الرؤية- ماجد الهطالي
أجمع مواطنون على أن فكرة الجمعيات المالية الأهلية بمثابة بنوك مصغرة تسهم بشكل كبير في تمويل الشباب والمحتاجين وقت الضيق، وتحمل العديد من المميزات، غير أنّها في الوقت ذاته تنطوي على مخاطر، رغم تأكيد البعض أنها "شبه منعدمة".
وقال محمد العبري إنّه مسؤول غير مباشر عن 28 جمعية تعمل حالياً، بواقع تجميع شهري يقترب من 50 ألف ريال شهرياً، وهو رقم مضروب في مدة هذه الجمعيات، ليكون مجموع المبلغ الذي يدور في أيدي المشتركين من أبناء محافظات الداخلية والشرقية والباطنة والظاهرة ومسقط حوالي 8 ملايين ريال عماني. وأكد العبري أن القائمين على الجمعية يقومون بتكوين جمعية كل ثلاثة أشهر، منذ ما يقارب 16 عاماً، وكل جمعية تستمر 60 شهرًا بما يعادل خمس سنوات، بواقع تجميع شهري متفاوت في كل جمعية بين 5 آلاف ريال و16 ألف ريال، مشيراً إلى أنّ هذا الرقم يزيد أو ينقص حسب إقبال المواطنين في فترة التسجيل والتي تمتد إلى 90 يوماً. وأوضح العبري أنّ قوة المبالغ المشارك بها تتحكم في قوة التجمع الشهري أثناء فترة التسجيل، مبيناً أن العلاقة طردية بين الأمرين، فكلما كانت المبالغ كبيرة كان التجمع الشهري كبيرًا، لتدور عجلة توزيع الأدوار سريعاً حتى لو انخفض عدد المشتركين، فقد يحدث أن يشارك شخص وعائلته بمبلغ يتعدى 1500 ريال، الأمر الذي ينعكس إيجابًا في التحصيل الشهري والعكس صحيح.
وحول طريقة التوزيع، أوضح العبري أنها تعتمد على ثلاثة طرق تعرف بـ"المرايا- س 3- الدفعة الكاملة"، ولكل طريقة مميزاتها، وما على الراغب في الاشتراك إلا اختيار الطريقة التي تخدمه وتنفعه في مشروعه سواء كان زواجاً أو بناء أو غيرها من المشاريع. وقال إن الشخص الراغب في الاشتراك يستمع إلى شرح وافٍ عن كل طريقة، والتي تحتاج إلى تخطيط هندسي مع شرح كتابي ليسهل فهمها، وهو الأمر الذي يتم استخدامه مع كل مشترك جديد.
وفيما يتعلق بالحفاظ على أمانة هذه الجمعيات، قال العبري إنّ ذلك يجري بواسطة اعتماد توزيع أدوارها من الجهات الرسمية المتخصة في البلد، وبذلك يتم إضفاء الطابع الرسمي المعتمد عليها، ويكون تسليم المبالغ في البنك في حساب مختص بالثلاثة أشخاص (الرئيس والمعاونان)، وعندما يحين دور شخص معين في الاستلام يكون ذلك بموجب شيكين الأول يسلمه رئيس الجمعية لصاحب الدور، والشيك الذي يسلمه صاحب الدور لرئيس الجمعية بنفس قيمة المبلغ المستلم كضمان لاستمرار الشخص وتواصله في الجمعية. وتابع العبري أن الجمعيات الأهلية تقوم من خلال هذه الآلية بتزويح ما يتعدى 300 شخص، بجانب عشرات سافروا للعلاج في الخارج، ومنهم الذين أكملوا تعليمهم الجامعي والأكاديمي، بالإضافة إلى أن المكسب الأكبر يتمثل في أن مئات من المنازل تم بناؤها من هذه الجمعيات، فضلاً عن المساعدة في شراء السيارات أو تسديد قروضها.
مصلحة عامة
وقال المواطن سالم بن سيف الهطالي إنّه يؤيد إقامة الجمعيات والوقوف عليها لما فيها من مصلحة عامة، مشيرًا إلى أن الأخطار التي تواجه الشخص عند دخوله إحدى الجمعيات "شبه نادرة"، إذا وجدت الشروط والقوانين المتبعة لسير الجمعية. وأضاف أنه يتعين أن يكون كادر الجمعية والمسؤول يتحلى بالصدق والأمانة، كما أن الجمعية تعود بفوائد على الشخص من خلال الادخار والصبر وعدم العجلة. ويأمل الهطالي أن يحدث ارتقاء بأداء هذه الجمعيات من خلال تكفل الحكومة بإدارتها تحت بنود وقيود مصونة تحافظ على حقوق المساهمين.
وقال سيف بن عامر الهطالي إن الجمعيات الأهلية فكرة جيدة ويلجأ إليها كثير من الناس تفادياً للقروض البنكية والتي تكون سبباً في أن يقضي الشاب معظم حياته في تسديد هذا القرض، موضحًا أن فكرة الجمعية رائدة ورائعة؛ حيث تساعد الشاب على التوفير ومن ثم الحصول على قرض مالي دون فوائد. لكنه أشار إلى أن من الأخطار التي قد تواجه الشخص عند دخوله الجمعيات أن يكون بعض الأشخاص المشاركين غير مسؤولين، حيث إنّ هناك من يتهرب من الدفع بعد الحصول على دوره حتى انتهاء فترة الجمعية. وقال إنّ المخاطر تبدأ من هذه النقطة، وتؤثر على بقية المشاركين الذين لم يحصلوا على دورهم. وتابع أن من بين المخاطر وفاة أحد الأشخاص المشاركين في الجمعية بعد أن استلم دوره ولم تنته بعد فترة الجمعية، حيث إنّ ورثة الشخص المتوفى لا يستطيعون الإيفاء بقانون الجمعية ودفع المبالغ التي عليهم، وبالتالي تضيع حقوق الأشخاص الآخرين. غير أنه عدّد فوائد الجمعيات، حيث إنها تغني عن اللجوء إلى البنوك والاستدانة منها، ومن ثم دفع فوائد، كما أنّ الجمعيات تراعي ظروف الآخرين، فالشخص الذي يكون مضطراً كثيراً ويمر بظروف صعبة فإنّ زملاؤه على الفور يقومون بمراعاة ظروفه وتقديم دوره في استلام المبالغ. ويأمل الهطالي أن يكون عمل الجمعيات منظماً بشكل يضمن حقوق المساهمين ويصون أموالهم، وأن تتدخل الجهات المعنية في تنظيم عمل الجمعيات، بحيث تكون منظمة وذات ثقة، مقترحًا أنّ يكون هناك باب في القضاء للفصل في قضايا الجمعيات من أجل عودة الحقوق إلى أصحابها.
ويؤكد سلطان بن سيف الهطالي أنّ الجمعيات التي تقام بين أهالي القرى تمثل مبادرات جيدة للشباب تفادياً للقروض البنكية، والتي تساعده في سد الغرض الذي من أجله لجأ إلى هذه الطريقة في ادخار الأموال، موضحاً أن أغلب الشباب يفضلون الجمعيات الأهلية بدلاً من البنوك. وحول الأخطار التي تواجه المساهم عند اشتراكه في الجمعية، فإنّها وبحسب الهطالي تتمثل في نقطتين أساسيتين هما: طول فترة الجمعية، والتي قد تمتد عادة من أربع إلى خمس سنوات، وكذلك عدم وجود قانون ينظم عملية دفع المبالغ إلى صاحب الجمعية، وينتج عن ذلك امتناع بعض الأعضاء عن الالتزام بالقسط الشهري، مما يؤدي بدوره إلى الضرر بالأعضاء الملتزمين في هذا الجانب، معربًا عن أمله في أن تبادر الحكومة بتنظيم مثل هذه الجمعيات التي تبعد الشاب عن البنوك التجارية والديون.