في الوقت الذي ينتظر فيه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم وصول الدفعة الأولى من الأسرى الذين وافقت الحكومة الإسرائيلية على الإفراج عنهم، يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقال المزيد من الفلسطينيين في خطوة تدل بوضوح على الأسلوب الإسرائيلي في الالتفاف على التفاهمات، والتنصل من الالتزامات.
تحاول إسرائيل التكسّب من عملية إطلاق الأسرى الفلسطينيين الذين يرزحون في سجونها بغير وجه حق، حيث قامت بمقايضة موافقتها على الإفراج عن الأسرى بطرح عطاءات استيطانية جديدة، أعلنت فيها عن اعتزامها بناء أكثر من ألف وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
ليس هذا فحسب، بل شنّت في غضون ذلك حملة اعتقالات في الضفة الغربيّة طالت عددًا من الفلسطينيين، ليحلوا محل من سيتم الإفراج عنهم من الأسرى.
كما أبدت إسرائيل مماطلة وممانعة في موضوع الإفراج عن الأسرى المتفق على تحريرهم وعددهم 104 أسرى تمّ اعتقالهم قبل توقيع اتفاقية أوسلو، فتارة تشترط أنّه إذا عاد أحد الأسرى المفرج عنهم إلى مزاولة أنشطة مناهضة لإسرائيل فسيعاد إلى السجن لإنهاء محكوميته، وتارات تلوّح برفض الاتفاق برمته وإيقاف تنفيذه، أو ترهن الاستمرار في تنفيذه بمدى تقدم مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني رغم أنّها هي من يضع العراقيل في وجه استئناف العملية السلمية، بأنشطتها الاستيطانية، وأساليبها القمعية بحق الفلسطينيين.
ولا شك أنّ الإعلان عن خطط جديدة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية من شأنه تقويض الجهود الحالية التي تقودها الولايات المتحدة لاستئناف عملية السلام، وتهدد بجعل حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني مستحيلا.
وكل هذا يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته التاريخية في مساندة عملية السلام من خلال محاسبة وردع إسرائيل عن مواصلة الأنشطة الاستيطانية، وبدون ذلك يظل الحديث عن السلام مضيعة للوقت.