إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السالمي يجمل في خطبة عيد الفطر المعاني الدينية والاجتماعية للمناسبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السالمي يجمل في خطبة عيد الفطر المعاني الدينية والاجتماعية للمناسبة


    الثناء النبوي الكريم وسام فخر على صدر هذا الشعب المتسامح.. وعلينا أن نعزز تواجد قيمة التسامح في كافة مفاصل حياتنا
    حفظ مصالح المجتمع ووقايته من الفوضى يتطلب مراعاة الطرق القويمة لتكون النتائج متسقة مع التطلعات
    تعاقب الأعياد أدعى لتجديد العزيمة وتنشيط الهمم للسير في مراقي الكمال
    الارتقاء إلى مرحلة النفع يحصل به خير المجتمع وصلاحه ونمائه
    استقرار الخير في هذا البلد يستوجب الشكر للحفاظ على النعمة
    تعاقب الأحداث يهدف إلى التمحيص وتعديل المسار وتجويد الأداء لخدمة الفرد والمجتمع
    العيد مناسبة للتكافل وتجديد التواصل الاجتماعي بنسيج المودة والإخاء
    موارد الفتنة إمّا تعصب لرأي أو مناكفة لحق أو لإغراء خارجي
    الفتن تذهب بمنجزات الأمم وبها تتآكل هيبتها وتصغر مكانتها
    على الأمّة السعي لتحقيق نهضتها من خلال منهج تنموي بناء مع عدم إغفال العلاج في الحالات التي تستدعي ذلك
    قراءة - حاتم الطائي
    حفلت خطبة العيد في احتفال السلطنة بعيد الفطر السعيد لهذا العام، والذي أدى فيه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة - حفظه الله ورعاه - صلاته بجامع معسكر المرتفعة بولاية السيب بمحافظة مسقط، بنفيس المعاني، وعظيم الدلالات، في بلاغة وإحكام، وشمولية وإلمام تستحق الوقوف عندها لقراءة جانب مما حوته من فيوضات وما ذخرت به من معانٍ.
    العيد معانٍ ودلالات
    فقد أوجز معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية في خطبة العيد زخمًا من المعاني، في تكثيف عميق الدلالة، حيث ابتدر بشرح لمعنى العيد، ودلالات تعاقب الأعياد، وفي هذا السياق يشير إلى" أن الأيام تنقلنا من عيد إلى عيد فتشعر النفس والحياة بالفرح والمسرات ولا يتم ذلك إلا بتعظيم النعمة واستقامة السلوك وأنّ العيد غني الأفراد في أخلاقهم وقصدهم النفع قبل الانتفاع ومرادهم الخير والنماء ويكون في المجتمع تمازج بين المال القائم على الجمع والعمل القائم على البذل".
    وهنا يوجز معاليه في بلاغة بينة، المعاني التي يحملها العيد في أعطافه، فهو في معناه الأشمل جمال وجلال وتمام وكمال، وتفصيل هذه المعاني يتضمّن معنى العيد الديني والذي يتمحور حول شكر المولى عزّ وجل على تمام العبادة، وهو شكر بالجوارح كلها ولا يقتصر على اللسان، بل يعبر عن ذلك بمظاهر الفرح والسرور والابتهاج، وينعكس على المسلك رضى واطمئناناً، وحسن تعامل مع الآخر، مما يشيع المحبة وينشر الأنس، ويزيل الجفوة ما بين الفقراء والأغنياء، وهذا يقودنا إلى البعد الإنساني للعيد، فهو مناسبة تجتمع فيها قيم البذل والعطاء والإحسان والتراحم والتواد، ويلتقي فيها الجميع دون إحساس بطبقية، أوتراتبيّة مادية فيشعر الجميع بالمساواة تظلهم غمامة الأخوة، ويسود بينهم الإحساس بالوحدة، استشعارًا لروح هذه المناسبة التي تعد بمثابة حيز زمني للفرح والحبور ونسيان الهموم، وفيه يطرح الفقير همومه، ويهزم دواعي اليأسِ، ويسمو على متاعبه، وينتصر لبواعث الرجاء والأمل في الغد الأفضل بوحي من بشاشة العيد وأجوائه العامرة بالفرح والحبور.
    كما أنّ الغني ينسى في مناسبة العيد المال ويبتعد عن هموم جمعه واكتنازه، فينصهر في بوتقة العيد الجامعة في أريحية وتواضع؛ مستصحبًا معنى الأخوة الحقة لمن حوله فتعلو عنده قيمة الإحسان والتعاطف.
    ومن معاني العيد البعد الاجتماعي، حيث إنّه ملتقى للأحبة الذين باعدت بينهم الظروف، وفرّقتهم الأيام، وهو يوم للفرح وصلة الأرحامِ، ومناسبة للتسامح والتزاور وتجديد عرى المحبة، وتمتين وشائج الأخوّة، حيث تسمو النفوس فوق الضغائن، وتتعالى على الإحن والصغائر، فتصفو بعد كدرة، وتتعانق بعد تفرق، الأمر الذي يجدد التواصل الاجتماعي بنسيج المودة والإخاء.
    ومن مغازي العيد الاجتماعية، أنّه مناسبة للتكافل الاجتماعي، تذكر المجتمع والأفراد بواجبهم تجاه المحتاجين، وهو واجب ينبغي النهوض به حتى يعم الفرح كل بيت ويدخل كل دار، ومن هنا كان تشريع زكاة الفطر مقترنًا بعيد الفطر المبارك، ونحر الأضاحي في عيد الأضحى؛ تحقيقًا لمعنى التكافل في المجتمع المسلم، وتعميمًا لروح البهجة بين أفراده في العيد.
    كما أنّ اقتران العيدين بشعيرتين تعبديتين؛ الصيام والحج، دليل على عمق المعنى الديني للعيدين وعظم شأنهما وأثرهما العميق على الفرد والمجتمع والأمة ككل.
    تعاقب الأعياد
    ويشرح معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي دلالة تعاقب الأعياد في الإسلام، حتى تشعر النفس بالفرح والمسرات..
    وهذا أدعى لتجديد العزيمة، وتنشيط الهمم للسير في مراقي الكمال، باعتبار أنّ العيد غنى الأفراد في أخلاقهم وقصدهم النفع قبل الانتفاع ومرادهم الخير والنماء..
    فالانتفاع هو الوصول إلى المنفعة، والنفع هو ما يحصل به خير المجتمع وصلاحه وتحقيق الخير والنماء له، لذا فالنفع يحمل معنى الإيثار والتجرد.
    ويوضح معاليه أنّ معاني العيد تتكرر صورها في النفس والزمن تكرار معالم الخير في الأمّة فتغدو في تقدم لا يتقادم وبالحق ولو لم يتحقق وعلى العدل مع الاعتدال وبغلبة الشكر على أثره في النفس.
    ويبيّن معاليه بذلك أنّ العيد مظهر أصيل من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حكَم عظيمة ومعانٍ كبيرة وأسرار عديدة تختص بها الأمة الإسلامية دون سائر الأمم.
    تعاقب الأحداث والتمحيص
    ويمضي معاليه شارحًا: " إنّ لله موازين في الأمم وله مقادير في الشعوب وهم فيها رهن اقدار تصرفهم إمّا للقرار والأمان وإمّا للمحن والافتتان ولا تزال أحوال الناس تمتد بهم حسب أعمالهم وكسب أيديهم واعتمال النوايا في قلوبهم. وتترادف على الأمم الأحداث من أجل التمحيص وتتنزل عليهم الآيات من أجل التوبة والرجوع إلى الأصل".
    وهو بذلك يجمل الحكمة من تعاقب الأحداث وترادفها في حياة البشر، بغيّة التمحيص" ليبلوكم أيكم أحسن عملا... "، وكذلك بهدف تعديل المسار، وتجويد الأداء لخدمة الفرد والمجتمع.
    التسامح سيد الاخلاق
    ويؤكد معاليه " أنّ الأمة المستقرة هي الثابتة على مركز قوتها تاريخيًا وجغرافيًا وحضارة سمو أهدافها في الأخلاق وعنصر تماسكها في السماحة واليسر".
    وفي هذا السياق يشير معاليه إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا إلى حي من أحياء العرب فشتموه وضربوه فلما رجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره قال صلى الله عليه وسلم:"لو أنّ أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".
    ويضيف معاليه "إننا لا نقول بعد ثناء الوحي واستقرار الخير في هذا البلد إلا كما قال سليمان عليه السلام:" ...هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ".
    بالفعل إنّ هذا الثناء النبوي الكريم، وسام فخر على صدر هذا الشعب المسالم والمتسامح، كما أنّه نعمة تستوجب الشكر، خاصة أنّ شكر النعمة من مكارم الأخلاق، ومن أجل الصفات التي يجب أن يتصف بها المسلم.
    وهذا النهج المتسامح الذي تسير على هديه هذه البلاد، بوأها مكانة بين الأمم، وأفرد لشعبها حيزًا مرموقًا بين الشعوب، حيث ما يذكر العماني إلا وتتبادر إلى الذهن قيم التسامح والنبل وسمو الأخلاق، وهذه نعمة كبيرة لا يعرف قيمتها إلا من حرم منها..
    كما أنّها في ذات الوقت تستوجب أن نعرف نحن العمانيون قدرها، ونحافظ عليها ونعض عليها بالنواجذ، ونعزز تواجدها في كافة مفاصل حياتنا.
    ويبيّن معاليه:" إنّ الخير يبقى في الأمم مع الشكر والثناء ولا يفتل حبل العدل إلا بانفراط عقد المجتمع ولا يتخلى الفرد عن ولائه إلا بالارتهان إلى مطمع أو حب لشأن فيه تربص ومخاتلة، فتتداخل على الناس المحن والفتن، وإنّ الله جل ثناؤه قد نبّه الأمم باجتناب التفرق في الدين بما يتعارض مع الاجتماع الإنساني والتقارب الحضاري قائلا سبحانه :" إِنَ الذِينَ فرقوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لسْتَ مِنهُمْ فِي شَيء إِنَمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله ثُمَ يُنَبّئهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلونَ ".
    الفتن وتآكل الهيبة
    ويوضح معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي في خطبة العيد إنّ ورود الفتن وفتح أبوابها من أخطر ما يصيب الأمم فبها تذهب منجزاتها وتتآكل هيبتها وتصغر مكانتها وتتعاون عليها غرائز النفوس وتتكالب على شأنها النوايا السيئة فلا غرو أن قال الله عز وجل:" والفتنة أكبر من القتل" وفي آية أخرى "... والفتنة أشد من القتل" ..
    إنّ الفتن تحرق الدين وتنسف العقل وتزرع الفرقة والشتات، كما أنها لا تصيب الظالم وحده وإنما تصيب الجميع. لذا يتوجب أن نتوقى منها ونحذرها حتى لا نقع في شراكها ويصعب فكاكنا منها، وما تحمله من آثار مدمرة على المجتمع.
    ويشرح السالمي: إن ّموارد الفتنة إمّا تعصب لرأي أو مناكفة لحق أو لإغراء خارجي وبسبب عموم الاضطراب الحاصل من الفتن تترتب مسؤوليات دينية ودنيوية مسؤولية حفظ الدين والعمران ومسؤولية الأخلاق ومسؤولية الفرد:" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أنّ الله شديد العقاب".
    الرسالية والعلاج
    ويقول معاليه إنّ الأمة بين حالتين: الرسالية والعلاج، فالأولى سعي بمهمة البناء وصنع المعروف وتحقيق الخير والتصدي للشرور وتوقي الفتن، والحالة الثانية عناية بالأمة وعدم الغفلة عن النفس والإقبال على محاولة العلاج والذي قد ينجح وقد لا ينجح وفي كلتا الحالتين قصد الحياة التي دعا الله إليها ورسوله إذ يقول سبحانه " يَا أيهَا الذِينَ آمَنوا استجِيبُوا لِله وَلِلرسُولِ إذا دَعَاكم لِمَا يُحيِيكُم... ".
    ويلخص معاليه بذلك الحالتين اللتين تتأرجح بينهما الأمة، فهي إمّا في حالة سعي لتحقيق نهضتها وتبوء المكانة اللائقة بها بين الأمم، من خلال تبني منهج تنموي بناء، وتفادي الفتن والتصدي للشرور، مع عدم إغفال العلاج في الحالات التي تستدعي ذلك من خلال الوقفة الجادة مع النفس لإصلاح الخلل، وتجاوز مواطن القصور.
    حفظ مصالح المجتمع
    ويطمئن معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية بأنّ " أمتنا بحمد الله أمّة مرحومة تتكافأ فيها دماء المؤمنين، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم وقد صور الرسول عليه الصلاة والسلام المجتمع بمن فيه بالسفينة ومن عليها وهي تشق طريقها وسط البحار، فأراد بعض ركابها أن يصلوا للماء دون المرور بمن في أعلى السفينة خوفًا من إيذائهم ونلحظ أنّ من أرادوا خرق السفينة ما كانوا بالضرورة أشرارًا، بل ربما كانوا حسان النية بيد أنّ كفهم عن هذا الفعل حفظ للمجتمع من الفوضى والفتنة وحفظ لمصالحه من الإضرار والدمار، وهنا يظهر أثر المبادرات الخيرة والاستجابة لنداء البناء والولاء للعدل والحكمة والطاعة في المعروف".
    مراشد كليّة للأمم
    وهنا يوضح معاليه أنّ حفظ مصالح المجتمع ووقايته من الفوضى والفتنة يتطلب سلك السبل السليمة، ومراعاة الطرق القويمة حتى تكون النتائج متسقة مع الأماني والتطلعات..
    ويشير معاليه إلى أنّ أواخر سورة الحديد تزخر بمراشد كليّة للأمم باتساقها مع نواميس الكون المنظور، واتصال الأمم والأنبياء بعضهم ببعض وسياسة الدين والإخلاص للرب، حيث يقول سبحانه وتعالى:" يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا اتقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤتِكُم كِفليْنِ مِن رَحمَتِه وَيَجعَل لَكُم نُورًا تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللهُ غَفُور رَحيم" .
يعمل...
X