الدرعي: انتقال تدريجي للأفراد خارج المدن مع تزايد الثقة بالنقل العام
النهدي: ضرورة تطوير شبكة النقل في السلطنة لتعزيز التنمية
العامري: النقل العام يعزز سوق العقارات بربطه العاصمة مع المدن الكبرى والضواحي
"النقل البري": مناقشة دراسات متخصصة للجهات الحكومية في الندوة
الرؤية- سمية النبهانية
أجمع خبراء ومختصون على أن تطوير منظومة النقل العام في السلطنة من شأنه تنظيم قطاع العقارات في السلطنة، بجانب القطاعات الأخرى، مشددين على أهمية تعزيز شبكة النقل في السلطنة وخاصة التي تربط الضواحي والمناطق السياحية، حتى يمكن لجميع الأطراف أن تستفيد الاستفادة المثلى من النقل العام.
يأتي ذلك، بعد أن أعلنت وزارة النقل والاتصالات عن سيرها في تطوير قطاع النقل العام في السلطنة بشكل جذري. كما أنه من المتوقع أن تظهر شركة "الناقل الوطني" بشكل جديد خلال العام المقبل، بهدف تحويلها إلى شركة نقل عام متكاملة؛ حيث تدرس الوزارة مع بعض المشغلين العالميين الشكل الجديد الذي ستكون عليه خلال المرحلة المقبلة، ومن المتوقع أن يشمل النشاط الحافلات، وسيارات الأجرة، والمترو، والنقل البحري.
ويرى خالد بن سالم بن علي الدرعي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للنقل البري أن توجه وزارة النقل والاتصالات لتعزيز قطاع النقل العام من شأنه أن يسهم في إنعاش القطاع العقاري بالضواحي، موضحًا أن وجود شبكة متكاملة من النقل العام في السلطنة من شأنه أن يقلل الكثافة السكانية في العاصمة مسقط، كما سيهتم مواطنو مسقط بالانتقال لخارج مسقط، في حالة توفر نقل منتظم وثابت ومريح إلى أعمالهم في العاصمة مسقط.
وقال إنّ النقل العام من شأنه أن ينعش القطاع العقاري في الضواحي البعيدة عن المدن الرئيسية؛ حيث إنّ النقل العام سيجعل الانتقال من وإلى هذه الضواحي سهلاً، مما سيشجع الناس على الاستقرار في الضواحي، والانتقال منها بشكل يومي إلى أعمالهم، مما سيجعل الحركة العقارية والمرورية نشيطة فيها. كما أنه سيقلل الزحام المروري في المناطق الرئيسية، ويقلل من مستوى الحوادث المرورية. وأضاف الدرعي أن هذا الانتقال والتأثير في العقار سيكون بشكل تدريجي بعد تنفيذ خطط تطوير وتوسيع النقل العام في السلطنة، وذلك بعد ثقة المجتمع بهذا القطاع وتنظيمه وقدرتهم على الاعتماد عليه في شؤون حياتهم، موضحاً أنّ ثقافة النقل العام غائبة في المجتمع نتيجة تدني مستواها في السلطنة؛ حيث يعتمد أغلب المواطنين على سياراتهم الخاصة للانتقال في السلطنة، كما يعمد الكثيرون إلى العيش بالقرب من أعمالهم في المدن الرئيسية، أو استئجار شقق بالقرب منها في فترة العمل الأسبوعي، نتيجة لمسألة النقل.
غياب الخدمات الأساسية
وتابع الدرعي أنّ مستوى قطاع النقل العام في السلطنة متدنٍ نتيجة أسباب عديدة أبرزها غياب المقومات الخدمية الأساسية التي تساعد القطاع على تمكين نفسه، مثل محطات النقل، وغيرها من المؤهلات الخدمية، مطالباً الحكومة بتذليل جميع الصعوبات من أجل تمكين النقل العام في السلطنة وتطويره أسوة بالدول الأخرى. وزاد أن أداء شركات النقل العام في السلطنة جيد، لكنه محدود ولا يغطي جميع مناطق السلطنة، نتيجة لعدم توفير الخدمات الأساسية للنقل العام من الحكومة.
وأشار الدرعي إلى أن الجمعية العمانية للنقل البري بصدد تنظيم ندوة حول النقل العام في نهاية العام الجاري، وذلك للوقوف على أهم التحديات التي تواجه النقل العام في السلطنة وكيفية تذليلها، وذلك بمشاركة الجهات ذات الصلة بالموضوع والمتمثلة في وزارة النقل والاتصالات، ووزارة السياحة، ووزارة التربية والتعليم، كما سيتم استعراض تجربة إحدى الدول المجاورة الناجحة في مجال النقل العام. بجانب ورقة عمل مقدمة من الجمعية العمانية للنقل البري.
وزاد أن الجمعية عاكفة على عدد من الدراسات والمقترحات المتعلقة بالنقل البري في السلطنة، والتي ستقدمها للجهات الحكومية من أجل تطوير القطاع، حيث ستقدم الجمعية دراسة لكيفية الاستفادة المثلى من مشروع سكة الحديد.
تذليل الصعوبات
وقال علي بن عبد لله بن فارس النهدي مدير شركة خط صلالة للنقل البري إنّ تطوير النقل العام في السلطنة يعني توفير بنية تحتية مناسبة لسير النقل بطريقة مثلى، مما يتطلب توفير قاعدة خدمية قوية عند القيام بتطوير النقل العام في السلطنة.
ويرى النهدي أنه من الضروري توفير طرق تواكب الازدحام المروري الذي تشهده السلطنة، ويتزايد بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وخاصة تلك المتعلقة بالمواسم السياحية، وكذلك إنشاء طرق حديثة تربط جنوب السلطنة بشمالها، موضحاً أن بعض الطرق الحالية "عفا عليها الزمن"، وأصبحت مصدر قلق لمرتادي الطريق، بحسب قوله. وأشار إلى أنه يتعين إنشاء طرق خاصة لسير الشاحنات بجبال ظفار والتي باتت عائقاً أمام الحركة المرورية، ومصدر خطر للمركبات الصغيرة والسلامة المرورية. وأضاف النهدي أنّ من أساسيات عمليات النقل العام الناجحة، توفير الوسائل المكملة لها من طرق حديثة وتسهيلات وغيرها من الأسس، والتي ستزدهر بها عملية النقل نحو الأفضل.
وحول مستوى شركات النقل الخاصة، أوضح النهدي قائلا إن منظومة النقل الخاص تعتمد اعتمادا كبيرا على التسهيلات التي تقدمها الحكومة لها، وتوفير أساسيات النقل الناجحة، لافتًا إلى أن هناك شركات نقل خاصة تواجه بعض الصعوبات والعوائق لاسيما فيما يرتبط بدور وزارة القوى العاملة والقوانين التي تنظم بها عمل الوافدين، والتي يصعب تطبيقها في ظل طبيعة العمل الشاقة والتي تنفر منها القوى العاملة الوطنية. وناشد النهدي بضرورة الخروج بآليات أفضل وأنجح لمسألة تنظيف العمالة الوطنية بحيث تحقق الاستقرار الوظيفي والأمن لكلا الجهتين، منوهاً بأنّ أعضاء الجمعية العمانية للنقل البري يأملون خيرًا بما يبذل من جهود تخدم قطاع النقل بالسلطنة.
تنشيط القطاعات
وقال سهيل العامري (أعمال حرة) إنّ توجه وزارة النقل والاتصالات لتطوير قطاع النقل العام من شأنه أن يحدث أثرًا كبيرًا في تطور النهضة العمرانية والاقتصادية والاجتماعية، مما يحدث نقلة كبيرة تتمثل في ربط العاصمة مسقط والمدن الكبرى بأجزائها وضواحيها، لتعم الآثار الإيجابية كل تفاصيل حياة سكان المدينة وجميع شرائحهم من طلاب وموظفين وعاملين ورجال أعمال. وأضاف أن الآثار الإيجابية للنقل العام سوف تنعكس إيجابياً على الحركة التجارية؛ حيث إنّ شبكة النقل ستمتد عبر طرق العاصمة لتغطي مناطق مركز الكثافة السكانية وتخدم مناطق الجذب الخدمي والتجاري كمناطق التوظيف والأنشطة التجارية التعليمية كالوزارات والمستشفيات والجامعات والمجمعات التجارية والمنشآت الحكومية والاقتصادية، والمطارات، ومركز المعارض، ووسط المدينة، مما سيكون له آثار إيجابية على أنشطة السوق التجارية بشكل عام والعقارية بشكل خاص، حيث إنّه سيكون هناك توازن واستقرار في معطيات السوق العقاري والتقليل من عنصر التفضيل بين المناطق التجارية والسكنية المختلفة في العاصمة بفضل شمولية النقل العام إن طبق بالشكل الأمثل.
خطط التطوير
وكان معالي الدكتور أحمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات قد صرح بأن شركة النقل الوطني، لا ترقى للطموحات التي نصبو إليها في السلطنة، وأصبح الضغط يتزايد على الطرق وعلى موازنة الدولة، وأصبحت المواصلات العامة حلًّا لابد منه.. مضيفًا أنّ شركة النقل الوطني سوف تظهر بمظهر جديد ومختلف تمامًا؛ حيث ندرس مع بعض المشغلين العالميين كيف يمكن أن تظهر هذه الشركة بمهام جديدة، وستتعدى كونها شركة حافلات ولكن نقل عام بشكل كبير يمكن أن يشمل الحافلات، سيارات الأجرة، المترو، والتاكسي البحري..وغيره، ولا تزال الشركة في الدراسات التفصيلية، ونتمنى أن تتضح رؤيتها خلال السنة المقبلة. وأشار الفطيسي إلى أنّ أكبر تحدٍّ هو غياب منظم للقطاع؛ فمشكلة الحافلات في المدارس- على سبيل المثال - لا تتمثل في عدم وجود الحافلات أو السائقين، وإنّما عدم وجود تنظيم واضح لهم، وشروط معينة، كالسلامة والجودة، والتدريب..وغيرها من الأمور. موضحًا أنّ وزارة التربية مهمتها التربية والتعليم، ولكن هذا دور وزارة النقل والاتصالات وهي مَن يجب أن تنظم هذه المسائل؛ فوزارة النقل لديها نية في وضع سياسات باعتبارها المنظم والمخطط.