الرؤية- إيمان بنت الصافي الحريبية
أكد خبراء أن أمطار موسم الخريف هذا العام تتميز بالغزارة والاستمراية مقارنة مع المواسم في بعض السنوات السابقة، مشيرين إلى أنّ هذه الغزارة مع استمرار تساقط الرذاذ ساهمت في تغذية منابع العيون المائية بمحافظة ظفار وجريان العديد منها، ما أضفى على موسم هذا العام تألقاً آخر وعنصر جذب إضافي لتجعل من محافظة ظفار واحدة من أبرز الوجهات السياحية في موسم الصيف.
وقال الدكتور خالد بن سالم المشيخي رئيس قسم السدود والعيون بإدارة موارد المياه بمحافظة ظفار بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه إنّ العيون المائية تتنوع في المنطقة ما بين العيون دائمة الجريان والموسمية، ويوجد حوالي 360 عين ماء معظمها دائمة الجريان.
وأضاف أن 99% من العيون المائية في المحافظة تتوزع تقريباً في الشريط الجبلي والحواف المتاخمة للجبل، والذي يمتد من ولاية ضلكوت غرباً وحتى ولاية سدح شرقاً، بينما تنتشر أعداد قليلة منها في منطقة النجد. وتابع أن موسم الخريف لهذا العام يتميز بكمية أمطاره وتغطيته الجغرافية الجيدة، إذا ما قورن بالأعوام الماضية، موضحاً أن آثار الموسم انعكست بالإيجاب على تغذية المياه الجوفية، ما أدى إلى تدفق العديد من العيون المائية مشكلة جداول وشلالات أضفت على المحافظة رونقاً جمالياً، كما هو الحال في عيون دربات وجرزيز وكور وأثوم وطبراق ورخيوت وغيرها، مؤكدا أن الأمر قابل للازدياد في ظل استمرار هطول الأمطار بهذه الكثافة.
وقال إن أبرز ما يقوم به قسم السدود والعيون المائية إعداد الدراسات والتصاميم والإشراف على مشاريع العيون المائية والسدود والتي تهدف بطبيعة الحال إلى توفير مصادر مائية إضافية من خلال تنمية تلك المصادر للاستفادة منها بشكل أفضل وبما يحقق استدامتها. وأوضح أن الوزارة تقوم بجهود حثيثة في عملية صيانة وتأهيل العيون؛ حيث يتم تنفيذ العديد من مشاريع العيون سنويا، رغم مواقعها الصعبة والتي قد لا تصلها السيارات؛ حيث يعتمد في مثل هذه الظروف على الطرق التقليدية في نقل المواد من خلال استخدام الحبال الطويلة لمدها من قمم الجبال أو الجمال أو الطائرات العمودية.
وتحدث رئيس قسم السدود والعيون المائية عن نشأة العيون المائية وأنها ليست وليدة تكوينات حديثة، بل هي عملية جيولوجية تطورت عبر مئات أو آلاف السنين بين الطبقات الصخرية. وأوضح أن العيون تظهر في معظم الأحيان عند نقاط الالتقاء بين التكاوين الصخرية ذات الاختلاف الصخري وبفعل عوامل التعرية المختلفة كالنحت والإذابة، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الفوالق التي تشكل مناطق ضعف في الصخر مسببة التحكم في مجاري المياه الجوفية واتجاه جريانها، لذا ينصح بعدم إجراء أي تفجيرات أو حفر بالقرب من منابع العيون إلا بعد الرجوع للمختصين بهذا الشأن.
ومضى المشيخي يقول إنّ معظم العيون المائية تتوزع على نطاقين في وسط السلسلة الجبلية وعلى الحواف المتاخمة للسهل، أي في مناطق الالتقاء ما بين الطبقة الصخرية المسماة بالرس، والتي تتكون من رواسب الغرين والطين، وتتميز بقوة اختزانها للمياه وضعف تمريرها، بينما تنبع العيون الأخرى عند مقدمة الجبل في المناطق المتاخمة للسهل الساحلي من قاعدة التكوين الصخري المسمى بأم الرضومة. وأشار إلى أن العيون المتاخمة للسهل مثل عين رزات وصحلنوت وحمران وجرزيز وطبراق هي الأكثر تدفقا، بالإضافة إلى وادي دربات الذي يعد من المناطق المميزة سياحياً لما يتميز به من بحيرات مياه ومناظر طبيعية فريدة.
وتابع إنه بصفة عامة، فإنّ العيون في محافظة ظفار تتأثر بشكل مباشر بمواسم الأمطار في حين يعد موسم الخريف والذي يطل سنوياً خلال الفترة من نهاية يونيو إلى سبتمبر، هو المصدر الرئيسي في تغذية تلك العيون، نظرا لما يتميز به من انخفاض في درجات الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة بنسبة قد تصل إلى 100% وقلة التبخر.
ولفت المشيخي إلى أن هطول الأمطار الموسمية على هيئة رذاذ يساعد على تسربها إلى الخزانات الجوفية، وذلك كون أنّ هذا النوع من التساقط يهطل بشكل خفيف لا يسبب جريان شديد، وهو عكس ما تحدثه الأمطار الإعصارية كونها غالبًا ما تسبب جريانا ويذهب أغلبها إلى البحر. وكشف رئيس قسم السدود والعيون المائية أن المتوسط السنوي للأمطار على مدى ثلاثين عاماً في محطة قيرون حيريتي يقدر بحوالي 252 ملم.
وبالحديث عن "ناطف"، وهي عين للمياه في أعلى الجبل تقع في نيابة حاسك، وتشكل واحدة من المواقع السياحية المميزة في المحافظة، قال رئيس قسم السدود والعيون المائية إن ناطف موقع متميز ويعود السبب في ارتفاع تدفق تلك العين التي تنبع من طبقات الحجر الجيري إلى المنخفض الجوي الذي أثر على المنطقة في نوفمبر 2011، وشكل مخزونًا جيدًا للعين يتم تدفقه بشكل تلقائي عبر مسامات ضيقة بين الطبقات الصخرية؛ حيث ساهم ضيق تلك الفتحات في استمرارية تدفق العين لفترة أطول، وقد واجهت العين ضعفا ملحوظا في كمية تدفقها خلال الفترة التي سبقت المنخفض المذكور. وعن أشهر العيون المائية، قال إنّ عين جرزيز وصحلنوت وأرزات وحمران وطبراق والتي تقدر متوسط كمية تدفقها السنوي بحوالي 10.5 مليون متر مكعب من أشهر العيون، ويتم حالياً استغلالها للأغراض الزراعية من قبل بعض الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتعد عين رزات هي الأكثر تدفقًا من بقية العيون؛ حيث يقدر متوسط تدفقها بحوالي 5.52 مليون متر مكعب من المياه سنويًا.