الرياض- رويترز
منحت الحكومة السعودية عقودًا بقيمة 22.5 مليار دولار لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم لتصميم وإقامة أول شبكة مترو في العاصمة الرياض في مشروع عملاق سيستغرق تنفيذه خمس سنوات.
وخلال حفل لتدشين المشروع، قال مسؤولون سعوديون إنّ المشروع الذي سيشمل ستة خطوط للسكك الحديدية تمتد 176 كيلومتر، وتعمل عليها قطارات كهربائية بدون سائقين هو أكبر مشروع لشبكات النقل العام في العالم يجري تطويره حاليًا.
وكان مجلس الوزراء السعودي وافق في أبريل 2012 على تنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض- ويشمل القطارات والحافلات- خلال أربع سنوات. وتتولى لجنة يرأسها أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وتضم في عضويتها كل من وزراء الشؤون البلدية والقروية والمالية والنقل الإشراف على تنفيذ المشروع. وفاز كونسورتيوم تقوده شركة بكتل الأمريكية العملاقة للإنشاءات بعقد قيمته 9.45 مليار دولار لإنشاء خطين للمترو. ويضم الائتلاف شركات سيمنس الألمانية لتصنيع القطارات وشركة إيكوم الأمريكية وشركتي المباني واتحاد المقاولين السعوديتين. كما فاز كونسورتيوم تقوده شركة إف.سي كونستركسيون الإسبانية ويضم كل من الستوم الفرنسية وسامسونج سي آند تي كوربوريشن الكورية بعقد قيمته 7.82 مليار دولار لإنشاء ثلاثة خطوط.
أمّا الخط المتبقي فسيقوم بتنفيذه كونسورتيوم تقوده شركة انسالدو إس.تي.إس الإيطالية والذي فاز بعقد قيمته 5.21 مليار دولار. ويضم الائتلاف شركة بومبارديه الكندية لتصنيع القطارات وشركة لارسين وتوبرو الهندية. وسيستغرق المشروع خمس سنوات تشمل ثمانية أشهر لإعداد التصاميم والأعمال التحضيرية وتجهيز المواقع و48 شهرا مدة التنفيذ الفعلية تليها أربعة أشهر للتشغيل التجريبي واستلام المشروع. وستبدأ على الفور أعمال تصميم المشروع الذي سيضم 85 محطة فيما من المقرر أن تبدأ أعمال الإنشاءات في الربع الأول من 2014. وقال الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة الهيئة العليا لتطوير الرياض في كلمة ألقاها خلال الحفل "هذا المشروع الذي يهدف إلى تيسير حياة المواطنين وتخفيف أعباء التنقل عن كاهلهم يجمع بين تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية ودعم مقوماتها الحضارية كواحدة من أسرع الحواضر في العالم نموا وبين مواكبة التنامي الكبير الذي تشهده المدينة في عدد سكانها ومساحتها". وأضاف الأمير خالد إنّ التقديرات تشير لنمو سكان الرياض من نحو ستة ملايين نسمة حاليًا إلى أكثر من 8.5 مليون نسمة خلال السنوات العشر القادمة وهو ما يتطلب توفير بدائل أكثر فعالية للوفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة. ولا يوجد بالسعودية أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم سوى عدد محدود من وسائل النقل العام، وتعاني شوارع الرياض من الاختناق والتكدس المروري معظم ساعات النهار، وحتى وقت متأخر من الليل. من جانبه قال إبراهيم بن محمد السلطان رئيس هيئة تطوير الرياض "سيكون المشروع أحد العوامل الرئيسية التي ستعزز التوظيف والنمو الاقتصادي كما سيساعد على الحد من الاختناق المروري وسيحسن جودة الهواء". وتعتزم الحكومة إنفاق 820 مليار ريال (219 مليار دولار) بزيادة 19 بالمئة عن ميزانية 2012، إذ تتيح أسعار النفط المرتفعة زيادة الانفاق على الرعاية الاجتماعية ومشروعات البنية التحتية. ومن شأن عقود المشروع أن توفر دعما ماليا لبعض الشركات الأجنبية التي تعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي في بلدانها ومن إجراءات التقشف في ظل أزمة الديون الأوروبية. ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من مسؤولين بالشركات الفائزة بعقود المشروع. وخلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء حفل التدشين قال السلطان إن المشروع المملوك للدولة سيحقق عوائد غير مباشرة مجزية. وقال "الجدوى الاقتصادية للمشروع (تكمن في) العوائد غير المباشرة...كل ريال ننفقه على مشروع النقل العام سيحقق عائدا ثلاثة ريالات (ينعكس على) البيئة والعمران واستهلاك الوقود". وفي رد على سؤال لرويترز حول ما إذا كانت الحكومة ستطرح صكوكا لتمويل مثل هذا المشروع العملاق قال السلطان "المشروع سيجري تمويله من قبل الحكومة السعودية" لكنه لم يخض في تفاصيل. وفي سؤال آخر حول الفترة الزمنية المتوقعة لتحقيق التعادل بين الإيرادات والمصروفات قال السلطان لرويترز "عادة ما ننظر إلى مشروعات النقل العام كجزء من تطوير البنية الأساسية...لكن العائد غير المباشر للمشروع (سيكون مجزيًا) فمقابل كل ريال ننفقه سنحقق عائدا ثلاثة ريالات". من جانبه أوضح طارق الفارس نائب رئيس هيئة تطوير الرياض أنّ ما يعزز تلك العوائد غير المباشرة التوقعات بأنّ تبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع 3.6 مليون راكب يوميا بعد عشر سنوات من 1.16 مليون راكب في بداية التشغيل.