبر العصور, فاكتسب الشعار ألقاً تراثيا، كما حرص المصمم على جعل قاعدة التصميم تستقر على قاعدة  كتاب مفتوح يستلهم به المعهد مسيرة ألف وأربعمائة عام من عطاءات قضاة عمان الذين أثروا التشريع باجتهاداتهم القيمة وشكلوا الحياة الفقهية بما تركوا للأجيال من إسهامات تعد الينابيع التي تستسقى منها والمراجع التي تستنبط منها الأحكام وتقاس عليها، وهذا ما تسعى رسالة المعهد لإيصاله بربط الأجيال بأسلافهم العظام من القضاة الذين رفدوا المكتبة بهذا الإرث ليتقلده الخلف عن السلف، فيضيف إليه ويؤصله ويثريه وصولا لقضاء عصري منفتح على محيطه العالمي ومنسجم مع الصياغة الجديدة والمتجددة لعمان بهدي من قيادتها التاريخية المؤمنة بأن التنمية لا تقبل أن تنهض مجزاة بل تنمية شاملة غايتها إسعاد الإنسان، كما يُدلل الكتاب المستخدم في الشعار على الالتفاتة التي يوليها المعهد للمكتبة التي تعد أهم مرافقه  بما تحويه أرففها من مراجع فقهية وقانونية ودوريات محكمة، إلى جانب أمَّات الكتب في شتى المعارف الإنسانية ووفق فهرسة علمية تعتمد على أحدث الأسس المتبعة في علم المكتبات؛ الأمر الذي أهَّل مكتبة المعهد العالي للقضاء لأن تفوز بجائزة المفهرس المتميز من بين أربعة آلاف مكتبة عربية كأول مكتبة عمانية تحصل على هذا التقدير الرفيع بعد مضي أشهر على افتتاح المعهد. وحرص المصمم على أن يحيط الشعار المكون من واجهة مبنى المعهد والكتاب الذي يتكئ عليه بخطوط من نور تشع من سطور الكتاب فتمتد صعودًا لتشكل أفق المعهد وشمسه ثم يتوج تصميمه باسم السلطنة وشعارها كتجسيد لدولة النور والعلم التي يتكرس فيها العدل وتتحقق فيها المساواة وتصان فيها الحقوق وتترسخ فيها أركان دولة القانون والمؤسسات.
وصرَّح الدكتور سليم آل ثاني المكلف بأعمال مساعد عميد المعهد العالي للقضاء، أن الشعار الخاص بأي مؤسسة يعد الرمز الذي يعبر عن ماهيتها والدور الذي تلعبه والمهام التي تضطلع بها وكل ذلك يدركه الناظر من خلال مجموعة من الرسوم التوضيحية والدلالات الرمزية التي يحتويها ذلك الشعار. ولقد اتجهت الكثير من المؤسسات حديثا إلى اعتماد شعارات بسيطة في الشكل وبعيدة عن التعقيدات مستخدمة التقنيات الحديثة والبرامج المتطورة في تصميم شعاراتها.. وأضاف بأن المعهد العالي للقضاء وهو من المؤسسات ذات الشخصية الاعتبارية في السلطنة فقد حرص أن يكون له شعاره الذي يعبر عنه كمؤسسة أكاديمية لها مهامها التدريسية والتدريبية في تأهيل وتدريب العاملين في السلك القضائي والقانوني. ولضمان الحصول على أفضل الخيارات في تصميم الشعار الخاص به؛ فقد أعلن المعهد في الصحف المحلية، ووجه الدعوة للمصممين، بعمل شعار للمعهد أرفقت به مجموعة من الاشتراطات والمحددات التي تضمن إخراج الشعار بالشكل الذي يتوافق مع المعهد وشخصيته.
وبالفعل، فقد تلقى المعهد عددا كبيرا من التصاميم المقترحة كشعار للمعهد وتشكلت لذلك لجنة لاختيار الشعار الأفضل للمعهد، حيث وقع اختيار اللجنة بعد الدراسة المتأنية للتصاميم المقدمة على شعار يتسم ببساطة التصميم وعمق المعنى ومعبرا عن شخصية المعهد.
وأكد  أن شعار المعهد ذو شكل دائري يأتي في أعلاه سلطنة عمان ويتخللها شعار السلطنة السيفين والخنجر، ويتوسط الشعار رسمٌ لمبنى المعهد بجماليته الهندسية الرائعة ذي الصبغة العمانية في البناء.. مبرزا هيبة المبنى المستمدة من مجالي القضاء والقانون والذي يعد ويؤهل  العاملين في هذين المجالين. وفي أسفل الشعار كتاب مفتوح للدلالة على شخصيته الأكاديمية والتعليمية؛ فالمعهد مركز إعداد وتأهيل وتدريب لأحد أهم المهن ألا وهي مهن القضاء والقانون. بينما يصعد على جانبي الشعار مجموعة من الخطوط الممتدة من الكتاب حتى أعلى الشعار معبرة عن التخصصات العلمية التي تدرس بالمعهد. وفي أسفل الشعار كتبت عبارة المعهد العالي للقضاء بخط الثلث. وقد أسهمت روعة الخط في جمالية تصميم الشعار، كما روعي في التصميم قابلية الشعار للتكبير والتصغير وسهولة وتعدد الاستخدام.
ومن جانبه، أعرب الشافعي بن محمد بن إسحاق الفارسي عن سروره بفوز تصميمه في المسابقة التي أعلنها المعهد واعتزازه بانعقاد إجماع اللجنة على ترجيح تصميمه, وقال إنه لشرف كبير لي كمصمم أن تتمكن رؤيتي الفنية في مقاربة رسالة هذا الصرح القضائي المنيف الذي يشمخ في بلادنا الغالية ويربط أجيالها الحاضرة بأسلافهم العظام. وقال الشافعي الفارسي: لقد جسَّدت في الشعار كافة الاشتراطات التي وضعتها اللجنة وتوصلت بعد سلسلة اختيارات لهذا التصميم الذي يجمع بين جوهر رسالة المعهد وهيبة القضاء الشامخ وروح التراث العماني. كما حرصت على جعله مطواعًا وقابلًا لأن يوشح مطبوعات المعهد وقرطاسيته وأختامه وغيرها من الاستخدامات التي ستحمل اسم المعهد وشعاره. وتوجه الشافعي في الختام بالشكر لوزارة العدل التي أتاحت له مثل هذه الفرصة لتقترن رؤيته الفنية بهذا الصرح الشامخ الذي ستلون رايته واسمه وشعاره أفق مدينة نزوى عاصمة التراث.